متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
تقديم
الكتاب : أبو ذر الغفاري ، رمز اليقظة في الضمير الإنساني    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة

تقديم : سماحة المرجع الديني الشيخ محمد تقي الفقيه

بسـمِ اللهِ الرَحمنِ الرَحِيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين ، الذين أدّوا الأمانة ، واجتنبوا الخيانة ، ونصحوا لله ورسوله وللمؤمنين ، فكانوا من خيرة أوصياء الأنبياء ، من أشدهم يقينا ، وأعظمهم صبرا ، وأكثرهم اجتهادا ، في حفظ ما ورثوه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيانته من التحريف والتأويل والتبديل ، واتباع المتشابه من الكتاب العزيز ، ثم تحملوا من المصاعب والمتاعب ، ومقاساة الشدائد ما تحملوا ، في سبيل إيصاله الى العلماء الصالحين ، المحافظين ، الذين اختارهم الله سبحانه من خلقه ، لمشاركتهم في ذلك كله بعد غيبتهم ، فقاموا بالمهمة جهدهم ، فكان ذلك مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : علماء أمتي كأنبياء بني اسرائيل ، أو أفضل من أنبياء بني اسرائيل . ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم : مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء . وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى . فاننا كنا وما زلنا نلمس ونلمح في العلماء ، وفي آثارهم ، وفيما يحكى عنهم ، من الصبر والورع والتسديد ، ما يشهد بأنهم في صفوف هؤلاء الأنبياء .
وبعد : فقد كنت وما زلت ، أسأل الله سبحانه أن أكون وذريتي ، من


(10)


الذين يقتفون آثارهم ، ويترسمون خطاهم ، ويستعينون بالله ، وبه يستنصرون ، لنفوز بالانضمام الى هذا الموكب المشرق الرفيع ، قولا وعملا ، وسمتاً ، وهدياً ، ولنتشرف بمحاولة حمل رسالتهم ، وفي فهمها ، وحفظها ، والعمل بها ، ونشرها .
وانني ـ بحمد لله سبحانه ـ ألمح آثار الاستجابة ، في نفسي ، وولدي ، وفي طليعتهم اليوم ثانيهم « ولدي الجواد » ويتجلى ذلك في كتبه الثلاثة : 1 ـ ( الانسان بين الحياة والموت ) 2 ـ ( نظريات تتعلق بالكون والمبدأ ) 3 ـ ( أبو ذر ) وهو الكتاب الذي بين يديك .
فقد أعطاه الله قلماً محبباً مفهماً ، قليل الفضول ، وهداه الى الأخذ بأوائل معالم الطريق ، فهو ممن يهتم في فهم الاسلام ، وفي تفهيمه لأهل هذا العصر بلغتهم ، ثم في عرض الشخصيات الاسلامية النبيلة ، التي ساهمت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم مساهمة فعالة ، في نشر دعوته ، بالسير في سيرته ، في سلوكها ، وأقوالها ، وأفعالها ، فقد كانوا يجسدون الاسلام قولا وعملا ، فكانت أقوالهم حجة على الخاصة ، وأعمالهم دليلا وقدوة للعامة .
وكتاب ( أبي ذر ) الذي هو بين يديك ، يهدف فيه مؤلفه الى تجسيد العقيدة الاسلامية ، بعرض صور للذين اعتنقوا الاسلام وهو في مهده ، صور هي أقرب شيء لواقعهم باحاطة وأمانة ، وتفهم ، وإتقان ، على عكس ما فعله المؤلفون من قبله ، فانهم اذا تحدثوا عن واحد من أولئك ، تحدثوا عنه من جانب واحد ، يتصل بنفسياتهم ، أو بما يهدفون اليه . فمن كان يرغب في الزهد ـ سواء فهم معناه أو لم يفهمه ـ تحدث عن أبي ذر من هذه الناحية فقط ، ومن كانت ميوله ، انحرف بسيرة أبي ذر الى ما يتلائم مع ميوله .


(11)


وعلى مرور الوقت ، أصبح أبو ذر يظهر للقراء على شاشة العرض شخصية محدوده بحدود ضيقة جداً ، تجعله متعبدا غيورا على الاسلام ، جريئاً على الحكام ، جرأة تنسيه قوله تعالى : ( أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) .
هذا ، مع أن أبا ذر ، أحد أركان الاسلام في مهده ، وهو أول من شهر السيف في وجه المشركين ، حين كان يقطع الطريق على قوافل قريش ، فينفِّر بهم ، فكانت الإبل تلقي أحمالها ، فلا يدعهم يأخذون منها شيئا حتى يسلموا . وهو أيضا ـ أحد معتمدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأحد عظماء الصحابة ، وهو من حواريي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحواريي أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ، وليس من المنطق أن يمر في مخيلة أي انسان عاقل ، أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم وعلياً عليه السلام ، وهما من عظماء البشر ، رفعا أبا ذر الذي تُصوِّره كتب الذين كتبوا عنه .
وستراه في الكتاب الذي بين يديك انسانا آخر يرتفع عن عظماء الصحابة بالشجاعة ، والعلم والعمل ، وقوة الارادة والزهد ، والاخلاص ، والصبر ، والتحمل . ولو فسح لي الوقت مجالا لأوجزت ما أعرفه عنه ، وهو بعض ما استطعنا أن نصل اليه أثناء مطالعتنا ، ولو تم لي ذلك ، لأريتك أبا ذر انساناً يسير في ركب الأنبياء ، يتمتع بكياسة وقوة ، وعزة ، وجرأة ، ونزاهة .
وفق الله المؤمنين للاقتباس من أنواره وآرائه ، وحشرنا واياهم ، يوم القيامة تحت لوائه ، والسلام عليه ، وعليهم ، ورحمة الله وبركاته .


(12)


(13)

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net