متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
في السقيفة
الكتاب : أبو ذر الغفاري ، رمز اليقظة في الضمير الإنساني    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة

 

فـي الـسَّـقيفَـة 

 ما ان التحق الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بربه ، حتى بدأ العد العكسي يأخذ مجراه . فبدأت النوازع العصبية تبرز على الساحة بكل ما تحمل من أخطار ، تشتت الوحدة ، وتفرق الكلمة ، وهذا ما جرى في سقيفة بني ساعدة ، فقد تنازع المهاجرون والانصار في الامر من جهة ، وثارت ثائرة الاوس والخزرج ـ التي أطفأ الاسلام نائرتها ـ من جهة أخرى .
 واليك لقطات سريعة عن ذلك ـ كما في شرح النج :
 قال سعد بن عبادة ـ سيد الخزرج ـ في خطبته : « فشدوا يدْيكم بهذا الامر ، فانكم أحق الناس ، وأولاهم به ! »
 وقال الحباب بن المنذر : « فمنا أمير ومنهم أمير !! »
 فقال عمر : « هيهات ! لا يجتمع سيفان في غمد ، إن العرب لا ترضى أن تؤمركم ونبيها من غيركم . ! »
 فقام الحباب ، وقال : « لا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه ، فيذهبوا بنصيبكم من الامر . »
 فلما رأى بشير بن سعد الخزرجي ، ما اجتمعت عليه الانصار من تأمير سعد بن عبادة ـ وكان حاسدا له ـ قال : إن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم رجل من قريش ، وقومه أحق بميراث أمره .


(96)

 فقام أبو بكر ، وقال : هذا عمر وابو عبيدة ، بايعو أيهما شئتم .
 فقالا : والله لا نتولى هذا الامر عليك . . أبسط يدك حتى نبايعك .
 فلما بسط يده ، وذهبا يبايعانه ، سبقهما بشير بن سعد فبايعه . فناداه الحباب بن المنذر : يا بشير ، عقَّك عَقاق * والله ما اضطرك الى هذا الامر ، إلا الحسد لابن عمك . « يعني سعداً » .
 ولما رأت الأوس ، أن رئيسا من رؤساء الخزرج قد بايع ، قام أسيد بن حضير ـ وهو رئيس الأوس ـ فبايع حسداً لسعد أيضا ، ومنافسة له ان يلي الامر ، فبايعت الأوس كلها لما بايع أُسَيد .
 وحُمل سعد بن عبادة ـ وهو مريض ـ فأدخل الى منزله ، فامتنع عن البيعة في ذلك اليوم وفيما بعد (1) .
 قال البراء بن عازب ـ وكان خارج السقيفة ـ في حديث له : فلم ألبث ، واذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر ، وأبو عبيدة ، وجماعة من أصحاب السقيفة ، وهم محتجزون بالأزُرِ الصنعانية ، لا يمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه ، فمدوا يده ، فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك ، أو أبى . فانكرت عقلي !
 ورأيت في الليل ، المقداد ، وسلمان ، وأبا ذر ، وعبادة بن الصامت ، وأبا الهيثم بن التيهان وحذيفة ، وعمارا ، وهم يريدون أن يعيدوا الامر شورى بين المهاجرين (2) .
 هذه صورة مختصرة أخذناها من شرح النهج ، وفيها تعبير واضح عن الطريقة التي استخدمت في عقد البيعة لأبي بكر ، وانها لم تكن عن طريق الاختيار ـ كما يدعى ـ بل تدخَّل فيها عنصر القوة والإجبار .
____________
* من العقوق : وهو شق عصا طاعة الوالد وكل ذي رحم .
1 ـ شرح النهج 6 / من ص 6 الى 10 .
2 ـ نفس المصدر 1 / 219 / 220 .


(97)


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net