متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
التقديـم
الكتاب : المقداد بن الأسود الكندي ، أول فارس في الإسلام    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة


بسم الله الرحمن الرحيم

 بين يدي القارئ :
 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلقه وأعزهم عليه محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحبه الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد :
 بين يديك صحائف تحمل شيئاً من سيرة الصحابي العظيم « المقداد بن عمرو » أحد الأركان الأربعة وأحد السابقين ، كما تحمل في نفس الوقت شيئاً من تأريخ تلك الفترة المشرقة التي عاشها والتي أعطى فيها من فكره وعرقه ودمه ما يعطيه العظماء لأممهم وأمجادهم وتواريخهم ، حيث كان له شرف المشاركة في تأسيس وتثبيت دعائم الإسلام وهو بعد في نأنأَتِه وضعفه .
 والتاريخ قد يظلم بعض العظماء ، ويجحف في حقهم ـ على عادته ـ فقد فوجئت بسيرة هذا الصحابي البطل متناثرةً هنا وهناك في بطون الكتب مما يعني أن ثمة إهمال قد امتدت يده إليها ـ لا أدري إن جاء عن قصد ، أو هو من صنع السنين ! ـ فكان لي شرف لملمتها وصوغوها بالشكل الذي أرجو أن يكون مناسباً ، ولقد واجهت شيئاً من المصاعب والمتاعب في هذا السبيل ، إلا أن غبطتي في إتمامها وانجازها توازي في أثرها ما واجهت .
 لقد إمتاز هذا الصحابي العظيم بصفة تفرد بها دون من سواه من الصحابة ، تلك هي صفة « الفروسية » وهي صفة غير عزيزة ولا نادرة لولا أنها كانت محكومةً لظروف صعبة حرجة ، فهي مبتذلة إذا لوحظت مجردةً عنها ، وعزيزة نادرة ذات بال


(8)

وإهمية إذا لوحظت من خلال الظروف الصعبة التي عاناها المسلمون الأوائل ؛ ومن هنا جاءت أهميتها فقد شاءت المقادير أن تقع أول حرب بين المسلمين ومناهضيهم من المشركين وليس في المسلمين فارس غير المقداد بن عمرو ، وبذلك نال وسام « أول فارس في الإسلام » ناله بجدارة واستحقاق .
 روي عن علي ( عليه السلام ) أنه قال : ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد بن عمرو . » وعن القاسم بن عبد الرحمن قاله : « أول من عدا به فرسه في سبيل الله المقداد . . » (1)
 وظلت هذه الصفة المميزة ملازمة له طيلة حياته ، فما دعي الى جهاد قط إلا وأجاب ، وقد شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما شهدها من بعده وهكذا ، قضى عمره فارساً في ميادين الجهاد حتى وافاه أجله ، وكانت العقيدة بالنسبة له ، خبزه اليومي الذي به ومن أجله يعيش .
 من هنا ، فإن تاريخ المقداد ، يعني تاريخ تلك الحقبة وما جرى فيها من الوقائع والحروب » نظراً لموقعه منها ومواقفه البطولية فيها ، وهذا ما دعاني إلى سرد بعضها سرداً كاملاً ، فلكي نفهم هذا الرجل على حقيقته ، علينا أن نتناول أهم جانب في حياته نحدد به شخصيته وطموحه وأهدافه ، أما بدون ذلك فإن سيرته تصبح مبتورةً شوهاء لا رونق فيها ولا حياة ، ويصبح مثلنا في ذلك مثل من ينقل حادثةً او منقبةً لإِنسان ما دون أن يعرف عن شخصيته وظروفه شيئاً .
 وأنت حين تبدأ قراءة المقداد ، فإنك ستقرأه اكثر كما ستقرأ غيره من معاصريه من خلال قراءتك لتلك « الغزوات والوقائع » وسوف تشعر وكأنك معه في رحلاته الجهادية الطويلة وهو يملي عليك حكاية أروع ملحمة حضارية في تاريخ الإنسان كان هو أحد روادها ومسطريها ، وبذلك ـ أيضاً ـ سوف تدرك عظمة هذا الرجل ومدى بلائه في الإسلام .
____________
1 ـ الطبقات الكبرى 3 / 162 .


(9)

وسوف لا ينقضي تعجبك من خصلة هي واحدة من مئات ! إمتاز بها الإسلام دون غيره وكانت شاهداً من شواهد عظمته ، تلك هي قلب العقليات والعادات التي أفرزتها الجاهلية المقيتة ، وتسييسها من جديد على ضوء تعاليم الله سبحانه ، وقولبتها بشكل يعيد للإنسانية شرفها ومجدها .
 فمن كان يصدق أن حليفاً طريداً مشرداً عن أهله وقومه يصبح يوماً ما محط أنظارهم ومعقد آمالهم ؟ !
 أجل ، كان هذا أمراً مستبعداً لولا الإسلام ، فقد استطاع بفترةٍ وجيزة أن يقضي على جل المظاهر الزائفة ، وأستطاع ان يعيد الحق الى نصابه .
 والمقداد كان واحداً من المشردين ، نشأ حليفاً لكندة بادئ الأمر ـ تابعاً لأبيه ـ ثم حليفاً لبني مخزوم ، حتى قيّض له الإلتحاق بركب الإسلام وهو في عقد الرابع ليبدأ مسيرة الحياة الحرة الكريمة تاركاً وراءه كل قيود الجاهلية وأحكامها مسلماً وجهه لله وحده باذلاً نفسه لدين الله ، وحين استقر الأمر بالمسلمين ، ونصر الله نبيه ، أقبلت الوفود تترى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مبايعةً له ومسلّمةً أمرها إلى الله ورسوله ، وكان منها وفد « بهراء » قبيلة المقداد ، فكان نزولهم عليه في داره . (1)
 رحم الله أبا معبد ، فلقد كان واحداً من العظماء الذين يفخر التاريخ بهم وبمآثرهم .
____________
1 ـ راجع الكامل 2 / 290 .


(10)


(11)

بسم الله الرحمن الرحيم

 « أَمَرني رَبيّ بحُبَّ أربَعَةٍ مِنْ أصحَابي ، وأَخَبَرني أنُه يُحبُّهم ! » .
 فقيل : يا رسول الله ، من هم ؟
قال : « عليٌّ ، والمقداد وسلمان وأبو ذر »
 « الجنة تشتاق إليك يا عليّ ، وإلى عمارٍ ، وسلمان والمقداد » . الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم 


 « ما رأيتُ مثل ما أُتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم . . إني والله أحبُّهم لُحبّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم ، ويعتريني والله وجدٌ لتشرف قريش على الناس بشرفهم ، واجتماعهم على نزع سلطان رسول الله من أيديهم . . . »

المقداد بن عمرو 


(12)


(13)


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net