متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
خروجه إلى الطائف
الكتاب : المقداد بن الأسود الكندي ، أول فارس في الإسلام    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة

 

خروجه إلى الطائف

 وحين اشتد ايذاء قريش للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خرج متخفياً في مكة ومعه ابن عمه علي بن أبي طالب وزيد بن حارثة ، وقصد الطائف ليعرض نفسه على ساداتها من ثقيف ، وكانوا ثلاثة إخوة : عبد ياليل ، ومسعود بن عمرو ، واخوهما حبيب بن عمرو ، فدعاهم إلى نصرته والقيام معه على من خالفه .
 فقال أحدهم : ما رد يمرطُ ثيابَ الكعبةِ إن كان الله أرسلك !
 وقال آخر : أما وجَدَ الله من يرسلُهُ غيركَ ؟ !
 وقال الثالث : والله لا أكلّمُكَ كلمةً أبدا : لئن كنت نبياً كما تقول ، فأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام ؛ ولئن كنت كاذباً على الله فما ينبغي لي أن أكلمك .
 فقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد يئس منهم ، وقال لهم : إذا أبيتم فاكتموا علي ذلك ، وقد كره أن يبلغ قريشاً ذلك فيجرأون عليه .
 وبقي صلى الله عليه وآله وسلم في الطائف عشرة أيام يدعو أهلها للإسلام فلم يسمعوا منهم ، وأغروا به سفهائهم وعبيدهم حتى اجتمع عليه الناس وقذفوه بالحجارة .
 فالتجأ إلى حائط ـ بستان ـ لِعُتبةَ وشيبة إبنا ربيعة ـ وكانا فيه ـ والدماء تسيل من ساقيه ، فجلس في ظل شجرة وجعل يدعو بهذا الدعاء :


(30)

 « اللهم إني أشكو إليكَ ضَعفي وقِلّةَ حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت ربُّ المستضعَفِينَ وربيّ إلى من تكلني إلى بعيدٍ يتجهمني أم إلى عَدّوٍ ملّكته أمري ، إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزلَّ فييَّ غضبَكَ أو يَحلّ عليّ سخطُك ، لك العُتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك » .
 جعل يدعو بهذا الدعاء وابنا ربيعة ينظران إليه ، فأشفقا عليه ، وتحركت له رحِمَهُما ، فدعوا غلاماً لهما نصرانياً إسمه : عدّاس ، وقالا له : خذ قطفاً من هذا العنب واذهب به إلى ذلك الرجل .
 ففعل فلما وضعه بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وضع يده فيه وقال : بسم الله .
 فقال عداس : والله أن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة ! !
 فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أي البلاد أنت ؟ وما دينك يا عداس ؟
 قال : أنا نصراني من أهل نينوى !
 فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متّى ؟
 فقال : وما يدريك ما يونس بن متّى !
 فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ذاك أخي كان نبياً وأنا نبيٌّ !
 فاكبَّ عداس على يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ورجليه يقبلهما ، هذا وابنا ربيعة ينظران إليه ، ويقول أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك .
 ولما رجع إليهما عداس قالا له : ويحك يا عداس ، ماالذي أعجبك من هذا الرجل حتى قبّلت رأسه وقَدَميه ! إحذر أن يصرفك عن دينك .


(31)

فقال عداس : ياسيديَّ ، ما في الأرض خيرٌ من هذا الرجل ، لقد اخبرني بأمرٍ لا يعلمه إلا نبي .
 وانصرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم راجعاً إلى مكة بعد أن يئس من أهل الطائف وسادتهم ، لكن أنباء رحلته هذه كانت قد تناهت الى قريش ، فاستعدوا لآذاه ، لذلك فإنه صلوات الله عليه قبل أن يدخل مكة أرسل إلى بعض ساداتها يطلب منهم : أن يجيروه فامتنعوا عن إجارته إلا المُطعِمُ بن عدي فإنه قبل إجارته ، وقال للرسول : نعم فلِيدخل ! وأصبح المطعم وقد لبس سلاحه هو وبنوه وبنو أخيه ، فدخل المسجد ، فرآه ابو جهل وقال له : أمجيرٌ أنت ، أم متابع ؟
 قال : بل مجير ! فقال أبو جهل : قد أجرنا من أجرت .
 عند ذلك مضى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى دخل مكة ، وجعل يتابع تبليغ رسالته في جوار المعطم بن عدي .


(32)


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net