لفــت نظــر
هناك حديث حمله الفقهاء على هذه الصورة أيضاً ، مع أنّه ليس فيه ذِكر عن السـجدة على الثوب ! ألا وهو : عن ابن عبّاس : رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّي في كساء أبيض في غداة باردة ، يتّقي بالكساء برد الأرض بيده ورجله (1). وفي لفظ أحمد : لقد رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في يوم مطير وهو يتّقي الطين إذا سـجد بكساء عليه يجعله دون يديه إلى الأرض إذا سـجد (2). وعن ثابت بن صامت : أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قام يصلّي في مسـجد بني عبـد الأشـهل ، وعليه كساء ملتفٌّ به ، يضع يده عليه يقيه برد الحصا (3). وفي لفظ : رأيته واضعاً يديه في ثوبه إذا سـجد (4).
1 ـ السنن الكبرى 2 / 108. 2 ـ مسند أحمد 1 / 265 ، وانظر أيضاً : جامع المسانيد والسنن ـ لابن كثير ـ 31 / 349 ح 2072 ، نيل الأوطار 2 / 271. 3 ـ السنن الكبرى 2 / 108. 4 ـ نيل الأوطار 2 / 271.
(63)
في لفظ ابن ماجة : فرأيته واضعاً يديه على ثوبه إذا سـجد (1). قال الشـوكاني في « نيل الأوطار » : الحديث يدلّ على جواز الاتّقاء بطرف الثوب الذي على المصلّي ولكن للعذر ، أمّا عذر المطر ـ كما في الحديث ـ أو الحرّ والبرد ـ كما في رواية ابن أبي شـيبة ـ ، وهذا الحديث مصرّح بأنّ الكساء الذي سـجد عليه كان متّصلا به (2). ونحن لم نر هذا الحمل في محلّه ، إذ الحديث لا يدلّ بظاهره إلاّ على اتّقاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالكساء برد الأرض بيده ورجله فحسـب ، وليس فيه إيعاز قطّ إلى السـجدة والجبهة ، وسـبيله سـبيل حديث السيّدة عائشـة : كان رسول الله إذا صلّى لا يضع تحت قدميه شـيئاً إلاّ أنّا مُطرنا يوماً فوضع تحت قدمه نطعاً (3). وهناك مرفوعة أخرجها أحمد في « المسند » عن محمّـد ابن ربيعة ، عن يونس بن الحارث الطائفي ، عن أبي عون ، عن
1 ـ سنن ابن ماجة 1 /328 ـ 229 ح 1031 ، وانظر : السنن الكبرى 2 / 108. 2 ـ نيل الأوطار 2 / 271. 3 ـ المعجم الأوسـط 6 / 112 ح 5777 ، سنن البيهقي 2 / 436 ، مجمع الزوائد 2 / 57.
(64)
أبيه ، عن المغيرة بن شـعبة ، قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّي ـ أو يستحبّ أن يصلّي ـ على فروة مدبوغة (1). والإسناد ضعيف بالمرّة ، وبمثله لا يستدلّ في الأحكام .. فيه : يونس بن الحارث (2) : قال أحمد : أحاديثه مضطربة. وقال عبـد الله بن أحمد : سـألته عنه مرّة أُخرى ، فضعّفه. وعن ابن معين : لا شـيء. وقال أبو حاتم : ليس بقوي. وقال النسائي : ضعيف. وقال مرّةً : ليس بالقوي. وقال ابن أبي شـيبة : سـألت ابن معين عنه فقال : كنّا نضعّفه ضعفاً شـديداً. وقال الساجي : ضعيف ، إلاّ أنّه لا يُتّهم بالكذب. وفيه : أبو عون عبيـد الله بن سـعيد الثقفي الكوفي : قال أبو حاتم في « الجرح والتعـديل » لابنه : هو مجهـول (3).
1 ـ مسند أحمد 4 / 254 ، وانظر أيضاً : سنن أبي داود 1 /174 ح 659 ، السنن الكبرى 2 / 420. 2 ـ انظر ترجمته في : تهذيب التهذيب 9 / 458 رقم 8185. 3 ـ الجرح والتعديل 5 / 316 ـ 317 رقم 1505.
(65)
وقال ابن حجر : حديثه عن المغيرة مرسَـل (1). على أنّ متن المرفوعة ساكت عن السـجدة وحكمها ، والملازمة بين الصلاة على الفروة والسـجدة عليها منتفية.
1 ـ تهذيب التهدذيب 5 / 379 ـ 380 رقم 4427.
(66)
|