متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
التأكيد الإلهي على مكانة الرسول و أهمية سنة الرسول
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

التأكيد الإلهي على مكانة الرسول ، وأهمية سنة الرسول

الله تعالى هو الذي أوجد التكامل والتلازم بين كتاب الله المنزل ، ونبيه المرسل ، وهو الذي فرض الإيمان بالاثنين معا ، وهو الذي خص رسوله بهذه المرتبة العالية حتى صار الإيمان بالرسول جزءا لا يتجزأ من الإيمان بالله ، والله جلت قدرته هو الذي أبرز أهمية سنة الرسول بفروعها الثلاثة حتى صارت جزءا لا يتجزأ من دين الإسلام ، وفصلا جوهريا متداخلا تداخلا عضويا مع الشريعة الإلهية المكونة حصرا من كتاب الله وسنة رسوله .

فهو جلت قدرته الذي اختار نبيه للرسالة ، فأعده ، وأهله وعصمه ، وكلفه بالإمامة والولاية ، وأمر المسلمين والمؤمنين أن يأتمروا بأمره وأن ينتهوا بنهيه : ( . . . وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( 1 ) فأمر الرسول كأمر الله ، ونهي الرسول كنهي الله .

وقال تعالى مخاطبا المكلفين : ( فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ ) ( 2 ) فالإيمان بالله والرسول لا ينفصلان عن

 

( 1 ) سورة الحشر ، الآية 7 .

( 2 ) سورة الأعراف ، الآية 158  . ( * )  
 

- ص 17 -

بعضهما ، والله يشهد وكفى بالله شهيدا بأن الرسول مؤمن بالله وبكلماته ، لذلك فإن الله قد أمر عباده باتباع الرسول ( فاتبعوه ) لأنه هو النموذج المتحرك للإنسان المؤمن الكامل ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ) ( 1 ) .

ثم إن الله تعالى قد أزال الشك نهائيا وأوجد اليقين عندما بين لعباده حقيقة رسول الله ، وطبيعة ما يصدر عن ذلك الرسول : بقوله تعالى : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) ( 2 ) وقد ترسخت هذه الحقيقة وشهد الله تعالى بثبوتها ، وإطلاقها يوم أمر الله رسوله بأن يعلن أمام العالمين ، بأنه صلى الله عليه وآله وسلم يتبع ما يوحى إليه من ربه في كل ما يصدر عنه من أقوال أو أفعال أو تقريرات ، وتوثيقا من الله لنبيه وتصديقا تولى الله تعالى بنفسه ومن خلال كتابه المبارك نشر هذا الاعلان النبوي فقال جلت قدرته مخاطبا رسوله : ( قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي ) ( 3 )

وأعلن الله باسم الرسول قائلا : ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) ( 4 ) وتصديقا من الله لرسوله ثبت الله هذا الاعلان في كتابه الكريم .

وتأكيدا من الله تعالى لعمق التكامل بين الكتاب المنزل والنبي المرسل وعمق الصلة بين الله ورسوله أمر الله رسوله بأن يعلن للمؤمنين والمسلمين خاصة ولأبناء الجنس البشري عامة هذا الاعلان الذي يعبر بدقة عن مضامينه الوارفة فقال تعالى مخاطبا رسوله : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) ( 5 ) فاتباع الرسول هو الطريق إلى محبة الله ، وهو الطريق إلى المغفرة .

 

( 1 ) سورة الأحزاب ، الآية 21 .
( 2 ) سورة النجم ، الآيتان 3 - 4 . 

( 3 ) سورة الأعراف ، الآية 203 .
( 4 ) سورة الأحقاف ، الآية 9 .
( 5 ) سورة آل عمران ، الآية 31  . ( * )  
 

- ص 18 -

وإحكاما لحلقة التكامل والتلازم بين الله ورسوله ، وبين الكتاب المنزل والنبي المرسل ، وبين شريعة الإسلام ونبي الإسلام ، وتمكينا من الله لرسوله للقيام بأعباء الرسالة ، ولسد الطريق أمام أولئك الذين يفرقون بين الله ورسوله ، أعلن الله سبحانه وتعالى قراره ومشيئته بقوله : ( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا 80 ) ( 1 ) فطاعة الرسول تماما كطاعة الله ، ومعصية الرسول تماما كمعصية الله ، والله جلت قدرته هو الذي قرن الطاعنين معا فقال : ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 132 ) ( 2 ) ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ 92 ) ( 3 ) وتكرر هذا الأمر الإلهي مرات متعددة في القرآن الكريم .

لقد حصل اليقين عن طريق العقل والشرع بأن طاعة الله لا تتحقق إلا بطاعة الرسول فمن يعصي الرسول هو عاص لله ، ومن يطع الرسول هو مطيع لله ، والتفريق بين الطاعتين محاولة مكشوفة للتفريق بين الله ورسوله ، والالتفاف على مقاصد الشرعية الإلهية ، وإيجاد ممر للمروق والفساد والخروج من دائرة الشرعية الإلهية .

فالرسول هو حامل الرسالة الإلهية ، وهو وحده الذي يتلقى التوجيهات الإلهية وهو المبلغ عن الله ، والأمين على ما أوحاه الله والعارف بالمقاصد الشرعية ، ثم إنه هو الإمام والقائد والمرجع والولي ، فمن غير الجائز أن يعصى الرسول تحت أي شعار لأن معصية الرسول تعيق حركته وقيامه بأعباء التكاليف الإلهية الملقاة على عاتقه لذلك اقتضت حكمة الله أن يطاع الرسول إطاعة تامة وهذا حق لكل الرسل قال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ ) ( 4 ) ورسول الله وخاتم النبيين أولى بالطاعة

 

( 1 ) سورة النساء ، الآية 80 .
( 2 ) سورة آل عمران ، الآية 132 .

( 3 ) سورة المائدة ، الآية 92 .
( 4 ) سورة النساء ، الآية 64
 . ( * )
 
 

- ص 19 -

لأن المسؤوليات الملقاة على عاتقه ، أضخم وأكبر من المسؤوليات التي ألقيت على عاتق أي رسول من قبله ، فهو خاتم النبيين ، ومعه الشريعة الإلهية بصورتها النهائية التي ارتضاها الله لعباده أجمعين .

وهذا يعطي قيمة خاصة لكل ما يصدر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير ، لأن سنة الرسول بفروعها الثلاثة لازمة من لوازم الإسلام والبيان خاصة وأن الرسول لم يبعث إلى العرب إنما أرسله الله رحمة للعالمين ، وقد انتقل إلى جوار ربه ، ولم يدخل في الإسلام غير العرب ، فمن حق أبناء الجنس البشري أن يطلعوا على سنة رسول البشرية من مصادر موثوقة ولا يتحقق هذا إلا بصيانة السنة ، وكتابتها ونقلها إلى أبناء الجنس البشري نقية بلا زيادة ولا نقصان ، ومن هنا يتبين لنا فداحة الجرم الذي ارتكبه أولئك الذين منعوا رواية وكتابة السنة طوال مائة عام تحت شعار : ( حسبنا كتاب الله ) .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net