أساليب مستقاة من مبادئهم بعد هجرة الرسول
وبعد أن هزمت زعامة بطون قريش سياسيا وعسكريا واقتصاديا وبعد أن فاجأها الرسول في عقر دارها واضطرها للاستسلام والتلفظ بالشهادتين هي ومن اتبعها ، وبعد أن صاروا جزءا من المجتمع الإسلامي الجديد ، وخضعت كافة أقاليم الجزيرة لدولة النبي ، وبعد أن يئست من هزيمة الرسول أو القضاء عليه بوسائلها التقليدية السابقة وجدت أمامها مجموعة من الحقائق الثابتة .
1 - لقد تيقنت زعامة بطون قريش وتيقن أتباعها بأن النبي قد بنى ملكا عظيما على حد تعبير أبي سفيان قائد جبهة الشرك وأبرز أئمة الكفر السابقين .
2 - وتيقنوا أيضا بأن الرسول ميت لا محالة ، وأنه قد أعلن وبكل وسائل الاعلان بأن الإمام والخليفة من بعده هو ابن عمه وزوج ابنته ووالد سبطيه علي بن أبي طالب يليه ابناه الحسن والحسين ، ويليهما تسعة من ذرية الحسين ( اثنا عشر إماما ) .
3 - إن زعامة بطون قريش ومن والاها ، ممن استسلموا وتلفظوا
بالشهادتين تبعا لها لا تروق لهم هذه الترتيبات ، ولا يقبلون بها في قرارة أنفسهم لأنهم يحقدون على محمد وآل محمد ، أو على الأقل يحقدون على آل محمد عامة وعلى علي بن أبي طالب خاصة ، لأنه قد نكل بهم أثناء حرب الكفر مع الإيمان ، لكنهم لا يجرؤون على إظهار هذا الرفض وعدم القبول ، لأنهم مهزومون من الداخل ويائسون من فكرة هزيمة محمد ومن فكرة القضاء عليه ! ! .
4 - لقد تيقنت زعامة بطون قريش أن المنافقين يشكلون شريحة عظمى في المجتمع الجديد ، وأنهم غير راضين عن الترتيبات الإلهية المتعلقة بمن يخلف النبي والتي أعلنها الرسول ، ولكن المنافقين جبناء كزعامة بطون قريش ومن والاها ولا يجرؤون على إظهار رفضهم أو عدم قبولهم لهذه الترتيبات الإلهية المتعلقة بمن يخلف النبي والتي أعلنها الرسول .
5 - لقد تيقنت زعامة بطون قريش ومن والاها ، وتيقن المنافقون أيضا أن قسما من أبناء البطون ( قسم من المهاجرين ) يرفضون الترتيبات الإلهية المتعلقة بمن يخلف النبي ، ولا يقبلون بها ، إلا أنهم كزعامة البطون وكالمنافقين لا يجرؤون على الجهر بهذا الرفض وعدم القبول ، والأعظم أن هذا القسم يطمع بأن يخلف النبي ، وأن يستولي بالقوة على ملك النبوة ، ولكنه يفتقر إلى الناصر والمعين ! ! .
6 - ولأن زعامة بطون قريش ومن والاها ، والمنافقون ، وذلك القسم من المهاجرين يعيشون في مجتمع واحد ، وتربطهم ببعضهم صلات متعددة فقد اتفقوا على تشكيل حزب أو جبهة ( إسلامية ) تعمل على إلغاء وإبطال الترتيبات الإلهية المتعلقة بمن يخلف النبي والتي أعلنها الرسول ، والحيلولة بين الهاشميين وبين أن يجمعوا مع ( النبوة الملك ) وأضفوا على هذا الهدف الخطير طابعا ( إسلاميا ) بالقول بأن جمع الهاشميين للنبوة والملك يؤدي إلى
الإجحاف ، والأفضل أن يختص الهاشميون بالنبوة ، وأن تختص بطون قريش بالملك أو الخلافة من بعد النبي ، تتداولها في ما بينها ( 1 )
ولا بأس من خروج الخلافة إلى الموالي ، بدليل قول عمر بن الخطاب ( لو كان سالم حيا لوليته وسالم من الموالي ولا يعرف له نسب في العرب ) ( 2 )
ولا بأس لو كانت الخلافة بالانصار ( لو كان معاذ بن جبل حيا لوليته واستخلفته ) ( 3 ) ومعاذ من الأنصار واستطاع ذلك القسم من المهاجرين في ما بعد أن يجذب المرتزقة من الأعراب ، أنظر إلى قول عمر ( ما هو إلا أن رأيت أسلم حتى أيقنت بالنصر ) ( 4 ) فهو واثق أن هذه القبيلة معه وترى رأيه ! ! !
وهكذا تكونت جبهة عظمت ( ضمت زعامة بطون قريش ومن والاها ، والمنافقين ، وقسما من المهاجرين من أبناء بطون قريش والمرتزقة من الأعراب وأعطت هذه الجبهة العظمى مقادتها لذلك النفر من المهاجرين ، لتضمن نجاح اختراق وحدة القلة المؤمنة ! ! وانصب هدف الجميع على الاستيلاء على ملك النبوة بعد وفاة النبي وإلقاء كافة الترتيبات المتعلقة بمن يخلف النبي ! ! .
7 - واتفقوا على أنه لا مجال لتنفيذ هذا المخطط أثناء حياة النبي ، ولا ينبغي الجهر بذلك ، بل ينبغي الإعداد وانتظار موت النبي ، وأكبر الظن أن زعامة بطون قريش والمنافقين هم الذين خططوا لقتل النبي أثناء عودته من غزوة تبوك ولم يكن لذلك النفر من المهاجرين علم بذلك ! ! .
8 - حسب تقديرات قادة هذا التحالف فإن وحدة الفئة القليلة المؤمنة قد تم اختراقها تماما ، وبموت الرسول ستخرج من المواجهة ، وسيعزل ولي
|
( 1 ) راجع الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 3 ص 24 آخر سيرة عمر من حوادث 23 ، وعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد ج 3 ص 107 و 97 وقد نقلها عن تاريخ بغداد . ( 2 ) و ( 3 ) المؤرخون متفقون على صدور هذين القولين عن عمر بن الخطاب . ( 4 ) المصدر السابق . ( * ) |
| |
الأمر الشرعي وآل محمد معه ، لأنهم سيكونون في جهة ، والأكثرية الساحقة من أفراد المجتمع الإسلامي الجديد في الجهة الأخرى المقابلة لهم ، أما الأقلية المؤمنة فستكون بحيرة من أمرها ، ثم ستختار السلامة ، وتقف على الحياد ، أو تقف مع الأكثرية وقلوبها مع الإمام الشرعي وآل محمد ! !
|