متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الحيلولة بين رسول الله و بين كتابة وصيته و توجيهاته النهائية
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

الحيلولة بين رسول الله وبين كتابة وصيته وتوجيهاته النهائية

كان وضع النبي الأعظم صعبا للغاية ، لقد أرهقوه طغيانا وكفرا ونفاقا كانت سلطة النبي أثناء مرضه سلطة اسمية أو أدبية ، كان يأمر فلا يطاع ويؤكد فلا يهتم بتأكيداته القاطعة أحد ، وإن اهتم عمرو أو زيد بأوامر الرسول ، فليس لعمرو أو زيد القدرة على التقديم أو التأخير أو مواجهة تنظيم فعلي ومسلح يضم كافة القوى التي حاربت رسول الله قبل انتصاره بالإضافة إلى المنافقين والمرتزقة من الأعراب ، وقد سلم هذا التنظيم قيادته إلى عناصر من المهاجرين محسوبة على النبي وعلى الذين آمنوا والتنظيم وقيادته ينتظرون موت النبي بفارغ الصبر ليستولوا على ملك النبوة بالقوة والتغلب وكثرة الأتباع .

ولولا شرور ذلك التنظيم وقيادته لسار جيش أسامة ، ولمات النبي في غياب أصحاب الخطر ، وانتقلت الرئاسة من النبي إلى صاحب الحق الشرعي بيسر وسهولة وسلميا ولقبل الجميع بذلك ، لأن القوى التي حاربت رسول الله قبل انتصاره والمنافقين مهزومون من الداخل ولا طاقة لهم على المواجهة ، ولولا ذلك النفر من أبناء قريش المهاجرين ، لبقيت أعناق تلك القوى خاضعة إلى يوم الدين ! !

لكن ذلك النفر بالتعاون مع تلك القوى قد أفسدوا تدبير النبي ! النبي يصارع الموت ، لكن مثله لن ينحني أمام العواصف الهوجاء ولا يستسلم أمام الكوارث التي تنحني من هولها هامات الجبال الشم وكيف ينحني أو يستسلم وهو صفوة بني الإنسان وفخارهم ، وهو قمة الوعي البشري ومداه ! !

لقد أراد النبي أن يكشف حقيقة المتآمرين وأن يعريهم أمام الأجيال اللاحقة ، وأن يثبت عليهم الجرم أمام الله تعالى يوم القيامة ، وأراد رسول الله أن تتم عمليتا الكشف والاثبات من دون إثارة بل من خلال ممارسته لأبسط حقوق البشر وهي الوصية ! !

لقد اختار الرسول صفوة من أصحابه ليكتب أمامهم وصيته وتوجيهاته النهائية ، وضرب موعدا لكتابة ما أراد كتابته ، ويبدو أن أحدا ممن يسكن في

- ص 144 -

منزل النبي ويتعاطف مع المتآمرين قد علم بالموعد الذي ضربه رسول الله ، وعلم بمضمون ما أراد الرسول كتابته ، فسارع إلى عمر بن الخطاب فأخبره بذلك ( 1 ) .

فاستعد عمر لمواجهة الرسول وجمع أركان حزبه وطائفة من الغوغاء وأخذوا ينتظرون الموعد الذي حدده رسول الله لكتابة وصيته وتوجيهاته النهائية ، وصمموا على أن يحولوا بين النبي وبين ما أراد كتابته ، لأنهم قد أدركوا أنه لم يبق بينهم وبين الانتصار ! إلا باع أو ذراع وكتابة النبي لما أراد كتابته ستقلب المعارك كلها ، وستضيع عليهم تعبهم وتحرمهم من ثمرة تكاد أن تسقط في أيديهم ! ! حضر الذين اصطفاهم رسول الله ليكتب أمامهم وصيته وتوجيهاته النهائية وليلخص أمامهم الموقف للأمة ، جلست هذه الصفوة في منزل الرسول وبين يديه دخل عمر بن الخطاب ومعه أركان حزبه وعدد كبير من أعوانه الذين اتفق معهم على خطة تحول بين الرسول وبين ما أراد كتابته ! !

ماذا يفعل النبي أمام هذه المفاجأة ؟ لم يلغ الموعد ويضرب موعدا جديدا لأن الموت يدركه ، بل مضى إلى حيث أمره الله ، فتجاهل وجود المتآمرين تماما .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net