متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
موقف عمر وقادة التحالف عندما تيقنوا من وفاة الرسول !!
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

موقف عمر وقادة التحالف عندما تيقنوا من وفاة الرسول ! !

عندما توفي الرسول يبدو أن ذلك النفر من أبناء قريش المهاجرين لم يكونوا كلهم متواجدين في المدينة ، فقد كان أبو بكر غائبا في السنح ، وكان أبو عبيدة غير موجود أيضا ، وكانت مهمة عثمان أن يكون قريبا من المسجد ومعه بنو أمية ، لمراقبة آل محمد وأهل بيت النبوة ! ! وعمر نفسه لم يكن متأكدا من وفاة الرسول ، لذلك أخذ معه المغيرة بن شعبة ، ليتأكد من وفاة الرسول ، وعندما دخل كشف الثوب عن وجه رسول الله ، ويروي أولياؤه أنه قد قال : واغشياه ما أشد غشي رسول الله ! !

كان عمر بحاجة إلى شئ يشغل به الناس ريثما يتجمع ذلك النفر من المهاجرين ثم ينطلق بهم ليقود جموع التحالف ويستولي على ملك النبوة بالقوة والتغلب وكثرة الأتباع ، ويضع المؤمنين أمام أمر واقع ! لقد اهتدى عمر إلى ما يشغل به الناس فرفع شعار أن الرسول لم يمت ، ولكنه ذهب لملاقاة ربه كما ذهب موسى ! ! !

ويروي أولياؤه أن رفيقه وحليفه المغيرة بن شعبة الذي اصطحبه معه ليتأكدا معا من وفاة الرسول قد قال : ( مات والله رسول الله ) فقال له عمر : كذبت ، ما مات رسول الله ، ولكنك رجل تحوسك فتنة ، ولن يموت

- ص 157 -

رسول الله حتى يفني المنافقين ( 1 ) .

وأخذ عمر يقول : ( إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي ، إن رسول الله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى عن قومه وغاب أربعين يوما ، والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي وأرجل من يزعمون أنه مات ) ( 2 ) ( ومن قال بأنه مات علوت رأسه بسيفي ) ( 3 ) فتلى عليه من في المسجد ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) ) ( 4 ) .

قال العباس بن عبد المطلب : ( إن رسول الله قد مات وإني رأيت في وجهه ما لم أزل أعرفه في وجوه بني عبد المطلب عند الموت ، ثم قال : هل عند أحدكم عهد من رسول الله في وفاته فليحدثنا ؟ قالوا : لا ، فقال العباس : اشهدوا أيها الناس إن أحدا لا يشهد على رسول الله بعهد عهد إليه في وفاته ) ( 5 ) . ومع هذا فلم يتوقف عمر ، بل استمر في الكلام حتى أزبد شدقاه ( 6 ) .

وجاء أبو بكر من السنح وتلا قوله تعالى : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ) فقال عمر لأبي بكر : هل هذه الآية في كتاب الله ؟ ! فقال أبو بكر نعم عندئذ سكت

 

( 1 ) راجع على سبيل المثال مسند أحمد بن حنبل ج 6 ص 219 ، ومعالم المدرستين ج 1 ص 113 .
( 2 ) تاريخ الطبري ط أوربا ج 1 ص 1818 .
( 3 ) تاريخ أبي الفداء ج 1 ص 164 .
( 4 ) الطبقات لابن سعد ج 2 ص 57 ، وكنز العمال ج 4 ص 53 الحديث رقم 1092 ، وتاريخ ابن كثير ج 5 ص 243 ، وابن ماجة الحديث 627 .
( 5 ) الطبقات لابن سعد ج 2 ف 2 ص 57 ، وتاريخ ابن كثير ج 5 ص 243 ، والسيرة الحلبية ج 3 ص 390 - 391 ، وكنز العمال ج 4 ص 53 الحديث رقم 1092 ، والتمهيد للباقلاني ص 192 - 193 .
( 6 ) أنساب الأشراف ج 1 ص 567 ، والطبقات لابن سعد ج 2 ف 2 ص 53 ، وكنز العمال ج 4 ص 53 ، وتاريخ الخميس ج2 ص 185 ، والسيرة الحلبية ج 3 ص 392
 . ( * ) .

 
 

- ص 158 -

عمر ! ! ! ! ( 1 )

أنت تلاحظ أن الخليفة لا يدري إن كانت هذه الآية من القرآن الكريم ، وأنت تلاحظ أن من في المسجد قد تلوا عليه هذه الآية قبل مجئ أبي بكر ، ولكنه لم يتوقف عن الكلام والادعاء بأن الرسول لم يمت ، لأنه قد خشي أن يبيت الناس في الأمر قبل قدوم أبي بكر ، لذلك افتعل هذا الموقف ليشغل الناس حتى يحضر أبو بكر وأبو عبيدة ، بدليل أنه بعد حضور أبي بكر بدقائق غادر وإياه المكان وذهبوا إلى سقيفة بني ساعدة ومعهم أبو عبيدة ، وهذا يؤكد أن ما فعله عمر كان تمثيلا وإلهاء للناس ! ! وليس من قبيل الصدمة أو التفجع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه قبل سويعات فقط من وفاة الرسول ، كان عمر بن الخطاب قد جلب أركان حزبه ، واقتحم بهم منزل الرسول ، وقال للرسول أمامهم ، ( أنت تهجر - أي لا تعي ما تقول - ولسنا بحاجة إلى وصيتك ، ولا إلى توجيهاتك النهائية لأن عندنا القرآن وهو يكفينا ويغنينا عنك ! ! فقط قبل سويعات معدودة كسر بخاطر الرسول ، واستخف بمقام النبوة ، وجرأ أركان حزبه على أن يقولوا للرسول ، أنت تهجر ! ! ، وأحدث وحزبه ، اللغط واللغو ، وافتعلوا الخلاف والتنازع بين يدي رسول الله وفي منزله ، ورفعوا أصواتهم فوق صوته ! ! !

وقبل أن يعلم بوفاة النبي كان يحرض الناس على عدم الخروج في جيش أسامة ، ويشكك الناس بشرعية تأمير الرسول لأسامة ، وحتى بعد أن تيقن من وفاة الرسول كان يحرض الخليفة الأول على عزل أسامة ، لأن تأمير الرسول لأسامة عمل غير صائب ! ! فما الذي حدث حتى ينقلب عمر هذا الانقلاب خلال سويعات فيمثل دور المصدوم وعدم المصدق بأن الرسول قد مات ! ! ! كل هذه الأمور

 

( 1 ) سورة آل عمران ، الآية 144 ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ف 2 ص 54 ، وتاريخ الطبري ج 1 ص 1817 - 1818 ، وتاريخ ابن كثير ج 5 ص 343 ، والسيرة الحلبية ج 3 ص 392 ، وابن ماجة الحديث 1627  . ( * )

 
 

- ص 159 -

تكشف بأن العملية كلها تصنع وتمثيل ، لإشغال الناس ، وإلهائهم حتى يتجمع ذلك النفر من حلفائه المهاجرين ، بدليل أنه بعد دقائق من حضور أبي بكر وأبي عبيدة خرج الثلاثة معا واتجهوا إلى سقيفة بني ساعدة تاركين وراءهم رسول الله لم يجهز ولم يدفن ! ! كل هذا يؤكد بأن إحساس عمر بن الخطاب بالصدمة والفجيعة كان مفتعلا .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net