متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الذين تجاهلوا سنة الرسول وخرجوا على الترتيبات الإلهية
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

الذين تجاهلوا سنة الرسول وخرجوا على الترتيبات الإلهية ، وتجرأوا على نقض أول عرى الإسلام ( نظام الحكم )

طالما أن الرسول الأعظم قد استطاع أن يقنع المسلمين بوجاهة الترتيبات الإلهية المتعلقة بمن يخلف النبي ، وأن يحملهم بالرضا على مبايعة الإمام علي بن أبي طالب في غدير خم ليكون أول إمام يخلف النبي ، وطالما أن المسلمين قاطبة بمن فيهم أبو سفيان وولداه يزيد ومعاوية وهم ألد أعداء الله السابقين قد قبلوا بهذه الترتيبات ، وأقروا بصوابها ووجاهتها وشرعيتها واعتبروها جزءا من صفقة الإسلام التي قبلوها ، ولم يجرؤ أي واحد من الناس على إظهار رفضه لهذه الترتيبات ! !

فما الذي حدث ومن الذي حرض الناس على الخروج على هذه الترتيبات الإلهية ؟
ومن الذي جرأهم على نقض أول عروة من عرى الإسلام وهي نظام الحكم وتجاهل بيان الرسول أو نصوص السنة النبوية التي عالجت موضوع نظام الحكم أو من يخلف النبي بعد موته ! ! ؟

ومن الذي قاد المسلمين في مسيرتهم نحو تجاهل نصوص سنة الرسول ، ونقض أو عروة من عرى الإسلام ، من الذي قام بهذه الأعمال المدمرة التي ما زلنا حتى يومنا هذا ندفع ضريبة سكوت أجدادنا عليها أو ممالأتهم لفاعليها ؟ هل هم شياطين قد خرجوا من البحر ، أو هبطوا من الجو ، وهل هم قوى خفية من الجن ، كانت تتحرك

- ص 172 -

وتدمر دون أن يشاهدها أحد من المسلمين ؟ ! !

الحقيقة المرة أن الذين حرضوا المسلمين على الخروج على الترتيبات الإلهية وهيجوا الناس ضدها ، وجرأوا المسلمين على نقض أول عروة من عرى الإسلام وهي نظام الحكم ، كانوا نفرا من المسلمين ، المحسوبين على القلة المؤمنة والذين نالوا شرف صحبة النبي ، لقد كانت أفعالهم فتنة ، وأشخاصهم فتنة أيضا ، وقد كشفتهم تحركاتهم المشبوهة ، ووسمتهم تلك التحركات بمياسم لا تخفى على محايد أبدا .

لقد رأيت ما فعله ذلك النفر من مهاجري بطون قريش عندما أمر رسول الله الناس بالخروج في جيش أسامة ، كما رأيت أيضا ما فعلوه برسول الله وهو على فراش الموت ، ثم رأيت كيف افتعلوا الشعور بالصدمة والفجيعة عندما علموا بوفاة الرسول ، وفجأة كأن لم يكونوا في صدمة شبكوا أيديهم معا وتركوا رسول الله جنازة بين أيدي أهله ، دون أن يشتركوا بتجهيزه ، أو يشاركوا في دفنه ، وذهبوا ليستولوا على ملك النبوة أثناء انشغال أصحابه الشرعيين بتجهيز النبي ودفنه ، ليضعوا المسلمين في ما بعد أمام أمر واقع لا مجال لدفعه ! ! متجاهلين بالكامل كافة الترتيبات الإلهية المتعلقة بمن يخلف النبي ، وقافزين قفزا كاملا عن النبي وعن بيانه ، أو عن نصوص السنة النبوية المطهرة ، التي عالجت هذه الناحية وتركت الناس على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ! !

كان الرسول الأعظم قد حذر من ذلك النفر بقوله : ( ليردن علي قوم أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم يوم القيامة ) ( 1 )
وفي رواية أخرى : ( فأقول يا رب أصحابي ! ! فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) ( 2 )

 

( 1 ) صحيح البخاري ج 1 ص 141 ، وصحيح مسلم كتاب الفضائل ج 5 ص 159 ، وكنز العمال ج 14 ص 418 رواه أحمد والبيهقي .
( 2 ) صحيح البخاري كتاب الدعوات ج 1 ص 141 ، وصحيح مسلم كتاب الفضائل ج 15 ص 159
 . ( * )

 
 

- ص 173 -

ويوضح الرسول الصورة في رواية ثالثة فيقول : ( . . . فيقال لي لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ) ( 1 ) ووضح الرسول الصورة أكثر فقال : ( . . . فقلت ما شأنهم ؟ فيقال لي أنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا يخلص منهم إلا مثل همل النعم ) ( 2 ) .

لقد سلط رسول الله بهذه الأحاديث الصحيحة الضوء الكاشف على نفر من أصحابه ، قريب منه ، ومحسوب عليه ، فأكد وبكل طرق التأكيد ، بأن هذا النفر لن ينال شرف رفقة الرسول يوم القيامة ، ولن يكون حيث يكون الرسول ، بل سيكون هذا النفر في مكان آخر مع أشخاص من أمثالهم ، والعلة بهذا الطرد من الرحمة الإلهية تلك الأحداث التي أحدثها ذلك النفر بعد وفاة الرسول ، فمنذ اللحظة التي صعدت فيها روح النبي الطاهرة إلى بارئها ارتد ذلك النفر على أعقابه ، ( لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ، إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى . . . )

والارتداد والردة لهما معنى محدد باللغة والشرع ، والارتداد أسوأ وأقبح عاقبة ونهاية ، والمرتد إنسان مطرود من رحمة الله ، لأنه عرف وتيقن ، ثم جحد وأنكر ! ! ولا ينفع ذلك النفر المرتد ادعاءهم بأنهم قد آمنوا بالإسلام ، ولكنهم لا يقبلون أو كفروا بالأحكام الإلهية المتعلقة بنظام الحكم لأنها ليست مناسبة حسب اجتهاداتهم المريضة لقد عالج القرآن الكريم هذه الناحية ، فقال الله تعالى كأنه يوجه كلامه العزيز لمثل هذا النفر : ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحيوة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ) .

ولتكون على يقين من صحة وصواب ما ذهبنا إليه ، فهل كان بوسع أحد من المسلمين أن يتجرأ فيقول للرسول في منزله أنت تهجر ، ولا حاجة

 

( 1 ) صحيح البخاري تفسير سورة الأنبياء ج 3 ص 160 ، وصحيح مسلم ج 17 ص 94 .
( 2 ) صحيح البخاري كتاب الدعوات ج 4 ص 142 باب الصراط
. ( * )

 
 

- ص 174 -

لنا بوصيتك ، ولا بتوجيهاتك النهائية ، لأن عندنا القرآن وهو يغنينا عنك .

لو لم يفتح عمر بن الخطاب هذا الباب فيواجه النبي بهذا اللفظ النابي ! ! فهل يتجرأ أبو سفيان أو أي زعيم من زعماء بطون قريش أو أي كهف من كهوف المنافقين وأركانهم على التلفظ بمثل هذا القول في حضرة رسول الله لو لم يجرئهم عمر على ذلك فيستعمل هذا اللفظ الفاحش ! ! لقد اقتصر دور الذين اتبعوه عندما اقتحم حجرة النبي على اللازمة التي وضعها عمر فكانوا يقولون : ( القول ما قال عمر ) ما له أهجر ، استفهموه إنه يهجر ! ! فماذا بقي من الإسلام بربك عندما يقول المسلم لرسول الله ( اسكت أنت لا تعي ما تقول ، حسبنا كتاب الله ، ولا حاجة لنا بوصيتك ! ! إذا كان والد زوجة النبي وأحد المهاجرين يقول مثل هذا الكلام الفظ ، فما الذي يمنع أعرابيا من أولئك الذين هم أشد كفرا ونفاقا من أن يقول هذا الكلام لأنه يردد ترديدا ما قاله الصاحب ! ! !

وهل كان بوسع أحد من المسلمين أن يشغب على الإمام علي أو أن يطعن بشرعية ولايته ، أو أن يطالب بالخلافة من بعد النبي مع وجود صاحبها الشرعي لولا ما فعله ذلك النفر من المهاجرين ! !

لكن عندما يرى المسلمون صهري النبي أبا بكر وعمر ، وعثمان وأبا عبيدة يشغبون على ولاية الإمام عليها ويطعنون بشرعيتها ، ويطالبون بالخلافة متجاهلين وجود الخليفة الشرعي ، فلا تثريب على المسلم العادي لو تاه في هذه الظروف ، وعندما يرى المسلمون ذاك النفر من المهاجرين يتنكرون تنكرا كاملا لبيان الرسول أو سنته المتعلقة بنظام الحكم أو من يخلف النبي ، ولا يقيمون لهذه السنة أي وزن ، لأنها بحكم المعدومة في نظرهم فكيف ترجو من المسلمين البسطاء وحديثي العهد بالإسلام أن يلتزموا بالسنة أو أن يقيموا لها أي وزن ! ! بل كيف تحملهم على ذلك ! ! لقد فتحوا أبواب الفتن كلها ، وجرأوا المسلمين على الاستهانة

- ص 175 -

برسول الله ، والاستهانة بسنة الرسول ، وبكافة الترتيبات الإلهية التي أعلنها رسول الله والمتعلقة بنظام الحكم أو بمن بخلف الرسول ! ! لقد أوجد ذلك النفر المناخ الملائم لنقض عرى الإسلام كلها عروة بعد عروة ، بل وقادوا بأنفسهم كما سنرى عملية نقض عرى الإسلام خطوة خطوة ! لقد استنفر ذلك النفر من المهاجرين كافة أعداء الله ورسوله السابقين ، كما أيقظ المنافقين من غفلتهم ، وهيجهم ضد الترتيبات الإلهية ، واستعان بهم لنقض عرى الإسلام عروة عروة ، وجعل لهم مصلحة في هذا النقض حيث استعان بهم ، وأشركهم معه بالأمر ، قال ابن حجر في فتح الباري : ( والذي يظهر من سيرة عمر في أمرائه الذين كان يؤمرهم في البلاد أنه كان لا يراعي الأفضل في الدين . . . فلأجل ذلك استخلف معاوية والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص مع وجود من هو أفضل منهم في أمر الدين والعلم ) ( 1 ) .

قال حذيفة - أمين سر رسول الله على المنافقين - لعمر بن الخطاب يوما عندما رأى الفجار والمنافقين يتولون المناصب الحساسة في الدولة : ( يا عمر إنك تستعين بالرجل الفاجر ) ( 2 )

وقال حذيفة نفسه مرة أخرى لعمر : ( والله يا عمر إنك تستعمل من يخون وتقول ليس عليك شئ وعاملك يفعل كذا وكذا ) ( 3 ) .

وكان عمر يعلم أن الذين يستعين بهم ويعينهم أمراء ، وولاة وقادة فجار أو منافقون أو خونة لله ولرسوله ، ولكنه كان يبرر استعماله لهم واستعانته بهم بالقول : ( نستعين بقوة المنافق وإثمه عليه ) ( 4 ) .

 

( 1 ) فتح الباري كتاب الأحكام ج 13 ص 98 .
( 2 ) كنز العمال ج 5 ص 77 .

( 3 ) راجع تاريخ الطبري ج 5 ص 31 .
( 4 ) رواه ابن أبي شيبة والبيهقي راجع كنز العمال ج 4 ص 614
 . ( * )
 
 

- ص 176 -

وهكذا وحسب هذه السياسة المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله ، ولتحذيرات الرسول المتكررة صار تأمير الفاسقين والمنافقين والفجار والاستعانة بهم هو الأصل ، وهو المبدأ العام ، فأينما وجدت هذه القوة المزعومة استعانوا بها بغض النظر عن دين صاحبها أو سابقته أو جهاده أو علمه أو ماضيه ، أو عداوته السابقة لله ولرسوله ، أو تحذير الرسول منه ، والقوة بهذا المعنى تعني الالتزام بسياسة ذلك النفر ، والولاء لهم ، وكراهية أعدائهم ، وحرمان أولئك الأعداء من كافة الوظائف العامة ! !

والكارثة حقا أن الذين يعتبرهم ذلك النفر أعداء هم آل محمد وقرابته الأدنون ومن والاهم من القلة المؤمنة ممن قامت دولة الإسلام بسيوفهم وعلى أكتافهم ! فالمقداد بن عمرو ، وسعد بن عبادة ، وعمار بن ياسر ، وأبو ذر وأمثالهم يتأخرون أو يؤخرون بحجة أن القوة لا تتوفر بهم ، ويقدم عليهم معاوية والوليد بن عتبة ( 1 ) ، وابن أبي سرح ( 2 ) ، والحكم بن العاص ( 3 ) ، ومروان ابنه ( 4 ) ، والأعور السلمي ( 5 ) ، ويعلى بن منبه ( 6 ) ، وأياس بن صبح ( 7 ) ، وطليحة بن خويلد ( 8 ) وأمثالهم .

 

( 1 ) كان يسكر علنا ، وصلى الصبح بالناس وهو سكران وكان أحد أمراء عمر ، الإصابة ج 3 ص 363 .
( 2 ) هو الذي افترى على الله الكذب بنص القرآن ، وقد أباح الرسول دمه ، تاريخ الطبري ج 5 ص 59 ، والبداية والنهاية لابن الأثير ج 8 ص 214 .
( 3 ) وثقنا في البحوث السابقة لعن الرسول للحكم بن العاص ولابنه مروان وتحذيراته منهما ومن نسلهما .
( 4 ) المصدر السابق .
( 5 ) شهد حنين مشركا ، الإصابة ج 2 ص 540 ، وأسد الغابة ج 6 ص 16 ، وقد لعنه رسول الله وكان من أشد المبغضين لعلي لكن عمر أمره وجعله على مقدمة جيش ، الإصابة ج 1 ص 541 .
( 6 ) كان يعلى من الحاقدين على علي بن أبي طالب فقد أعان الزبير في ما بعد بأربعمائة ألف عندما خرج على علي واشترى لعائشة جملها عسكر وجهز 70 رجلا من قريش ، الاستيعاب لابن عبد البر ج 6 ص 662 - 663 .
( 7 ) كان بسر بن أرطأة من أصحاب مسيلمة الكذاب أسلم وولاه عمر القضاء على البصرة ، الاستيعاب ج 1 ص 120 .
( 8 ) ادعى النبوة بعد النبي ، فأعجب به عمر وطلب من أمر الله أن يشاوروه ، البداية والنهاية ج 7 ص 130
.

 
 

- ص 177 -

لقد تجاهل ذلك النفر تحذيرات الرسول من بني أمية ( 1 )

والتاريخ الأموي الأسود فعين يزيد بن أبي سفيان قائدا عاما لجيش الشام ، ولما مات يزيد ورثه أخوه معاوية كقائد عام ووال على بلاد الشام ( 2 )

وأطلق عمر بن الخطاب يد معاوية في بلاد الشام وأعطاه الحرية الكاملة ليفعل ما يشاء ، وليجمع كما يشاء وليتصرف على الوجه الذي يريد بلا رقيب ولا حسيب فقد قال يوما لمعاوية : ( . . . لا آمرك ولا أنهاك ) ( 3 )

وكان عمر يوطد لمعاوية بين الناس فيقول أمام علية القوم وأركان دولته : ( إنه فتى قريش وابن سيدها ) ( 4 )

وكان يقول لعلية القوم : ( تذكرون كسرى وعندكم معاوية ) ( 5 )

وكان عمر يعد معاوية للخلافة ومواجهة الإمام علي في ما بعد لقد خاطب عمر أهل الشورى بقوله : ( إذا اختلفتم دخل عليكم معاوية بن أبي سفيان من الشام ) ( 6 )

وكان عمر يعرف أن معاوية يعد أهل الشام للخروج وأنه سيخرج ذات يوم فقد صرح عمر في يوم من الأيام قائلا : ( يا أهل الشام استعدوا لأهل العراق ) ( 7 ) ومع هذا لم يتعرض له عمر ، إنما تركه ليكمل استعداداته وعدته ويخرج في الوقت المناسب المتفق عليه ، وكان وراء تأمير عمرو بن العاص ليكون عونا لمعاوية ذات يوم فقد أعلن عمر أمام أركان دولته قائلا : ( لا ينبغي لأبي عبد الله - أي عمرو بن العاص - أن يمشي على الأرض إلا أميرا ) ( 8 ) وأتمها عمر على بني أمية ووضع الأساس المتين

 

( 1 ) راجع نصوص سنة الرسول التي سقناها تحت عنوان ( الرسول يحذر من الخطر الماحق ) .
( 2 ) البداية والنهاية لابن الأثير ج 8 ص 118 ، وتاريخ الطبري ج 5 ص 69 ، والاستيعاب ج 3 ص 596 ، وكنز العمال ج 13 ص 606 .
( 3 ) البداية والنهاية ج 8 ص 125 ، وتاريخ الطبري ج 6 ص 184 .
( 4 ) البداية والنهاية ج 8 ص 125 ، والاستيعاب ج 8 ص 397 .
( 5 ) تاريخ الطبري ج 6 ص 184 .
( 6 ) الطبقات الكبرى لابن سعد ج 5 ص 535 .
( 7 ) الدلائل لابن سعد وكنز العمال ج 12 ص 354 .
( 8 ) الإصابة ج 5 ص 3
. ( * )

 
 

- ص 178 -

لحكمهم عندما عهد بالخلافة لعثمان المشهور بتعصبه لهم .

ولما آلت الخلافة إلى عثمان بعهد من عمر رفع شعار ( صلة الرحم ) بدلا من شعار ( القوة ) الذي رفعه عمر ، فعمر كان يبحث عن الأقرباء حتى لو كانوا من المنافقين والفجار ليستعين بقوتهم ! ! أما عثمان فقد كان يبحث عن الأرحام ليصلها .

ومن نافذة الأرحام وبابها الواسع ، دخل الأمويون كلهم ، ودخل معهم أولياؤهم إلى ولايات الدولة ، وأعمالها ومناصبها الحساسة ، ووظائفها العامة فما من مصر من الأمصار ، وما من عمل من الأعمال إلا وواليه أموي أو موالي لبني أمية ، وكان أول الداخلين من هذا الباب عمه الحكم بن العاص طريد رسول الله وعدو الله ورسوله ، فلما تولى عثمان الخلافة أدخل الحكم بن العاص معززا مكرما ، ومع الحكم دخل ابنه مروان ، قالت عائشة لمروان : ( أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله قد لعن أباك وأنت في صلبه ( 1 ) وكان مروان من أسباب قتل عثمان في ما بعد ( 2 ) .

ومع أن مروان ملعون على لسان رسول الله ، ومع أن الرسول قد حذر منه ومن أبيه بالذات ومن ذريتهم ومن بني أمية عامة إلا أن مروان قد تدرج بمناصب الدولة حتى تولى الخلافة ولقب ( بأمير المؤمنين ) والاهم أن أولاده وأحفاده الأساس المتين لحكمهم يوم عهد عمليا بالخلافة لعثمان ، مع علمه بأن عثمان كهف الأمويين الصالح منهم والطالح ، ومع أنه قد سمع تحذيرات الرسول من بني أمية ، وتأكيدات الرسول القاطعة ( بأنهم أكثر بطون قريش بغضا لمحمد ولآل محمد ) ( 3 ) وسمع رسول أيضا وهو يتحدث عن الأمويين وعن رؤياه لهم وهم ينزون فوق منبره نزو القردة ، وأنهم

 

( 1 ) قد وثقنا ذلك مرات متعددة في البحوث السابقة راجع شذرات الذهب لابن عماد ج 1 ص 99 .
( 2 ) الإصابة لابن حجر ج 6 ص 157 .
( 3 ) المستدرك على الصحيحين للحاكم ، وحلية الأولياء ، راجع
كنز العمال ج 11 ص 169  . ( * )

 
 

- ص 179 -

الشجرة الملعونة ( 1 ) وسمع عمر رسول الله وهو يحذر من الحكم بن العاص وذريته ، ويلعنهم ، كما سمع عمر رسول الله وهو يلعن أبا سفيان ومعاوية ويزيد ( 2 ) ، وكان لعن الرسول لأبي سفيان ويزيد ومعاوية مشهورا بين المسلمين ، أنظر إلى قول محمد بن أبي بكر في رسالة لمعاوية ( . . . وأنت اللعين ابن اللعين ، لم تزل أنت وأبوك تبغيان الغوائل لرسول الله . . . ) ومع أن معاوية قد رد على رسالة محمد بن أبي بكر ردا بليغا إلا أنه لم ينف بأنه اللعين ابن اللعين على لسان رسول الله ( 3 ) . . .

ولما مات عمر بن الخطاب كانت ولايات الدولة وأعمالها ومناصبها العليا وكافة وظائفها العامة ، غاصة بأصحاب القوة من الفاسقين والمنافقين والفجار الذين استخدمهم الخليفة عمر ليستعين بقوتهم كما وثقنا قبل قليل ! ! ! قد توارثوا ملك النبوة ، مع أنه عدو لله ولرسوله ، وقد وصف مروان بن الحكم وضع دولة الخلافة بآخر أيام عثمان وصفا دقيقا حين قال لجموع الصحابة الذين احتشدوا حول دار عثمان مطالبين بالإصلاحات : ( ما شأنكم قد اجتمعتم كأنكم قد جئتم لنهب ، شاهت الوجوه ، كل إنسان آخذ بإذن صاحبه إلا من أريد ، جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا ! ! ! ارجعوا إلى منازلكم ، فإنا والله ما نحن بمغلوبين على ما في أيدينا ) ( 4 )

والخلاصة أن دولة الخلافة قد تحولت إلى ملك أموي خالص ، وأن الأمويين قد غلبوا على كل شئ ، وأن الأكثرية الساحقة من العوام مع بني

 

( 1 ) رواه الحاكم في المستدرك ج 3 ص 74 وأقره الذهبي وقال ابن كثير في البداية والنهاية رواه الترمذي وابن جرير والحاكم والبيهقي .
( 2 ) وقعة صفين ص 217 و 220 وص و 118 و 119 من وقعة صفين لنصر بن مزاحم ط القاهرة 1382 ه‍ ص 102 ، ومروج الذهب للمسعودي ط 1385 ج 3 ص 11 .
( 3 ) راجع تحذيرات الرسول التي سقناها في هذا الكتاب تحت عنوان ( الرسول الأعظم يحذر من الخطر الماحق ويكشف قادة التآمر ) وراجع كتابنا الاجتهاد بين الحقائق الشرعية والمهازل التاريخية .
( 4 ) تاريخ الطبري ج 5 ص 110
 . ( * )

 
 

- ص 180 -

أمية طمعا بنصيب مما هم غالبون عليه ، وأنه لم يبق من الإسلام السياسي إلا لقب الخليفة ( أمير المؤمنين ) وأن الولايات والأعمال والوظائف العليا والدنيا بالكامل مع بني أمية ومن والاهم ، بمعنى أن الدولة بكل مؤسساتها قد جمعت من الناحية الفعلية تحت سيطرة أعداء الله ورسوله الذين حذر منهم الرسول ! ! وأن الفئة المؤمنة مهمشة بالكامل ، وأقلية وليس لها من أمر الدولة أي شئ ! ! ولو تولى الخلافة بعد عثمان أي رجل في الدنيا غير الإمام علي بن أبي طالب لما استطاع أن يصمد في مثل هذه الظروف لأكثر من ساعة واحدة ، لأن الملك الأموي خاصة ، وسلطان المنافقين والفاسقين والفجار قد توطد نهائيا ، وألقى أجرانه في الأرض والنفوس معا ! ! واستقرت ثقافته ثقافة الانحراف في المجتمع الإسلامي الجديد ! وأصبحت هي الثقافة الرسمية التي تتبناها الدولة رسميا وتدخلها في مناهجها التربوية والتعليمية .

هذه نماذج من الطواقم التي قادت أو ساهمت بنقض أول عروة من عرى الإسلام وهي نظام الحكم ، ثم تكاتفت هذه الطواقم ، فنقضت كامل ما تبقى من عرى الإسلام .

والقاسم المشترك بين أفراد هذه الطواقم وجماعاتها ، هو كراهيتها لولاية أو رئاسة آل محمد ، فهي لا تقبل أن يتولى الخلافة أو الرئاسة العامة أي رجل من آل محمد مهما كانت مواصفاته ومؤهلاته ، ثم إن الأكثرية الساحقة من أفراد تلك الطواقم من الحاقدين على الإمام علي بن أبي طالب ، لأن الإمام عليا قد وترهم أثناء حرب الكفر مع الإيمان ، فما ولى الخلفاء واليا أو عاملا أو قائدا أو أميرا على أي مصر من الأمصار ، أو في أي عمل من الأعمال إلا وكان حاقدا على الإمام علي ، أو كارها له ، أو موتورا ، أو متصنعا ذلك ! ! لأن دولة الخلافة لم تكن تولي أعمالها إلا لموالين لها ، والكارهين لأعدائها ، والإمام علي وأهل بيت النبوة ومن والاهم يحتلون قائمة أعدائها ! ! !

- ص 181 -

ولا علم لي أن الخلفاء قد ولوا رجلا واحدا من أهل بيت النبوة أو ممن يواليهم أي عمل من الأعمال ، أو أسندوا له أية وظيفة من الوظائف العامة ! ! لقد كان أهل بيت النبوة ومن والاهم مجردين عمليا من كافة حقوقهم السياسية ومعزولين رسميا عزلا تاما ! !

كانت تلك الطواقم غير مؤهلة لقيادة الدعوة ، وغير مؤهلة أيضا لقيادة دولة إسلامية ، لأنها لا تعرف القرآن الكريم إلا مجملا ، ولا تعرف بيان النبي لهذا القرآن ، أو سنة الرسول فالقسم الأعظم من هذه الطواقم لم يتتلمذ على يد رسول الله ، بل كان يقاوم رسول الله ويحاربه ، وبقي في الجبهة المعادية لله ولرسوله وللمؤمنين حتى استسلمت قيادة تلك الجبهة ، واضطرت للتلفظ بالإسلام فأسلم هذا القسم تبعا لإسلام قيادة الشرك فكانوا يرون رسول الله في المناسبات ، أو عند أسفارهم للمدينة ، أو عند الاجتماعات العارضة ، ثم إنهم لم يقصدوا تعلم أحكام الدين ، وإن قصدوا ذلك فإن المدة المحدودة جدا التي قضوها مع الرسول لا تساعدهم على تعلم أحكام الدين فطوال 21 عاما وهم في معسكر الشرك ، الكافر بالكامل بكل ما كان يقول الرسول ، فلو افترضنا أنهم خلال السنتين المتبقيتين من عصر النبوة قد استمعوا لماما أو أحيانا لما سيقوله الرسول ، لكانت هذه المدة غير كافية لاستيعاب تجارب وعلوم ودروس 21 عاما قد ضاعت عليهم بعد نقض الترتيبات الإلهية المتعلقة بنظام الحكم ، أو بمن سيخلف النبي ، وجد هذا الطاقم نفسه مع ذلك النفر من مهاجري بطون قريش الذين قادوا عملية نقض الترتيبات الإلهية ، وبعد فترة وجدوا أنفسهم هم القادة الحقيقيون للمجتمع الإسلامي ، فكان من المفترض أن يتولى هذا الطاقم تعليم المجتمع أحكام الدين ، ولكن هذا الطاقم لا يعرف أحكام الدين المتعلقة بالحكم أو بالاقتصاد أو الاجتماع ، فكيف يعلم الناس أحكام هذا الدين من يجهلها ! !

ثم إن وجود تلك الطواقم نفسها معارض لحكم الدين ، لأن هنالك من هو أولى منها بحكم الأمة

- ص 182 -

لقد كان مؤهلها الوحيد هو انضمامها لجبهة الرافضين للترتيبات الإلهية المتعلقة بنظام الحكم ، ومعاداتها للإمام الشرعي الذي اختاره الله ورسوله ، وولاؤها للقادة الفعليين الجدد ، وكانت تلك الطواقم في قرارة نفسها تعلم أنها بحكم الغاصبة ، وأنها غير مؤهلة لقيادة مجتمع قانونه الإسلام لأنها لا تعرف ذلك القانون ، فكيف تطبق على المجتمع قانونا لا تعرفه ! ! ثم إنها لو عرفت حكم الإسلام في أمر من الأمور ، فلن تكون هذه المعرفة لصالحها ، بل ستكون دليلا على غصب هذه الطواقم حقا لغيرها ! !

ثم إن ذلك النفر من المهاجرين الذين قادوا عملية نقض أول عروة من عرى الإسلام ، لم يتم تأهيلهم تأهيلا شرعيا لرئاسة الأمة لأن الله ورسوله قد أهلا الرؤساء الشرعيين ، وذلك النفر ليس منهم فكانوا يجهلون القرآن الكريم ، ولا يعرفون إلا مجمله ، وكانوا يجهلون سنة الرسول أو بيانه لهذا القرآن ولا يعرفون إلا القليل منها ، ثم إن هذا القليل الذين يعرفونه يتحول إلى إثبات ضدهم باعتبارهم قد غصبوا ما ليس لهم ، فكانوا مضطرين لتجاهل معرفتهم لهذا القليل أو إنكار صلة هذا القليل بالله وبرسوله ! !

خذ على سبيل المثال عمر بن الخطاب ، وهو قائد ذلك الفريق ومنظره ، فإنه لم يكن يعلم أن آية ( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ . . . ) هي آية في كتاب الله لذلك سأل أبا بكر قائلا : ( هذا في كتاب الله ؟ فقال له أبو بكر نعم ، فسكت عمر ) ( 1 ) واعترف بنفسه بأن الجميع أفقه منه ، وأن العامة وحتى النساء يعرفون أكثر مما يعرف ، وللتغطية على هذا ، فقد كان يعاقب كل مسلم يسأله أو يسأل ولاته أسئلة دينية لا يعرفون جوابها ! ! فكان يضرب السائلين من المسلمين حتى يشرفوا على الموت ! ! ثم يأمر بعزلهم عن الناس ، وعدم مجالستهم ! ! فسؤال المسلم عن معاني آيات في القرآن الكريم ، مثل آية : ( الْجَوَارِ الْكُنَّسِ )

 

( 1 ) الطبقات لابن سعد ج 2 ف 2 ص 54 ، وتاريخ الطبري ج 1 ص 1817 - 1818 ، وابن كثير ج 5 ص 243 ، والسيرة الحلبية ج 3 ص 392 ، وابن ماجة الحديث 1627  . ( * )

 
 

- ص 183 -

أو ( وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ) أو ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) . . . تعتبر جرائم كبرى . . . ( 1 ) .

وعندما لم يتمكن الخليفة من معاقبة السائل عن أمور لا يعرفها بسبب الظروف عندئذ يهز العصا في وجه السائل ثم يقول له : ( هذا تكلف ! ! فما عليك إذا لم تعرف الجواب ! ! ما ستخسر إن لم تعرف جواب هذا السؤال . ( قرأ عمر على المنبر آية ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) فسأله رجل من المسلمين عن معنى الأب ، فنفض عمر عصا كانت في يده ثم قال : ( هذا لعمر الله هو التكلف فما عليك أن لا تدري ما الأب ! ؟ اتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به ، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه ) ( 2 ) .

وفي رواية أخرى أن عمر قد قال للسائل أو للسائلين : ( دعونا من هذا آمنا به كل من عند ربنا ) ( 3 ) .

ويبدو أن عمر قد ضمرها لمن سأله أو سألوه عن معنى هذه الآية وهو على المنبر ، ذات يوم هم بمعاقبتهم روى السيوطي : أن رجلا سأل عمر عن قوله : ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) فلما رآهم يقولون أقبل عليهم بالدرة ( 4 ) .

والخلاصة أن ذلك النفر من المهاجرين الذي قاد عملية نقض أول عروة من عرى الإسلام وهي نظام الحكم ، ثم استلم الخلافة بالقوة والتغلب لم يكن محيطا بالقرآن ، ولا ببيان النبي لهذا القرآن ، ولا محيطا بسنة الرسول لأن أي واحد منهم لم يؤهله الله ولا رسوله للرئاسة العامة ، ولم

 

( 1 ) راجع سنن الدارمي ج 1 ص 54 ، وكنز العمال ج 2 ص 331 وج 11 ص 296 ، والدر المنثور ج 2 ص 7 وج 3 ص 161 وج 6 ص 111 ، وإكمال الدين ج 5 ص 221 وج 6 ص 206 ، وتدوين القرآن لأبي محمد الشيخ علي الكوراني ص 209 وما فوق ، لتقف على قضية ضبيع التميمي وما لحقه من ظلم وما أصابه من عذاب نتيجة ارتكابه لبعض هذه الجرائم .
( 2 ) السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 317 ، وتدوين القرآن ص 225 .
( 3 ) المستدرك للحاكم ج 2 ص 390 ، وتدوين القرآن ص 225 .
( 4 ) الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 317
. ( * ) .

 
 

- ص 184 -

يعده لها فكان من الطبيعي بأن لا يتمكن أي واحد منهم من القيام بأعباء ومسؤوليات ومهام الرئاسة العامة قياما شرعيا ، كذلك فإن الطواقم التي استعان بها ذلك النفر كانت إما من حديثي العهد بالإسلام ، أو من أعداء الله ورسوله السابقين وهم بالضرورة يجهلون أحكام الإسلام ويجهلون أو يتجاهلون تاريخ الإسلام المجيد . فكان من الطبيعي أن لا يتمكن ذلك النفر ولا تلك الطواقم من تطبيق الإسلام ، لأنهم لا يحيطون به ! !

وكان من الطبيعي أيضا أن يفشل ذلك النفر بقيادة دولة الإسلام ودعوته قيادة شرعية ، وكان من الطبيعي أن تحل عرى الإسلام كلها بهذا المناخ عروة بعد عروة ، بقصد أو بدون قصد ، وكان من الطبيعي أن تنتشر الجهالة في الإسلام الحقيقي وبتاريخه المجيد ، وأن تسود ثقافة الانحراف المقصود أو غير المقصود فكيف نطلب من معاوية مثلا أن يطبق أحكام الإسلام في بلاد الشام وأن يعرف أهل الشام بالإسلام وتاريخه ، ومعاوية نفسه لا يعرف هذه الأحكام وليس من مصلحته ، ولا من مصلحة ولايته ولا من مصلحة الدولة التي يمثلها أن يفهم أهل الشام تاريخ الإسلام الحقيقي ، فلو عرف أهل الشام أن معاوية وأبوه وأخوه وأقاربه هم الذين قادوا جبهة الشرك ضد رسول الله قبل الهجرة ، وحاربوه بعد الهجرة ، وألبوا العرب عليه ، ولم يلقوا السلاح حتى اضطرهم رسول الله إلى الاستسلام ، هنالك تلفظوا بكلمة الإسلام ، لو عرف أهل الشام ذلك لطردوا معاوية ، ولما قبلوا بولايته ، لذلك صار من مصلحة معاوية ومن مصلحة الدولة التي يمثلها معاوية أن يجهل أهل الشام تاريخ الإسلام ، وتاريخ بنائه ، وأن يجهلوا أحكامه .

- تساءل أحدهم : ابن من أبو تراب هذا الذي يلعنه الإمام معاوية على المنبر ، فأجابه أحد السامعين من أهل الشام ( أراه لصا من لصوص الفتن ) ! !

- روى المسعودي قال : كنا نقعد نتناظر في أبي بكر وعمر وعلي ومعاوية ونذكر ما يذكره أهل العلم ، وكان قوم من العامة يأتون فيستمعون .

- ص 185 -

منا ، فقال لي ذات يوم أحدهم ، وكان من أعقلهم وأكبرهم لحية : كم تطنبون في علي ومعاوية وفلان وفلان ؟ قلت : ما تقول أنت في ذلك ؟ قال : من تريد ؟ قلت : علي ما تقول فيه ؟ فقال : أليس هو أبو فاطمة ؟ قلت : ومن كانت فاطمة ؟ قال : امرأة النبي ابنة عائشة أخت معاوية ، قلت : فما كانت قصة علي ؟ قال : قتل في غزوة حنين مع النبي ( 1 )

لقد صلى معاوية الجمعة بأهل الشام يوم الأربعاء ! ! وقال لأهل الشام أن علي بن أبي طالب هو الذي قتل عمار بن ياسر ! ! وعلمهم أن لعن علي بن أبي طالب سنة وعبادة يجب أن ينشأ عليها الصغير ويهلك عليها الكبير ( 2 )

وصدقه أهل الشام وهم يعتقدون أن هذا هو الإسلام ! ! ، كان المسلمون يصلون في صلاتهم على محمد وآل محمد في الوقت نفسه الذي كانوا فيه يسبون ويلعنون عميد آل محمد ! !

إنها ثقافة الانحراف التي جاءت كنتيجة حتمية وطبيعية لحل أول عروة من عرى الإسلام وهي نظام الحكم ، ثم تداعت الأمور وانجلت تبعا لها كافة عرى الإسلام عروة بعد عروة .

 

( 1 ) راجع مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 39 - 41 ، وكتابنا نظرية عدالة الصحابة ص 78 .
( 2 ) راجع أمر معاوية لأهل الشام وسكان مملكته بضرورة شتم الإمام ولعنه في صحيح مسلم ج 2 ص 360 ، وصحيح الترمذي ج 5 ص 301 - 380 ، والمستدرك للحاكم ج 3 ص 109 ، وكتابنا نظرية عدالة الصحابة ص 67
 . ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net