متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الخطوة الثالثة : توزيع الأدوار
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

الخطوة الثالثة توزيع الأدوار

من اللحظة التي قعد فيها رسول الله على فراش الموت ، استنفر ذلك النفر قاعدتهم الشعبية ، وقامت قيادتهم بتحديد الخطوات اللازمة للاستيلاء على منصب الخلافة بالقوة .

 1 - تحديد ساعة الصفر أو الاعلان عن وجود انقلاب على الشرعية الإلهية : قدر ذلك النفر أن أفضل وقت لتنفيذ الانقلاب هو الفترة الواقعة ما بين وفاة النبي وبين دفنه ، حيث يكون الإمام الشرعي وأهل بيت النبوة والفئة القليلة المؤمنة مشغولين بتجهيز الرسول لمواراته في ضريحه المقدس فإذا نجح الانقلابيون بتنصيب خليفة خلال هذه الفترة فسيواجهون الإمام الشرعي وآل محمد والفئة القليلة المؤمنة بأمر واقع لا طاقة لهم على دفعه ، وهذا ما حدث بالفعل ، فلم يشارك ذلك النفر بتجهيز الرسول ولا شاركوا بدفنه مع أن أبسط حقوق الرسول على ذلك النفر هو المشاركة بالتجهيز والدفن خاصة وأن أبا بكر وعمر قد نالا شرف مصاهرة الرسول .

قال ابن سعد : ( ولي وضع الرسول في قبره هؤلاء الرهط الذين غسلوه العباس وعلي ، والفضل وصالح مولاه ( وخلى أصحاب رسول الله بين رسول الله وأهله فولوا أجنانه ) ( 1 ) .

 

( 1 ) الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 70 ، وكنز العمال ج 4 ص 54 و 60 ، ومعالم المدرستين ج 1 ص 121  . ( * )

 
 

- ص 215 -

وقال ابن عبد ربه : ( دخل القبر علي والفضل وقثم أبناء العباس وشقران مولاه ويقال أسامة بن زيد وهم تولوا غسله وتكفينه وأمره كله ) ( 1 ) . وأن أبا بكر وعمر لم يشهدا دفن الرسول ( 2 ) .

قالت عائشة : ما علمنا بدفن الرسول حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل ليلة الأربعاء ( 3 ) والقوم مجمعون على أن رسول الله قد مرض في حجرة عائشة وتوفي فيها ، ومع هذا فإن عائشة لم تعلم بدفن الرسول لأنها كانت مشغولة كأبيها وكعمر بمصلحة المسلمين وتنصيب خليفة مناسب غير الخليفة الذي اختاره الله ورسوله ! !

قال ابن سعد : ( ولم يله إلا أقاربه ، ولقد سمعت بنو غنم صريف المساحي حين حضر ، وأنهم لفي بيوتهم ) ( 4 ) .

هذه الروايات رواها أولياء الخلفاء وهي تدل ضمنا وصراحة على أنهم قد تركوا رسول الله جنازة في أيدي أهله وأقاربه ، وذهبوا ليستولوا على ملك النبوة ، ويتقاسموه في غياب أهله الشرعيين ويضعوا المسلمين أمام أمر واقع ، فإذا كان هذا تعاملهم مع الرسول شخصيا فكيف يتعاملون مع سنته ! !

 2 - تقسيم أنصار ذلك النفر على شكل سرايا كل سرية لها مهمة محددة ! !
 أ - قسم يبقى في المسجد وحوله ، ليكون قرب آل محمد ، يراقب تحركاتهم وينتظر اللحظة التي يأتي بها الخليفة الجديد ، فيستقبلونه مجرد

 

( 1 ) العقد الفريد ج 3 ص 63 ، وقريب منه تاريخ الذهبي ج 1 ص 321 و 324 و 326 .
( 2 ) كنز العمال ج 3 ص 140 .
( 3 ) سيرة ابن هشام ج 4 ص 344 ، وتاريخ الطبري ج 2 ص 452 و 455 وط أوروبا ج 1 ص 1833 و 1837 ، وابن كثير ج 5 ص 270 ، وابن الأثير في أسد الغابة ج 1 ص 34 ترجمة الرسول ، ومعالم المدرستين ج 1 ص 121 .
( 4 ) الطبقات الكبرى لابن سعد ج 1 ص 121
 . ( * )

 
 

- ص 216 -

وصوله ، ويبايعونه أمام آل محمد ، بعفوية وبدون اعتراض ، وكأن هذه البيعة طبيعية ، وكأن هذا القسم لا يعرف شيئا عن المؤامرة والانقلاب ! ! وبالفعل عندما جاء الخليفة الجديد نهضت هذه المجموعة لاستقباله فقال عمر بن الخطاب : ( ما لي أراكم حلقا شتى ، قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار ) ( 1 ) .

وكأن كلام عمر ( مسحة رسول ) فقام عثمان بن عفان والأمويون فبايعوا الخليفة الجديد ، وقام سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بني زهرة فبايعوا الخليفة الجديد ، ولم يبق من ذلك الجمع لم يبايع إلا علي بن أبي طالب والعباس ومن معهما والزبير بن العوام الذي انضم لهما ( 2 ) وهكذا عزل الهاشميون وآل محمد كما خطط الانقلابيون ونجح القسم الذي وضع في المسجد وحوله بأداء دوره على أكمل وجه ! ! !

 ب - قسم آخر يتحرك إلى منطقة الأنصار ، ويتجمعون في سقيفة بني ساعدة كأنهم زوار لسعد بن عبادة الذي كان مريضا وطريح الفراش بإجماع كل المؤرخين ، ومهمة هذا القسم أن ينتظر قدوم قادة الانقلاب ، وأن يشترك بالحوار وكأنه لا علم له بما دبروا ، حتى إذا ما نجح قادة الانقلاب بجر الحاضرين إلى الخوض في حديث من يخلف النبي ، أمسكوا بالحديث فتابعوه حتى يتم تنصيب الخليفة المتفق عليه وهو أبو بكر ، عندئذ ينهض أفراد هذا القسم ويبايعوا أبا بكر كأول خليفة للنبي ، فيذهل الحاضرون من غير الانقلابيين ، ويجدون أن من الحكمة مبايعة الخليفة الجديد باعتباره واقعا ، وحتى يشركهم في ما بعد بالمنافع والأدوار ، ويحافظوا على مصالحهم باعتبار أن هذه الخليفة هو رأس الحكومة الواقعية ! !

 

( 1 ) الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 ص 11 ، وكتابنا المواجهة ص 517 .                   ( 2 ) الإمامة والسياسة ج 1 ص 11  . ( * ) .

 
 

- ص 217 -

 3 - افتعال اجتماع سقيفة بني ساعدة : في وقت يطول أو يقصر سيكتشف المسلمون بإن اجتماع سقيفة بني ساعدة كان مفتعلا وقد حوله الانقلابيون من مجرد اجتماع لزوار عند مريض إلى اجتماع سياسي وقد أثبتنا ذلك ( 1 )

فسعد بن عبادة كان مريضا بالإجماع ، وقاعد على فراش المرض في منزله المجاور لسقيفة بني ساعدة ، ولأن سعد سيد الخزرج بلا كلام فمن الطبيعي أن تأتي وجوه الخزرج لعيادته والاطمئنان على صحته ، ومن الطبيعي أن يتعرض الزوار في حديثهم العادي لوفاة الرسول ، والفراغ الذي سيتركه ، وفجأة حضرت الأوس المتفقة مع قادة الانقلاب ، والمحصورة مهمتها بمبايعة الخليفة في اللحظة المناسبة عند ترشيحه من قبل قادة الانقلاب ، وليس في حضور الأوس أو جزء كبير منهم أو حتى مجموعة من الأوس لزيارة سعد بن عبادة ما يثير الريبة ، فسعد مريض وعيادة المريض وزيارته مرغوبة في الجاهلية والإسلام ، وهذه الزيارة من حيث الظاهر مبادرة نبيلة من الأوس .

لقد جلس الجميع واطمأنوا على صحة المريض سعد بن عبادة ومن غير المستبعد أن الجميع قد تطرقوا إلى عصر ما بعد النبوة ، ويجمع المؤرخون أن الحضور قد قالوا لسعد بن عبادة أن الأمر لك ، فما كنت فاعلا فلن نعصي لك أمرا ، بمعنى أن سعد بن عبادة يتولى توجيه الأنصار إلى ما يمكن عمله وكيف يتم ذلك ، وليس المقصود تولية سعد خليفة على المسلمين ، فلو أن المقصود تولية الخلافة لسعد لبايعه الحاضرون خليفة ، ولوضعوا المسلمين تحت أمر واقع كما فعل الانقلابيون ! ! لكن سعد لا يقبل ذلك ، ولا يقبل الخزرج ذلك ولا تقبل الأوس ذلك أيضا ، لأن الأنصار كانت تعرف أن الرسول قد استخلف الإمام علي بن أبي طالب ، وطوال عهد الرسول المبارك وهو يؤكد هذه الحقيقة وقبل شهرين من وفاته نصبه الرسول وتوجه إماما للمسلمين في غدير خم وبايعه المسلمون وقدموا له التهاني بحضور الرسول ، كأن مسألة خلافة النبي محسومة ومعروفة

 

( 1 ) راجع كتابنا نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام ص 311 وما فوق . ( * )

 
 

- ص 218 -

عند الجميع خاصة الأنصار ، وحتى بعد أن نجح الانقلابيون بتنصيب خليفة في سقيفة بني ساعدة قالت الأنصار " لا نبايع إلا عليا أو قال بعض الأنصار : " لا نبايع إلا عليا " ( 1 ) وعلى غائب ، لأن عامة المهاجرين والأنصار كانوا لا يشكون بأن عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله ( 2 ) ولكن كان من الطبيعي أن ينشرح خاطر سعد مما عرضته الأوس حول تنسيق المواقف إن العرض غريب ومدهش ، لكن تقبله سعد ، وتقبلته الخزرج بحسن نية وبارتياح ، لأن الخزرج كانت خالية الذهن تماما من موضوع الانقلاب ، ومن تواطؤ أعداد كبيرة من الأوس فيه ! ! .

 4 - حضور أبي بكر وعمر وأبي عبيدة : بينما كان الزوار مجتمعين في منزل سعد بن عبادة حضر أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ، كان حضورهم مستهجنا من جميع الوجوه فهم أصهار الرسول ، وقد جرت العادة أن يساعد الأصهار أهل الميت بتجهيزه ودفنه ، إن ترك الثلاثة لرسول الله يثير الدهشة والاستغراب لكن سعد والخزرج تصوروا لأول وهلة أن زيارة الثلاثة تعبير عن المحبة والتقدير لسعد ، ولفتة نبيلة تجاه الخزرج ، وأن الزيارة لوجه الله تعالى ! ولم يعلم سعد ، ولا علمت الخزرج ساعتها أن الثلاثة اختاروا هذا المكان وهذا التجمع بالذات لينصبوا خليفة بديلا للخليفة الذي اختاره الله ورسوله ! ! .

من الطبيعي أن ينهض الجميع أو يفسحوا المجال على الأقل للزوار الثلاثة ثم يجلس الجميع ، من الذي وصل الحديث ! ! من الذي بدأ الحديث ! ! كيف تطور الحديث عن خلافة النبي المحسومة ! لا أحد يعلم ذلك على وجه اليقين ، لم تعد الروايات التاريخية التي " هندستها " وسائل إعلام دولة الخلافة التاريخية مقبولة عقليا ولا قادرة على الوقوف أمام أي تحليل منطقي ! ! .

 لكن المؤكد أن اجتماع السقيفة بالمعنى الذي تقدمه وسائل إعلام الخلافة التاريخية كان

 

( 1 ) تاريخ الطبري ج 3 ص 120 وط أوروبا ج 1 ص 1818 ، وابن الأثير ج 2 ص 23 .
( 2 ) تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 103 ، والموفقيات للزبير بن البكار ص 579 و 580
 . ( * )

 
 

- ص 219 -

مفتعلا ، وأنه لم يكن بالأصل اجتماعا سياسيا لغاية انتخاب خليفة من الأنصار كما يزعمون ! ! وأن الثلاثة وأعوانهم هم الذين استغلوا وجود بعض الناس عند سعد بن عبادة ، وحولوا ذلك الاجتماع إلى اجتماع سياسي لغاية تنصيب الخليفة بديل للخليفة الذي نصبه الله ورسوله ، ومواجهة آل محمد وصاحب الحق الشرعي وكافة المسلمين بأمر واقع لا طاقة لهم على دفعه إلا بالقتال وتفريق وحدة المسلمين ! ! .

 5 - الثلاثة وأعوانهم يتجاهلون بالكامل الإمام الذي اختاره الله ورسوله ليخلف الرسول : بعد أن نجح الثلاثة وأعوانهم بتحويل الاجتماع عند مريض إلى اجتماع سياسي ، تجاهلوا بأن الرسول قد عين خليفة ، وتجاهلوا سنة الرسول التي نظمت عصر ما بعد النبوة ، وتجاهلوا نظام الحكم في الإسلام وانطلقوا من نقطة الصفر قافزين عن كل الأحكام الشرعية التي أعلنها النبي ، فقال أبو بكر للحاضرين ، نحن عشيرة الرسول . . . وقال عمر : " إن العرب لا ينبغي أن تولي هذ الأمر إلا من كانت النبوة فيهم من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته " ( 1 ) وقال أبو عبيدة : " يا أيها الأنصار كنتم أول من نصر وآزر فلا تكونوا أول من بدل وخالف " ( 2 ) .

أنت تلاحظ أن الثلاثة كانوا يحتجون بحجة أهل بيت النبوة ، ويتصرفون كأن الرسول لم يعالج هذا الموضوع ، لقد فهم الأنصار أن الثلاثة يريدون أن ينصبوا خليفة ، ويضعوا الناس أمام أمر واقع ، فقالت الأنصار أو قال بعض الأنصار : " لا نبايع إلا عليا " ( 3 ) وكان علي غائب ، وقال المنذر بن الأرقم : " إن

 

( 1 ) راجع الإمامة والسياسة ص 6 ، وتاريخ الطبري حوادث سنة 11 .
( 2 ) المصدر السابق .
( 3 ) تاريخ الطبري ج 3 ص 208 وط أوربا ج 1 ص 1818 ، وابن الأثير ج 2 ص 123 وشرح النهج ج 2 ص 265
 . ( * )

 
 

- ص 220 -

فيكم لرجلا لو طلب هذا الأمر لم ينازله أحد " يعني علي بن أبي طالب ( 1 ) .

تجاهل أبو بكر ما قالته الأنصار فقال : " هذا عمر وهذا أبو عبيده بايعوا أيهما شئتم ، فقال عمر ما لأبي بكر أبسط يدك أبايعك ، وكثر اللغط وكثر الاختلاف ، أهل الشرعية من الأنصار يقولون لا نبايع إلا عليا والثلاثة يريدون أبا بكر والمندسون يترقبون الفرصة .

لما رأى بشير بن سعد أن الثلاثة لم يقبلوا بولاية علي أدرك أن البيعة لأحدهم واقعة لا محالة ، فأراد أن يكون له السبق فقال إن محمدا من قريش وأهله أحق بميراثه وتولي سلطانه . . . ثم قفز وبايع أسيد بن حضير ومن حضر من الأوس ، وحتى ينال الخزرج جزاءا من هذا الشرف ولا يأخذه الأوس وحدهم بايع أكثرية من حضر . . . " ( 2 ) .

 6 - استقدام المرتزقة من الأعراب : استقدم الانقلابيون أعدادا كبيرة من الأعراب ، وطلبوا منهم أن يتواجدوا في الوقت الذي حدوده قرب بيت سعد بن عبادة ، فجاءت قبيلة أسلم قال الطبري : " إن أسلم أقبلت بجماعة حتى تضايق بهم السكك فبايعوا أبا بكر " ( 3 )
قال عمر بن الخطاب في ما بعد : " ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر " ( 4 )
قال عمر هذا الكلام وهو في سقيفة بني ساعدة ، وهو بحاجته ماسة إلى مؤيدين ينتصر بهم على سنة الرسول وعلى صاحب الحق الشرعي ! ! .

فكيف عرف أن هذه القبيلة التي لا تسكن المدينة ستكون من المؤيدين له ! إن لم تكن هنالك علاقة أو اتفاق

 

( 1 ) تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 103 ، والموفقيات للزبير بن البكار ص 579 .
( 2 ) راجع التفصيلات في الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 ص 5 وما فوق .
( 3 ) تاريخ الطبري ج 2 ص 458 وطبعة أوروبا ج 1 ص 1833 ، وابن الأثير ج 2 ص 224 ، والزبير بن بكار برواية ابن أبي الحديد ج 6 ص 287 .
( 4 ) تاريخ الطبري ج 3 ص 458 وط أوروبا ج 1 ص 1843
 . ( * )

 
 

- ص 221 -

مسبق معها ، ثم ما هي مصلحة هذه القبيلة باندفاعها الذي وصل إلى درجة التهور في تأييدها لذلك النفر ! !
قال ابن الأثير فجاءت أسلم فبايعت ( 1 )
وقال الزبير بن البكار : " فقوي بهم أبو بكر " ( 2 )
وقال المفيد : " إن القبيلة كانت قد جاءت لتمتار من المدينة " ( 3 )

لقد حسمت الأعراب الموقف وأجبرت المترددين على الاعتراف بالأمر الواقع ، وهذا ليس وليد صدفة ، إنما كان ثمرة تخطيط اتفاق مسبق ! ! .

 7 - زفة الخليفة الجديد : بايع أبا بكر الانقلابيون من المهاجرين والطلقاء والأنصار والمنافقين والمرتزقة من الأعراب في سقيفة بني ساعدة ، وبعد أن تمت بيعتهم له أحاطوا به وزفوه زفا إلى المسجد ( 4 ) ولما وصل موكب الخليفة الجديد المسجد استقبله الأمويون برئاسة عثمان بن عفان فبايعوا ، وبنو زهرة برئاسة سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف فبايعوا ، وتبعا لهم بايعت بطون قريش باستثناء بني هاشم والزبير وخالد بن سعيد الأموي ، وهكذا واجه الانقلابيون الأمة بأمر واقع لا سبيل إلى دفعه ، إلا برجوعهم إلى الحق وهذا غير وارد فلو أرادوا الحق لما خرجوا منه ، أو بحرب غير متكافئة تفرق وحدة المسلمين .

 8 - توقع الخليفة الجديد وأعوانه المباركة الفورية من آل محمد عامة ومن صاحب الحق الشرعي خاصة : بعد ما نصب الانقلابيون الخليفة الجديد وحشدوا ذلك الحشد الهائل من الأتباع والأعوان ومن أعداء الله ورسوله وواجهوا صاحب الحق الشرعي وآل محمد بهذا الواقع المر ، توقع الخليفة الجديد وأعوانه بأن يسكت صاحب الحق الشرعي ، وأن يسكت أهل بيت

 

( 1 ) ابن الأثير ج 2 ص 224 .
( 2 ) شرح النهج ج 6 ص 287 .
( 3 ) الجمل للمفيد ص 43 .
( 4 ) الموفقيات ص 578 ، والرياض النضرة للطبري ج 1 ص 164 ، وتاريخ الخميس ج 1 ص 188
 . ( * )

 
 

- ص 222 -

النبوة وأن يبادروا على الفور للاعتراف بهذه الأمر الواقع وإن يبادروا إلى مبايعة الخليفة الجديد خاصة وأنه قد استعرض قواته أمام بيت العزاء ! !

لكن ما توقعه الانقلابيون لم يحدث ولم يتقدم الإمام علي بن أبي طالب ولا أحد من بني هاشم إلى مبايعة الخليفة الجديد أو إظهار الاعتراف بالأمر الواقع بل اعتبروه عملا غير شرعي بل ومعدم شرعا ! ! كذلك فقد توقع الخليفة وأعوانه أن تتقدم الفئة القليلة المؤمنة فتبايعه ، وتبارك له وتعترف بالأمر الواقع ، وتتناسى كل ما قاله رسول الله ! ! ولكن ذلك لم يحدث ، فقد رفضت القلة المؤمنة الاعتراف بالأمر الواقع ، وبالوضع الجديد ! !

قال عمر بن الخطاب في ما بعد : " وإنه كان من خبرنا حين توفي نبينا أن عليا والزبير ومن معهما - سلمان الفارسي ، وعمار بن ياسر والبراء بن عازب وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وأبي بن كعب - تخلفوا عنا في بيت فاطمة ( 1 ) .

 

( 1 ) مسند أحمد ج 1 ص 55 وتاريخ الطبري ج 2 ص 466 وط أوروبا ج 1 ص 1822 ، وابن الأثير ج 2 ص 124 ، وابن كثير ج 5 ص 246 ، وابن أبي الحديد ج 1 ص 123 ، وتاريخ السيوطي ص 145 ، وسيرة ابن هشام ج 4 ص 328 ، وتيسير الوصول ج 2 ص 41 ، وتاريخ الخميس ج 1 ص 188 ، وتاريخ أبي الفداء ج 1 ص 156 ، وابن شحنة بهامش الكامل ص 112  . ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net