متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
المواجهة مع صاحب الحق الشرعي ومع آل محمد والقلة المؤمنة
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

المواجهة مع صاحب الحق الشرعي ومع آل محمد والقلة المؤمنة

تأثر أبو بكر ونائبه والانقلابيون من فعلة الإمام علي وآل محمد والقلة المؤمنة ومن تلكئهم عن بيعته وعدم اعترافهم بالأمر الواقع ، فأرسل أبو بكر عمر بن الخطاب وقال له : " إئتني به بأعنف العنف " ( 1 ) فجاء عمر وجرى بينه وبين الإمام حديث ( 2 ) فقال الإمام علي لعمر : " والله ما حرصك على إمارته اليوم إلا ليؤثرك غدا " ( 3 ) أو قال له : " إحلب حلبا لك شطره واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا " ( 4 ) فعلي بن أبي طالب يعلم علم اليقين بأن أبا بكر سيستخلف عمر بن الخطاب .

ومن الطبيعي أن تنتهي المناقشة عند هذا الحد ومن الطبيعي أن لا يجرؤ عمر على الاصطدام مع الإمام علي دون وجود قوة كافية تحميه من الإمام ، لأن عمر ليس من رجال علي ، ولا يجيد القتال ، فخرج عمر ثم عاد ومعه قوة من جيش الخليفة الجديد ، فيهم أسيد بن حضير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وزياد بن لبيد وزيد بن ثابت ، وسلمة بن أسلم ، وخالد بن الوليد ، وثابت بن قيس ، وسلمة بن سالم بن

 

( 1 ) أنساب الأشراف ج 1 ص 587 .
( 2 ) أنساب الأشراف ج 1 ص 587 .

( 3 ) أنساب الأشراف ج 1 ص 587 .
( 4 ) الإمامة والسياسة ص 11 - 12
 
 

- ص 224 -

وقش ( 1 ) ومعهم طائفة من مرتزقة الأعراب بهدف إخراج الإمام علي وال محمد ومن عندهم من المؤمنين المعزين ليبايعوا أبا بكر ، أو ليدخلوا في ما دخلت فيه الأمة على حد تعبير عمر بن الخطاب ، وقال أبو بكر لعمر قائد تلك السرية : " وإن أبوا فقاتلهم " ( 2 ) ومع أن الفارق العددي بين السرية وبين الذين في منزل الإمام كبير جدا ، فقد رأى عمر بن الخطاب أن حرق البيت على من فيه هو الأسلم والأضمن ، فإن استسلم الإمام ومن معه كان به ، وإن أبوا الخروج ومبايعة الخليفة الجديد ، يتم حرقهم وهم أحياء ! ! وهكذا يتجنب عمر بن الخطاب ومن معه مواجهة الإمام ! ! لذلك صمم على عدم المواجهة مع الإمام وحرق البيت على من فيه .

أقبل عمر ومعه قبس من النار ليضرم النار على من في البيت ، فلقيته فاطمة بنت الرسول فقالت له : يا بن الخطاب أجئت لتحرق دارنا ؟ فقال لها عمر : نعم أو تدخلوا في ما دخلت فيه الأمة ! ! ( 3 ) .

قال البلاذري : فتلقته فاطمة على الباب فقالت له : " يا بن الخطاب أتراك محرقا علي بابي ؟ فقال عمر : نعم " ( 4 ) .

قال اليعقوبي : فأتوا في جماعة حتى هجموا على الدار وكسروا سيف علي ودخلوا الدار ( 5 ) .

قال الطبري : أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير

 

( 1 ) تاريخ الطبري ج 2 ص 443 - 444 ، وأبو بكر الجوهري في كتابه السقيفة حسب رواية ابن أبي الحديد ج 1 ص 130 - 134 .
( 2 ) تاريخ ابن شحنة ج 11 ص 113 بهامش الكامل وشرح النهج ج 1 ص 134 .
( 3 ) العقد الفريد لابن عبد ربه ج 3 ص 64 ، وتاريخ أبي الفداء ج 1 ص 156 .
( 4 ) أنساب الأشراف للبلاذري ج 1 ص 586 ، وكنز العمال ج 3 ص 140 ، والرياض النضرة للطبري ج 1 ص 167 ، والسقيفة للجوهري برواية ابن أبي الحديد ج 1 ص 132 وج 6 ص 2 ، وتاريخ الخميس ج 1 ص 178 ، وشرح النهج ج 1 ص 134 .
( 5 ) تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 105
 . ( * )

 
 

- ص 225 -

ورجال من المهاجرين ، فخرج عليهم الزبير مصلتا سيفه فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه ( 1 ) .

هكذا فعلوا بال محمد في اليوم الثاني لوفاة الرسول ! ! ومن المؤكد أن الحضور قد جاؤوا للتعزية والمواساة ، وقسم منهم كان قد بايع الخليفة ، لكنها القوة الغاشمة ! ! والشروع بحرق بيت فاطمة بنت رسول الله على من فيه من آل محمد ومن المعزين من الحقائق الثابتة في التاريخ ، فقد رواها جمع كبير من الناس يمتنع عقلا اجتماعها على الكذب ، وكانت من الثبوت والقوة بحيث لم يجرؤ أحد من الناس على إنكارها وقد أجمع المؤرخون على ذكرها وتأكيد وقوعها والظروف التي أدت إليها ( 2 ) .

وقد اعتبرها بعض الشعراء من مفاخر ومناقب عمر ابن الخطاب ، قال شاعر النيل حافظ إبراهيم :

وقولة لعلي قالها عمر * أكرم بسامعها أعظم بملقيها
حرقت دارك لا أبقي عليك بها * إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان
غير أبي حفص يفوه بها * أمام فارس عدنان وحاميها

ولكن غاب عن شاعر النيل ، أنه لم يكن بوسع عمر أن يفعل ذلك لو لم يكن مدعو ما بجيش يعد بالآلاف ، في الوقت الذي كان فيه الإمام يقف وحيدا لقد قدر الإمام علي والسيدة الزهراء أن القوم جادون بعزمهم على حرق البيت

 

( 1 ) تاريخ الطبري ج 3 ص 443 و 444 وطبعة أوربا ج 1 ص 1818 و 1820 و 1822 ، وعبقرية عمر للعقاد ص 173 ، والرياض النضرة للطبري ص 167 ، وتاريخ الخميس ج 1 ص 188 ، وشرح النهج ج 1 ص 122 و 123 وج 6 ص 2 ، وكنز العمال ج 3 ص 128 .
( 2 ) راجع الرياض النضرة للطبري ج 1 ص 167 ، والسقيفة للجوهري ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ج 1 ص 132 وج 6 ص 293 ، وتاريخ الخميس ج 1 ص 188 ، وتاريخ اليعقوبي ، وتاريخ ابن شحنة ص 113 بهامش الكامل لابن الأثير ج 11 ، وشرح النهج ج 1 ص 4 ، والعقد الفريد لابن عبد ربه ج 3 ص 64 ، وتاريخ أبي الفداء ج 1 ص 156 ، وأنساب الأشراف للبلاذري ج 1 ص 586 ، وكنز العمال ج 3 ص 140 ، ومروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 100
 . ( * )

 
 

- ص 226 -

على من فيه إن لم يخرجوا ، وإن أحرقوا البيت على من فيه فستنقطع ذرية النبي ، وسيباد آل محمد عن بكرة أبيهم وسيقسم ظهر الفئة القليلة المؤمنة ولن يبقى للحق شهود ، لذلك آثر الإمام أن يعارض معارضة سلمية ، لا تضطر القوم لقتله ، لذلك خرج الإمام وآل محمد والمعزون ، وانقضت السرية على الإمام والذين آمنوا ، وحملوا الإمام إلى أبي بكر ، فقيل له بايع ، فقال الإمام أمام الجميع : " أنا أحق بهذا الأمر ، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله فأعطوكم المقادة ، وسلموا لكم الإمارة ، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار ، فأنصفونا إن كنتم مؤمنين ، واعرفوا لنا من الأمر مثلما عرفت الأنصار لكم ، وإلا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعرفون " .

قال أبو عبيدة : " يا أبا الحسن إنك حديث السن ، وهؤلاء مشيخة قومك . . . ولا أرى أبا بكر إلا أقوى منك على هذا الأمر . . . فسلم له وارض به . . . " .

فقال الإمام علي : " يا معشر المهاجرين ، الله الله لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم أما كان منا القارئ لكتاب الله ، الفقيه لدين الله ، العالم بالسنة ، المضطلع بأمر الرعية ، فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا " ( 1 ) .

ثم التفت الإمام إلى أبي بكر وقال له : " أفسدت علينا أمورنا ، ولم تستشر ، ولم ترع لنا حقا " ، فقال أبو بكر : " بلى ولكني خشيت الفتنة " ( 2 ) .

قال بشير بن سعد وهو أول من بايع أبا بكر وأحد أقطاب الانقلاب :

 

( 1 ) الإمامة والسياسة ص 11 - 21 ، وتاريخ الطبري حوادث سنة 11 .
( 2 ) مروج الذهب للمسعودي ج 1 ص 414 ، والإمامة والسياسة ج 1 ص 12 - 14 مع اختلاف يسير ، وشرح النهج ج 6 ص 285 ، والسقيفة للجوهري
. ( * )

 
 

- ص 227 -

لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتهم لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان ولكنهم بايعوا " . ( 1 )

قال عمر بن الخطاب مخاطبا عليا : إنك لست متروكا حتى تبايع ! ! فقال له علي : " إحلب حلبا لك شطره واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا " قال عمر بايع ، فقال علي إن لم أبايع فمه ؟ قال عمر : والله الذي لا إله إلا هو لنضربن عنقك ! ! قال علي : إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله ! ! فقال عمر : أما عبد الله فنعم وأما أخو الرسول فلا ! ! " ( 2 ) .

فعمر لا يعترف بأخوة علي لرسول الله ، ولكنه يعترف بأخوته لأبي بكر وبموجب هذه الأخوة ورث عمر أبا بكر ، فإعلان الرسول أخوته لعلي كانت وقت الغضب فهو غير ملزم لأن محمدا بشر ، وأما إعلان الرسول للأخوة بين عمر وأبي بكر فملزم لأنه قد صدر من محمد الرسول ! ! ! ! ! لقد أعلن النبي هذه المؤاخاة قبل الهجرة ( 3 ) وأعلنها بعد الهجرة ( 4 ) .

وانصرف علي إلى منزله ولم يبايع ، ولم يبايع أحد من بني هاشم حتى بايع علي بعد ستة أشهر ( 5 ) .

قال اليعقوبي في تاريخه : واجتمع جماعته إلى علي بن أبي طالب يدعونه إلى البيعة فقال لهم الإمام علي : " اغدوا علي محلقين الرؤوس فلم يغدو عليه إلا ثلاثة نفر " ( 6 ) .

 

( 1 ) الإمامة والسياسة ص 12 وشرح النهج نقلا عن السقيفة ج 6 ص 285 .
( 2 ) الإمامة والسياسة ص 11
( 3 ) تذكره الخواص للسبط ابن الجوزي ص 23 ، وترجمة علي من تاريخ الدمشق لابن عساكر ج 1 ص 107 و 105 ، وكنز العمال ج 6 ص 290 ، والمستدرك للحاكم ج 3 ص 109 ، وصحيح الترمذي ج 5 ص 30 وأسد الغابة ج 2 ص 221 ، والطبقات الكبرى ج 3 ص 220 . . .
( 4 ) المناقب للخوارزمي ص 246 ، وأسد الغابة ج 1 ص 206 ، والصواعق المحرقة ص 171 .
( 5 ) تاريخ الطبري ج 2 ص 448 وطبعة أوروبا ج 1 ص 1825 ، وصحيح البخاري كتاب المغازي ج 3 ص 38 ، وابن أبي الحديد ج 1 ص 122 ، ومروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 414 .
( 6 ) تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 105
 . ( * )

 
 

- ص 228 -

ثم إن الإمام عليا أخذ معه السيدة فاطمة ويداه في يدي ابنيه الحسن والحسين ، وسار بهم ليلا إلى بيوت الأنصار يسألهم النصرة ، وتسألهم فاطمة الانتصار فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أن ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به ، فيقول علي : : " أفكنت أترك رسول الله ميتا في بيته لم أجهزه ، وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه ! ! وتقول فاطمة : ما صنع أبو حسن إلا ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم عليه " ( 1 ) وإلى هذه الواقعة أشار معاوية ( 2 ) .

لقد أمتنع الأنصار عن نصرة الإمام علي وحمايتهم له ولأولاده بحجة أنهم قد بايعوا أبا بكر ، وقبل بيعتهم لأبي بكر كانوا قد بايعوا رسول الله على أن يحموه ويحموا ذريته كما يحمون أنفسهم وذراريهم ، لذلك قال الإمام جعفر الصادق يوما : " فوالله ما وفوا له حتى خرج من بين أظهرهم ، ثم لا أحد يمنع يد لامس ، اللهم اشدد وطأتك على الأنصار على الأنصار " ( 3 ) .

 

( 1 ) الإمامة والسياسة ص 15 .
( 2 ) شرح النهج ج 2 ص 67 ، ووقعة صفين لنصر بن مزاحم ص 182 .
( 3 ) مقاتل الطالبين ص 219 - 220
 . ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net