متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
من مسائل تدمير سنة رسول الله
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

من وسائل تدمير سنة رسول الله

قلنا : إن الخليفة الأول قد أحرق أحاديث الرسول التي سمعها من رسول الله بنفسه وكتبها بخط يده ، وأن الخليفة الثاني ناشد الناس أن يأتوه بسنة الرسول المكتوبة عندهم لأنه يريد أن يجمعها في كتاب واحد ، كما ناشد الناس أن يأتوه بالكتب المحفوظة لديهم لأنه يريد أن ينظر بها ويقومها ، وصدقت الأكثرية الساحقة من المسلمين ذلك فلما أتاه الناس بسنة رسول الله المكتوبة عندهم ، وبالكتب المحفوظة لديهم أمر بتحريقها وحرقت فعلا ، ثم كتب إلى عماله في كل البلاد الخاضعة لحكمه أن من كان عنده شئ من سنة الرسول فليمحه ، وقد وثقنا كل كلمة قلنا مرات متعددة في الفصول السابقة .

واقتداء بالخلفاء وعملا بسنتهم اخترعت وسائل أخرى للقضاء على سنة الرسول وتدميرها .

 1 - الدفن : قال إبراهيم بن هاشم : " دفنا لبشر بن الحارث ثمانية عشر ما بين قمطر وقوصرة " ( 1 ).

وعلق ابن حنبل على عملية الدفن بقوله : " لا أعلم لدفن الكتب من معنى " ( 2 ).

 

( 1 ) تقييد العلم ص 62 - 63 ، وتدوين السنة ص 277 .

( 2 ) تقييد العلم ص 63 .( * )  
 

- ص 296 -

وقال ابن الجوزي : " دفن الكتب وإلقاؤها في الماء من تلبس إبليس " ( 1 ) .

 2 - المحو : قال أبو نضرة قلنا لأبي سعيد : " اكتتبنا حديثا من حديث رسول الله فقال : امحه " ( 2 ) وهكذا فعل أبو موسى مع تابعه إذ محا كل ما كتب ( 3 ) .

 3 - الغسل : قال عبد الرحمن بن أبي مسعود : " كنا نسمع الشئ فنكبته ففطن لنا عبد الله بن مسعود ، فدعا أم ولده ، ودعا بالكتاب وبإجانة من ماء فغسله " ( 4 ) .

وقال أبو بردة بن أبي موسى : " كنت كتبت عن أبي كتابا فدعا بمركن ماء فغسله " ( 5 ) .

وقال أبو بردة أيضا : " كان أبو موسى يحدثنا بأحاديث فنقوم أنا ومولى لي فنكتبها ، فقال أتكتبان ما سمعتما مني ؟ قالا : نعم ، قال : فجيئاني به ، فدعا بماء فغسله " ( 6 ) .

وحتى يضفو على هذه الأفعال الشنيعة طابع الشرعية كذبوا على رسول الله ، فادعوا بأنهم حرقوا سنته المكتوبة أمامه ولم يستنكر ذلك ( 7 ) .

بل ادعوا ما هو أكبر من ذلك فزعموا أن الرسول قد قال : " لا تكتبوا عني من كتب عني غير القرآن فليمحه " ( 8 ) .

 

( 1 ) نقد العلماء أو تلبيس إبليس ص 314 - 316 ، وتدوين السنة ص 279 .
( 2 ) تقييد العلم ص 38 .
( 3 ) الطبقات الكبرى لابن سعد ج 4 ص 112 .
( 4 ) سنن الدارمي ج 1 ص 102 .
( 5 ) تقييد العلم ص 41 .
( 6 ) تقييد العلم ص 40 ، وتدوين السنة ص 281 .
( 7 ) مسند أحمد ج 5 ص 182 ، وسنن أبي داود كتاب العلم ج 3 ص 319 .
( 8 ) صحيح مسلم ج 4 ص 97 كتاب الزهد باب التثبت في الحديث وحكم كتابه العلوم ح 72 ، وسنن الدارمي ج 1 ص 119 المقدمة باب 42 ، ومسند أحمد ج 3 ص 12 و 39 و 51
 . ( * )

 
 

- ص 297 -

ثم توجوا هذه الاختلاقات بقولهم : " إن الإمام عليا خطب الناس فقال : اعزم على كل من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه ، فإنما أهلك حيث يتبعوا أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم " ( 1 ) .

مثل هذه الأحاديث صحيحة من حيث الشكل ، ولنفترض أن أبا هريرة هو الذي رواها كلها ، فادعى بأنه قد سمعها من رسول الله بالفعل ، شكلا الحديث مقبول ومعقول ، لأن أبا هريرة قد عاصر الرسول وصحبه سنتين أو ثلاث ، ولأن هذا الحديث يتفق مع سياسة الخلفاء وسنتهم القائمة على طمس سنة الرسول فمن الطبيعي أن يتبناه الخلفاء ، وأن تتبناه الدولة لأنه يتفق مع توجهاتها فإذا تبنته الدولة يصبح جزءا من وثائقها الرسمية ، ولا يجوز الطعن بالوثائق الرسمية إلا عن طريق التزوير ! !

والدولة لا تكتفي بذلك ، إنما تدخل مث هذا الحديث في مناهجها التعليقة ، وتفرض على الناس تصديقه ! ! ! ولم يكن بإمكان أحد أن يطعن بصحة حديث تتبناه الدولة ، فمثل هذه الأحاديث محصنة بقوة الدولة ونفوذها ضد الطعن ، وعندما أباحت دولة الخلافة في ما بعد رواية وكتابة أحاديث الرسول وانطلق العلماء لجمعها وجدوا هذه الأحاديث التي تبنتها دولة الخلافة على شكل وثائق رسمية فنقلوها كما هي دون أن يتأكدوا من صحة مضامينها ، بعد سقوط دولة الخلافة بقيت هذه الأحاديث محصنة أيضا ضد الطعن ، ولكن ليس بقوة دولة الخلافة إنما بقوة " نظرية عدالة كل الصحابة " ! !

فإذا صح أن أبا هريرة قد قال سمعت رسول الله ، أو سمعت عليا يقول كذا وكذا فإن أبا هريرة صادق 100 % لأنه صحابي والصحابي " من العدول " أو معصوم ومن المستحيل أن يكذب ! ! وهكذا وجدت الأحاديث التي تخدم توجهات الدولة ، أو تؤيد سنة الخلفاء حماية مطلقة ، وإحصانا دائما ضد الطعن ! ! واختلفت الأحاديث الصحيحة مع الأحاديث المكذوبة على رسول الله

 

( 1 ) الأنوار الكاشفة ص 39 ، وتدوين السنة ص 191  . ( * )

 
 

- ص 298 -

واختلط الدفاع عن سنة الرسول بالدفاع عن سنة الخلفاء وتواجدت هذه المتناقضات معا ، فنجمت على الباحث وعلى المسلم أن يراعيها معا ! ! ! صحيح أن المسلمين يعيشون زمانهم الراهن ، ولكن بعقلية الماضي وتناقضاته ، وأهل بيت النبوة ومن والاهم وأحسن الولاء لهم هم وحدهم الذين استطاعوا أن يشقوا طريقهم وسط هذه التناقضات ، وأن يسلكوا سبيل الهدى . ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net