متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
أهل بيت النبوة والقلة المؤمنة قاوموا سياسة الخلفاء الرامية إلى طمس سنة الرسول
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

أهل بيت النبوة والقلة المؤمنة قاوموا سياسة الخلفاء الرامية إلى طمس سنة الرسول

على الرغم من أن الخلفاء قد أحرقوا سنة الرسول المكتوبة عند الناس ، والكتب المحفوظة لديهم ومنعوا المسلمين من أن يحدثوا عن رسول الله شيئا ، واستعانوا بسلطة الدولة ونفوذها لطمس سنة رسول الله ، ومنع المسلمين من كتابة ورواية هذه السنة إلا أن أئمة أهل بيت النبوة ، والقلة المؤمنة التي والتهم ، قد تحدوا سياسة الدولة وقرارات منع كتابة ورواية السنة ، فلم يستجيبوا للخليفة الثاني عندما ناشدهم بأن يأتوه بسنة الرسول المكتوبة عندهم ، بأن الخليفة يريد أن يحرق سنة الرسول المكتوبة ، لأنهم يعلمون علم اليقين بأن الخليفة يريد أن يحرق سنة الرسول المكتوبة ، وما قوله بأنه يريد أن يجمع السنة إلا وسيلة ليتمكن من حيازة السنة المكتوبة وحرقها .

ففي الوقت الذي كان فيه الخلفاء يأمرون المسلمين بأن لا يكتبوا سنة الرسول ، ولا يرووا منها شيئا ، كان أهل بيت النبوة يحثون المسلمين على التمسك بسنة نبيهم ، وروايتها وحفظها وكتابتها ، فكان الإمام علي يقول : " قيدوا العلم بالكتاب ، قيدوا العلم بالكتاب " ( 1 ) وكان يقول : " من يشتري مني

 

( 1 ) تقييد العلم ص 89 - 90  . ( * )

 
 

- ص 313 -

علما بدرهم " ( 1 ) وكانوا يروون عن رسول الله قوله : " أكتبوا هذا العلم فإنكم ستنتفعون به إما في دنياكم وإما في آخرتكم وأن العلم لا يضيع صاحبه " ( 2 ) .

وعندما آلت الخلافة إلى الإمام علي ، كانت فرصة أمامه لإثبات فساد سياسة منع كتابة ورواية سنة الرسول ، ولأن هذه السياسة قد تمكنت من نفوس العامة ، واعتبروها جزءا من سنة الخلفاء ، فقد تعددت أساليب الإمام بمقاومتها فكان يحث المسلمين على الرواية والكتابة في كل شئ ، وفي سنة الرسول خاصة ، وأحيانا كان يلجأ إلى أسلوب المناشدة ، كقوله سألت الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله يقول في غدير خم : " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " أن يقم فيقوم العشر والعشرون والقلة والكثرة ، وبهذا الأسلوب تمكن الإمام من إعادة الاهتمام بسنة رسول الله ومن تقويض الأسس التي قامت عليها سياسة منع وكتابة ورواية سنة الرسول ، كما فضح الغاية التي توخاها الخلفاء من سياسة منع كتابة ورواية سنة الرسول ، وكان لخطبه ودروسه ومواعظه ، أبلغ الأثر في نسف القناعات التي أوجدها الخلفاء ، وإعادة الاعتبار للقناعات الشرعية التي وضعها رسول الله ، وحاول الخلفاء طمسها ، وكان الإمام يملي على الراغبين بالكتابة الأصول الأساسية في مختلف العلوم الشرعية والإنسانية ، على سبيل المثال التعليقة النحوية التي ألقاها الإمام إلى أبي الأسود الدؤلي ( 3 ) ، ولعبت كتب الإمام وعهوده إلى ولاته ، وتوجيهاته لهم دورا عظيما باستجلاء معالم الشرعية التي حاولوا طمسها منها على سبيل المثال عهده للأشتر النخعي ( 4 ) .

 

( 1 ) طبقات ابن سعد ج 6 ص 116 طبعة ليدن ، وتاريخ بغداد ج 8 ص 357 ، وكنز العمال ج 5 ص 61 ، رقم 29385 .
( 2 ) كنز العمال ج 10 ، ص 262 .
( 3 ) راجع سير أعلام النبلاء ج 4 ص 84 ، والأشباه والنظائر للسيوطي ج 1 ص 12 - 14 ، وتاريخ
الخلفاء ص 143 ، والفهرست لابن النديم ص 45 ، وتدوين السنة ص 143 - 144 .
( 4 ) راجع نهج البلاغة طبعة صبحي الصالح ص 427 - 445
 . ( * )

 
 

- ص 314 -

وكان الإمام يتطرق حتى لأدق التفاصيل الفنية للكتابة ، فيقول : " ألق دواتك ، وأطل جلفة قلمك وفرج بين السطور . . . " ( 1 ) .

وكتب إلى عماله قائلا : " أدقوا أقلامكم وقاربوا بين سطوركم . . . " ( 2 ) .

وسار أئمة أهل بيت النبوة - كل في زمانه - على خط الإمام الرامي إلى فك الحصار الذي فرضه الخلفاء على كتابة ورواية سنة الرسول ، فما من إمام من الأئمة إلا وكانت له كتبة ، فكانوا يكتبون ، ويملون على شيعتهم ، ويجيبون على أسئلة السائلين ، ويروون سنة الرسول عن آبائهم وأجدادهم ، ويأمرون المسلمين بأن يكتبوا وينشروا سنة رسول الله .

جمع الإمام الحسن ولده وولد أخيه فقال لهم : " يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبارا آخرين ، فتعلموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه فليكتبه ، وليضعه في بيته " ( 3 ) .

قال الإمام الحسين في خطبة له بمنى . . . " اسمعوا مقالي ، واكتبوا قولي ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم . . . فإني أتخوف أن يدرس هذا الأمر ، ويذهب الحق " ( 4 ) .

لقد كون الأئمة - كل في زمانه - وأتباعهم جبهة معارضة واقعية لسياسة دولة الخلاف وسنة الخلافة الرامية إلى طمس سنة رسول الله ، وقد أثمرت معارضتهم لأن المؤمنين الصادقين قد التزموا بخط أهل بيت النبوة ، ونفذوا توجيهات الأئمة الرامية إلى كتابة ونشر سنة الرسول ، وفك الحصار المفروض عليها من الدولة وكان الإمام علي يقول : " تذاكروا هذا الحديث

 

( 1 ) نهج البلاغة الحكمة رقم 315 ص 530 ، وتدوين السنة ص 146 .
( 2 ) الخصال للصدوق ج 1 ص 310 .
( 3 ) طبقات ابن سعد ترجمة الإمام الحسن ، وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 227 ، وسنن الدارمي ج 1 ص 107 .
( 4 ) كتاب سليم بن قيس ص 165 ، وتدوين السنة ص 148
 . ( * )

 
 

- ص 315 -

وتزاوروا فإنكم إن لم تفعلوا يدرس " ( 1 ) وكان ابن عباس يقول : " تذاكروا هذا الحديث لا ينفلت منكم ، فإنه ليس مثل القرآن محفوظ ، فإنكم إن لم تذاكروا هذا الحديث ينفلت منكم ، ولا يقولن أحدكم حدثت أمس فلا أحدث اليوم ، بل حدثت أمس ، ولتحدث اليوم ولتحدث غدا " ( 2 ) .

واتخذت القلة المؤمنة موقفا مماثلا .

قال الراوي : " أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى ، وقد اجتمع عليه الناس يستفتونه ، فأتاه رجل ، فوقف عليه ثم قال له : " ألم تنه عن الفتيا ؟ فرفع رأسه إليه فقال : أرقيب أنت علي ؟ لو وضعتم الصمامة على هذه - وأشار إلى قفاه - ، ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله قبل أن تجيزوه علي لأنفذتها " ( 3 ) .

وكان علقمة بن قيس النخعي يقول : " أطيلوا كر الحديث لا يدرس " ( 4 ) .

ولولا أهل بيت النبوة ، والقلة المؤمنة ، لتمكنت تلك السياسة الغاشمة تجاه سنة رسول الله من اجتثاث السنة من جذورها .

 

( 1 ) سنن الدارمي ج 1 ص 122 ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص 60 و 146 ، وشرف أصحاب الحديث ص 69 .
( 2 ) سنن الدارمي ج 1 ص 119 ، وشرف أصحاب الحديث ص 95 ، وتدوين السنة ص 565 .
( 3 ) سنن الدارمي ج 1 ص 112 ، وصحيح البخاري ج 1 ص 27 ، وفتح الباري ج 18 ص 170 ، وحجية السنة ص 463 - 464 .
( 4 ) مختصر تاريخ دمشق ج 17 ص 172 ، وسير أعلام النبلاء ، ج 4 ، ص 57
 . ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net