متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الفصل الأول: أهل البيت في سنة رسول الله
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

الباب الثامن أهل بيت النبوة وسنة الرسول

----------------------------------------------- ص 424 -----------------------------------------------

الفصل الأول : أهل بيت النبوة في سنة رسول الله

لم تركز سنة الرسول الأعظم على فئة معينة من المسلمين أكثر مما ركزت على أهل بيت النبوة ، وهذا التركيز ليس مبعثه أو مصدره من الرسول بالذات ، إنما كان تنفيذا لأوامر الله تعالى ، والرسول كان يتبع ما يوحى إليه ، وينفذ ما يؤمر به ، ولعل العلة والسر في هذا التركيز الخاص يمكن في أن الله تعالى قد أراد أن يكون للمسلمين ملجأ يلجؤون إليه بعد وفاة نبيهم ، أو نقطة يتجمعون حولها كلما تفرقوا وينطلقون منها كلما اجتمعوا ، لقد أراد الله تعالى أن يكون وجود أهل بيت النبوة امتدادا لوجود الرسول بعد موته ، أو بتعبير العصر لقد أرادهم الله أن يكونوا هيئة تأسيسية للأمة بعد وفاة رسول الله ، ترشد الأمة إلى الخطوات الواجب أتباعها في كل موقف من المواقف التي تحتاج إلى خطوات ، وفي كل مشكلة تعترض مسيرة الأمة بعد وفاة نبيها ، أما لماذا اختار أهل بيت النبوة لهذه المهمة ولم يختر غيرهم ! !

فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ، ولكن كونهم الأقرب للنبي وصفوة أكثر الناس عناء في نصرة النبي ، وأكثر فهما والتزاما بدين النبي كل هذا يجعل القرار الإلهي معقولا حتى بالنسبة للموازين البشرية القاصرة ، فإن كان لا بد من إسناد هذه المهام إلى فئة معينة من الناس ، فإسنادها لأهل بيت النبوة هي الأكثر منطقا ، فليس منطقيا أن تسند هذه المهام إلى أهل بيت أبي بكر

- ص 425 -

أو عمر أو عثمان أو معاوية لأن هؤلاء وإن طاروا أتباع ورسول الله هو المتبوع وهم وإن طاروا طلاب ، ورسول الله هو المعلم ، فمن غير المعقول أن يقدم التابع على المتبوع ، وأن يقدم الطالب على المعلم ! !

هذا من جهة ، ومن جهة ثانية فإن الله تعالى قد أعد أهل بيت النبوة ، وأهلهم للقيام بهذا الدور ولم يعد أو يؤهل غيرهم ! ! هذا الذي لم يفهمه العرب ، ولم يفهمه قادة التاريخ الإسلامي ! ! ! ولم تفهمه الأغلبية الساحقة من المسلمين حتى اليوم لقد تصوروا أن الرسول وبدون تفويض من ربه هو الذي اختار أهل بيت النبوة لهذا الدور ! ! ! وجهلوا أو تجاهلوا بأن الرسول لا ينطق عن الهوى ، وأنه عبد مأمور يتبع ما يؤمر به ! ! ! وأقنعوا أنفسهم بتلك التطورات المختلة ! ! وكان ينبغي عليهم أن يتبعوا رسول الله ، حتى وإن صحت تصوراتهم الخاطئة لأن رسول الله هو الأبعد نظرا ، وهو الأكبر عقلا ، وهو الأفهم منهم مجتمعين ومنفردين ، فلقد أسند قادة التاريخ من تلقاء أنفسهم وسندا للقوة والتغلب الدور الذي أناطه الله بأهل بيت النبوة ، لأشخاص لا يصلحون والله خداما لخدم أهل بيت النبوة ، ولم يستغرب المسلمون ذلك على اعتبار أن هذا الإسناد صادر من مسؤول متغلب وواجب الطاعة ! ! !

وهكذا يبدوا واضحا أن القوم أطوع لبعضهم من طاعتهم لله ولرسوله حتى في الأمور المتماثلة موضوعيا ! ! فلو أمر الله ورسوله القوم بأن يذبحوا بقرة لأغرقوا الدنيا بتساؤلاتهم ، عن اللون ، والعمر والشكل والمضمون ، ولكن لو أمرهم أحد قادة التاريخ أن يذبحوا بقرة ، فإنهم ينفذون أمره ، ويذبحون أفضل البقر فورا وبدون أسئلة ، وبلا تباطؤ ! ! لقد استمرؤوا ذلك وتعودوا عليه ، واستثقلوا أمر الله ورسوله وتعودوا على النفور ومحاولة التهرب منه ! !

وما يعنينا في هذا المقام هو التأكيد على أن الله سبحانه وتعالى قد اختار أهل بيت نبيه لهذا الدور ليقوموا به بعد وفاة رسول الله وطوال عمر التكليف وأمر الله رسوله أن يعد ويؤهل أهل بيته ليقوموا بهذا الدور بعد وفاته على الأكمل وجه ، وصدع الرسول بأمر ربه فأعد أهل بيته وأهلهم لذلك

- ص 426 -

إعدادا وتأهيلا كاملين ، وأمر الله ورسوله أن يعلن هذه الأحكام الشرعية على المسلمين ، وأن يبينها لهم تماما كما يبين أية أحكام إسلامية أخرى من صلاة وصيام وزكاة وحج . . . الخ وأمر الله ورسوله المسلمين بأن يتبعوا هذه الأحكام وأن ينفذوها بالدقة نفسها والاهتمام نفسه الذي ينفذون به بقية الأحكام الإلهية .

ولكن الأكثرية الساحقة من المسلمين ، ومنذ اللحظة التي قعد فيها رسول الله على فراش الموت تنكرت بالكامل لتلك الأحكام الإلهية ، وأنكرت منزلة أهل بيت النبوة عند الله وعند رسوله ، بل والأعظم من ذلك أنها صارت تنظر لأهل بيت النبوة نظرتها لأعداء ، وصارت تعاملهم بطريقة أسوأ بألف مرة من معاملتها لليهود وللنصارى كما بينا ذلك في البحوث السابقة وقد جرى ذلك بتحريض وتشجيع من قادة التاريخ ! ! لقد أصبحت هذه المعاملة فصلا مهما من فصول سنة الخلفاء ! ! !


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net