متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
غضب فاطمة عليها السلام
الكتاب : حقيقة الشيعة الاثني عشرية    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

غضب فاطمة عليها السلام


لقد توفيت فاطمة عليها السلام غاضبة على أبي بكر بسبب حرمانه إياها من ميراثها من النبي صلى الله عليه وآله ،


فكما يروي البخاري في صحيحه بالسند إلى عائشة ( رض ) قالت : " . . . إن فاطمة عليها السلام بنت رسول الله ( ص ) أن يقسم لها ميراثها ، ما ترك رسول الله ( ص ) مما أفاء الله عليه .

فقال لها أبو بكر : إن رسول الله ( ص ) قال : لا نورث ، ما تركنا صدقة ، فغضبت فاطمة بنت رسول الله ( ص ) فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت ، وعاشت بعد رسول الله ( ص ) ستة أشهر .

قالت : وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله ( ص ) من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة ، فأبى أبو بكر عليها ذلك ، وقال : لست تاركا شيئا

 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 54

رسول الله ( ص ) يعمل به " ( 1 ) .


وقد كان غضبها على أبي بكر عظيما إلى الحد الذي جعلها توصي عليا عليه السلام أن لا يصلي أبا بكر عليها بعد وفاتها ، بل ولا حتى أن يمشي في جنازتها ، حيث وارى الإمام علي عليه السلام جثمانها الطاهر سرا في الليل


كما أخرج ذلك البخاري في صحيحه بالسند إلى عائشة ( رض ) : " . . . فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت : وعاشت بعد النبي ( ص ) ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ، ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها " ( 2 ) .


وأرض فدك التي كانت تطالب بها فاطمة عليها السلام ، هي قرية في الحجاز كان يسكنها طائفة من اليهود ، ولما فرغ الرسول صلى الله عليه وآله من خيبر ، قذف الله في قلوبهم الرعب ، فصالحوا رسول الله صلى الله عليه وآله على فدك ،


فكانت ملكا لرسول الله صلى الله عليه وآله لأنها مما لا يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، ثم قدمها لابنته فاطمة الزهراء عليها السلام ، بالإضافة لما ملكه الرسول صلى الله عليه وآله من خمس خيبر وصدقات النبي صلى الله عليه وآله ، فكانت هذه كلها ملكا لرسول الله صلى الله عليه وآله خاصة - ولا حتى فيها لأحد غيره .


ففاطمة عليها السلام - على رأي أبي بكر - كانت تطالب بما ليس لها حق فيه . وهي حسب هذا الرأي تكون أحد أمرين لا ثالث لهما ،

أولهما : أنها كانت جاهلة لا تعلم حكم ميراث النبي صلى الله عليه وآله ( كما يعلم أبو بكر )

وثانيهما : أنها كانت كاذبة تطمع بأخذ ما لم يكن حقا لها .

والحقيقة أن كلا الأمرين مستحيلان على الزهراء عليها السلام التي كان
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري ج 4 ص 208 كتاب الخمس باب الفرائض .

( 2 ) صحيح البخاري ج 5 ص 382 كتاب المغازي باب غزوة خيبر . ( * )

 

 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 55

يغضب الله لغضبها وهي سيدة نساء المؤمنين وأهل الجنة ، وقد طهرها الله تعالى من كل إثم ورجس كما مر سابقا ، وكما أخرج البخاري في صحيحه أن الرسول ( ص ) قال : " يا فاطمة ، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة " ( 1 ) . " فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني " ( 2 ) . " فاطمة سيدة نساء أهل الجنة " ( 3 ) .



وحتى لو سلمنا أن فاطمة عليها السلام كانت كسائر النساء وليس لها كل تلك الميزات - كما في الروايات أعلاه - فإن كونها ابنة لمعلم البشرية وزوجة لأمير المؤمنين علي عليه السلام والذي شهدوا له بأنه أقضاهم - أي أعلمهم - ينفي عنها أي احتمالية لجهل ،


ذلك أنه لو كانت فاطمة عليها السلام تطالب بما ليس حقا لها وأن الرسول صلى الله عليه وآله لا يورث - على حد رأي أبي بكر - فإن أي من أبيها أو زوجها كان الأجدر أن يعلمها بذلك ، وخصوصا أن غضبها على أبي بكر دام لستة شهور وهذه الفترة هي كل ما عاشته فاطمة بعد رحيل المصطفى صلى الله عليه وآله .


ولكن هيهات أن تكون فاطمة والعياذ بالله كذلك ، حيث أنه لما بلغها منع أبي بكر حقها في فدك وما أفاء الله على أبيها بالمدينة وخمس خيبر ، ذهبت إليه وهو في حشد من المهاجرين والأنصار ، وخطبت فيهم ما أجهش له القوم بالبكاء ، ونقتطف من


خطبتها تلك : " . . . وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا ولا حظ - أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون - ويا معشر المسلمة ، أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي ؟ لقد جئت شيئا فريا - ثم تلت عليهم - ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري ج 8 ص 202 كتاب الاستئذان باب من ناجى بين يدي الناس .

( 2 ) صحيح البخاري ج 5 ص 75 كتاب فضائل الصحابة باب مناقب فاطمة رضي الله عنها .

( 3 ) صحيح البخاري ج 5 ص 74 كتاب فضائل الصحابة باب مناقب فاطمة رضي الله عنها . ( * )

 

 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 56

الرسل * أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا * وسيجزي الله الشاكرين ) . . . إيها بني قيلة ! ! أأهتضم ميراث أبي وأنت بمرأى مني ومسمع ؟ . . . إلى آخر تلك الخطبة ( 1 ) .


وبالإضافة لذلك ، فإن معنى قول الرسول صلى الله عليه وآله : " لا نورث " لا يعني عدم انطباق قوانين الميراث على الأنبياء - كما اجتهد في ذلك أبو بكر - .


وقد نص القرآن الكريم على ذلك بقوله تعالى : ( وورث سليمان داوود . . . ) ( 2 ) ، كما إن زكريا يدعو الله تعالى أن يرزقه من يرثه ، فرزقه يحيى : ( يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا * يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى . . . " ( 3 ) وليس معنى يرثني في الآية السابقة أن يرث النبوة ، فالنبوة ليست بالوراثة ،


وبذلك فإن معنى قول الرسول صلى الله عليه وآله : " لا نورث " هو أن الأنبياء لن يجمعوا أو يكدسوا الذهب والفضة ، ليكون ميراثا بعدهم ، كما يفعل الملوك وطلاب الدنيا .


وبحرمان أبو بكر لفاطمة عليها السلام من ميراث النبي صلى الله عليه وآله ، فقد وجد البعض في ذلك فرصة للإدعاء بأن هذا الخلاف هو السبب وراء تخلف علي عليه السلام عن مبايعة أبي بكر ، وليس لأنه يرى نفسه صاحب الخلافة الشرعي .


وإذا كان الأمر كذلك ، فما معنى تخلف جمع من أعاظم الصحابة عن المبايعة أيضا وقد والوا عليا ؟

وما معنى قول عائشة : إن علي أرسل إلى أبي بكر : أن آتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر " ؟ ؟

فعمر بن الخطاب لم يكن له أي تدخل في مسألة الخلاف في ميراث النبي صلى الله عليه وآله ، بينما كان له الدور الحاسم في إنهاء صراع السقيفة لصالح أبي بكر ، هذا فضلا عن أن مسألة الميراث لا تعتبر مانعا أو مبررا في أي حال من الأحوال لعدم إعطاء الإمام علي وفاطمة عليهما السلام البيعة لأبي بكر أو حتى التخلف عنها .

 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) منال الطالب في شرح طوال الغرائب لابن الأثير ص 501 مطبعة المدني .

( 2 ) النمل : 16 .

( 3 ) مريم : 6 - 7 . ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net