متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
التحريف في كتاب المسعودي وكتاب المعارف
الكتاب : مأساة الزهراء عليها السلام .. شبهات وردود ج2    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

 55 - التحريف في كتاب المسعودي :

قال المسعودي : وكان عروة بن الزبير يعذر أخاه عبد الله في حصر بني هاشم في الشعب ، وجمعه الحطب ليحرقهم ، ويقول : إنما أراد بذلك ألا تنتشر الكلمة ، ولا يختلف المسلمون ، وأن يدخلوا في الطاعة فتكون الكلمة واحدة ، كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم ، لما تأخروا عن بيعة أبي بكر ، فإنه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار . هذا ما ذكره المسعودي في مروج الذهب طبع الميمنية : ج 3 ص 86 ، ولكن سائر الطبعات لهذا الكتاب ( 1 ) قد حذفت منها فقرة : " كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لما تأخر الخ . . . " .

ونقل المعتزلي ( 2 ) نص المسعودي هذا على الوجه الصحيح ، كما ورد في طبعة الميمنية ، الأمر الذي يؤكد أن يد الخيانة والتزوير قد لعبت في سائر الطبعات لهذا الكتاب ، كما عودونا في كثير من الموارد الأخرى ( 3 ) ، وسيعلم الذين ظلموا آل بيت محمد أي منقلب ينقلبون .

 56 - تحريف كتاب المعارف :

ولأجل قضية إسقاط المحسن أيضا نجدهم لا يتورعون عن

 

( 1 ) راجع : على سبيل المثال : مروج الذهب : ج 3 ص 77 ( ط سنة 1965 م ط دار المعرفة ) .
( 2 ) شرح نهج البلاغة: ج 20 ص 147 ،وراجع ص: 146 ونقله عن المسعودي أيضا في هامش كتاب إحقاق الحق: ج 2 ص 373
( 3 ) راجع كتابنا : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام : ج 1 مقال : اعرف الكتب المحرفة . ( * )

 
 

- ج2 ص 210 -

تحريف كتاب " المعارف " لابن قتيبة حسبما ذكره لنا ابن شهرآشوب المتوفي سنة 588 ه‍ . ; حيث قال : " . . وفي معارف القتيبي : أن محسنا فسد من زخم قنفذ العدوي " ( 1 ) .

وقال الكنجي الشافعي المقتول سنة 685 ه‍ . عن الشيخ المفيد : " وزاد على الجمهور ، وقال : إن فاطمة عليها السلام أسقطت بعد النبي ذكرا ، كان سماه رسول الله ( ص ) محسنا . وهذا شئ لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلا عند ابن قتيبة " ( 2 ) .

ويظهر أنه يقصد بذلك : نقل ابن قتيبة له في كتاب المعارف ، وذلك بقرينة كلام ابن شهر آشوب المتقدم . لكن الموجود في كتاب " المعارف " لابن قتيبة المطبوع سنة 1353 ه‍ . صفحة 92 هو العبارة التالية : " وأما محسن بن علي فهلك ، وهو صغير " . وهكذا في سائر الطبعات المتداولة الآن . فلماذا هذا التحريف ، وهذه الخيانة للحقيقة وللتاريخ يا ترى ؟ !

 57 - وقال الشهرستاني ، المتوفي سنة 548 ه‍ ، وهو يتحدث عن النظام المتوفي سنة 231 ه‍ : " وزاد في الفرية ، فقال : إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة ، حتى ألقت الجنين من بطنها ، وكان يصيح : أحرقوا دارها بمن فيها .

 

( 1 ) مناقب آل أبي طالب : ج 3 ص 407 ط دار الأضواء ، والبحار : ج 43 ص 233 .   ( 2 ) كفاية الطالب : ص 413 . ( * )

 
 

- ج2 ص 198 -

وما كان في الدار غير علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين " ( 1 ) .
وذكر البغدادي من أقوال النظام : أنه كان يقول عن عمر:" إنه ضرب فاطمة ، ومنع ميراث العترة "( 2 )
وقال المقريزي : " . . . وزعم أنه ضرب فاطمة ابنة رسول الله ( ص ) ، ومنع ميراث العترة " ( 3 ) .
وقال الصفدي عنه أنه يقول :" إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت المحسن من بطنها "( 4 )

ملاحظة هامة : لقد قال الجاحظ عن النظام : كان النظام أشد الناس إنكارا على الرافضة ، لطعنهم على الصحابة ( 5 ) .

 58 - وقالوا في ترجمة محمد بن عبد الله بن عمر بن محمد بن الحسن الفارس ، أبو الحياة الواعظ البلخي : " أخبرني علي بن محمود ، قال : كان البلخي الواعظ كثيرا ما يدمن في مجالسه سب الصحابة ، فحضرت مرة مجلسه ، فقال : بكت فاطمة يوما من الأيام ، فقال لها علي : يا فاطمة لم تبكين

 

( 1 ) الملل والنحل : ج 1 ص 57 ، وعوالم العلوم : ج 11 ص 416 ، والبحار : ج 28 هامش ص 271 و 281 ، وبهج الصباغة : ج 5 ص 15 ، وبيت الأحزان : ص 124 ، وراجع : إحقاق الحق : ج 2 ص 374 ، وراجع : هامش ص 372 .
( 2 ) الفرق بين الفرق ص 148 .
( 3 ) الخطط ( المواعظ والاعتبار ) : ج 2 ص 346 .
( 4 ) الوافي بالوفيات : ج 6 ص 17 .
( 5 ) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، المعتزلي الشافعي : ج 20 ص 32 . ( * )

 
 

- ج2 ص 199 -

علي ! أأخذت فيئك ( فدك ) ؟ ! أغصبتك حقك ؟ ! أفعلت كذا ؟ ! أفعلت كذا ؟ ! وعد الأشياء مما يزعم الروافض : أن الشيخين فعلاها في حق فاطمة قال : فضج المجلس بالبكاء من الرافضة الحاضرين . توفي في صفر سنة ست وتسعين وخمس مئة " ( 1 ) .

 59 - وروى ابن سعد ، بسنده عن سلمى ، قالت : مرضت فاطمة بنت رسول الله عندنا ، فلما كان اليوم الذي توفيت فيه ، خرج علي ، قالت لي : يا أمة ، اسكبي لي غسلا . فسكبت لها ، فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل ، ثم قالت : ائتيني بثيابي الجدد . فأتيتها بها ، فلبستها ثم قالت : اجعلي فراشي وسط البيت . فجعلته ، فاضطجعت عليه ، واستقبلت القبلة ، ثم قالت لي : يا أمة ، إني مقبوضة الساعة ، وقد اغتسلت ، فلا يكشفن أحد لي كتفا . قالت : فماتت . فجاء علي ، فأخبرته ، فقال : لا والله ، لا يكشف لها أحد كتفا . فاحتملها ، فدفنها بغسلها ذلك " ( 2 ) .

 60 - وفي نص آخر : أنه حين بويع لأبي بكر كان علي والزبير يدخلون على فاطمة ( ع ) ويشاورونها ، ويرتجعون في أمرهم ، فبلغ ذلك

 

( 1 ) راجع : لسان الميزان : ج 5 ص 218 ، والوافي بالوفيات : ج 3 ص 344 .
( 2 ) طبقات ابن سعد : ج 8 ص 27 ، ط صادر و ط ليدن ص 18 والإصابة ج 4 ص 379 ، عن أحمد ، وسير أعلام النبلاء ، ج 2 ص 129 ، غير أنه قال : " كنفا " وهو تصحيف ، فراجع : الطبقات ط دار صادر و ط ليدن . ( * )

 
 

- ج2 ص 200 -

عمر ، فجاء إلى فاطمة فقال : " يا بنت رسول الله ، والله ، ما من الخلق أحب إلي من أبيك ، وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك ، وأيم الله ، ما ذلك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم الباب . فلما خرج عمر جاؤها فقالت : تعلمون ، أن عمر قد جاءني ، وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم الباب ، وأيم الله ، ليمضين ما حلف عليه ، فانصرفوا راشدين ، فروا رأيكم . فانصرفوا عنها ، فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا الخ . . ( 1 ) .

 61 - وروى البلاذري عن ابن عباس قال : " بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي ( رض ) حين قعد عن بيعته ، وقال : ائتني به بأعنف العنف . فلما أتاه جرى بينهما كلام ، فقال : احلب حلبا لك شطره ، والله ، ما حرصك على إمارته اليوم إلا ليؤثرك غدا الخ " ( 2 ) .

 62 - قال اليعقوبي : " وبلغ أبا بكر ، وعمر : أن جماعة من

 

( 1 ) منتخب كنز العمال ( مطبوع بهامش مسند أحمد ) ج 2 ص 1174 عن ابن أبي شيبة والحديث موجود في شرح نهج البلاغة للمعتزلي ، ج 2 ص 45 عن الجوهري وفي الشافي للمرتضى : ج 4 ص 110 والمغني للقاضي عبد الجبار : ج 20 ق 1 ص 335 . وقرة العين ، لولي الله الدهلوي ط بيشاور ص 78 والشافي لابن حمزة : ج 4 ص 174 ، ونهاية الإرب : ج 19 ص 40 ، والاستيعاب ( مطبوع بهامش الإصابة ) : ج 2 ص 254 و 255 والوافي بالوفيات : ج 17 ص 311 ، وإفحام الأعداء والخصوم : ص 72 وكنز العمال : ج 5 ص 651 ، وعن المصنف لابن أبي شيبة : ج 14 ص 567 . وبحار الأنوار ج 28 ص 313 .
( 2 ) أنساب الأشراف : ج 1 ص 587 ، وتلخيص الشافي : ج 3 ص 75 عنه . ( * )

 
 

- ج2 ص 201 -

المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله ، فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار ، وخرج علي ومعه السيف ، فلقيه عمر ، فصارعه عمر فصرعه ، وكسر سيفه ، ودخلوا الدار ، فخرجت فاطمة ، فقالت : والله ، لتخرجن ، أو لأكشفن شعري ، ولأعجن إلى الله . فخرجوا ، وخرج من كان في الدار . وأقام القوم أياما . ثم جعل الواحد بعد الواحد يبايع ، ولم يبايع علي إلا بعد ستة أشهر ، وقيل : أربعين يوما " ( 1 ) . قوله : " خرج علي ومعه السيف " لعل الصحيح : خرج الزبير الخ . . كما هو معلوم من سائر النصوص .

 63 - قال زيد بن أسلم : كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة ، حين امتنع علي وأصحابه عن البيعة . فقال عمر لفاطمة : اخرجي من في البيت ، أو لأحرقنه ومن فيه . قال : وفي البيت علي ، والحسن ، والحسين ، وجماعة من أصحاب النبي ( ص ) ، فقالت فاطمة : فتحرق على ولدي ؟ ! فقال : أي والله ، أو ليخرجن ، فليبايعن ( 2 ) وروى ذلك ابن خرذاذبة أيضا أو ابن خرذابة ، أو ابن خيرانة ، أو ابن خذابة ( 3 ) :

 

( 1 ) تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 126 .
( 2 ) إثبات الهداة : ج 2 ص 383 ، و 334 ، ونهج الحق : ص 271 و 272 ، عن ابن خير والطرائف : ص 239 ، وإحقاق الحق ج 2 ص 373 ، ومرآة العقول : ج 5 ص 318 و 319 ، وراجع : دلائل الصدق : ج 3 ص 78 وراجع : بحار الأنوار : ج 28 ص 339 ، وراجع أيضا ضياء العالمين : ( مخطوط ) ج 2 ق 3 ص 64 .
( 3 ) هو الوزير جعفر بن الفضل بن جعفر بن الفرات البغدادي المتوفي سنة 391 ، أما ابن خرذاذبة فهو صاحب كتاب المسالك والممالك ( ت سنة 300 ه‍ ) . أما =
>

 
 

- ج2 ص 202 -

وذكر الواقدي : أن عمر جاء إلى علي في عصابة فيهم أسيد بن الحضير ، وسلمة بن أسلم الأشهلي ، فقال : أخرجوا ، أو لنحرقنها عليكم ( 1 ) .

 64 - قال الحر العاملي رحمه الله : " قال : وقد روى نقلة الأخبار ، ومدونوا التواريخ : أن عمر لما بايع لصاحبه ، وتخلف علي جاء إلى بيت فاطمة لطلب علي إلى البيعة ، وتكلم بكلمات غليظة ، وأمر بالحطب ليحرق البيت على من فيه ، وكان فيه أمير المؤمنين ، وزوجته ، وابناه . وممن انحاز إليهم الزبير ، وجماعة من بني هاشم . وممن نقل ذلك الواقدي ، وابن جبير ، وابن عبد ربه " ( 2 ) .

 65 - وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب : أن رجالا من المهاجرين غضبوا في بيعة أبي بكر ، منهم علي بن أبي طالب ، والزبير بن العوام ، فدخلا بيت فاطمة بنت رسول الله ، فجاءهما عمر بن الخطاب في عصابة من المهاجرين والأنصار ، فيهم أسيد بن حضير ، وسلمة بن سلامة بن وقش الأشهليان ، وثابت بن قيس بن شماس الخزرجي ، فكلموهما حتى أخذ أحد القوم سيف الزبير ، فضرب به الحجر حتى كسره ( 3 ) .

 

=> ابن خيرانة فهو محمد بن خيرانة المغربي المحدث الشهير ، من علماء المئة الرابعة . وأما ابن خذابة فهو عبد الله بن محمد بن خذابة .
( 1 ) المصادر المتقدمة وإحقاق الحق : ج 2 ص 370 و 371 .
( 2 ) إثبات الهداة : ج 2 ص 376 .
( 3 ) راجع : الرياض النضرة : ج 1 ص 241 ، وتاريخ الخميس : ج 2 ص 169 ، وراجع : المسترشد : ص 379 و 378 ، وإثبات الهداة : ج 2 ص 383 . ( * )

 
 

- ج2 ص 203 -

وقال " موسى بن عقبة في مغازيه : عن سعد بن إبراهيم ، حدثني أبي : أن أباه عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر ، وأن محمد بن مسلمة كسر سيف الزبير . ثم خطب أبو بكر واعتذر إلى الناس ( 1 ) .

 66 - وقال ابن الشحنة بعد أن ذكر أسماء الذين امتنعوا عن بيعة أبي بكر . . . ومالوا مع علي بن أبي طالب . " ثم إن عمر جاء إلى بيت فاطمة ليحرقه على من فيه ، فلقيته فاطمة ، فقال : أدخلوا فيما دخلت فيه الأمة . قال ابن واصل : فخرج علي إلى أبي بكر وبايعه . وقالت عائشة لم يبايع علي أبا بكر حتى ماتت فاطمة الخ " ( 2 ) .

 67 - قال ابن عبد ربه وكان معتزليا ، ورواه البلاذري وغيره : " أما علي والعباس والزبير ، فقعدوا في بيت فاطمة ، حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم . فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة ، فقالت : يا ابن الخطاب ، أجئت لتحرق دارنا ؟ ! أو قالت : أتراك محرقا علي بابي ؟ ! أو بيتي ؟ ! قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة الخ . . أو قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك . وجاء علي

 

( 1 ) البداية والنهاية : ج 5 ص 250 ، وسير أعلام النبلاء ( سيرة الخلفاء الراشدين ) ص 26 ، والرياض النضرة : ج 1 ص 241
( 2 ) روضة المناظر ( مطبوع بهامش الكامل في التاريخ ) ج 7 ص 164 و 165 . ( * )

 
 

- ج2 ص 204 -

فبايع ( 1 ) .

 68 - وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن زياد بن كليب ، قال : أتى عمر بن الخطاب منزل علي ، وفيه طلحة والزبير ، ورجال من المهاجرين ، فقال : والله ، لأحرقن عليكم ، أو لتخرجن إلى البيعة . فخرج عليه الزبير مصلتا بالسيف ، فعثر ، فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه ، فأخذوه ( 2 ) .

 69 - وفي نص آخر له ، قال : " وتخلف علي والزبير ، واخترط الزبير سيفه ، وقال : لا أغمده ، حتى يبايع علي ، فبلغ ذلك أبا بكر وعمر ، فقال عمر : خذوا سيف الزبير ، فاضربوا به الحجر .

 

( 1 ) راجع : أنساب الأشراف : ج 1 ص 586 والبحار : ج 28 ص 389 ، و 411 و 339 ، وهامش 268 ، والشافي للسيد المرتضى : ج 3 ص 241 ، والرياض النضرة : ج 1 ص 167 ، وتاريخ الخميس : ج 1 ص 178 ، وعوالم العلوم : ج 11 ص 602 و 408 والشافي لابن حمزة ج 4 ص 174 ، وتلخيص الشافي ج 3 ص 76 ، وشرح النهج للمعتزلي : ج 20 ص 147 ، العقد الفريد ج 4 ص 259 و 260 و 247 ، ط دار إحياء التراث . وراجع : نفحات اللاهوت : ص 79 ، وراجع : الكنى والألقاب : ج 1 ص 352 والمختصر في أخبار البشر : ج 1 ص 156 ، وأعلام النساء ج 3 ص 127 ، والطرائف : ص 239 ، وراجع : نهج الحق : ص 271 و 272 ، والغدير : ج 7 ص 77 ، و ج 5 ص 369 .
( 2 ) تاريخ الأمم والملوك ( ط دار المعارف ) ج 3 ص 202 والطرائف : ص 238 و 239 وراجع : أعلام النساء : ج 4 ص 114 ، ونهج الحق ص 271 و 272 ، والبحار : ج 28 ص 338 . والعوالم : ج 11 ص 407 ، وإثبات الهداة : ج 2 ص 333 و 334 . ( * )

 
 

- ج2 ص 205 -

قال : فانطلق إليهم عمر ، فجاء بهما تعبا ، وقال : لتبايعان وأنتما طائعان ، أو لتبايعان وأنتما كارهان ، فبايعا " ( 1 ) .

 70 - وقال المعتزلي : قال أبو بكر : وحدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن الحكم ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، عن ليث بن سعد ، قال : تخلف علي عن بيعة أبي بكر ، فأخرج ملببا يمضى به ركضا ، وهو يقول : معاشر المسلمين ، علام تضرب عنق رجل من المسلمين ، لم يتخلف لخلاف ، وإنما تخلف لحاجة ! فما مر بمجلس من المجالس إلا يقال له : انطلق فبايع ( 2 ) .

 71 - وقال المعتزلي : " ولم يتخلف إلا علي وحده ، فإنه اعتصم ببيت فاطمة ، فتحاموا إخراجه قسرا ، فقامت فاطمة ( ع ) إلى باب البيت فأسمعت من جاء يطلبه " ( 3 ) .

 72 - وقال ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي أيضا : قلت : قد أخذ هذا المعنى بعض شعراء الطالبيين من أهل الحجاز ، أنشدنيه النقيب جلال الدين عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد العلوي قال : أنشدني هذا الشاعر لنفسه - وذهب عني أنا اسمه - قال : يا أبا حفص الهوينى وما كنت * مليا بذاك لولا الحمام

 

( 1 ) تاريخ الأمم والملوك : ج 3 ص 203 .              ( 2 ) شرح نهج البلاغة : ج 6 ص 45 .
( 3 ) راجع : شرح نهج البلاغة : ج 2 ص 21 ، وراجع : البحار : ج 28 ص 110 و 311 . ( * )

 
 

- ج2 ص 206 -

أتموت البتول غضبى ونرضى * ما كذا يصنع البنون الكرام ! يخاطب عمر ويقول له : مهلا ورويدا يا عمر ، أي ارفق واتئد ولا تعنف بنا . وما كنت مليا ، أي وما كنت أهلا لأن تخاطب بهذا وتستعطف ، ولا كنت قادرا على ولوج دار فاطمة على ذلك الوجه الذي ولجتها عليه ، لولا أن أباها الذي كان بيتها يحترم ويصان لأجله مات فطمع فيها من لم يكن يطمع . ثم قال : أتموت أمنا وهي غضبى ونرضى نحن ! إذا لسنا بكرام ، فإن الولد الكريم يرضى لرضا أبيه وأمه ، ويغضب لغضبهما . والصحيح عندي : أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر ، وأنها أوصت ألا يصليا عليها ( 1 ) .

 73 - وقال المعتزلي الشافعي أيضا : قال أبو بكر : وأخبر أبو بكر الباهلي ، عن إسماعيل بن مجالد ، عن الشعبي ، قال : قال أبو بكر : يا عمر ، أين خالد بن الوليد ؟ قال : هو هذا ، فقال : انطلقا إليهما - يعني عليا والزبير - فأتياني بهما . فانطلقا فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج ، فقال عمر للزبير : ما هذا السيف ؟ قال : أعددته لأبايع عليا . قال : وكان في البيت ناس كثير ، منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميين ، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره ، ثم أخذ بيد الزبير ، فأقامه ثم دفعه فأخرجه ، وقال : يا خالد ، دونك هذا ، فأمسكه خالد - وكان خارج البيت مع خالد جمع كثير

 

( 1 ) شرح نهج البلاغة للمعتزلي : ج 6 ص 49 / 50 . ( * )

 
 

- ج2 ص 207 -

من الناس ، أرسلهم أبو بكر ردءا لهما . ثم دخل عمر فقال لعلي قم فبايع ، فتلكأ واحتبس ، فأخذ بيده ، وقال : قم ، فأبى أن يقوم ، فحمله ودفعه كما دفع الزبير . ثم أمسكهما خالد ، وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا ، واجتمع الناس ينظرون ، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة ما صنع عمر ، فصرخت وولولت ، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن ، فخرجت إلى باب حجرتها ، ونادت : يا أبا بكر ، ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله ! والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله ( 1 ) .

 74 - وروى المعتزلي الشافعي حديث السقيفة عن الجوهري فقال : قال أبو بكر : وحدثني أبو زيد عمر بن شبة ، قال : حدثنا أحمد بن معاوية ، قال : حدثني النضر بن شميل ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن سلمة بن عبد الرحمن ، قال : لما جلس أبو بكر على المنبر ، كان علي ( ع ) والزبير وناس من بني هاشم في بيت فاطمة ، فجاء عمر إليهم ، فقال : والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم ! فخرج الزبير مصلتا سيفه ، فاعتنقه رجل من الأنصار وزياد بن لبيد . فبدر السيف ، فصاح به أبو بكر وهو على المنبر : اضرب به الحجر ، فدق به

 

( 1 ) شرح نهج البلاغة للمعتزلي : ج 6 ص 48 و 49 ، و ج 2 ص 57 . وراجع : البحار : ج 28 ص 204 . ( * )

 
 

- ج2 ص 208 -

قال أبو عمرو ابن حماس : فلقد رأيت الحجر فيه تلك الضربة ، وقال : هذه ضربة سيف الزبير . ثم قال أبو بكر : دعوهم فسيأتي الله بهم ، قال : فخرجوا إليه بعد ذلك فبايعوه ( 1 ) .

 75 - قال أبو بكر : وقد روي في رواية أخرى أن سعد بن أبي وقاص ، كان معهم في بيت فاطمة ( ع ) والمقداد بن الأسود أيضا ، وأنهم اجتمعوا على أن يبايعوا عليا ( ع ) ، فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت ، فخرج إليه الزبير بالسيف ، وخرجت فاطمة ( ع ) تبكي وتصيح ، فنهنهت من الناس ، وقالوا : ليس عندنا معصية ، ولا خلاف في خير اجتمع عليه الناس ، وإنما اجتمعنا لنؤلف القرآن في مصحف واحد . ثم بايعوا أبا بكر ، فاستمر الأمر واطمأن الناس ( 2 ) .

 76 - قال أبو بكر : وحدثني أبو زيد عمر بن شبة ، عن رجاله ، قال : جاء عمر بيت فاطمة في رجال من الأنصار ونفر قليل من المهاجرين ، فقال : والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم ، فخرج إليه الزبير مصلتا بالسيف ، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر ، فندر السيف من يده ، فضرب به عمر الحجر فكسره ، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقا عنيفا ، حتى بايعوا أبا بكر ( 3 ) .

 77 - قال أبو زيد : وروى النضر بن شميل ، قال : حمل سيف الزبير لما ندر من يده إلى أبي بكر وهو على المنبر يخطب ، فقال : اضربوا به الحجر ، قال أبو عمرو ابن حماس : ولقد رأيت الحجر وفيه

 

( 1 ) و ( 2 ) و ( 3 ) شرح نهج البلاغة : ج 2 ص 56 و 48 . ( * )

 
 

- ج2 ص 209 -

تلك الضربة ، والناس يقولون : هذا أثر ضربة سيف الزبير ( 1 ) .

 78 - قال المعتزلي : ابن عبد الحميد ، قال : لما أكثر الناس في تخلف علي ( ع ) عن بيعة أبي بكر ، واشتد أبو بكر وعمر عليه في ذلك ، خرجت أم مسطح بن أثاثة ، فوقفت عند القبر ، وقالت : كانت أمور وأنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب ( 2 ) إنا فقدناك فقد الأرض وابلها واختل قومك فاشهدهم ولا تغب ( 3 )

قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز : وأخبرنا أبو زيد عمر بن شبة ، قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر ، عن ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، قال : غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة ، وغضب علي والزبير ، فدخلا بيت فاطمة ( ع ) ، معهما السلام ، فجاء عمر في عصابة ، منهم أسيد بن حضير وسلمة بن سلامة بن وقش - وهما من بني عبد الأشهل - فاقتحما الدار ، فصاحت فاطمة ( ع ) ، وناشدتهم الله . فأخذوا سيفي علي والزبير ، فضربوا بهما

 

( 1 ) المصدر السابق : ج 6 ص 48 .
( 2 ) الهنبثة ، واحدة الهنابث ، وهي الأمور الشداد المختلفة ، والبيتان في اللسان ( 3 : 20 ) ، وذكر أنه جاء في حديث : أن فاطمة قالتهما بعد موت الرسول ( ص ) ، وذكر أيضا أنه ورد هذا الشعر في حديث آخر ، قال : لما قبض رسول الله ( ص ) خرجت صفية تلفع بثوبها وتقول البيتين .
( 3 ) شرح نهج البلاغة للمعتزلي : ج 2 ص 50 . ( * )

 
 

- ج2 ص 210 -

الجدار حتى كسروها ، ثم أخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعا ( 1 ) .

 79 - إلى أن قال : قال أبو بكر - وقد روى بإسناد آخر ذكره ، أن ثابت بن قيس بن شماس كان مع الجماعة الذين حضروا مع عمر في بيت فاطمة ( ع ) ، وثابت هذا أخو بني الحارث ابن الخزرج .

 80 - وروى أيضا أن محمد بن مسلمة كان معهم ، وأن محمدا هو الذي كسر سيف الزبير ( 2 ) .

 81 - وذهب عمر ومعه عصابة إلى بيت فاطمة ، منهم أسيد بن حضير وسلمة بن أسلم ، فقال لهم : انطلقوا فبايعوا ، فأبوا عليه ، وخرج إليهم الزبير بسيفه ، فقال عمر : عليكم الكلب ، فوثب عليه سلمة بن أسلم ، فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار ، ثم انطلقوا به وبعلي ومعها بنو هاشم ، وعلي يقول : أنا عبد الله وأخو رسول الله ( ص ) ، حتى انتهوا به إلى أبي بكر ، فقيل له : بايع ، فقال : أنا أحق : بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله ، فأعطوكم المقادة ، وسلموا إليكم الإمارة ، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار . فأنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم ، واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم ، وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون .

 

( 1 ) شرح نهج البلاغة للمعتزلي : ج 2 ص 50 ، و ج 6 ص 47 و ج 3 ص 49 وطبقات ابن سعد : ج 8 ص 228 .
( 2 ) شرح نهج البلاغة : ج 2 ص 50 و 51 و ج 6 ص 48 . ( * )

 
 

- ج2 ص 211 -

فقال عمر : إنك لست متروكا حتى تبايع . فقال له علي : احلب يا عمر حلبا لك شطره ! اشدد له اليوم أمره ليرد عليك غدا ! ألا والله لا أقبل قولك ولا أبايعه . فقال له أبو بكر الخ . . ( 1 ) .

 82 - وقال المعتزلي : " فأما الأمور الشنيعة المستهجنة التي تذكرها الشيعة عن إرسال قنفذ إلى بيت فاطمة ( ع ) ، وأنه ضربها بالسوط ، فصار في عضدها كالدملج ، وبقي أثره إلى أن ماتت ، وأن عمرا ضغطها بين الباب والجدار ، فصاحت يا أبتاه يا رسول الله ، وألقت جنينها ميتا ، فكله لا أصل له عند أصحابنا . . . إلى أن قال : وإنما تنفرد الشيعة بنقله " ( 2 ) . مع أنه هو نفسه قد نقل عن شيخه حديث إسقاط المحسن ، وتساءل عن موقف رسول الله ( ص ) منه حين روى إهدار النبي دم هبار بن الأسود ، لأنه روع زينب . وأخبره شيخه حين طالبه بالأمر بأن الأخبار عنده متعارضة ، وأنه متوقف في هذا الأمر ( 3 ) . كما أننا قد ذكرنا عشرات النصوص عن غير الشيعة تثبت هذا الأمر ، فلا وجه لما قاله إذن .

 83 - وقال ابن أبي الحديد : وأما حديث الهجوم على بيت فاطمة ( ع ) فقد تقدم الكلام فيه . والظاهر عندي صحة ما يرويه المرتضى والشيعة ، ولكن لا كل ما يزعمونه ، بل كان بعض ذلك ، وحق لأبي بكر أن يندم ويتأسف على

 

( 1 ) شرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي : ج 6 ص 11 .
( 2 ) شرح نهج البلاغة للمعتزلي : ج 2 ص 60 .         ( 3 ) شرح نهج البلاغة للمعتزلي . ( * )

 
 

- ج2 ص 212 -

ذلك ، وهذا يدل على قوة دينه ، وخوفه من الله تعالى ، فهو بأن يكون منقبة له أولى من كونه طعنا عليه ( 1 ) .

 84 - ويقول : " أما حديث التحريق وما جرى مجراه من الأمور الفظيعة ، وقول من قال : إنهم أخذوا عليا يقاد بعمامته ، والناس حوله فأمر بعيد . والشيعة تنفرد به ، على أن جماعة من أهل الحديث قد رووا نحوه " ( 2 ) .
ولا ندري كيف نجمع بين قوله : " الشيعة تنفرد به " وبين قوله : " إن جماعة من أهل الحديث قد رووا نحوه " . والمعتزلة منهم على الخصوص وقد عرفت أن كل ما استبعده قد رواه الجمهور من أهل نحلته . وقد قال السيد المرتضى : إن رد النصوص بالاستبعادات من دون ذكر مبرر ولا دليل ، لا يلتفت إليه . .

 85 - قال ابن قتيبة الدينوري : وأما علي والعباس بن عبد المطلب ومن معهما من بني هاشم فانصرفوا إلى رحالهم ، ومعهم الزبير بن العوام ، فذهب إليهم عمر في عصابة فيهم أسيد بن حضير ، وسلمة بن أسلم ، فقالوا : انطلقوا فبايعوا أبا بكر ، فأبوا ، فخرج الزبير بن العوام ( رض ) بالسيف ، فقال عمر ( رض ) عليكم بالرجل فخذوه فوثب عليه سلمة بن أسلم ، فأخذ السيف من يده ، فضرب به الجدار ، وانطلقوا به فبايع وذهب بنو هاشم أيضا فبايعوا .

 

( 1 ) نهج البلاغة شرح ابن أبي الحديد : ج 17 / 168 .
( 2 ) شرح نهج البلاغة للمعتزلي : ج 2 ص 21 والبحار : ج 28 ص 310 و 311 . ( * )

 
 

- ج2 ص 213 -

ثم إن عليا كرم الله وجه أتي به إلى أبي بكر وهو يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله ، فقيل له : بايع أبا بكر . فقال : أنا أحق بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي ( ص ) ، وتأخذونه منا أهل البيت غصبا ؟ ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة ، وسلموا إليكم الإمارة ، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار نحن أولى برسول الله حيا وميتا ، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون . فقال له عمر : إنك لست متروكا حتى تبايع . فقال له علي : احلب حلبا لك شطره ، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا . ثم قال : والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه ( 1 ) .

 86 - وقال ابن قتيبة أيضا . قال : وإن أبا بكر ( رض ) تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه ، فبعث إليهم عمر ، فجاء فناداهم وهم في دار علي ، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده ، لتخرجن أن لأحرقنها على من فيها . فقيل له : يا أبا حفص ، إن فيها فاطمة ؟ فقال : وإن .

 

( 1 ) الإمامة والسياسة : ج 1 ص 28 و 29 وإحقاق الحق : ج 2 ص 351 . ( * )

 
 

- ج2 ص 214 -

فخرجوا فبايعوا إلا عليا فإنه زعم أنه قال : حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن . فوقفت فاطمة ( رض ) على بابها ، فقالت لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضرا منكم ، تركتم رسول الله ( ص ) ، جنازة بين أيدينا ، وقطعتم أمركم بينكم ، لم تستأمرونا ، ولم تردوا لنا حقا .

فأتى عمر أبا بكر ، فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة ؟ فقال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له : اذهب فادع لي عليا . قال : فذهب إلى علي ; فقال له : ما حاجتك ؟ فقال : يدعوك خليفة رسول الله . فقال علي : لسريع ما كذبتم على رسول الله . فرجع فأبلغ الرسالة . قال : فبكى أبو بكر طويلا .

فقال عمر الثانية : لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة . فقال أبو بكر ( رض ) لقنفذ : عد إليه ، فقل له : خليفة رسول الله يدعوك لتبايع . فجاءه قنفذ ، فأدى ما أمر به . فرفع علي صوته فقال : سبحان الله ! لقد ادعى ما ليس له . فرجع قنفذ ، فأبلغ الرسالة .

- ج2 ص 215 -

فبكى أبو بكر طويلا . ثم قام عمر ، فمشى معه جماعة ، حتى أتوا باب فاطمة ، فدقوا الباب ، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها ، يا أبت يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة ؟ فلما سمع القوم صوتها وبكاءها ، انصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم تنصدع ، وأكبادهم تنفطر .

وبقي عمر ومعه قوم ، فأخرجوا عليا ، فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع . فقال : إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك . فقال : إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله . قال عمر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا . وأبو بكر ساكت لا يتكلم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه بأمرك ؟ فقال : لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه ، فلحق علي بقبر رسول الله ( ص ) يصيح ويبكي ، وينادي : يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ( 1 ) .

 87 - قال عمر لأبي بكر ، ( رض ) : انطلق بنا إلى فاطمة ، فإنا

 

( 1 ) الإمامة والسياسة : ج 1 ص وراجع : تلخيص الشافي : ج 2 ص 144 و 145 . وأعلام النساء : ج 4 ص 114 ، ومصادر كثيرة أخرى نقلت ذلك عن ابن قتيبة ، مثل تشييد المطاعن ، وغيره . ( * )

 
 

- ج2 ص 216 -

قد أغضبناها ، فانطلقا جميعا ، فاستأذنا على فاطمة ، فلم تأذن لهما . فأتيا عليا فكلماه ، فأدخلهما عليها ، فلما قعدا عندها ، حولت وجهها إلى الحائط ، فسلما عليها ، فلم ترد عليهما السلام .

فتكلم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسول الله ! والله إن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي ، وإنك لأحب إلي من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أني مت ، ولا أبقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله ؟ ! إلا أني سمعت أباك رسول الله ( ص ) يقول : " لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة " .

فقالت : أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله ( ص ) تعرفانه وتفعلان به ؟ قالا : نعم . فقالت : نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول : " رضى فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني ؟ " . قالا : نعم سمعناه من رسول الله ( ص ) . قالت : فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه . فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة ، ثم انتحب أبو بكر يبكي ، حتى كادت نفسه أن تزهق .

- ج2 ص 217 -

وهي تقول : والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها . ثم خرج باكيا فاجتمع إليه الناس ، فقال لهم : يبيت كل رجل منكم معانقا حليلته ، مسرورا بأهله ، وتركتموني وما أنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي . قالوا : يا خليفة رسول الله ، إن هذا الأمر لا يستقيم ، وأنت أعلمنا بذلك ، إنه إن كان هذا لم يقم لله دين . فقال : والله لولا ذلك وما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة ولي في عنق مسلم بيعة ، بعدما سمعت ورأيت من فاطمة . قال : فلم يبايع علي كرم الله وجهه حتى ماتت فاطمة ( رض ) ، ولم تمكث بعد أبيها إلا خمسا وسبعين ليلة ، قال : فلما توفيت أرسل . الخ ( 1 ) .

 88 - وقال عمر رضا كحالة : إن الأخباريين من الشيعة رووا : أن أبا بكر كتب لفاطمة " بفدك كتابا ، فلما خرجت به ، وجدها عمر ، فمد يده إليه ليأخذه مغالبة


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net