متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
أولا - قطع الطريق على الأنبياء والرسل عليهم السلام
الكتاب : معالم الفتن ج1    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

أولا - قطع الطريق على الأنبياء والرسل عليهم السلام:

أخبر الله تعالى بأنه عندما أمر الملائكة بالسجود قال إبليس (أنا خير منه) (1) وقال (لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال..) (2) فالرفض يحمل في أعماقه الحسد والكبر. وفي نفس الوقت يحتوي على أطروحة كاملة لتحقير الجنس البشري. وهذا الرفض وهذه الأطروحة، شكلا في الحقيقة فقها كاملا للشيطان نسميه " فقه التحقير " وهذا الفقه مارس عمله ضد الأنبياء والرسل من آدم إلى محمد عليهما السلام. وإذا كان مؤسس الفقه، رفض أمر الله بالسجود لآدم في بداية الخلق، فإنه على امتداد المسيرة البشرية وضع العقبات أمام أمر الله الذي يحمله الأنبياء والرسل للسجود لله تعالى. والعقبات التي وضعها الشيطان من أجل الوصول إلى هدفه، كان عمودها الفقري تحقير الأنبياء والرسل، على اعتبار أنهم بشر وليسوا ملائكة. وإذا كان الشيطان في البداية قد قال: (لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال) (3) فإن حملة فقهه على امتداد التاريخ الإنساني وقفوا من دعوة الأنبياء في خنادق الحسد والكبر، رافعين راية التحقير للبشر الذي خلقه الله من طين، نسوا الله فأنساهم أنفسهم. * (قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) * (4). فماذا كان رد جحافل الظلام على امتداد التاريخ الإنساني. يقول تعالى: * (وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ) * (5) وقال تعالى: (قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن

____________

(1) سورة الأعراف: الآية 12.

(2) سورة الحجر: الآية 33.

(3) سورة الحجر: الآية 33.

(4) سورة إبراهيم: الآية 11.

(5) سورة الأنعام: 91.

الصفحة 26
من شئ) * (1)، وقال تعالى: (فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد) (2)، وقالوا: (ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون) (3)، ولأنهم يرفعون لافتة التحقير الشيطانية التي ينفذون بنودها بدون تعقل قالوا: (لو شاء ربنا لأنزل ملائكة) (4). وقالوا: (لولا أنزل عليه ملك) (5)، لقد رفضوا البشر الذي خلقه الله من طين. وكان هذا الرفض مقدمة كبرى للصد عن سبيل الله، قال تعالى: * (وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا ابعث الله بشرا رسولا) * (6). وعلى هذا الرفض دق الشيطان وتدا شع ثقافة جاء عليها الفراعنة والقياطرة والأباطرة، الذين ادعوا أن دماء الآلهة تجري في عروقهم. ووفقا لهذا الادعاء الذي سانده كهنة الاغواء والتزيين، هرول الناس إلى عبادتهم من دون الله، وعلى هذه العبادة شيدت الأصنام، وهتكت الأعراض، وجلدت الشعوب، ورفعت رايات الجبرية والطاغوت واعتبر الخارج عنها خارج على القانون. ولم يقف فقه التحقير عند الأنبياء والرسل عليهم السلام، وإنما مارس هذا الفقه عمله على امتداد المسيرة بعد رحيل كل نبي وكل رسول. فلقد اعتمد الجبابرة على حملات التشكيك والتشويش المنظم لوقف مسيرة الذين يأمرون بالقسط من الناس. فإذ لم تأت الحملات بالثمار المطلوبة، اعتمدوا لهم أسلوب اليد الغليظة بالحجر تارة وبالسيف تارة وبقطع الرؤوس والطواف بها تارة أخرى.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net