متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
2 - أضواء على الأنصار
الكتاب : معالم الفتن ج1    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

2 - أضواء على الأنصار:

الأنصار هم القوة الضاربة في جيش الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وأطاحت سيوفهم برقاب العديد من أهل مكة. وكان الطلقاء من أهل مكة يحملون أحقادا للأنصار. وهذه الأحقاد بلغت ذروتها يوم الحرة عندما اجتاحت خيول يزيد بن معاوية المدينة وبايعه أهل المدينة على أنهم عبيد له. والنبي صلى الله عليه وسلم وضع الأنصار مع علي بن أبي طالب على أرضية واحدة هي أرضية الإيمان. روى مسلم عن علي أنه قال: إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق (4)، وفي الأنصار روى مسلم عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار الغرب / الدلو.

(2) ذرو / طرف.

(3) ابن أبي الحديد 765 / 3.

(4) رواه مسلم (61 / 1 ط التحرير).

الصفحة 285
لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله (1)، وروى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يبغض الأنصار جل يؤمن بالله واليوم الآخر (2)، وروى مسلم عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " حب الأنصار آية الإيمان وبغضهم آية النفاق " (3).

ولأن عليا والأنصار على أرضية واحدة كان أبو سعيد الخدري يقول: " إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب " (4)، وقال النووي في شرح مسلم: إن من عرف مرتبة الأنصار وما كان منهم في نصرة دين الله والسعي في إظهاره. وعرف من علي بن أبي طالب قربه من رسول الله وحب النبي له، وما كان منه في نصرة الإسلام، ثم أحب الأنصار وعليا كان ذلك من دلائل صحة إيمانه، ومن أبغضهم كان ضد ذلك واستدل به على نفاقه وفساد سريرته (5).

والنظر إلى الأنصار لا ينبغي أن يحمل على أن جميع الأنصار في دائرة الإيمان. لأن كل قاعدة بها وتد للنفاق، قال تعالى: (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) (6)، والمعنى وممن حولكم أو حول المدينة من الأعراب الساكنين في البوادي منافقون مرقوا على النفاق ومن أهل المدينة أيضا منافقون معتادون على النفاق لا تعلمهم أنت يا محمد نحن نعلمهم - لذا فدائرة الإيمان على أرضية الأنصار لا ترى إلا على طريق علي بن أبي طالب. فعلي إنسان فطري رباه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وغرس فيه القيادة كما غرس صلى الله عليه وآله في

____________

(1) رواه مسلم (60 / 1 ط التحرير).

(2) رواه مسلم (60 / 1 ط التحرير).

(3) رواه مسلم (60 / 1 ط التحرير).

(4) رواه الترمذي (الجامع 635 / 5) ورواه الخطيب عن أبي ذر بلفظ آخر (كنز 106 / 13).

(5) مسلم شرح النووي (64 / 2).

(6) سورة التوبة: الآية 101.

الصفحة 286
الأنصار الجندية. ولهذا ترى الجندية الحقة على صفحة القيادة الحقة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرتب الأنصار على درجات، روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: " خير دور الأنصار دور بني النجار ثم دور بني الأشهل ثم بني الحرث بن الخزرج ثم بني ساعدة وفي كل دور الأنصار خير " (1)، وعندما علم سعد بن عبادة بهذا الترتيب حيث بني ساعدة التي اشتهرت بسقيفتها رابع أربع قال: خلفنا رسول الله فكنا آخر الأربع. اسرجوا لي حماري أتى صلى الله عليه وسلم فقال له ابن أخيه: أتذهب لترد على رسول الله صلى الله عليه وآله أعلم. أو ليس حسبك أن تكون رابع أربع فرجع وقال: الله ورسوله أعلم (2).

ومن الغريب أن في صحيح البخاري حديثا يتهم سعد بن عبادة بالنفاق.

والحديث روته أم المؤمنين عائشة في قصة الإفك، وفيه: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي. فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي. فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك. فقال سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا!! ولكن احتملته الحمية فقال: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على ذلك. فقام أسيد ابن الحضير فقال: كذبت لعمر الله والله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين. فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فنزل فخفضهم حتى سكتوا وسكت " (3) فسعد بن عبادة الذي زاحم المهاجرين في البيعة وطلبها للأنصار كما طلبها

____________

(1) رواه مسلم في الصحيح (70 / 16) والترمذي (الجامع 720 / 5) البخاري (الصحيح 311 / 4).

(2) رواه مسلم (الصحيح 175 / 6).

(3) رواه البخاري باب حديث الإفك من كتاب الشهادات (الصحيح 104 / 2).

الصفحة 287
المهاجرين لأنفسهم متهم في صحيح البخاري بالنفاق وبالدفاع عن المنافقين بعد أن كان رجلا صالحا. وحدث هذا أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net