متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
6 - الخلافة في قريش
الكتاب : معالم الفتن ج1    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

6 - الخلافة في قريش:

في سقيفة بني ساعدة لم يذكر فيها نص عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن الأئمة من قريش والروايات الواردة في الجدل الذي دار بين المهاجرين وبين الأنصار ليس فيها إلا إلى أبي بكر وعمر بأن قريشا أهل النبي صلى الله عليه وسلم وعشيرته وأن العرب لا تطيع غير قريش. وقول أبي بكر لهم: إن هذا الأمر لا يصلح إلا لهذا الحي من قريش. ليس نصا مرويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد يكون أبو بكر قد ذكر هذا بناءا على نص سمعه من رسول الله فنقل لهم معناه. وفي أثناء المواجهة بين المهاجرين وبين الأنصار برز علي بسطح القول: " بأن الأئمة من قريش "، وكان أول من قال به عكرمة بن أبي جهل ثم أكده عمرو بن العاص عندما عاد من سفره ثم رواه بعد

____________

(1) ابن أبي الحديد 285 / 2.

(2) رواه البخاري (الصحيح 311 / 4) مسلم (الصحيح 152 / 7).

الصفحة 301
ذلك معاوية بن أبي سفيان وغيره، وروى عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان " (1). وحديث الأئمة من قريش لا جدال في أنه حديث صحيح ولكن الكثير اختلف في تحديد معناه ومبناه. قال البعض: إن النسب ليس بشرط وأن الإمامة تصلح في القرشي وغير القرشي إذا كان سيجمعنا للشرائط المعتبرة. وقال البعض: إن القرشية شرط إذا وجد في قريش من يصلح للإمامة فإن لم يكن فيها من يصلح فليست القرشية شرط فيها. وقال البعض: إن النسب شرط فيها وأنها لا تصلح إلا في العرب خاصة ومن العرب فقريش خاصة. وقال في فتح الباري: وقال البعض لا تجوز إلا في بني أمية وعن بعضهم لا يجوز إلا في ولد عمر. وقال ابن حزم ولا حجة لأحد من هؤلاء الفرق. وبالغ ضرار بن عمرو فقال: تولية غير القرشي أولى لأنه يكون أقل عشيرة فإذا عصى أمكن خلعه (2) وقال البعض إنها في العباس وولده من بطون قريش كلها. وقال البعض الآخر: إنها في الفاطميين.

وقال آخرون: تجوز في غير الفاطميين من ولد علي بن أبي طالب وهناك من جعلها في محمد بن الحنفية وولده، ومنهم من نقلها منه إلى ولد غيره. قال البعض: إنها سارية في ولد الحسين في أشخاص مخصوصين.

وهذا الاختلاف ليس معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ترك أمته ولم يبين لهم وجه الصواب في هذه المسألة. لقد بين وساق الناس إلى الصراط المستقيم. ولكن السياسة كان لها أقوال وأفعال وإليها يعود كل اختلافات الأمة.

وعلى أي حال فكل فريق وكل طائفة لديه أصوله وحججه. ولأننا نبحث هنا في المواجهة بين المهاجرين وبين الأنصار يحتم علينا البحث أن نلقي الضوء على عنوان " الأئمة من قريش ".

ونحن أمام هذا العنوان يجوز لنا أن نسأل إذا كان الأئمة من قريش فما معنى قول عمر بن الخطاب: لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا

____________

(1) رواه البخاري في مناقب قريش (الصحيح 265 / /).

(2) فتح الباري 118 / 13.

الصفحة 302
لاستخلفته (1)، وما جعلتها شورى (2)، وسالم لم يكن قرشيا وإنما كان من المؤيدين الأوائل للمهاجرين يوم السقيفة. وإذا كان الأئمة من قريش فأي قريش يعنيها الحديث؟ ومن المعروف من عبد مناف خرجت شجرة بني هاشم وشجرة بني عبد شمس حيث بني أمية وبني العاص وقال ابن حجر في فتح الباري: وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان وما ولد أخرجها الطبراني وغيره وبعضها جيد (3) فما معنى أن يكون على رقبة الأئمة أئمة ملعونين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. والذي ينظر في التاريخ نظرة المتدبر تجد معالم الفتن التي غرست في هذه العهود وإن كان يعلوها البريق والزخرف وكل أدوات التزيين. وهذه الفتن ما ترتب عليها من حركة تؤكد صحة هذه الأحاديث.

فأي قريش التي تدخل تحت سقف " الأئمة من قريش " مع العلم أن قريشا كما ذكر المسعودي خمسة وعشرون بطنا (4)، قد يقال: يدخل تحت هذا السقف من كان مستجمعا للشرائط المعتبرة. نقول: كيف؟ والأمة بها العديد من الدوائر التي هدفها الصد عن سبيل الله. وفيها أصحاب الخشوع الزائف والمنافق عليم اللسان والأئمة المضلين وجميع هؤلاء ورد فيهم أحاديث صحيحة. وغير هذا.

هل يمكن للناس الوصول إلى من يتصف بالصفات الحميدة. وهل في وسعهم الاتحاد والاتفاق على اختياره وانتخابه؟ فإذا كانت الإجابة بنعم. فما معنى اختلاف الأمة في الإصابة. وهل القرشية شرط أو أن النسب ليس بشرط. وهذا إن دل على شئ إنما يدل على أن الأمة ليست متفقة في الرأي وإن لكل فرد أو قبيلة رأي يخالف الباقين. ومن المعلوم أن أي اختلاف وأي افتراق لا بد وأن تدثره حجة من الله. حتى إذا اختلفوا لم يكن لهم على الله حجة. بمعنى إن الله تعالى يرشدهم إلى الحق ويحيطهم علما بذلك. فإذا بغوا كان بغيهم بعد العلم وبهذا لا يكون لهم على الله حجة.

____________

(1) الطبري 34 / 5.

(2) الإستبصار في معرفة الأنصار ص 296.

(3) فتح الباري 11 / 13 كتاب الفتن.

(4) مروج الذهب / المسعودي 276 / 2.

الصفحة 303
إن سقف الأئمة من قريش سقف واسع ولا يمكن تحديد من كان مستجمعا للشروط المعتبرة وفقا لمقاييس القلوب إلا بإرشاد من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما الاستجماع للشروط وفقا للصور والثياب واللون وبلاغة اللسان فهذه أمور أخرى. وليس معنى أن الأئمة من قريش أن القرشي يستحق الإمامة. كما أنه ليس المعنى إن الله كرم الإنسان إن كل إنسان سيدخل الجنة وينال رضا ربه جل وعلا. ومن الدليل أن القول بإمامة قريش قول واسع لا بد له من تحديده وخوف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته من قريش نفسها فقال: " يهلك أمتي هذا الحي من قريش " (1)، وقال: " إن هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش " (2)، وطالب باعتزالهم فقال: " لو أن الناس اعتزلوهم " (3)، إن التعريف الواسع يدفع إلى الفتن روى الإمام أحمد عن عمران بن حصين قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لا أخشى على قريش إلا نفسها قلت:

وما هو؟ قال: أشحة سمرة أن طال بك عمر رأيتهم يفتنون الناس حتى يرى الناس بينهم كالغنم بين الحوضين مرة إلى هذا ومرة إلى هذا " (4)، وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ولتحملنكم قريش على سنة فارس والروم ولتؤمنن عليكم اليهود والنصارى والمجوس " (5).

إن هذه حقائق. وعندما ترعرع الزرع في عهد بني أمية قال أبو برزة " إني أصبحت ساخطا على أحياء قريش " (6)، فأي قريش؟ هل يمكن تفادي ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيحدث بأن يختار الناس لأنفسهم؟ وما ذكره

____________

(1) رواه البخاري ك بدء الخلق ب علامات النبوة (الصحيح 280 / 2) مسلم ك الفتن (الصحيح 41 / 18) أحمد (الفتح الرباني 39 / 23).

(2) رواه البخاري (الصحيح 280 / 2) ك بدء الخلق ب علامات النبوة.

(3) البخاري (280 / 2) مسلم كتاب الفتن (41 / 18) أحمد (الفتح 39 / 23).

(4) رواه أحمد وقال الهيثمي رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات (الزوائد 248 / 5).

(5) رواه الطبراني (الزوائد 236 / 7).

(6) البخاري لا الأحكام (الصحيح 230 / 4) وأحمد والنسائي وابن ماجة والطبراني (الفتح الرباني 189 / 23).

الصفحة 304
النبي الأعظم صلى الله عليه وآله في قريش قال مثله في مضر فعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن هذا الحي من مضر لا تدع لله في الأرض عبدا صالحا إلا افتتنته وأهلكته " (1)، وفي رواية: " إلا فتنوه أو قتلوه " (2) مما سبق علمنا أن عنوان الأئمة من قريش عنوان واسع، ولكي نحدد المكان الخاص تحت السقف العام. فلا بد أن نحدد أولا: أين جانب الفخر في قريش؟ هل هو في قريش أم في عبد مناف أم في أولاده. أم أن جانب الفخر في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ روى أن عبد الله بن الزبير تفاخر يوما أمام ابن عباس، بأن أبيه حواري رسول الله وأسماء بنت أبي بكر أمه وعمته خديجة سيدة نساء العالمين وأن عائشة أم المؤمنين خالته وأن صفية عمة رسول الله جدته. فقال ابن عباس: لقد ذكرت شرفا رفيعا. وإنك لم تذكر فخرا إلا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأنا أولى بالفخر منك، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما افترقت فرقتان إلا كنت في خيرهما "، وقد فارقناك يا ابن الزبير من بعد قصي بن كلاب. أفنحن في فرقة الخير أم لا؟ إن قلت نعم خصمت وإن قلت لا. كفرت.. فالرسول صلى الله عليه وآله هو جانب الفخر في قريش وعنده يكون الشموخ وفيه بكون الطهر. ومكانة الرسول صلى الله عليه وآله منذ نور الله ذرية آدم مكانة رفيعة فلقد جعله الله في خير الفرق وخير القبائل وخير البيوت وخير النفوس. فعن وائلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم " (3)، لقد سار الفخر على امتداد التاريخ حتى استقر في المكان الذي يقف فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فمن أراد الفخر فلا يبحث في محطة قريش وإنما يبحث في المكان الذي استقر عنده.

____________

(1) رواه أحمد وقال الهيثمي رواه أحمد والبزار وأحد أسانيد أحمد وأحد أسانيد البزار رجاله رجال الصحيح (الفتح 240 / 23).

(2) رواه أحمد (الفتاح 240 / 23).

(3) رواه مسلم ك الفضائل (الصحيح 36 / 15) والترمذي وصححه (الجامع 583 / 5).

الصفحة 305
وبما أن بني هاشم بيوت وللرسول بيتا فيهم، تم تحديد دائرة في بني هاشم وفي هذه الدائرة يوجد الفخر. قال النبي صلى الله عليه وسلم:

" إن الله خل‍ الخلق فجعلني في خيرهم فرقة. ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا وخيرهم نفسا " (1). فالدائرة التي نقصدها هي دائرة النفس. أي الدائرة التي ترتبط بالروح أكثر من ارتباطها بالأرض. وترتبط بالهدف أكثر من ارتباطها بالقبائل. ومقام النفس له معالم وامتداد. وإذا أردنا أنا نضع أيدينا عليه. فلنقرأ قوله تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) (2) ففي هذه الآية وردت أحاديث تلقتها الأمة بالقبول. وقال فيها العلماء قولا واحدا هو: إن معنى (أنفسنا وأنفسكم)، رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب (وأبناءنا) الحسن والحسين (ونساءنا) فاطمة (3) فالفخر بعد رسول الله ترى معالمه في دائرة النفس والمتدبر في قول النبي لعلي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق يتبين ذلك بسهولة ويسر. ولقد قدمنا فيما سبق الأحاديث الصحيحة التي أخبر فيها النبي صلى الله عليه وسلم بأن عليا أصل شجرة الرسول. وإن أولاده هم عترة الرسول. وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل بني آدم ينتمون إلى عصبة إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم " (4)، وفي رواية: " إن لكل بني أب عصبة ينتمون إليها إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم وهم عترتي خلقوا من طينتي ويل للمكذبين بفضلهم من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله " (5)، واستمرارية دائرة النفس وتفضيلها على غيرها جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " نحن خير من أبنائنا وبنونا خير من أبنائهم وأبناء بنينا خير من أبناء

____________

(1) رواه الترمذي وصححه (الجامع 584 / 5) وأحمد (الفتح الرباني 266 / 21).

(2) سورة آل عمران: الآية 61.

(3) تفسير ابن كثير 351 / 1.

(4) رواه الطبراني عن فاطمة (كنز العمال 116 / 12).

(5) رواه ابن عساكر والحاكم عن جابر (كنز 98 / 12).

الصفحة 306
أبنائهم " (1)، وقوله: " نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد " (2).

ومهمة دائرة النفس هي سوق الناس إلى ربهم. ومن صفات أصحاب هذه الدائرة أنهم يقفون على أرضية الرسول. أرضية العبد الكريم. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبارا عنيدا " (3)، وقال: " إنا بعثت رحمة ولم أبعث عذابا " (4).

ووفقا لما تقدم نقول: إن النبي صلى الله عليه وآله إذا ذم قريشا أو أمر باعتزالها. فإن المقصود بقريش. قريش التي لا يوجد فيها. وإذا أمر بالالتفاف حول قريش فليس معنى هذا أن نبحث عن نسل عبد مناف ونجري وراء أبناء عبد شمس حديث أمية وحرب وأبو سفيان وحيث العاص والحكم ومروان وامتداد طابورهما الطويل. أو نبحث في أصول العباس التي تنتهي عند الخليفة المستعصم وإنما علينا أن نبحث أين رسول الله صلى الله عليه وآله. وكما ذم النبي صلى الله عليه وآله قريشا ذم أيضا مضر. كما قدمنا وفي مقابل ذلك قال: " إذا اختلف الناس فالحق في مضر " (5)، ولماذا يكون الحق في مضر؟

الإجابة: لأن للنبي قدم في مضر قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إن جبريل أخبرني أني رجل من مضر " (6)، وإذا كان للرسول امتداد إلى مضر فإن هذا الامتداد ينتهي أيضا إلى أهل البيت. وفروع مضر كان يعلمها الأوائل وهم المخاطبون بهذا الحديث. والحكمة من وراء هذا جمع القبائل عند نقطة واحدة.

وبيان أن الانتساب إلى القبائلية والشعوبية في الماضي الغابر لا جدوى من ورائه. فالإنسان لا قيمة له إلا الحق والالتفاف حول الحق. وبعد ذلك كله يمكن أن نفهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " الناس تبع لقريش صالحهم تبع لصالحهم

____________

(1) رواه الطبراني عن معاذ (كنز 104 / 12).

(2) رواه الديلمي (كنز 104 / 12).

(3) رواه الترمذي (كنز 426 / 11).

(4) رواه البخاري في التاريخ (كنز 426 / 11).

(5) رواه ابن أبي شيبة والطبراني (كنز 59 / 12).

(6) ابن سعد (الطبقات 59 / 2).

الصفحة 307
وشرارهم تبع لشرارهم " (1)، ويمكن أن تفهم قوله: " يا أيها الناس لا تعلموا قريشا وتعلموا منها فإنهم أعلم منكم " (2)، ألم تر فيما قدمنا إنهم كانوا يضربون كتاب الله بعضه ببعض ويتأولونه في غير موضعه. فمن منهم الأعلم والراسخ في العلم؟ ويمكن أيضا أن نعلم موضع الإمامة في حديث مسلم الذي رواه جابر بن سمرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة " - وفي لفظ - لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا - وفي لفظ - لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة - وفي لفظ - لا يزال هذا الأمر عزيزا إلى اثني عشر خليفة "، ثم قال جابر بن سمرة بعد أن سمع ذلك من رسول الله: " ثم تكلم النبي بكلام خفي علي " - وفي لفظ - ثم قال كلمة لم أفهمها - وفي لفظ - ثم تكلم بشئ لم أفهمه قال جابر: " فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: كلهم من قريش " (3).

والخلاصة أن الإمامة تصيب الذين يعلمون الذين يهدون إلى الحق، قال تعالى: (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي) (4)، وإن القول بالأئمة من قريش قول فضفاض أريد به إخراج آل محمد من الإمامة. ثم إن هذا القول لم يظهر في السقيفة وإنما ظهر بعدها أثناء المواجهة بين المهاجرين وبين الأنصار. ومن العجيب أن الذي روج له في بداية الأمر عكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو ثم جاء من بعدهما عمرو بن العاص ومعاوية وغيرهما. ومن الأعجب أن الواحدي في كتابه المسمى بأسباب النزول ذكر في قوله تعالى:

(فقاتلوا أئمة الكفر)، إنها نزلت في سهيل بن عمرو وعكرمة وأبي سفيان، وروى عن الإمام علي وحذيفة: أن أهل هذه الآية لم يقاتلوا بعد. وكما علمنا أن

____________

(1) رواه أحمد وقال في الفتح، قال الهيثمي رجاله ثقات (الفتح الرباني 226 / 24) ورواه البخاري بلفظ آخر (الصحيح 264 / 2)، ومسلم (الصحيح 2 / 6 ط كتاب التحرير).

(2) رواه ابن أبي عاصم (كتاب السنة 636 / 2) وقال في فتح الباري: أخرجه البيهقي والطبراني والشافعي (فتح الباري 118 / 13).

(3) رواه مسلم كتاب الإمارة (الصحيح 3 / 6 ط كتاب التحرير).

(4) سورة يونس: الآية 35.

الصفحة 308
هؤلاء كانوا يعلمون من يوم الحديبية أن لهم يوما سيواجه طابورهم فيه خاصف النعل وعلى هذا وذاك لا نستبعد أن يكون الحديث على هذه الصورة وكان عن عمير.


الصفحة 309


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net