متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
ثالثا - التعتيم والظهور
الكتاب : معالم الفتن ج1    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

ثالثا - التعتيم والظهور

لا جدال في أن الفاروق رضي الله عنه هو الذي وضع الأعمدة الأساسية للمجتمع المدني بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعمر بن الخطاب هو صاحب أروع منهج لفهم النصوص الدينية فهما يساير الواقع ويحقق مصلحة المسلمين العامة. وما قدمه الفاروق بجميع المقاييس عملا جريئا للغاية لا يقدر عليه سوى رجل من طراز عمر وقليل ما تجد. ونحن هنا سنسلط الأضواء على بعض هذه الأعمال الأساسية. ولكن في البداية نلقي نظرة على كيفية تولية عمر بن الخطاب الخلافة:

روى الطبري: دعا أبو بكر عثمان خاليا فقال له: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين. أما بعد: ثم أغمي عليه. فذهب عنه فكتب عثمان. أما بعد: فإني قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ولم ألكم خيرا. ثم أفاق أبو بكر. فقال: إقرأ علي فقرأ عليه. فكبر أبو بكر وقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن افتلتت نفسي في عشيتي. قال:

نعم، قال: جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله. وأقرها رضي الله عنه من هذا

الصفحة 326
الموضع (1).

وفي رواية: إن أبا بكر أخذ رأي عثمان وعبد الرحمن بن عوف في عمر وكان رأيه من رأيهما أن عمرا خير من يصلح لهذا الأمر. وفي رواية: أن أبا بكر بعد أن استقر على عمر أعلن للناس أن يسمعوا له ويطيعوا.

وقبل أن يعلن أبو بكر اسم الخليفة من بعده، روى الطبري عن قيس قال:

رأيت عمر بن الخطاب وهو يجلس والناس معه وبيده جريدة وهو يقول: أيها الناس اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال قيس:

ومعه مولى لأبي بكر يقال له شديد معه الصحيفة التي فيها استخلاف عمر (2)، ويا ليت الفاروق قال ذلك يوم أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتوه بصحيفة ليكتب لهم كتابا لا يضلوا بعده أبدا. ورحل أبو بكر رضي الله عنه وجاء عمر وكان قبل الخلافة على القضاء أيام خلافة أبي بكر كلها (3)، وعلى امتداد هذه المسيرة والشئ الذي يدعو للدهشة أن ظروف المجتمع التي حتمت إلغاء سهم ذي القربى على مراحل. ضيقت في الوقت نفسه على رواية الحديث ليتم إلغائها أيضا على مراحل. ومما يدعو للإعجاب بشكل مساو للدهشة أن سهم المؤلفة قلوبهم الذي جعله الله تعالى علامة يتميز بها ضعاف الإيمان والذين في قلوبهم مرض. ثم تخفيف القبضة عنه ليتم إلغائه أيضا على مراحل. والشئ الذي يدعو للدهشة والإعجاب معا أن هذه الأمور سارت جنبا إلى جنب. الجميع نالوا جرعة واحدة لم يتميز طريق على طريق. وفي النهاية خرجت شجرة كل فرع فيها يداعبه النسيم ليخرج صوتا موسيقيا وفي النهاية تستمع إلى سمفونية يسري صداها في عالم الفتن.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net