متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب
الكتاب : معالم الفتن ج2    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب:

فعبد الله عند المقدمة، رفض القتال مع أمير المؤمنين علي بن أبي

____________

(1) حياة الحيوان 16 / 3.

(2) أنظر تفسير الزمخشري والرازي والبيضاوي.

(3) التنبيه والإشراف / المسعودي 291 / 1.

(4) البداية والنهاية 137 / 9.

(5) تاريخ الخلفاء 200 / 1.

(6) تاريخ الخلفاء 205 / 1.

الصفحة 336
طالب (1). وفي أكثر الأقوال رفض أن يبايع علي. ويقول ابن حزم في الذين لم يبايعوا عليا: وتأخر عن بيعة علي، قوم من الصحابة بغير عذر شرعي، إذ لا شك في إمامته (2). وعبد الله الذي لم يبايع عليا. بايع فيما بعد معاوية، ثم يزيد بن معاوية، ثم عبد الملك بن مروان. وكان عنوان عبد الله بن عمر على امتداد هذه الأحداث، من عثمان إلى عبد الملك بن مروان هو: " لا أقاتل، وأصلي وراء من غلب " (3). وكان على امتداد هذا الزمان لا يأتي أمير إلا صلى خلفه، وأدى إليه زكاة ماله (4).

روي أن عليا طلب من ابن عمر الخروج معه لقتال أهل الشام فقال: أنا رجل من أهل المدينة إن خرجت خرجوا، ولكن لا أخرج للقتال في هذا العام (5). والمعنى: هو مع أهل المدينة ما يجري عليهم، جرى عليه، فإن خرج أهل المدينة مع علي، فإن ابن عمر لن يخرج هذا العام. وبعد مقتل الإمام علي، لم يبايع ابن عمر الحسن بن علي، فلما تم الصلح بين الحسن ومعاوية بايع معاوية. وعندما أراد معاوية أن يبايع ليزيد من بعده، بعث إلى ابن عمر وقال: يا ابن عمر إنك كنت تحدثني أنك لا تحب أن تبيت ليلة سوداء، ليس عليك فيها أمير. وإني أحذرك أن تشق عصا المسلمين، أو تسعى في فساد ذات بينهم.. فقال ابن عمر: إنك تحذرني أن أشق عصا المسلمين، ولم أكن أفعل، وإنما أنا رجل من المسلمين، فإذا اجتمعوا على أمر فأنا رجل منهم. فقال له معاوية:

يرحمك الله (6).

وذكر ابن كثير: حين قدم نعي معاوية، لم يكن ابن عمر بالمدينة. وعندما لقي الحسين وابن الزبير قال: ما وراءكما؟ قالا: موت معاوية، والبيعة ليزيد.

____________

(1) البداية والنهاية 231 / 7.

(2) رسائل ابن حزم الأندلسي 138 / 2.

(3) الطبقات الكبرى 149 / 4.

(4) الطبقات الكبرى 149 / 4.

(5) البداية والنهاية 231 / 7.

(6) تاريخ الخلفاء 113 / 1.

الصفحة 337
فقال لهما: اتقيا الله ولا تفرقا بين جماعة المسلمين. وعندما قدم ابن عمر إلى المدينة، بايع يزيد (1). وعن محمد بن المنكدر قال: لما بويع يزيد بن معاوية، قال ابن عمر: إن كان خيرا رضينا، وإن كان بلاء صبرنا (2).

وعندما خلع أهل المدينة يزيد، روى أحمد، ومسلم، والترمذي، أن ابن عمر أنكر على أهل المدينة خلعهم ليزيد. وروي أنه دعا بنيه، وجمعهم وقال:

أنا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، فيقول هذه غدرة فلان.... فلا يخلعن أحد منكم يزيد، ولا يسرعن أحد منكم في هذا الأمر فتكون الصيلم بيني وبينه (3).

وبعد مجزرة الحرة، وموت يزيد. وعندما جاءت دولة مروان التي لعن النبي صلى الله عليه وسلم رأسها في أحاديث صحيحة، منها قول عائشة:

لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم، ومروان في صلبه. فمروان قصص من لعنة الله عز وجل (4)، بعد أن جاءت هذه الدولة. روى البخاري عن عبد الله بن دينار قال: شهدت ابن عمر، حيث اجتمع الناس على عبد الملك كتب: إني أقر بالسمع والطاعة لعبد الملك أمير المؤمنين، على سنة الله وسنة رسوله، ما استطعت، وإن بني قد أقروا بذلك (5).

إن ما قدمناه ما هو إلا ضوء على حركة ابن عمر خلال هذه الأحداث، وللأسف الشديد، أن هذه الحركة أصبحت فيما بعد أصلا من أصول الدين، زرعه فقهاء السلاطين، والغائر الوحيد تحت شجرتهم هم الطلقاء، والملعونين، والمطرودين، وأعداء الفطرة، والإنسانية، إن فقهاء السوء التقطوا موقف ابن

____________

(1) البداية والنهاية 148 / غير واضح في المصدر (541).

(2) الطبقات الكبرى 184 / 4.

(3) البداية والنهاية 233، 251 / 8، الطبقات الكبرى 183 / 4.

(4) رواه الحاكم وصححه (المستدرك 481 / 4).

(5) البخاري (الصحيح 245 / 4) ك الأحكام.


الصفحة 338
عمر، وجعلوه كمامة في عالم التلجيم والاحتناك، وعلى هذه الكمامة، تعددت الفرق، وافترقت الأمة إلى أكثر من سبعين شعبة، بعد أن أصبح للجدل أسواق.

لقد سلطوا الأضواء على موقف ابن عمر، وعتموا على مواقف أبي ذر، وعمار، والمقداد، وحجر بن عدي، وزيد بن صوحان، وغيرهم، ولا تخفى الأسباب على أصحاب الضمائر والأفهام والأبصار. وفوق هذا التعتيم، وضعوا عباءة عبد الله بن سبأ. فقالوا: إن ابن سبأ هو السبب في جميع الأحداث التي عصفت بالأمة. وأشهد أن ابن سبأ ما هو إلا أقصوصة، جاء بها عالم القص ليعتم بها على حركة التاريخ.

لم ينظر أصحاب الاحتناك إلا في مقدمة ابن عمر، ولم ينظروا إليه في نهاية الطريق، حيث كان يعلوه الندم. فعن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر. أنه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر، إذ جاءه رجل من أهل العراق فقال: يا أبا عبد الله، إني والله لقد حرصت أن أتسم بسمتك، وأقتدي بك في أمر فرقة الناس، واعتزال الشر ما استطعت، وإني أقرأ آية من كتاب الله محكمة، قد أخذت بقلبي فاخبرني عنها، أرأيت قوله عز وجل: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما. فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله)، أخبرني عن هذه الآية.

فقال ابن عمر: ما لك ولذلك. انصرف عني. فانطلق الرجل حتى تواري عنا سواده. وعندما أقبل علينا عبد الله قال: ما وجدت في نفسي شيئا من أمر هذه الآية، ما وجدت في نفسي أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله عز وجل (1). وفي رواية قال: لم أجدني آسي على شئ، إلا أني، لم أقاتل الفئة الباغية مع علي (2).

____________

(1) رواه الحاكم وقال: هذا باب كبير، وقد رواه عن عبد الله بن عمر جماعة من كبار التابعين وإنما قدمت حديث شعيب بن أبي حمزة عن الزهري واقتصرت عليه لأنه صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (المستدرك 116 / 3).

(2) رواه الطبراني بإسنادين ورجاله رجال الصحيح (الزوائد 242 / 7)، ورواه ابن سعد في

الصفحة 339
لقد كان هذا آخر مواقف ابن عمر، بعد أن صلى وراء الحجاج، وأخذ عنه الحجاج مناسكه يوم أن كانت الكعبة تحترق، وهم يطوفون بها كما سيأتي.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net