متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
24 - الإمام علي: أحد أهل البيت الذين يصلى عليهم
الكتاب : الإمامة وأهل البيت (ع) ج2    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

24 - الإمام علي: أحد أهل البيت الذين يصلى عليهم:

لما نزل قول الله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي * يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (1). - روى البخاري في صحيحه بسنده عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة، رضي الله عنه، قيل: يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: (اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) (2).

وفي رواية عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يا رسول الله، هذا التسليم، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم.

قال أبو صالح عن الليث: على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم.

وفي رواية عن يزيد: وقال: كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم (3).

وروى الإمام أحمد في مسنده: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن الحكم قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية؟ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا أو عرفنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على

____________

(1) سورة الأحزاب: آية 56.

(2) صحيح البخاري 6 / 151.

(3) صحيح البخاري 6 / 151


الصفحة 280
محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) (1).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا هشام بن بشير عن يزيد بن أبي زياد، حدثنا عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال:

لما نزلت (إن الله وملائكته يصلون على النبي * يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، قال: قلنا يا رسول الله، قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

وكان عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول: وعلينا معهم - ورواه الترمذي بهذه الزيادة (2).

ومعنى قولهم: أما السلام عليك فقد عرفناه، هو الذي في التشهد، الذي كان يعلمهم إياه، كما كان يعلمهم السورة من القرآن، وفيه: السلام عليك يا أيها النبي ورحمه الله وبركاته (3).

وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم في مستدركه من حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، عن أبي مسعود البدري، أنهم قالوا: يا رسول الله، أما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك، إذا نحن صلينا في صلاتنا، فقال: قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد (4).

____________

(1) مسند الإمام أحمد (1010)، تفسير ابن كثير 3 / 807.

(2) تحفة الأحوذي 2 / 604، تفسير ابن كثير 3 / 807.

(3) تفسير ابن كثير 3 / 807 - 808.

(4) مسند الإمام أحمد 4 / 119.

الصفحة 281
ورواه الإمام الشافعي في مسنده عن أبي هريرة بمثله، ومن هنا ذهب الإمام الشافعي إلى أنه يجب على المصلي، أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، في التشهد الأخير، فإن تركه لم تصح صلاته.

هذا وقد شرع بعض المتأخرين من مالكية وغيرهم يشنع على الإمام الشافعي في اشتراطه ذلك في الصلاة ويزعم أنه قد تفرد بذلك، وحكى الإجماع على خلافه الأئمة أبو جعفر الطبري والطحاوي والخطابي وغيرهم، فيما نقله القاضي عياض عنهم.

ويقول الحافظ ابن كثير: وقد تعسف هذا القائل في رده على الإمام الشافعي، وتكلف في دعواه الإجماع في ذلك، وقال ما لم يحط به علما، فإنا قد روينا وجود ذلك، والأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما هو ظاهر الآية - ومفسر بهذا الحديث عن جماعة من الصحابة، منهم ابن مسعود، وأبو مسعود البدري، وجابر بن عبد الله، ومن التابعين الشعبي والإمام أبو جعفر محمد الباقر، ومقاتل بن سليمان، وإليه ذهب الشافعي، لا خلاف عنه في ذلك، ولا بين أصحابه أيضا، وإليه ذهب الإمام أحمد بن حنبل - فيما حكاه عنه أبو زرعة الدمشقي به - وبه قال إسحاق بن راهويه، والإمام الفقيه محمد بن إبراهيم - المعروف بابن المواز المالكي - رحمهم الله، حتى أن بعض أئمة الحنابلة أوجب أن يقال في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، كما علمهم أن يقولوا، لما سألوه، وحتى أن بعض أصحابنا أوجب الصلاة على آله - فيما حكاه البندنيجي وسليم الرازي، وصاحبه نصر بن إبراهيم المقدسي - ونقله إمام الحرمين، صاحبه الغزالي، قولا عن الإمام الشافعي، والصحيح أنه وجه، على أن الجمهور على خلافه، وحكوا الإجماع على خلافه، وللقول بوجوبه ظواهر الحديث - والله أعلم.

والغرض أن الإمام الشافعي، رضي الله عنه، يقول بوجوب الصلاة على

الصفحة 282
النبي صلى الله عليه وسلم، في الصلاة سلفا وخلفا، كما تقدم، ولله الحمد والمنة فالإجماع على خلافه في هذه المسألة، لا قديما ولا حديثا، والله أعلم.

ومما يؤيد ذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما من رواية حيوة بن شريح المصري عن أبي هانئ حميد بن هانئ عن عمرو بن مالك أبي علي الحسيني عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجلا يدعو في صلاته، لم يمجد الله، ولم يصل على النبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجل هذا) ثم دعاه فقال: (إذا صلى أحدكم، فليبدأ بتمجيد الله عز وجل، والثناء عليه، ثم ليصل على النبي، ثم ليدع بعد، بما شاء) (1).

وروى الإمام أحمد في مسنده بسنده عن أبي داوود الأعمى عن بريدة قال: قلنا يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك، قال:

قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم، إنك حميد مجيد) (2).

وروى الإمام مسلم في صحيحه: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن الحكم قال، سمعت ابن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية، خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قالوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (3).

وروى الإمام مسلم في صحيحه: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال:

____________

(1) مسند الإمام أحمد 6 / 18، سنن أبي داود - باب الدعاء، تحفة الأحوذي 10 / 450، تفسير ابن كثير 3 / 808 - 809.

(2) مسند الإمام أحمد 5 / 353.

(3) صحيح مسلم 4 / 125 - 126 (بيروت 1981).

الصفحة 283
قرأت على مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر، أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري، وعبد الله بن زيد هو الذي كان أري النداء بالصلاة أخبره عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نسلم عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا: (اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم) (1).

ويقول الإمام النووي في (شرح صحيح مسلم) (باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد): - إعلم أن العلماء اختلفوا في وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، عقب التشهد الأخير في الصلاة، فذهب أبو حنيفة ومالك، رحمهما الله تعالى، والجماهير، إلى أنها سنة، لو تركت صحت الصلاة.

وذهب الشافعي وأحمد، رحمهما الله تعالى، إلى أنها واجبة، لو تركت لم تصح الصلاة، وهو مروي عن عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، رضي الله عنهما، وهو قول الشعبي، وقد نسب جماعة الشافعي في هذا إلى مخالفة الإجماع، ولا يصح قولهم، فإنه مذهب الشعبي، كما ذكرنا، وقد رواه عن البيهقي.

وفي الاستدلال على وجوبها خفاء، وأصحابنا يحتجون بحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، المذكور هنا، أنهم قالوا: كيف نصلي عليك يا رسول الله، فقال: قولوا: اللهم صل على محمد - إلى آخره.. قالوا:

والأمر للوجوب، وهذا القدر لا يظهر الاستدلال به، إلا إذا ضم إليه الرواية الأخرى: كيف نصلي عليك، إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا، فقال صلى الله عليه وسلم:

____________

(1) صحيح مسلم 4 / 123 - 125.

الصفحة 284
قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد - إلى آخره، وهذه الزيادة صحيحة، رواها الإمامان الحافظان: أبو حاتم بن حبان (بكسر الحاء) البستي، والحاكم أبو عبد الله في صحيحيهما، قال الحاكم: هي زيادة صحيحة.

وقد احتج لها أبو حاتم والحاكم أبو عبد الله بما روياه عن فضالة بن عبيد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى رجلا يصلي لم يحمد الله، ولم يمجده، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، (عجل هذا)، ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا صلى أحدكم، فليبدأ: بحمد ربه، والثناء عليه، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، وليدع ما يشاء، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

وهذان الحديثان، وإن اشتملا على ما لا يجب بالإجماع، كالصلاة على الآل والذرية، والدعاء، فلا يمتنع الاحتجاج بهما، فإن الأمر للوجوب، فإذا خرج بعض ما يتناوله الأمر عن الوجوب بدليل، بقي الباقي على الوجوب، والله أعلم.

والواجب عند أصحابنا: (اللهم صل على محمد)، وما زاد عليه سنة، ولنا وجه شاذ، أنه يجب الصلاة على الآل، وليس بشئ، الله أعلم (1).

وفي تفسير القرطبي: روى المسعودي عن عون بن عبد الله عن أبي فاختة عن الأسود عن عبد الله أنه قال: إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم، فأحسنوا لصلاة عليه، فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه، قالوا فعلمنا، قال:

قولوا: اللهم (اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين، وخاتم النبيين، محمد عبدك ونبيك ورسولك، إمام الخير، وقائد لخير، ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما محمودا، يغبطه به الأولون الآخرون، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم،

____________

(1) صحيح مسلم 4 / 123 - 124.

الصفحة 285
وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) (1).

وأما فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (من صلى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشرا)، وقال سهل بن عبد الله: الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، أفضل العبادات، لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته، ثم أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليس كذلك.

وقال أبو سليمان الداراني: من أراد أن يسأل الله حاجة، فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأل الله حاجته، ثم يختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى يقبل الصلاتين، وهو أكرم من يرد ما بينهما.

وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: الدعاء يحجب دون السماء حتى يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، رفع الدعاء.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي في كتاب، لم تزل الملائكة يصلون عليه، ما دام إسمي في هذا الكتاب).

هذا وقد اختلف العلماء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فالذي عليه الجم الغفير والجمهور الكثير، إن ذلك من سنن الصلاة ومستحباتها، قال ابن المنذر: يستحب ألا يصلي أحد صلاة، إلا صلى فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ترك ذلك تارك، فصلاته مجزية في مذهب مالك وأهل المدينة وسفيان الثوري، وأهل الكوفة من أصحاب الرأي وغيرهم، وهو قول جل أهل العلم، وحكي عن مالك وسفيان أنها في التشهد الأخير مستحبة، وأن تاركها في التشهد مسئ.

____________

(1) تفسير القرطبي ص 5316 (كتاب الشعب - القاهرة 1970).

الصفحة 286
وأوجب الشافعي على تاركها في الصلاة الإعادة، وأوجب إسحاق الإعادة، مع تعمد تركها، دون النسيان، وقال أبو عمر: قال الشافعي: إذا لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، بعد التشهد وقبل التسليم، أعاد الصلاة، قال: وإن صلى عليه قبل ذلك لم تجزه، وهذا قول حكاه عنه (حرملة بن يحيى)، وهو من كبار أصحابه الذين كتبوا عنه، وقد تقلده أصحاب الشافعي، ومالوا إليه وناظروا عليه، وهو عندهم تحصيل مذهبه...

وقال بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة (محمد بن المواز) من أصحابنا، واختاره (ابن العربي) للحديث الصحيح: إن الله أمرنا أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ فعلم الصلاة ووقتها، فتعينت، كيفية ووقتا).

وذكر (الدارقطني) عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر بن الإمام الحسين أنه قال: لو صليت صلاة، لم أصل فيها على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا على أهل بيته، لرأيت أنها لا تتم، وروي مرفوعا عنه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصواب: أنه قول الإمام أبي جعفر الباقر، قاله الدارقطني (1).

وفي (الشفاء) عن عمرو بن سليم الزرقي أنه قال: أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد).

وفي رواية عن أبي مسعود الأنصاري قال: قولوا: (اللهم صلى على محمد وعلى آله، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد، كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما عرفتم).

وفي رواية كعب بن عجرة: اللهم صل على محمد وآل محمد، كما

____________

(1) تفسير القرطبي ص 5316 - 5319.

الصفحة 287
صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد).

وعن عقبة بن عمر في حديثه: (اللهم صلى على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد) (1).

وعن يحيى بن المساور عن عمرو بن خالد عن الإمام زيد بن علي بن الحسين عن أبيه الإمام علي زين العابدين عن أبيه الإمام الحسين عن أبيه الإمام علي بن أبي طالب قال: عدهن في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: (عدهن في يدي جبريل، وقال: هكذا نزلت من عند رب العزة، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنكم حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم وسلم على محمد، وعلى آل محمد، كما سلمت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) (2).

وعن عبد الله بن مسعود: (اللهم اجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، محمد عبدك ورسولك، إمام الخير، ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما محمودا، يغبطه فيه الأولون والآخرون، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) (3).

والإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - ليس هناك من ريب، في أنه من أهل البيت، بنص حديث الكساء المشهور،

____________

(1) القاضي عياض: الشفا بتعريف حقوق المصطفى 2 / 69 (بيروت 1979).

(2) الشفا 2 / 70.

(3) الشفا 2 / 72، وانظر: الملا علي القاري: شرح الشفا 2 / 120 - 134.

الصفحة 288
وبنص حديث الإمام أحمد عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قالوا: يا رسول الله، من قرابتنا هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما عليهم السلام (1). وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال رواه الطبراني (2) - وقال السيوطي في (الدر المنثور): وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، فذكره (3).

ومن ثم فقد رأينا الإمام الحسن البصري يقول عن علي عليه السلام: ما أقول فيه: كانت له السابقة والفضل والعلم والحكمة، والفقه والرأي والصحبة، والنجدة والبلاء، والزهد والقضاء والقرابة، إن عليا كان في أمره عليا، رحم الله عليا، وصلى عليه.

فقال له أبان بن عياش: يا أبا سعيد، أتقول (صلي عليه) لغير النبي (4)، فقال: ترحم على المسلمين، إذا ذكروا، وصلي على النبي وآله، وعلي خير له، فقلت: أهو خير من حمزة وجعفر؟ قال: نعم، قلت: وخير من فاطمة وابنيها؟ قال: نعم، والله إنه خير آل محمد كلهم، ومن يشك أنه خير منهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأبوهما خير منهما (5).

____________

(1) الإمام ابن حنبل: فضائل الصحابة 2 / 669.

(2) مجمع الزوائد 9 / 168.

(3) تفسير الدر المنثور 6 / 7.

(4) أنظر: عن الصلاة على غير النبي من آل البيت (الملا علي القاري: شرح الشفا 2 / 144 - 148، شرح نهج البلاغة 6 / 143 - 145، ابن القيم الجوزية: جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام ص 27 - 290، محمد بيومي مهران: السيرة النبوية الشريفة 3 / 107 - 109).

(5) روى ابن ماجة في صحيحه - باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - بسنده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما) - وروى الحاكم في المستدرك (3 / 167) بسنده عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما) - وروى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (1 / 140) بسنده عن علي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحسن والحسين سيدا شباب

=>


الصفحة 289
ولم يجر عليه شرك، ولا شرب خمر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لفاطمة عليها السلام: (زوجتك خير أمتي)، فلو كان في أمته خير منه لاستثناه، ولقد أخي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين أصحابه، فآخى بين علي ونفسه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم، خير الناس نفسا، وخيرهم أخا (1)، وقد ذكرنا من قبل حديث الإخاء بطرقه المختلفة.

وروى ابن عبد البر في الإستيعاب بسنده عن الثوري عن أبي قيس الأودي قال: أدركت الناس وهم ثلاث طبقات: أهل دين يحبون عليا، وأهل دنيا يحبون معاوية، وخوارج (2).

ورحم الله السيد المرتضى حيث يقول: إن الشيعة والشافعية قالوا: إن الصلاة على النبي وآله، فرض واجب، وقالت بقية المذاهب: هي مستحبة، وليست بواجبة، ومهما يكن من أمر، فإن الصلاة عليهم عبادة، والتعبد بالشئ لا يتم إلا بمعرفته، فمعرفة آل البيت، إذن، إما واجبة، وإما مستحبة، وفي هذا الدليل القاطع على أنهم أفضل الناس - بعد جدهم صلى الله عليه وسلم - إذ لا تجب ولا تستحب معرفة أحد من أجل الصلاة، إلا معرفة أهل البيت - بيت النبي صلى الله عليه وسلم - (3).


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net