متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
26 - النهي عن قتال علي
الكتاب : الإمامة وأهل البيت (ع) ج2    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

26 - النهي عن قتال علي:

روى الحاكم في المستدرك بسنده عن قيس بن أبي حازم، قال علي للزبير: أما تذكر يوم كنت أنا وأنت في سقيفة قوم من الأنصار، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبه؟ فقلت: وما يمنعني؟ قال: أما إنك ستخرج عليه، وتقاتله، وأنت ظالم، قال: فرجع الزبير (1).

وروى الحاكم أيضا بسنده عن أبي الأسود الدؤلي قال: شهدت الزبير خرج يريد عليا، فقال له علي: أنشدك الله، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

تقاتله وأنت له ظالم؟ فقال: لم أذكر - يعني أنه نسي - ثم مضى الزبير منصرفا، قال: هذا حديث صحيح (2).

وفي رواية ثالثة عن أبي الأسود الدؤلي قال: شهدت عليا والزبير، لما رجع الزبير على دابته يشق الصفوف، فعرض له ابنه عبد الله فقال: ما لك؟

فقال: ذكر لي علي حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لتقاتلنه وأنت ظالم له، فلا أقاتله، قال: وللقتال جئت؟ إنما جئت لتصلح بين الناس، ويصلح الله هذا الأمر بك، قال: قد حلفت أن لا أقاتل، قال: فاعتق غلامك سرجس، وقف حتى تصلح بين الناس، قال: فأعتق غلامه سرجس ووقف، فاختلف أمر الناس، فذهب على فرسه - قال الحاكم: وقد روى إقرار الزبير لعلي بذلك من غير هذه لوجوه والروايات (3).

وفي نهج البلاغة: قال الإمام علي للزبير: نشدتك الله، أتذكر يوم مررت بي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، متكئ على يدك، وهو جاء من بني عمرو بن عوف، فسلم علي وضحك في وجهي، فضحكت إليه، لم أزده على ذلك، فقلت: لا

____________

(1) المستدرك للحاكم 3 / 336.

(2) المستدرك للحاكم 3 / 366.

(3) المستدرك للحاكم 3 / 366.

الصفحة 295
يترك ابن أبي طالب يا رسول الله زهوه، فقال لك: مه إنه ليس به زهو، أما إنك ستقاتله، وأنت له ظالم، فاسترجع الزبير وقال: لقد كان ذلك، ولكن الدهر أنسانيه، ولأنصرفن عنك، فرجع، فأعتق عبده سرجس تجللا من يمين لزمته في القتال، ثم أتى إلى عائشة، فقال لهما: إني ما وقفت موقفا قط، ولا شهدت حربا، إلا ولي فيه رأي وبصيرة، إلا هذه الحرب، وإني لعلى شك من أمري، وما أكاد أبصر موضع قدمي، فقالت له: يا أبا عبد الله، أظنك فرقت سيوف ابن أبي طالب، إنها والله سيوف حداد، معدة للجلاد، تحملها فئة أنجاد، ولئن فرقتها، لقد فرقها الرجال قبلك، قال: كلا، ولكنه ما قلت لك (1).

وفي الصواعق المحرقة: أخرج الحاكم وصححه، والبيهقي عن أبي الأسود قال: شهدت الزبير خرج يريد عليا، فقال له علي: أنشدك الله، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: تقاتله، وأنت له ظالم، فمضى الزبير منصرفا.

وفي رواية أبي يعلى والبيهقي، فقال الزبير: بلى، ولكن نسيت (2).

وروى ابن الأثير في أسد الغابة: وشهد الزبير الجمل مقاتلا لعلي، فناداه علي ودعاه، فانفرد به وقال له: أتذكر، إذ كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلي وضحك وضحكت، فقلت أنت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال:

ليس به زهو، ولتقاتلنه وأنت له ظالم، فذكر الزبير ذلك، فانصرف عن القتال، فنزل بوادي السباع، وقام يصلي، فأتاه ابن جرموز فقتله، وجاء بسيفه إلى علي، فقال: إن هذا السيف طالما فرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار (3).

____________

(1) شرح نهج البلاغة 2 / 167.

(2) الصواعق المحرقة ص 184.

(3) أسد الغابة 2 / 252.

الصفحة 296
وروى ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب - في ترجمة عبد السلام الكوفي - قال: قال إسماعيل بن خالد بن عبد السلام - رجل من حيه - خلا علي بالزبير يوم الجمل، فذكر حديث: لتقاتلنه، وأنت ظالم له (1).

وذكره المتقي الهندي في كنز العمال، قال: خلا علي عليه السلام بالزبير يوم الجمل، فقال: أنشدك الله كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - وأنت لاوي يدي في سقيفة بني فلان - لتقاتلنه وأنت له ظالم، لينصرن عليك؟ فقال: قد سمعت، لا جرم، لا أقاتلك (2).

قال: أخرجه ابن أبي شيبة ومسدد والحارث وابن عساكر (3)، وابن حجر العسقلاني في فتح الباري. (4) وفي كنز العمال بسنده عن قتادة قال: لما ولي الزبير يوم الجمل، بلغ عليا عليه السلام، فقال: لو كان ابن صفية يعلم أنه على الحق ما ولي، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، لقيهما في سقيفة بني ساعدة فقال: أتحبه يا زبير؟ قال: وما يمنعني؟

قال: فكيف بك إذا قاتلته، وأنت ظالم له؟ قال: فيرون أنه إنما ولي لذلك - قال: أخرجه البيهقي في الدلائل (5).

وفي كنز العمال بسنده عن أبي الأسود الدؤلي قال: لما دنا علي عليه السلام، وأصحابه، من طلحة والزبير، ودنت الصفوف بعضها من بعض خرج علي - وهو على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم - فنادى: ادعوا لي الزبير بن العوام، فدعي له الزبير فأقبل، فقال علي: يا زبير، نشدتك الله، أتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن في مكان كذا وكذا، فقال: يا زبير تحب عليا، فقلت:

____________

(1) تهذيب التهذيب 6 / 325.

(2) كنز العمال 6 / 85.

(3) فضائل الخمسة 2 / 365 - 336.

(4) فتح الباري 15 / 155.

(5) كنز العمال 6 / 82، وانظر 6 / 83.

الصفحة 297
ألا أحب ابن خالي، وابن عمتي، وعلى ديني؟ فقال: يا علي أتحبه، فقلت: يا رسول الله، ألا أحب ابن عمتي، وعلى ديني؟ فقال: يا زبير، أما والله لتقاتلنه، وأنت ظالم له؟ فقال: بلى، والله لقد نسيته منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكرته الآن، والله لا أقاتلك، فرجع الزبير، فقال له ابنه عبد الله: ما لك؟

فقال: ذكرني علي حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: لتقاتلنه، وأنت له ظالم، قال: وللقتال جئت؟ إنما جئت تصلح بين الناس، ويصلح الله هذا الأمر بك، قال: لقد حلفت أن لا أقاتله، قال: فاعتق غلامك وقف حتى تصلح بين الناس، فأعتق غلامه ووقف، فلما اختلف أمر الناس ذهب على فرسه.

قال: أخرجه البيهقي في الدلائل، وابن عساكر (1).

وفي كنز العمال عن الأسود بن قيس قال: حدثني من رأى الزبير يوم الجمل، فنوه علي: يا أبا عبد الله فأقبل حتى التقت أعناق دوابهما، فقال علي:

أتذكر يوم أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أناجيك فقال: أتناجيه والله ليقاتلنك يوما وهو لك ظالم؟ فضرب الزبير وجه دابته فانصرف.

قال: أخرجه ابن أبي شيبة وابن عساكر (2).

وروى الإمام الطبري في تاريخه فقال: فلما توافقوا خرج علي على فرسه، فدعا الزبير، فتواقفا، فقال علي للزبير: ما جاء بك؟ قال: أنت، ولا أراك لهذا الأمر أهلا، ولا أولى به منا، فقال علي: لست له أهلا بعد عثمان، قد كنا نعدك من بني عبد المطلب، حتى بلغ ابنك - ابن السوء - ففرق بيننا وبينك، وعظم عليه أشياء، فذكر أن صلى الله عليه وسلم، مر عليهما فقال لعلي: (ما يقول ابن عمتك، ليقاتلنك، وهو لك ظالم)، فانصرف عنه الزبير، وقال فإني لا أقاتلك،

____________

(1) كنز العمال 6 / 82.

(2) كنز العمال 6 / 85.

الصفحة 298
فرجع إلى ابنه عبد الله فقال: ما لي في هذه الحرب بصيرة، فقال له ابنه: إنك قد خرجت على بصيرة، ولكنك رأيت رايات ابن أبي طالب، وعرفت أن تحتها الموت، فجبنت، فأحفظه حتى أرعد وغضب، وقال: ويحك، إني قد حلفت له ألا أقاتله، فقال له ابنه: كفر عن يمينك بعتق غلامك سرجس، فأعتقه، وقام في الصف معهم، وكان علي قال للزبير: أتطلب مني دم عثمان، وأنت قتلته، سلط الله على أشدنا عليه اليوم ما يكره (1).

وفي تاريخ ابن الأثير قال علي للزبير: يا زبير ما أخرجك؟ قال: أنت، ولا أراك لهذا الأمر أهلا، ولا أولى به منا، فقال له علي: ألست له أهلا بعد عثمان؟ قد كنا نعدك من بني عبد المطلب، حتى بلغ ابنك - ابن السوء - ففرق بيننا، وذكرنا أشياء، وقال له: تذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بني غنم، فنظر إلي فضحك فضحكت له، فقلت له: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس به زهو، لتقاتلنه وأنت ظالم له، قال: اللهم نعم، ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا، والله لا أقاتلك أبدا (2).

وروى الفقيه ابن عبد ربه الأندلسي في عقد الفريد بسنده عن شريك عن الأسود بن قيس قال: حدثني من رأى الزبير يوم الجمل، يقعص الخيل بالرمح قعصا، فنوه به علي: أبا عبد الله، أتذكر يوما أتانا النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أناجيك، فقال: أتناجيه، والله ليقاتلنك، وهو ظالم لك، قال: فصرف الزبير وجه دابته، وانصرف (3).

وفي رواية المسعودي: وخرج علي بنفسه حاسرا على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم،

____________

(1) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: تاريخ الطبري 4 / 508 - 509 (دار المعارف - القاهرة 1977).

(2) ابن الأثير: الكامل في التاريخ 3 / 239 - 240 (بيروت 1965).

(3) العقد الفريد 5 / 71 (بيروت 1983).

الصفحة 299
لا سلاح عليه فنادى: يا زبير، أخرج لي، فخرج إليه الزبير، شاكا في سلاحه، فقيل ذلك لعائشة، فقالت: واثكلك يا أسماء، فقيل لها: إن عليا حاسر، فاطمأنت، واعتنق كل واحد منهما صاحبه، فقال له علي: ويحك يا زبير، ما الذي أخرجك؟ قال: دم عثمان.

قال: علي: قتل الله أولانا بدم عثمان، أما تذكر يوم لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بني بياضة، وهو راكب حمارة، فضحك إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضحكت إليه، وأنت معه، فقلت أنت: يا رسول الله، ما يدع علي زهوه، فقال لك: ليس به زهو، أتحبه يا زبير؟ فقلت: إني والله لأحبه، فقال لك: إنك والله ستقاتله، وأنت له ظالم، فقال الزبير: استغفر الله، والله لو ذكرتها ما خرجت، فقال له:

يا زبير إرجع، فقال: وكيف أرجع الآن، وقد التقت حلقتا البطلان؟ هذا والله العار الذي لا يغسل، فقال: يا زبير، إرجع بالعار، قبل أن تجمع العار، والنار، فرجع الزبير، وهو يقول:

اخترت عارا على نار مؤججة * ما أن يقوم لها خلق من الطين
نادى علي بأمر لست أجهله * عار لعمرك في الدنيا وفي الدين
فقلت: حسبك من عذل أبا حسن * فبعض هذا الذي قد قلت يكفيني

فقال: ابنه عبد الله: أين تذهب وتدعنا، فقال: يا بني، أذكرني أبو الحسن بأمر كنت قد أنسيته، فقال: لا والله، ولكنك فررت من سيوف بني عبد المطلب، فإنها طوال حداد، تحملها فتية أنجاد. قال: لا والله، ولكني ذكرت ما أنسانيه الدهر، فاخترت العار على النار، أبالجبن تعيرني لا أبا لك؟

ثم أمال سنانه، وشد في الميمنة، فقال علي: أفرجوا له، فقد أهاجوه، ثم رجع فشد في الميسرة ثم رجع فشد في القلب، ثم عاد إلى ابنه، فقال: أيفعل هذا جبان؟ (1).

____________

(1) المسعودي مروج الذهب ومعادن الجوهر 1 / 652 (بيروت 1982).

الصفحة 300
هذا عن الزبير، رضوان الله عليه، وأما أم المؤمنين السيدة عائشة رضوان الله عليها: - فلقد روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أم سلمة قالت:

ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، خروج بعض أمهات المؤمنين، فضحكت عائشة، فقال:

أنظري يا حميراء أن لا تكوني أنت (1).

وفي كنز العمال بسنده عن طاووس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لنسائه:

أيتكن تنبحها كلاب كذا وكذا؟ إياك يا حميراء - قال: أخرجه نعيم بن حماد في الفتن - قال: وسنده صحيح (2).

وروى الإمام الطبري في تاريخه (3) بسنده عن العرني صاحب الجمل - بعد أن باعه لهم، وأعطوه ناقة مهرية، وأربعمائة أو ستمائة درهم - قالوا له: يا أخا عرينة، هل لك دلالة بالطريق؟ قال: قلت: نعم، أنا من أدرك الناس، قالوا:

فسر معنا، فسرت معهم، فلا أمر على واد، ولا ماء إلا سألوني عنه، حتى طرقنا ماء الحوأب، فنبحتنا كلابها، قالوا: أي ماء هذا؟ قلت: ماء الحوأب، قال: فصرخت عائشة بأعلى صوتها، ثم ضربت عضد بعيرها، فأناخته، ثم قالت: إني والله صاحبة كلاب الحوأب طروقا، ردوني، تقول ذلك ثلاثا، فأناخت وأناخوا حولها، وهم على ذلك، وهي تأبى، حتى كانت الساعة التي أناخوا فيها من الغد، قال: فجاءها ابن الزير، فقال: النجاء فقد أدرككم والله علي بن أبي طالب، قال: فارتحلوا وشتموني فانصرفت.

وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن قيس بن أبي حازم قال: لما بلغت عائشة بعض ديار بني عامر، نبحت عليها كلاب الحوأب، قالت: ما أظنني إلا راجعة، فقال الزبير: لا بعد، تقدمي ويراك الناس، ويصلح الله ذات بينهم،

____________

(1) المستدرك للحاكم 3 / 119.

(2) كنز العمال 6 / 84.

(3) تاريخ الطبري 4 / 456 - 457، وانظر: ابن الأثير: الكامل في التاريخ 3 / 210.

الصفحة 301
قالت: ما أظنني إلا راجعة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كيف بإحداكن، إذا نبحتها كلاب الحوأب (1).

وروى الإمام أحمد في المسند بسنده عن قيس بن أبي حازم، أن عائشة - لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب - فقالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لنا: أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟ فقال لها الزبير:

ترجعين عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس (2). وذكره الهيثمي في مجمعه (3) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح (4).

وروى ابن حجر العسقلاني في الإصابة - في ترجمة سلمى بنت مالك بن حذيفة بن بدر الفزارية (أم قرفة الصغرى) - وكانت سلمى سبيت فأعتقتها عائشة، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم، وهي عندها، فقال: إن إحداكن ستنبح عليها كلاب الحوأب (5).

وروى الهيثمي في مجمعه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه: ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تخرج فتنبحها كلاب الحوأب، يقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير، ثم تنجو بعدما كادت؟ - قال رواه البزار، رجاله ثقات (6).

وفي رواية عن عائشة قالت: كان يوم من السنة تجتمع فيه نساء النبي صلى الله عليه وسلم، عنده يوما إلى الليل - وساق الحديث إلى أن قال - قالت: وفي ذلك

____________

(1) المستدرك للحاكم 3 / 120.

(2) مسند الإمام أحمد 6 / 97.

(3) مجمع الزوائد 7 / 234.

(4) فضائل الخمسة 2 / 370.

(5) الإصابة في تمييز الصحابة 4 / 332.

(6) مجمع الزوائد 7 / 234.

الصفحة 302
اليوم قال: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟ - قال رواه الطبراني في الأوسط (1).

وفي كنز العمال عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأزواجه: أيتكم التي تنبحها كلاب الحوأب؟ فلما مرت عائشة ببعض مياه بني عامر ليلا، نبحت الكلاب عليها، فسألت عنه فقيل لها: هذا ماء الحوأب، فوقفت وقالت: ما أظنني إلا راجعة، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟ يا أم المؤمنين، إنما تصلحين بين الناس - قال أخرجه ابن أبي شيبة ونعيم بن حماد في الفتن (2).

وروى ابن عبد البر في الإستيعاب بسنده عن عاصم بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، يقتل حولها قتلى كثير، وتنجو بعد ما كادت - قال ابن عبد البر: وهذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم (3).

وفي نور الأبصار (4) قال: ونقل غير واحد، أنهم مروا بمكان اسمه الحوأب فنبحتهم كلابه، فقالت عائشة: أي ماء هذا؟ قيل: هذا ماء الحوأب، فصرخت، وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - وعنده نساؤه - ليت شعري، أيتكن تنبحها كلاب الحوأب؟ ثم ضربت عضد بعيرها، فأناخته وقالت: ردوني، فأناخوا يوما وليلة، وقال لها عبد الله بن الزبير: إنه كذب - يعني ليس هذا ماء الحوأب - ولم يزل بها، وهي تمتنع، فقال: النجاء النجاء، فقد أدرككم علي بن أبي طالب، فارتحلوا ونزلوا على البصرة.

____________

(1) مجمع الزوائد 8 / 289.

(2) كنز العمال 6 / 83.

(3) الإستيعاب في معرفة الأصحاب 4 / 361.

(4) الشبلنجي: نور الأبصار ص 81.

الصفحة 303
وفي الإمامة والسياسة لابن قتيبة: فلما انتهوا إلى ماء الحوأب، فقالت:

ما أراني إلا راجعة، قال: ولم؟ قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنسائه: كأني بإحداكن قد نبحتها كلاب الحوأب، وإياك أن تكوني أنت يا حميراء، فقال لها محمد بن طلحة: تقدمي رحمك الله، ودعي هذا القول، وأتى عبد الله بن الزبير، فحلف لها بالله، لقد خلفتيه أول الليل، وأتاها ببينة زور من الأعراب، فشهدوا بذلك، فزعموا أنها أول شهادة زور، شهد بها في الإسلام (1).

وفي تاريخ اليعقوبي: ومر القوم في الليل بماء يقال له (ماء الحوأب) فنبحتهم كلابهم، فقالت عائشة: ما هذا الماء؟ قال بعضهم: ماء الحوأب، قالت: إنا لله وإنه إليه راجعون، ردوني، ردوني، هذا الماء الذي قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكوني التي تنبحك كلاب الحوأب، فأتاها القوم بأربعين رجلا، فأقسموا بالله: أنه ليس بماء الحوأب (2).

وفي نهج البلاغة (3) بسنده عن ابن عباس، وعن عامر الشعبي، وعن حبيب بن عمير، قالوا جميعا: لما خرجت عائشة وطلحة والزبير من مكة إلى البصرة، طرقت ماء الحوأب - وهو ماء لبني عامر بن صعصعة - فنبحتهم الكلاب، فنفرت صعاب إبلهم، فقال قائل منهم: لعن الله الحوأب، فما أكثر كلابها، قالت: أهذا ماء الحوأب؟ قالوا: نعم، فقالت: ردوني ردوني، فسألوها ما شأنها؟ ما بدا لها؟ فقالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كأني بكلاب ماء يدعى الحوأب، وقد نبحت بعض نسائي، ثم قال لي: إياك يا حميراء أن تكونيها.

فقال لها الزبير: مهلا يرحمك الله، فإنا قد جزنا ماء الحوأب بفراسخ

____________

(1) ابن قتيبة: الإمامة والسياسة - الجزء الأول - ص 60 (تحقيق الدكتور طه محمد الزيني - مؤسسة الحلبي - القاهرة 1967).

(2) تاريخ اليعقوبي 2 / 81 (بيروت 1980).

(3) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 9 / 310 - 311.

الصفحة 304
كثيرة، فقالت: أعندك من يشهد بأن هذه الكلاب النابحة ليست على ماء الحوأب؟ فلفق لها الزبير وطلحة خمسين أعرابيا، جعل لهم جعلا، فحلفوا لها، وشهدوا أن هذا الماء ليس بماء الحوأب، فكانت هذه أول شهادة زور في الإسلام. فسارت عائشة لوجهها.

ويقول سيدنا الإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه في الجنة - (وأما فلانة، فأدركها رأي النساء، وضغن غلا في صدرها كمرجل القين، ولو دعيت لتنال من غيري، ما أتت إلي، لم تفعل، ولها بعد حرمتها الأولى، والحساب على الله (1).

وروى ابن كثير في البداية والنهاية (2): ومروا في مسيرهم ليلا بما يقال له: الحوأب، فنبحتهم كلاب عنده، فلما سمعت ذلك عائشة قالت: ما اسم هذا المكان، قالوا: الحوأب، فضربت بإحدى يديها على الأخرى، وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما أظنني إلا راجعة، قالوا: ولم؟ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنسائه: ليت شعري، أيتكن التي تنبحها كلاب الحوأب، ثم ضربت عضد بعيرها، فأناخته، وقالت: ردوني ردوني، أنا والله صاحبة ماء الحوأب.

ثم أناخ الناس حولها يوما وليلة، وقال لها عبد الله بن الزبير: إن الذي أخبرك أن هذا ماء الحوأب، قد كذب، ثم قال الناس: النجاء النجاء، هذا جيش علي بن أبي طالب قد أقبل، فارتحلوا نحو البصرة.

وفي السيرة الحلبية: أن رجلا كان عاملا لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال لسيدنا عمر: إني رأيت في المنام كأن الشمس والقمر يقتتلان، ومع كل واحد منها نجوم، فقال عمر: مع أيهما كنت؟ قال: مع القمر، قال كنت مع

____________

(1) شرح نهج البلاغة 9 / 189، وانظر 9 / 199 - 200.

(2) ابن كثير: البداية والنهاية 7 / 251 - 252 (القاهرة 1351 هـ - 1933 م).

الصفحة 305
الآية الممحوة، إذهب فلا تعمل لي عملا، فاتفق أن هذا الرجل كان مع معاوية يوم صفين، وقتل ذلك اليوم (1).

وفي نهج البلاغة: أن أم المؤمنين عائشة جاءت إلى أم المؤمنين أم سلمة، تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان، فقالت لها: يا بنت أبي أمية، أنت أول مهاجرة من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت كبيرة أمهات المؤمنين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقسم لنا من بيتك، وكان جبريل أكثر ما يكون في منزلك.

فقالت أم سلمة: لأمر ما قلت هذه المقالة، فقالت عائشة: إن عبد الله أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام، وقد عزمت على الخروج إلى البصرة، ومعي الزبير وطلحة، فاخرجي معنا، لعل الله أن يصلح هذا الأمر على أيدينا وبنا.

فقالت أم سلمة: إنك كنت بالأمس تحرضين على عثمان، وتقولين فيه أخبث القول، وما كان اسمه عندك إلا نعثلا، وإنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفأذكرك؟ قالت: نعم، قالت: أتذكرين يوم أقبل عليه السلام، ونحن معه، حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال، خلا بعلي يناجيه، فأطال، فأردت أن تهجمي عليهما، فنهيتك فعصيتني، فهجمت عليهما، فما لبثت أن رجعت باكية، فقلت: ما شأنك؟ فقلت: إني هجمت عليهما، وهما يتناجيان، فقلت لعلي: ليس لي من رسول الله، إلا يوم من تسعة أيام، أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي، وهو غضبان محمر الوجه، فقال: ارجعي وراءك، والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي، ولا من غيرهم من الناس، إلا وهو خارج من الإيمان، فرجعت نادمة ساقطة، قالت عائشة: نعم أذكر ذلك.

____________

(1) علي بن برهان الدين الحلبي: إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون - الشهير ب‍ (السيرة الحلبية) - الجزء الأول ص 463 (ط الحلبي - القاهرة 1964).

الصفحة 306
قالت أم سلمة: وأذكرك أيضا، كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت تغسلين رأسه، وأنا أحيس له حيسا، وكان الحيس (1) يعجبه فرفع رأسه وقال:

يا ليت شعري، أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تنبحها كلاب الحوأب، فتكون ناكبة عن الصراط، فرفعت يدي من الحيس، فقلت: أعوذ بالله وبرسوله من ذلك: ثم ضرب على ظهرك، وقال: إياك أن تكونيها، ثم قال: يا بنت أبي أمية، إياك أن تكونيها أما أنا فقد أنذرتك، قالت عائشة: نعم أذكر هذا.

قالت أم سلمة: وأذكرك أيضا، كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في سفر له، وكان علي يتعاهد نعلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيخصفها (يحزرها)، ويتعاهد أثوابه فيغسلها، فنقب له نعل، فأخذها يومئذ يخصفها، وقعد في ظل سمرة، وجاء أبوك ومعه عمر، فاستأذنا عليه، فقمنا إلى الحجاب، ودخلا يحادثانه فيما أرادا، ثم قالا: يا رسول الله، إنا لا ندري قدر ما تصحبنا، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا، ليكون لنا بعدك مفزعا؟ فقال لهما: أما إني قد أرى مكانه، ولو فعلت لتفرقتم عنه، كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران، فسكتا ثم خرجا، فلما خرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت له - وكنت أجرأ عليه منا - من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم؟ فقال: خاصف النعل، فنظرنا فلم نجد أحدا، إلا عليا، فقلت: يا رسول الله ما أرى إلا عليا، فقال: هو ذاك، فقالت عائشة: نعم أذكر ذلك.

فقالت أم سلمة: فأي خروج تخرجين بعد هذا؟ فقالت: إنما أخرج للإصلاح بين الناس، وأرجو فيه الأجر، إن شاء الله، فقالت: أنت ورأيك، فانصرفت عائشة عنها، وكتبت أم سلمة بما قالت وقيل لها، إلى علي عليه السلام (2).

____________

(1) الحيس: تمر يخلط بسمن وإقط، فيعجن ويدلك حتى يمتزج، ثم يندر نواه.

(2) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 6 / 217 - 218 (دار الفكر - بيروت 1965).

الصفحة 307
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إنما كان يأسى كثيرا، لأنه لم يحارب مع سيدنا الإمام علي، عليه السلام، وأنه تخلف عنه، روى الحاكم في المستدرك بسنده عن شعيب بن أبي حمزة القرشي عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال:

أنه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر، إذ جاءه رجل من أهل العراق، فقال:

يا أبا عبد الرحمن، إني والله لقد حرصت أن أتسم بسمتك، وأقتدي بك في أمر فرقة الناس، واعتزل الشر ما استطعت، وإني أقرأ آية من كتاب الله محكمة، قد أخذت بقلبي فأخبرني عنها، أرأيت قول الله عز وجل: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا * فأصلحوا بينهما * فإن بغت إحداهما على الأخرى * فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله * فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين) (1)، أخبرني عن هذه الآية؟.

فقال عبد الله: ما لك ولذلك، انصرف عني، فانطلق حتى توارى عنا سواده، وأقبل علينا عبد الله بن عمر، فقال: ما وجدت في نفسي من شئ في أمر هذه الآية، ما وجدت في نفسي أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية، كما أمرني الله عز وجل.

قال الحاكم: هذا باب كبير رواه عن عبد الله بن عمر جماعة من كبار التابعين، وإنما قدمت حديث شعيب بن أبي حمزة عن الزهري، واقتصرت عليه لأنه صحيح على شرط الشيخين (2) (أي البخاري ومسلم).

وروى الهيثمي في مجمعه عن ابن عمر أنه قال: ما آسي على شئ فاتني، إلا الصوم والصلاة، وتركي الفئة الباغية، ألا أكون قاتلتها، واستقالتي عليا عليه السلام البيعة - قال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط (3).

____________

(1) سورة الحجرات: آية 9.

(2) المستدرك للحاكم 3 / 115.

(3) مجمع الزوائد 3 / 182.

الصفحة 308
وروى ابن سعد في طبقاته بسنده عن سعيد بن جبير قال: لما أصاب ابن عمر - وساق الحديث إلى أن قال: - قال ابن عمر: ما آسي من الدنيا، إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وألا أكون قاتلت هذه الفئة الباغية التي حلت بنا (1).

وروى ابن عبد البر في الإستيعاب عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر أنه قال: ما آسي على شئ، إلا أني لم أقاتل مع علي الفئة الباغية (2).

وقال الشعبي: ما مات مسروق، حتى تاب إلى الله من تخلفه عن القتال مع علي (3).

وعن عطاء قال قال ابن عمر: ما آسي على شئ، إلا على أن لا أكون قاتلت الفئة الباغية، وعلى صوم الهواجر (4).

وفي أسد الغابة: قال أبو عمر: روي من وجوه عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر، أنه قال: ما آسي على شئ إلا أني لم أقاتل مع علي بن أبي طالب، الفئة الباغية (5).

وفي أسد الغابة بسنده عن عبد الله بن حبيب قال: أخبرني أبي قال: قال ابن عمر - حين حضره الموت - ما أجد في نفسي من الدنيا، إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية (6).

____________

(1) الطبقات الكبرى 4 / 137.

(2) الإستيعاب 3 / 53.

(3) الإستيعاب 3 / 53، أسد الغابة 4 / 15، شرح نهج البلاغة 4 / 97 - 98.

(4) الإستيعاب 3 / 53.

(5) أسد الغابة 4 / 115.

(6) أسد الغابة 3 / 342، 4 / 115، الإستيعاب 2 / 354 - 346.

الصفحة 309


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net