متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
42 - من مناقب الإمام علي عند الزمخشري
الكتاب : الإمامة وأهل البيت (ع) ج2    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

42 - من مناقب الإمام علي عند الزمخشري:

لعل من الأهمية بمكان أن الإمام الزمخشري (467 - 538 هـ / 1075 - 1144 م) إنما قد أجمل مناقب الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - (فيما صنفه عن مناقب العشرة المبشرين بالجنة) في ثماني عشرة منقبة، نوجزها فيما يأتي:

المنقبة الأولى:

أنه أول من أسلم من الصبيان، وأول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن زيد بن أرقم، رضي الله عنه، قال: أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي (3).

المنقبة الثانية:

أنه المتخلف على الودائع من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، في وقت الهجرة، وبقي بمكة ثلاث ليال بأيامها، حتى رد ما كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ودائع لأصحابها.

____________

(1) تهذيب الخصائص 27 - 29.

(2) الرياض النضرة 2 / 269 - 270، الإصابة في تمييز الصحابة 2 / 509.

(3) أنظر: مسند الإمام أحمد 4 / 368، 4 / 371، فضائل الصحابة 2 / 590، 592، القطيعي: زوائد الفضائل (1040)، ابن المغازلي، مناقب علي رضي الله عنه (رقم 14)، الطبراني: المعجم الكبير 5 / 198، سنن البيهقي 6 / 206، صحيح الترمذي 2 / 301، المستدرك للحاكم 3 / 136، الطبقات الكبرى 3 / 12، تاريخ الطبري 2 / 310 - 312، أسد الغابة 4 / 17، الإستيعاب 3 / 31، مجمع الزوائد 9 / 101، 103، 114.

الصفحة 369
ثم خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في وقت الخروج إلى غزوة تبوك على العيال والنساء بالمدينة حتى بكى رضي الله عنه، قول: يا رسول الله إن قريشا تقول:

إن رسول الله استثقله فتركه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي (1).

المنقبة الثالثة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما آخى بين المهاجرين والأنصار، جعل عليا أخا نفسه الكريمة، وقال له: أنت أخي وصاحبي في الدنيا، والآخرة (2).

المنقبة الرابعة:

أنه الممدوح بالسيادة، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لفاطمة رضي الله

____________

(1) أنظر: صحيح البخاري 5 / 24، 6 / 3، صحيح مسلم 15 / 173 - 176، النسائي: تهذيب الخصائص ص 19، 20، 28، 29، 39، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 72، ابن حنبل: فضائل الصحابة 2 / 566، 567، 592، 610، 611، 612، 633، 642، 643، 663، 670، 675، 682، 684، مسند الإمام أحمد 1 / 170، 175، 177، 184، 330، 6 / 369، مجمع الزوائد 9 / 109، 110، 111، 119، كنز العمال 3 / 154، 5 / 40، 6 / 154، 188، 395، 405، الطبقات الكبرى 3 / 14، 15، حلية الأولياء 7 / 195، 196، 197، أسد الغابة 4 / 104، 106، الرياض النضرة 2 / 214، 215، 216، 216، 270، 326، الصواعق المحرقة ص 73، 187، تحفة الأحوذي 10 / 228، صحيح ابن ماجة ص 12، سيرة ابن هشام 4 / 382، شرح نهج البلاغة 13 / 210 - 211، الإصابة 2 / 509، صحيح الترمذي 10 / 235، الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 1 / 324، 2 / 232، 3 / 288، 4 / 204، 7 / 452، 9 / 394، 10 / 43، 11 / 432، مشكل الآثار 2 / 309، تاريخ ابن عساكر 1 / 107، زاد المعاد 3 / 530.

(2) أنظر: المستدرك للحاكم 3 / 14، 3 / 126، 3 / 159، الطبقات الكبرى 8 / 14، 15، فضائل الصحابة 2 / 597 - 598، 638 - 639، 652 - 653، 2 / 666 - 667، تهذيب الخصائص للنسائي ص 18، 71، 72، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 170، تفسير الدر المنثور 2 / 81، تفسير ابن كثير 1 / 614، مجمع الزوائد 8 / 302، 9 / 134، المسند 1 / 159، 230، كنز العمال 3 / 61، 6 / 394، 6 / 400، الإستيعاب 3 / 35، أسد الغابة 3 / 486، 4 / 109.

الصفحة 370
عنها، (زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة (1)، ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: علي سيد العرب (2).

المنقبة الخامسة:

أنه ولي الله، وولي المؤمنين، قال الله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله * والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (3).

وقد نزلت هذه الآية الكريمة في حق علي، حين كان يصلي في المسجد، وهو راكع، قام سائل يسأل، فمد علي يده إلى خلفه، وأومأ إلى السائل بخاتمه، فأخذه من إصبعه (4).

هذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه).

وقد جاء هذا الحديث بطرق مختلفة، وفي بعضها زيادة (وانصر من نصره، واخذل من خذله) (5).

____________

(1) المستدرك للحاكم 3 / 127، حلية الأولياء 2 / 42، 5 / 59، المنادي: كنوز الحقائق ص 188.

(2) حلية الأولياء 1 / 63، 5 / 38، مجمع الزوائد 9 / 116، 131، المستدرك للحاكم 3 / 124، 3 / 137، كنز العمال 6 / 157، أسد الغابة 1 / 84، 3 / 147، الصواعق المحرقة ص 188، الرياض النضرة 2 / 233.

(3) سورة المائدة: آية 55.

(4) تفسير الكشاف 1 / 262، السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي: فضائل الخمسة من الصحاح الستة 2 / 18 - 19 (مؤسسة الأعلى - بيروت 1973).

(5) أنظر: ابن حنبل: فضائل الصحابة 2 / 598 - 599، صحيح الترمذي 2 / 298، صحيح ابن ماجة ص 12، المستدرك للحاكم 2 / 129، 3 / 110، 116، 533، 371، كنز العمال 6 / 83، 6 / 397، تهذيب الخصائص ص 50 - 54) أحاديث أرقام 65، 66، 67، 68، 69، 70، 71، 72، 73، 74)، مسند الإمام أحمد 4 / 372، وانظر روايات أخرى في المسند (1 / 84، 88، 118، 119، 330، 4 / 368، 370، 388، 5 / 350، 366، 419) وفي فضائل الصحابة (2 / 563، 569، 584، 585، 592، 599، 613، 620، 649، 682، 683، 684، 688، 689، 705) وهي الأحاديث (أرقام 947، 959، 989، 1007، 1021، 1022، 1035، 1060، 1104، 1167، 1175، 1177، 1206)، وانظر: المطالب العالية

=>


الصفحة 371

المنقبة السادسة:

أنه أقضى الصحابة، لقوله صلى الله عليه وسلم: أقضاكم علي، وقول عمر - فيما يروي البخاري - أقرؤنا أبي، وأقضانا علي.

وعن ابن مسعود. رضي الله عنه - قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي.

وهو أعلم الصحابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب (1).

المنقبة السابعة:

أنه محبوب المؤمنين، ومبغوض المنافقين، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق (2).

____________

<=

4 / 59 - 60، مجمع الزوائد 9 / 103، تاريخ بغداد 7 / 377، 8 / 290، 12 / 343، مجمع الزوائد 9 / 105، 106، 107، 108، 119، 116).

(1) أنظر عن علم الإمام علي وقضائه (ابن حنبل: فضائل الصحابة 2 / 576، 581، 595، 635، 646، 647، 654، 699، 716، 719، 723، 764، الإستيعاب 2 / 38، 39 - 43، 44، حلية الأولياء 1 / 65 - 66، صحيح البخاري 6 / 23، أسد الغابة 4 / 10099 فتح الباري 8 / 1671، السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 170 - 171، المستدرك للحاكم 3 / 127، 3 / 305، تفسير الطبري 26 / 116، الإصابة 2 / 509، الطبقات الكبرى 2 / 100 - 102، 3 / 38، مسند الإمام أحمد 1 / 83، 88، 111، 131، 149، مسند أبي داود الطيالسي 1 / 16، 69، سنن البيهقي 10 / 86، الباقوري: علي إمام الأئمة ص 169 - 247، محمد بيومي مهران: الإمام علي بن أبي طالب 2 / 160 - 193).

(2) أنظر: فضائل الصحابة 2 / 565، 566، 619، 622، 623، 639، 648، 671، 672، 693، 694، المستدرك للحاكم 3 / 127، 130، 142، حلية الأولياء 1 / 66 - 67، صحيح الترمذي 5 / 641، كنز العمال 6 / 154، 157، 158، 391، 394، مجمع الزوائد 9 / 108، 123، 129، 132، الإستيعاب 2 / 37، 46 - 47، 51، صحيح مسلم 2 / 64، صحيح الترمذي 2 / 301، سنن النسائي 2 / 271، صحيح ابن ماجة ص 12، مسند الإمام أحمد 1 / 84، 95، 128، تاريخ بغداد 2 / 255، 8 / 417، 14 / 426، الرياض النضرة 2 / 284، 285، مشكل الآثار 1 / 50، شرح نهج البلاغة 4 / 110، 9 / 172، كنوز الحقائق ص 188، تهذيب الخصائص ص 56، 59 - 62.

الصفحة 372

المنقبة: الثامنة:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختصه بمناجاته يوم الطائف، عن جابر - رضي الله عنه - قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليا، يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمه، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما أنا انتجيته، ولكن الله انتجاه).

وقال ومعنى قوله: ولكن الله انتجاه، أي أن أمرني أن أنتجي معه (1).

المنقبة التاسعة:

أنه ذو الأذن الواعية، روي أنه لما نزل قول الله تعالى: (وتعيها أذن واعية) (2)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي، قال علي: فما نسيت شيئا بعد ذلك، وما كان لي أن أنسى) (3).

وشرح الزمخشري عبارة (أذن واعية) في تفسيره المعروف باسم (الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل) فقال: أذن واعية من شأنها أن تعي وتحفظ ما سمعت به، ولا تضيعه بترك العمل، وكل ما حفظته من نفسك فقد وعيته، ومن غير نفسك فقد وعيته (4).

____________

(1) رواه الترمذي (رقم 36538) عن الطبراني (وانظر: محمد عبده يماني: علموا أولادكم محبة آل بيت النبي ص 111).

(2) سورة الحاقة: آية 12.

(3) رواه ابن جرير في التفسير 29 / 35، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 1 / 306 - 307، وابن المغازلي في مناقب علي رضي الله عنه ص 265، 319، وابن المؤيد في (فرائد السبطين) 1 / 198، 200، وانظر: تفسير الدر المنثور للسيوطي 6 / 260.

(4) تفسير الكشاف 2 / 485، وانظر: ابن حجر: الكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشاف، حيث يقول: أخرجه سعيد بن منصور والطبري والثعلبي.

ولعل من الجدير بالإشارة إلى أن الزمخشري لم ينفرد بهذا التفسير: فالإمام الطبري يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال لعلي: إني أمرت أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك، وأن تعي، وحق لك أن تعي، فنزلت الآية. (تفسير الطبري 29 / 35).

وروى الحافظ ابن كثير في تفسيره بسنده عن علي بن حوشب قال: سمعت مكحول يقول:

لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وتعيها أذن واعية)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت الله ربي أن يجعلها أذن علي، قال مكحول: فكان علي يقول: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، شيئا قط، فنسيته (أنظر تفسير ابن كثير 4 / 647 - بيروت 1986).

الصفحة 373

المنقبة العاشرة:

أنه جمع ثلاثة مفاخر لم تجمع لأحد سواه، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا علي: أعطيت ثلاثا لم يعطهن أحد غيرك: صهرا مثلي، وزوجة مثل فاطمة، وولدين مثل الحسن والحسين.

المنقبة الحادية عشرة:

أنه صعد على منكبي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى الإمام علي - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - في قصة قمع الأصنام، قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الكعبة، فقال لي: إجلس، فجلست فصعد على منكبي، فقال لي: إنهض، فنهضت فعرف ضعفي تحته، فقال لي: إجلس، فجلست، ثم نهض بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخيل إلي - أنني لو شئت نلت فوق السماء، فصعدت إلى الكعبة، وتنحى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إلق صنمهم الأكبر - صنم قريش - وكان من نحاس موتد بوتاد من حديد في الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عالجه، فجعلت أعالجه، حتى استمكنت منه، فقال: إقذفه، فقذفته حتى انكسر، ونزلت من فوق الكعبة، وانطلقت، أنا والنبي صلى الله عليه وسلم، نسعى، وخشينا أن يرانا أحد من قريش وغيرهم (1).

المنقبة الثانية عشرة:

أنه حاز سهم جبريل - عليه السلام - من غنائم تبوك، روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما غزا تبوك استخلف عليا على المدينة، فلما نصر رسوله، وغنم المسلمون أموال المشركين ورقابهم، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يقسم السهام على المسلمين سهما سهما، ودفع إلى علي بن أبي طالب سهمين، فقام أحد الصحابة يسأل: يا رسول الله، أوحي نزل من السماء، أم أمر من نفسك؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنشدكم الله، هل رأيتم في رأس ميمنتكم صاحب الفرس

____________

(1) أنظر: الرياض النضرة 2 / 265 - 266، تهذيب الخصائص للنسائي ص 69 - 70.

الصفحة 374
الأغر المحجل، والعمامة الخضراء، لها ذؤابتان مرخاتان على كتفيه، بيده حربة، قد حمل على الميمنة، فأزالها، وحمل على الميسرة فأزالها، وحمل على القلب فأزاله؟ قالوا: نعم، لقد رأينا ذلك، قال: هو جبريل، وقد أمرني أن أدفع بسهمه لعلي (1).

المنقبة الثالثة عشرة:

أن النظر إلى وجهه عبادة. لما روي عن السيدة عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت: رأيت أبي يديم النظر إلى وجه علي، رضي الله عنهما، فسألته عن ذلك فقال: ما يمنعني من ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة.

وأخرج الطبراني والحاكم عن ابن مسعود، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: النظر إلى وجه علي عبادة - قال: إسناده حسن (2).

المنقبة الرابعة عشرة:

أنه أحب خلق الله إلى الله - بعد مولانا وسيدنا وجدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم - لما روي عن أنس بن مالك الأنصاري، رضي الله عنه، أنه قال: أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرخان مشويان، فقال: (اللهم سق أحب خلقك إليك، ليأكل معي) - قال أنس: وكنت على الباب، فجاء رجل فرددته، رجاء أن يجئ رجل من الأنصار، ثم جاء علي رضي الله عنه، فأذنت له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتأكل يا علي، فأنت أحب خلق الله إليه، فقد دعوت الله تعالى، أن يسوق أحب خلقه إليه.

____________

(1) أنظر: عبد الرحمن الشرقاوي: علي إمام المتقين 1 / 27 - 32 (مكتبة غريب - القاهرة 1985).

(2) أنظر: المستدرك للحاكم 3 / 141، 3 / 142، حلية الأولياء 2 / 182 - 183، 5 / 58، مجمع الزوائد 9 / 119، الرياض النضرة 2 / 291 - 292، الإصابة في تمييز الصحابة 4 / 402، تاريخ بغداد 2 / 51، الصواعق المحرقة ص 190، كنز العمال 6 / 152، فيض القدير 6 / 299، كنوز الحقائق ص 155، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 172، ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 9 / 171.

الصفحة 375
وفي رواية الترمذي عن أنس بن مالك قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، طير، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فأكل معه.

وفي أسد الغابة عن أنس بن مالك قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، طير، فقال:

اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، وإلى رسولك - ورفع صوته - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ فقال: علي، فقال: فافتح له، ففتحت، فأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الطيرين، حتى فنيا (1).

المنقبة الخامسة عشرة:

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سماه: يعسوب المؤمنين (2) - فقد روي عن أبي ذر وسلمان أنهما قالا: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم، بيد علي، فقال: إن هذا أول من آمن بي، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين.

وروى ابن حجر في الإصابة بسنده عن أبي ليلى الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك، فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه أول من يراني، وأول من يصافحني، وهو الصديق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين.

____________

(1) أنظر: صحيح الترمذي 2 / 299، 5 / 636، أسد الغابة 4 / 110 - 111، مجمع الزوائد 9 / 126، المستدرك للحاكم 3 / 130، ابن كثير: البداية والنهاية 7 / 351، تذكرة الذهبي 4 / 1042، فضائل الصحابة 2 / 560 - 562، الرياض النضرة 2 / 112، وأخرجه البخاري في الكبير 1 / 1: 358، 1 / 2: 2.

(2) اليعسوب: أمير النحل ومقدمها وسيدها، الذي تنقاد إليه، ويقوم بمصالحها، ويرجع إليه في أمورها، والمعنى هنا: أن المؤمنين يلوذون بالإمام علي، كما تلوذ النحل بيعسوبها.

الصفحة 376
وقال صلى الله عليه وسلم لعلي: أنت أمير المؤمنين، ويعسوب الدين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وفاروق الأمة، ومنار الهدى، وإمام الأولياء (1).

المنقبة السادسة عشرة:

اختصه النبي صلى الله عليه وسلم، بالتبليغ عنه - روى جابر الأنصاري، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث أبا بكر - رضي الله عنه، فأقبلنا معه، حتى إذا كنا (بالعرج) ثوب بالصبح، ثم استوى ليكبر، فسمع الرغوة، خلف ظهره، فتوقف عن التكبير، فقال: هذه رغوة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج، فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصلي معه، فإذا علي عليها، فقال أبو بكر: أمير أم رسول؟ فقال علي: لا، بل رسول، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ببراءة، اقرؤها على الناس في مواقف الحج، فقدمنا مكة، فلما كان قبل التروية بيوم، قام أبو بكر فخطب في الناس، فحدثهم عن مناسكهم، حتى إذا فرغ، قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، ثم خرجنا معه، حتى إذا كان يوم عرفة، قام أبو بكر فخطب في الناس، فحدثهم عن مناسكهم، حتى إذا فرغ، قام علي فقرأ على الناس سورة البراءة (التوبة) حتى ختمها، ثم كان يوم النحر فأفضنا، فلما رجع أبو بكر خطب في الناس فحدثهم عن إفاضتهم، وعن نحرهم، وعن مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس سورة براءة حتى ختمها، فلما كان يوم النفر الأول، قام أبو بكر فخطب الناس فحدثهم كيف ينفرون، وكيف يرمون، فعلمهم مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس سورة براءة حتى ختمها (2).

____________

(1) أنظر: المستدرك للحاكم 2 / 377، 3 / 137، 4 / 219، كنز العمال 3 / 137، 6 / 153، 156، 157، 394، مجمع الزوائد 9 / 102، 121، حلية الأولياء 1 / 66 - 67، أسد الغابة 3 / 174، 6 / 270، فضائل الخمسة من الصحاح الستة 2 / 100 - 106، تاريخ بغداد 11 / 112، الإصابة في تمييز الصحابة 4 / 170 - 171، الإستيعاب في معرفة الأصحاب 4 / 170، الصواعق المحرقة ص 193، الرياض النضرة 2 / 204 - 205، 234، فيض القدير 4 / 358، كنوز الحقائق ص 92، شرح نهج البلاغة 9 / 167.

(2) أخرجه النسائي في السنن 5 / 247، والدارمي 2 / 66، والبيهقي 5 / 111، وأبو زرعة الدمشقي

=>


الصفحة 377
وجاء في حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا ينبغي أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي، فدعا عليا، فأعطاه إياه (1).

وفي تفسير الطبري بسندي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر قال: لما نزلت براءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان بعث أبا بكر الصديق - رحمة الله عليه - ليقيم الحج للناس، قيل له يا رسول الله، لو بعثت بها إلى أبي بكر، فقال: لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي، ثم دعا علي بن أبي طالب، رحمة الله عليه، فقال: أخرج بهذه القصة من سورة (براءة)، وأذن في الناس يوم النحر، إذا اجتمعوا بمنى: أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، عهد، فهو إلى مدته، فخرج علي بن أبي طالب، رحمة الله عليه، على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، (العضباء)، حتى أدرك أبا بكر الصديق بالطريق، فلما رآه أبو بكر قال: أمير أو مأمور؟ قال:

مأمور، ثم مضيا، رحمة الله عليهما، فأقام أبو بكر للناس الحج، والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية، حتى إذا كان يوم النحر، قام علي بن أبي طالب، رحمة الله عليه، فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أيها الناس، لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).

____________

<=

في تاريخه (1 / 58911) وابن أبي حاتم في تفسيره 4 / 339، والطبراني في المعجم الكبير 11 / 400، والخوارزمي في المناقب.

(1) أخرجه الترمذي في التفسير 5 / 256.

(2) تفسير الطبري 14 / 107 - 108.

وانظر عن حديث براءة (صحيح الترمذي 2 / 183، مسند الإمام أحمد 3 / 283، تفسير الطبري 14 / 105 - 112، تفسير المنار 10 / 140 - 141، تفسير القرطبي ص 2906 - 2907، تفسير ابن كثير 2 / 519 - 520، المستدرك للحاكم 3 / 51، السيرة الحلبية 3 / 232، المسند 4 / 164، تهذيب الخصائص للنسائي ص 48 - 50، فضائل الصحابة 2 / 594، تحفة الأشراف 3 / 13، الرياض النضرة / 229، 2 / 226، تفسير النسفي 2 / 115، فضائل الخمسة من الصحاح الستة 2 / 342 - 347، كنز العمال 1 / 246، مجمع الزوائد 9 / 119.

الصفحة 378

المنقبة السابعة عشرة:

قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه (أي علي) إنه كنفسه، فلقد روي عن أبي ذر، رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لينتهين بنو وليعة، أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي، ينفذ فيهم أمري، فيقتل فيهم المقاتلة، ويسبي الذرية).

قال أبو ذر: فما راعني إلا كف عمر في حجزتي من خلفي، قال: من يعني؟ فقلت: ما إياك يعني، ولا صاحبك (يعني أبا بكر)، قال: فمن يعني؟

قلت: خاصف النعل، قال: وعلي يخصف نعلا (1).

وروى الهيثمي في مجمعه بسنده عن جابر عن عبد الله، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الوليد بن عقبة - وساق الحديث إلى أن قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لينتهين بنو وليعة، أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي، يقتل مقاتلتهم، ويسبي ذراريهم، وهو هذا، ثم ضرب بيده على كتف علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.

وفي الصواعق المحرقة قال: وأخرج الدارقطني: أن عليا يوم الشورى، احتج على أهلها، فقال لهم: أنشدكم بالله، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الرحم مني، ومن جعله صلى الله عليه وسلم، نفسه، وأبناءه أبناءه، ونساءه نساءه، غيري، قالوا: اللهم لا.

وفي الدر المنثور للسيوطي في تفسير آية المباهلة (آل عمران: آية 61) قال جابر: فيهم نزلت (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) - الآية، قال جابر: أنفسنا وأنفسكم، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي عليه السلام، وأبناءنا الحسن والحسين، ونساءنا: فاطمة عليها السلام (2).

____________

(1) أنظر: فضائل الصحابة 2 / 571 - 572، مجمع الزوائد 9 / 163، وأخرجه النسائي في الخصائص، وعبد الرازق في المصنف 11 / 226، والخوارزمي في المناقب ص 81.

(2) وانظر عن الحديث بطرقه المختلفة (تهذيب الخصائص، ص 47، مجمع الزوائد 9 / 134، 9 / 163، صحيح الترمذي 5 / 634، الصواعق المحرقة ص 194، الرياض النضرة 2 / 216

=>


الصفحة 379

المنقبة الثامنة عشرة:

إن عليا، عليه السلام، كان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عن السيدة أم سلمة - زوج النبي صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: والذي تحلف به أم سلمة، إن كان أقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، علي، قالت: لما كان غداة قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أرسله في حاجة، أظنه، فجعل يقول: جاء علي؟ - ثالث مرات - قالت فجاء قبل طلوع الشمس، فلما جاء عرفنا أن له إليه حاجة، فخرجنا من البيت، وكنا عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يومئذ في بيت عائشة، فكنت آخر من خرج من البيت، ثم جلست أدناهن من البيت، فأكب عليه علي، فكان آخر الناس به عهدا، جعل يساره ويناجيه (1).

المنقبة التاسعة عشرة:

شفقة النبي صلى الله عليه وسلم، عليه عن أم عطية - رضي الله عنها - قالت: بعث النبي صلى الله عليه وسلم، جيشا، منهم علي، قالت: فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: (اللهم لا تمتني حتى تريني عليا) (2).

المنقبة العشرون:

أن النبي صلى الله عليه وسلم، أشركه في هديه في حجة الوداع، فقدم مائة بدنة، نحر منها بيديه ثلاثا وستين، وأناب عليا في نحر ما زاد من المائة.

____________

<=

- 217، المستدرك للحاكم 2 / 120، 3 / 126، 3 / 126، المطالب العالية 4 / 57، الطبقات الكبرى 2 / 89، تفسير الزمخشري 2 / 393 (القاهرة 1925)، الإستيعاب 3 / 46، فضائل الصحابة 2 / 698، المسند 1 / 107، 2 / 152، زيادات المسند 1 / 149 - 150، سنن البيهقي 9 / 288.

(1) أخرجه الإمام أحمد في المسند 6 / 300، وفي الفضائل 2 / 686، وابن أبي شيبة في مصنفه 12 / 57، وأبو نعيم في أخبار أصفهان 2 / 250، وأبو يعلى والطبراني والحاكم في المستدرك 3 / 138.

(2) وانظر أحاديث أخرى في نفس الباب (الطبقات الكبرى 2 / 51، 2 / 61، مجمع الزوائد 9 / 36، 1 / 293، 9 / 35، الرياض النضرة 2 / 237، ذخائر العقبى ص 72، 94، كنز العمال 3 / 155، 4 / 55).

الصفحة 380
وروى الإمام أحمد في المسند بسنده عن ابن عباس قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع مائة بدنة، نحر منها ثلاثين بدنة بيده، ثم أمر عليا فنحر ما بقي منها، وقال: أقسم لحومها وحلاها وجلودها بين الناس، ولا تعط الجزار منها شيئا، وخذ لنا من كل بعير حذية من لحم، ثم اجعلها في قدر واحدة، حتى نأكل من لحمها، ونحسو من مرقها، ففعل (1).

المنقبة الحادية والعشرون:

قول النبي صلى الله عليه وسلم، لعلي: أنت مني وأنا منك (2).

وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: علي مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي (3).

وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي: وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة عن حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني، وأنا منه (4).

وروى أبو داود الطيالسي في مسنده بسنده عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي (5).

وفي الخصائص للنسائي من حديث بريدة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: لا تبغضن لي عليا، فإن عليا مني، وأنا منه، وهو وليكم بعدي (6).

____________

(1) مسند الإمام أحمد 1 / 260، وانظر: المسند 3 / 331، سنن البيهقي 5 / 6، 5 / 238.

(2) صحيح البخاري 5 / 22، 5 / 180، زاد المعاد 3 / 374 - 375.

(3) فضائل الصحابة 2 / 649 - وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (أ 115 ب) من طريق جعفر بن سليمان مثله، وانظر: فضائل الصحابة 2 / 605، 620، مسند الإمام أحمد 4 / 437، معجم الصحابة للبغوي (ل 420).

(4) السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 169.

(5) مسند أبي داود الطيالسي 11 / 360 (حيدرآباد الدكن 1321 هـ).

(6) النسائي: تهذيب الخصائص ص 55 - 56.

الصفحة 381


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net