متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
نسبه ومولده ، من مناقب الإمام العسكري ، من تفسيره للقرآن الكريم
الكتاب : الإمامة وأهل البيت (ع) ج3    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

1 - نسبه ومولده

هو الإمام أبو محمد الحسن بن الإمام علي الهادي بن الإمام محمد الجواد، بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب، عليهم السلام، وسيدة نساء العالمين، السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا ومولانا وجدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم:

وأما أم الإمام فهي أم ولد، وتدعى " سوسن " وأما كنيته فأبو محمد، ولقبه العسكري. والسراج والخالص، وليس له ولد سوى محمد بن الحسن، وهو الحجة المنتظر.

هذا وقد ولد الإمام أبو محمد الحسن العسكري (1) في يوم الخميس في بعض شهور سنة 231 هـ - وقيل في سادس شهر ربيع الأول، وقيل الآخر سنة 232 هـ، وتوفي في يوم الجمعة - وقيل يوم الأربعاء - لثمان خلون من شهر ربيع الأول - وقيل جمادى الأولى - سنة 260 هـ في " سر من رأى "، ودفن إلى جانب قبر أبيه الإمام علي الهادي، وذلك في خلافة المعتمد (256 - 279 هـ)، وهو ابن تسع وعشرين سنة، وهو أبو المهدي المنتظر، وقد أقام مع أبيه الهادي 23 هـ سنة وأشهرا، وبقي بعده خمس سنين وأشهرا (2).

____________

(1) العسكري: نسبة إلى " سر من رأى " ذلك أن المعتصم لما بناها، وانتقل إليها بعسكره، قبل لها " العسكر " وإنما نسب الحسن إليها، لأن المتوكل أشخص أباه عليا الهادي إليها، وأقام بها عشرين سنة، وتسعة أشهر، ونسب هو ووالده إليها، أي نسب الإمام علي الهادي والإمام الحسن إلى مدينة العسكر، وهي " سر من رأى " وفيات الأعيان 2 / 94 - 95، الصواعق المحرقة ص 12. وتقع " سر من رأى " أو " سامراء " على الضفة اليسرى للدجلة، وعلى مبعدة 100 كيلا شمالي بغداد.

(2) وفيات الأعيان 942، الشيعة في الميزان ص 249، مروج الذهب 2 / 571.

الصفحة 203
ويروي الكليني في الكافي، عن محمد بن يحيى عن سعد بن عبد الله عن جماعة من بني هاشم - منهم الحسن بن الحسن الأفطس - أنهم حضروا يوم وفاة الإمام محمد الجواد إلى أبي الحسن علي الهادي يعزونه قالوا: قدرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلا، سوى مواليه وسائر الناس، إذ نظر إلى الحسن بن علي، وقد جاء مشقوق الجيب، حتى قام عن يمينه، ونحن لا نعرفه، فنظر إليه أبو الحسن بعد ساعة، فقال: يا بني أحدث الله عز وجل شكرا، فقد أحدث فيه أمرا، فبكى الفتن، وحمد الله واسترجع، وقال: الحمد لله رب العالمين، وأنا سأل الله تمام نعمته لنا فيك، و (إنا لله وإنا إليه لراجعون)، فسألنا عنه، فقيل: هذا الحسن ابنه، وقدرناه له في ذلك الوقت عشرين سنة، أو أرجح، فيومئذ عرفناه، وعلمنا أنه قد أشار إليه بالإمامة، أقامه مقامه (1).

ويؤكد المفيد إمامة الحسن العسكري، ويقول: وكان الإمام بعد أبي الحسن علي ابنه أبا محمد الحسن بن علي، لاجتماع خلال الفضل فيه، وتقدمه على كافة أهل عصره، فيما يوجب له الإمامة، ويقتضي له الرياسة (2).

هذا وتذهب المصادر الإمامية إلى أنه لما توفي الإمام الحسن العسكري، خلفه ابنه المنتظر، وكان قد أخفى مولده، وستر أمره، لصعوبة الوقت، وشدة الطلب له، واجتهاده في البحث عن أمره، ولما شاع من مذهب الإمامية، وعرف من انتظارهم له، فلم يظهر ولده في حياته، ولا عرفه الجمهور بعد وفاته، لذلك لم يره " إلا الخواص من شيعته " (3).

 

2 - من مناقب الإمام العسكري

اشتهر الإمام الحسن العسكري بأن أخلاقه كانت قبسا من أخلاق جده

____________

(1) الكليني: الكافي 1 / 326.

(2) المفيد: الإرشاد ص 334 - 238، نبيلة عبد المنعم داود: المرجع السابق 288.

(3) المفيد: الإرشاد ص 345، الطبرسي: إعلام الورى ص 360، نبيلة عبد المنعم: المرجع السابق ص 8248.

الصفحة 204
المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، في هديه وسكونه، وعفافه ونبله وكرمه، وكان - على صغر سنه - مقدما على العلماء والرؤساء، معظما عند سائر الناس (1).

وفي درر الأصداف ونور الأبصار والصواعق المحرقة: وقع لبهلول (2) معه، أنه رآه - وهو صبي - يبكي، والصبيان يلعبون، فظن أنه يتحسر على ما في أيديهم، فقال: اشتري لك ما تعلب به؟ فقال: يا قليل العقل، ما للعب خلقنا، فقال له: فلماذا خلقنا؟ قال: للعلم والعبادة، فقال له: من أين لك ذلك؟ قال: من قول الله عز وجل (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا، وأنكم إلينا لا ترجعون) (3).

ثم سأله أن يعظه، فوعظه بأبيات، ثم خر الحسن مغشيا عليه، فلما أفاق قال له: ما نزل بك وأنت صغير، لا ذنب لك؟ فقال: إليك عني يا بهلول، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار، فلا تتقد إلا بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم (4).

وروي أن الخليفة العباسي سجنه عند رجل يدعى " صالح بن وصيف " فوكل به رجلين من الأشرار بقصد إيذائه والتضييق عليه، وأصبحا بمعاشرة الإمام من الصلحاء الأبرار.

فقال لهما صالح: ويحكما ما شأنكما في هذا الرجل؟ قالا: ما تقول في رجل يصوم نهاره، ويقوم ليله، كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، وإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا، ودخلنا ما لا نملكه من أنفسنا.

____________

(1) الشيعة في الميزان ص 249.

(2) هو أبو وهيب بهلول بن عمرو الصيرفي أو الصوفي المجنون، نشأ في الكوفة، ثم دعاه هارون الرشيد إلى بغداد، وكان شاعرا زاهدا، وقصاصا، وكان يتشيع، وأهم آثاره " القصيدة البهلولية "، وأهم مصادر ترجمته (البيان والتبيين للجاحظ 2 / 230 - 231، الرجال للطوسي ص 160، لسان الميزان لابن حجر 2 / 68، أعيان الشيعة 14 / 146 - 163، الأعلام للزركلي 2 / 56، فؤاد سزكين: تاريخ التراث العربي 4 / 107 - 108).

(3) سورة المؤمنون آية 115.

(4) الصواعق المحرقة ص 313 - 314، نور الأبصار ص 166.

الصفحة 205
سبحانك ربي جل جلالك: أسير لا يملك حولا ولا قوة، ينظر إلى آسره فيرتعد خوفا وفزعا، ولا تفسير لذلك، إلا هيبة الإمام، وإلا الرياسة الحقة التي تفرض نفسها على الناس أجمعين.

هكذا فإن من ينقطع إلى الله - سبحانه وتعالى - تهابه الملوك والجبابرة، وقد جاء في الحديث الشريف: " إن المؤمن يخشع له كل شئ، وأن من يخاف الله يخاف منه كل شئ، حتى هوام الأرض وسباعها، وطيور السماء) (1).

 

3 - من تفسيره للقرآن الكريم

قال الإمام العسكري في تفسيره لقول الله تعالى: (الذي جعل لكم الأرض فراشا، والسماء بناء، وأنزل من السماء ماء، فأخرج به من الثمرات رزقا لكم، فلا تجعلوا لله أندادا، وأنتم تعلمون) (2).

قال: إن معنى جعل الأرض فراشا، أنها ملائمة لطباعكم، موافقة لأجسادكم، ولم يجعلها شديدة الحرارة فتحرقكم ولا شديدة البرودة فتجمدكم، ولا قوية الريح فتصدع هامكم، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في الحرث والبناء والحفر، ولكنه - سبحانه وتعالى - جعلها من المتانة ما تنتفعون به، وجعل فيها من اللين ما تنقاد لحرثكم، وكثير من منافعكم.

وأما معنى السماء بناء، فهو حفظها بالشمس والقمر والنجوم، وانتفاع الناس بها.

ثم أنزل المطر من علو، ليبلغ الجبال والتلال، والهضاب والوهاد، وفرقه رذاذا ووابلا وطلا، لتنتفع الأشجار والزرع والثمار، ثم رتب الله - سبحانه

____________

(1) محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 249 - 250.

(2) سورة البقرة: آية 22:

الصفحة 206
وتعالى - على ذلك، وحدانيته وقدرته، ونفى الأنداد والأمثال (1).

وقال الإمام في تفسير قول الله تعالى: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني) (2)، إن الأمي هو المنسوب إلى أمه، أي هو لا يعرف شيئا، تماما كما خرج من بطن أمه (3).

 

>>>>>>


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net