متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الفصل الخامس: في سائر أخلاقه
الكتاب : مكارم الأخلاق    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

الفصل الخامس
في صفة أخلاقه صلى الله عليه وآله في الطيب والدهن ولبس الثياب وغير ذلك

في غسل رأسه

    وكان صلى الله عليه وآله إذا غسل رأسه ولحيته غسلهما بالسدر.


(33)
 
في دهنه صلى الله عليه وآله

    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يحب الدهن ويكره الشعث ويقول : إن الدهن يذهب بالبؤس (1). وكان يدهن بأصناف من الدهن. وكان إذا ادهن بدأ برأسه ولحيته ويقول : إن الرأس قبل اللحية. وكان يدهن بالبنفسج ويقول : هو أفضل الادهان. وكان صلى الله عليه وآله إذا ادهن بدأ بحاجبيه ثم بشاربيه ثم يدخله في أنفه ويشمه ثم يدهن رأسه. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يدهن حاجبيه من الصداع ويدهن شاربيه بدهن سوى دهن لحيته.

في تسريحه صلى الله عليه وآله

    وكان صلى الله عليه وآله يتمشط ويرجل رأسه بالمدرى (2) وترجله نساؤه وتتفقد نساؤه تسريحه إذا سرح رأسه ولحيته فيأخذن المشاطة ، فيقال : إن الشعر الذي في أيدي الناس من تلك المشاطات ، فأما ما حلق في عمرته وحجته فإن جبريل ( عليه السلام ) كان ينزل فيأخذه فيعرج به إلى السماء. ولربما سرح لحيته في اليوم مرتين. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يضع المشط تحت وسادته إذا تمشط به ويقول : إن المشط يذهب بالوباء. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يسرح تحت لحيته أربعين مرة ومن فوقها سبع مرات ويقول : إنه يزيد في الذهن ويقطع البلغم. وفي رواية عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : من أمر المشط على رأسه ولحيته وصدره سبع مرات لم يقاربه داء أبدا.

في طيبه صلى الله عليه وآله
 

    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه في مفرقه (3). وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتطيب


1 ـ الشعث : تلبد الشعر ، ومنه رجل أشعث وامرأة شعثاء ، وأصله الانتشار والتفرق.
2 ـ المدرى : نوع من المشط ، يقال درى الرأس : حكه بالمدرى.
3 ـ وبيصه : من وبص وبصا : لمع وبرق والمفرق : موضع افتراق الشعر كالفرق. ( مكارم الاخلاق ـ 3 )


(34)

بذكور الطيب (1) وهو المسك والعنبر. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يطيب بالغالية تطيبه بها نساؤه بأيديهن. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يستجمر بالعود القماري (2). وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعرف في الليلة المظلمة قبل أن يرى بالطيب. فيقال : هذا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينفق على الطيب أكثر من ينفق على الطعام. وقال الباقر ( عليه السلام ) : كان في رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثلاث خصال لم تكن في أحد غيره : لم يكن له فئ. وكان لا يمر في طريق فيمر فيه أحد بعد يومين أو ثلاثة إلا عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يمر بحجر ولا بشجر إلا سجد له.
    وكان لا يعرض عليه طيب إلا تطيب به ويقول : هو طيب ريحه خفيف حمله ، وإن لم يتطيب وضع إصبعه في ذلك الطيب ثم لعق منه. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : جعل الله لذتي في النساء والطيب ، وجعل قرة عيني في الصلاة والصوم.

في تكحله ( صلى الله عليه وآله وسلم )

    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يكتحل في عينه اليمنى ثلاثا وفي اليسرى اثنتين. وقال : من شاء اكتحل ثلاثا وكل حين. ومن فعل دون ذلك أو فوقه فلا حرج. وربما اكتحل وهو صائم. وكانت له مكحلة يكتحل بها بالليل. وكان كحله الاثمد.

في نظره ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في المرآة
 

    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينظر في المرآة ويرجل جمته (3) ويتمشط. وربما نظر في الماء وسوى جمته فيه. ولقد كان يتجمل لاصحابه فضلا عن تجمله لاهله.
    وقال ذلك لعائشة ، حين رأته ينظر في ركوة (4) فيها ماء في حجرتها ويسوي فيها جمته وهو يخرج إلى أصحابه ، فقالت : بأبي أنت وأمي تتمرأ (5) في الركوة


1 ـ الذكارة والذكورة : ما يصلح للرجل. وهو ما لا لون له كالمسك والعنبر والعود.
2 ـ القمارى بالفتح : نوع من عود منسوب إلى القمار ، وهو موضع.
3 ـ الجمة بالضم : مجتمع شعر الرأس.
4 ـ الركوة : إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء.
5 ـ من الرؤية والميم زائدة ، أي تنظر.


(35)

وتسوي جمتك وأنت النبي وخير خلقه ؟ فقال : إن الله يحب من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيأ لهم ويتجمل.

في اطلائه ( صلى الله عليه وآله وسلم )

    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يطلى فيطليه من يطليه حتى إذا بلغ ما تحت الازار تولاه بنفسه. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يفارقه في أسفاره قارورة الدهن والمكحلة والمقراض والمسواك والمشط. وفي رواية يكون معه الخيوط والابرة والمخصف والسيور فيخيط ثيابه ويخصف نعله. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا استاك إستاك عرضا (1)

في لباسه ( صلى الله عليه وآله وسلم )

    وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلبس الشملة ويأتزر بها ويلبس النمرة ويأتزر بها أيضا (2) فتحسن عليه النمرة لسوادها على بياض ما يبدو من ساقيه وقدميه. وقيل : لقد قبضه الله جل وعلا وإن له لنمرة تنسج في بني عبدالاشهل ليلبسها ( صلى الله عليه وآله وسلم ). وربما كان يصلي بالناس وهو لابس الشملة. وقال أنس : ربما رأيته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلي بنا الظهر في شملة عاقدا طرفيها بين كتفيه.

في عمامته وقلنسوته ( صلى الله عليه وآله وسلم )
 

    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلبس القلانس تحت العمائم ويلبس القلانس بغير العمائم ، والعمائم بغير القلانس.
    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلبس البرطلة (3) وكان يلبس من القلانس اليمنية ومن البيض (4)


1 ـ استاك استياكا : أي تدلك بالمسواك.
2 ـ الشملة : كساء دون القطيفة يشتمل به. والنمرة بالفتح والكسر : شملة أو بردة من صوف فيها خطوط بيض وسود.
3 ـ البرطلة : قلنسوة طويلة وفي بعض النسخ البرطل.
4 ـ البيض : الخوذة وهو من آلات الحرب لوقاية الرأس.


(36)

المصرية ويلبس القلانس ذوات الاذان في الحرب ومنها يكون من السيجان (1) الخضر وكان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه يصلي إليها. وكان صلى الله عليه وآله كثيرا ما يتعمم بعمائم الخز السود في أسفاره وغيرها ويعتجر اعتجارا (2) وربما لم تكن له العمامة فيشد العصابة على رأسه أو على جبهته وكان شد العصابة من فعاله كثيرا ما يرى عليه وكانت له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عمامة يعتم بها يقال لها : السحاب ، فكساها عليا ( عليه السلام ) وكان ربما طلع علي فيها فيقول : أتاكم علي تحت السحاب يعني عمامته التي وهبها له.
    وقالت عائشة : ولقد لبس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جبة صوف وعمامة صوف ثم خرج فخطب الناس على المنبر ، فما رأيت شيئا مما خلق الله تعالى أحسن منه فيها.

في كيفية لبسه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
 

    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا لبس ثوبا جديدا قال : الحمد لله الذي كساني ما يواري عورتي وأتجمل به في الناس. وكان إذا نزعه نزع من مياسره أولا. وكان من أفعاله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا لبس الثوب الجديد حمد الله ثم يدعو مسكينا فيعطيه القديم ثم يقول : ما من مسلم يكسو مسلما من شمل ثيابه لا يكسوه إلا لله عزوجل إلا كان في ضمان الله عز وجل وحرزه وخيره وأمانه ، حيا وميتا. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا لبس ثيابه واستوى قائما قبل أن يخرج قال : اللهم بك استترت وإليك توجهت وبك اعتصمت وعليك توكلت اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي اللهم اكفني ما أهمني وما لا أهمني وما لا أهتم به وما انت أعلم به مني عز جارك وجل ثناءك ولا إله غيرك ، اللهم زودني التقوى واغفر لي ذنبي ووجهني للخير حيثما توجهت ثم يندفع لحاجته. وكان له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثوبان للجمعة خاصة سوى ثيابه في غير الجمعة. وكانت له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خرقة ومنديل يمسح به وجهه من الوضوء وربما لم يكن مع المنديل فيمسح وجهه بطرف الرداء الذي يكون عليه.


1 ـ السيجان جمع الساج : الطيلسان الواسع المدور.
2 ـ إعتجر : لف عمامته. والاعتجار : لبس العمامة دون التلحي وهو أن يلفيها على رأسه ويرد طرفها على وجهه ، ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه.


(37)
 
في خاتمه ( صلى الله عليه وآله وسلم )

    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لبس خاتما من فضة وكان فصه حبشيا فجعل الفص مما يلي بطن الكف. ولبس خاتما من حديد ملويا عليه وفضة أهداها له معاذ بن جبل فيه محمد رسول الله ، ولبس خاتمه في يده اليمنى ثم نقله إلى شماله ، وكان خاتمه الاخر الذي قبض وهو في يده خاتم فضة فصة فضة ظاهرا كما يلبس الناس خواتيمهم وفيه محمد رسول الله.
    وكان يستنجئ بيساره وهو فيها ويروى أنه لم يزل كان في يمينه إلى أن قبض.
    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ربما جعل خاتمه في إصبعه الوسطى في المفصل الثاني منها. وربما لبسه كذلك في الاصبع التي تلي الابهام. وكان ربما خرج على أصحابه وفي خاتمه خيط مربوط ليستذكر به الشيء. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يختم بخواتيمه على الكتب ويقول الخاتم على الكتاب حرز من التهمة.

في نعله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
 

    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلبس النعلين بقبالين (1) وكانت مخصرة (2) معقبة حسنة التخصير مما يلي مقدم العقب مستوية ليست بملسنة وكان منها ما يكون في موضع الشيء الخارج قليلا. وكان كثيرا ما يلبس السبتية (3) التي ليس لها شعر. وكان إذا لبس بدأ باليمنى وإذا خلع بدأ باليسرى. وكان يأمر بلبس النعلين جميعا وتركها جميعا كراهة أن يلبس واحدة دون اخرى. وكان يلبس من الخفاف من كل ضرب.

في فراشه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
 

    وكان فراشه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي قبض وهو عنده من أشمال وادى القرى محشوا وبرا وقيل : كان طوله ذراعين أو نحوهما وعرضه ذراع وشبر.


1 ـ القبال بالكسر : زمام النعل.
2 ـ مخصرة : أي مستدقة الوسط ، وكانت نعله مخصرة أي لها دقة في الوسط ، وكانت معقبة أي جعل لها العقب ، غير ملسنة : أي ما جعلت شبيهة باللسان في دقة مقدمه.
3 ـ السبت : الجلد المدبوغ.


(38)

    عن علي ( عليه السلام ) : كان فراش رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عباءة. وكانت مرفقته (1) أدم حشوها ليف. فثنيت ذات ليلة ، فلما أصبح قال : لقد منعني الليلة الفراش الصلاة فأمر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يجعل له بطاق واحد. وكان له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فراش من أدم حشوه ليف ، وكانت له عباءة تفرش له حيثما انتقل وتثنى ثنتين. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كثيرا ما يتوسد وسادة له من أدم حشوها ليف ويجلس عليها. وكانت له قطيفة فدكية يلبسها يتحنشع بها ، وكانت له قطيفة مصرية قصيرة الخمل (2) ، وكان له بساط من شعر يجلس عليه وربما صلى عليه.

في نومه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
 

    كان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينام على الحصير ليس تحته شيء غيره. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يستاك إذا أراد أن ينام ويأخذ مضجعه. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أوى إلى فراشه اضطجع على شقه الايمن ووضع يده اليمنى تحت خده الايمن ، ثم يقول : أللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك.

في دعائه عند مضجعه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
 

    وكان له أصناف من الدعوات يدعو بها إذا أخذ مضجعه ، فمنها أنه كان يقول : اللهم إني أعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك ، اللهم إني لا أستطيع أن أبلغ في الثناء عليك ولو حرصت أنت كما أثنيت على نفسك.
    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول عند منامه : بسم الله أموت وأحيا وإلى الله المصير ، اللهم آمن روعتي واستر عورتي وأدعني أمانتي.

ما يقول عند نومه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
 

    كان يقرأ آية الكرسي عند منامه ويقول : أتاني جبرئيل فقال : يا محمد إن عفريتا من الجن يكيدك في منامك فعليك بآية الكرسي.


1 ـ المرفقة : المخدة.
2 ـ الخمل بالفتح : ما يكون كالزغب على القطيفة والثوب ونحوهما وهو من أصل النسيج.


(39)
 
ما يقول عند اسيتقاظه ( صلى الله عليه وآله وسلم )

    عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ما استيقظ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من نوم إلا خر لله ساجدا. وروي أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان لا ينام إلا والسواك عند رأسه فإذا نهض بدأ بالسواك.
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لقد أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي. وكان مما يقول إذا استيقظ : الحمد لله الذي أحياني بعد موتي إن ربي لغفور شكور. وكان يقول : اللهم إني أسألك خير هذا اليوم ونوره وهداه وبركته وطهوره ومعافاته ، اللهم إني أسألك خيره وخير ما فيه وأعوذ بك من شره وشر ما بعده.

في سواكه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
 

    وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يستاك كل ليلة ثلاث مرات : مرة قبل نومه ومرة إذا قام من نومه إلى ورده ومرة قبل خروجه إلى صلاة الصبح. وكان يستاك بالاراك ، أمره بذلك جبرئيل ( عليه السلام ).
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : إني لاكره للرجل أن يموت وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يأت بها.


(40)

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net