متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
ثانياً : علاقات المودة
الكتاب : تربية الطفل في الإسلام    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

ثانياً : علاقات المودّة

     من واجبات الوالدين إشاعة الودّ والاستقرار والطمأنينة في داخل الاسرة ، قال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة .. ) (2)
     فالعلاقة بين الزوج والزوجة أو الوالدين علاقة مودّة ورحمة وهذه العلاقة تكون سكناً للنفس وهدوءاً للاعصاب وطمأنينة للروح وراحة للجسد ، وهي رابطة تؤدي إلى تماسك الاسرة وتقوية بنائها واستمرار كيانها الموّحد ، والمودّة والرحمة تؤدي إلى الاحترام المتبادل والتعاون الواقعي في حل جميع المشاكل والمعوقات الطارئة على الاسرة ، وهي ضرورية للتوازن الانفعالي عند الطفل ، يقول الدكتور سپوك : (اطمئنان الطفل الشخصي والاساسي يحتاج دائماً إلى تماسك العلاقة بين الوالدين ويحتاج إلى انسجام الاثنين في مواجهة مسؤوليات الحياة) (3)


2 ـ الروم 30 : 21 ، يراجع الميزان.
3 ـ مشاكل الآباء في تربية الابناء ، للدكتور سپوك : 44 ـ المؤسسة العربية للدراسة والنشر 1980 ط 3.


(12)

    ويجب على الزوجين ادامة المودّة في علاقاتهما في جميع المراحل ، مرحلة ما قبل الولادة والمراحل اللاحقة لها ، والمودّة فرض من الله تعالى فتكون ادامتها استجابة له تعالى وتقرباً إليه ، وقد أوصى الاِمام علي بن الحسين عليه السلام بها فقال : « وامّا حقّ رعيتك بملك النكاح ، فان تعلم ان الله جعلها سكناً ومستراحاً وأُنساً وواقية ، وكذلك كلّ واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه ، ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه ، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها ، وان كان حقك عليها أغلظ وطاعتك بها ألزم فيما أحببت وكرهت ما لم تكن معصية ، فانّ لها حق الرحمة والمؤانسة وموضع السكون اليها قضاء اللذة التي لابدّ من قضائها وذلك عظيم .. » (1)
     وقد رَكّز أهل البيت عليهم السلام على إدامة علاقات الحبّ والمودّة داخل الاسرة ، وجاءت توصياتهم موجهة إلى كلٍّ من الرجل والمرأة.
     قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « خيركم خيركم لنسائه وأنا خيركم لنسائي » (2)
     وقال الاِمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : « رحم الله عبداً أحسن فيما بينه وبين زوجته » (3)
     وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من اتخذّ زوجة فليكرمها » (4)
     وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أوصاني جبرئيل عليه السلام بالمرأة حتى ظننت انه لا ينبغي


1 ـ تحف العقول ، للحرّاني : 188 ـ المكتبة الحيدرية ـ النجف 1380 هـ ط 5.
2 ـ من لا يحضره الفقيه ، للصدوق 3 : 281 / 14 باب حق المرأة على الزوج.
3 ـ من لا يحضره الفقيه ، للصدوق 3 : 281 ـ دار صعب ـ بيروت 1401 هـ.
4 ـ مستدرك الوسائل ، للنوري 2 : 550 ـ المكتبة الاِسلامية طهران 1383 هـ.


(13)

طلاقها إلاّ من فاحشة مبيّنة » (1)
     فأقوال أهل البيت عليهم السلام وتوصياتهم في الاِحسان إلى المرأة وتكريمها ، عامل مساعد من عوامل إدامة المودة والرحمة والحب.
     وقد أوصى أهل البيت عليهم السلام المرأة بما يؤدي إلى ادامة المودة والرحمة والحب إنْ التزمت بها ، ومنها طاعة الزوج ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « اذا صلّت المرأة خمسها وصامت شهرها وأحصنت فرجها وأطاعت بعلها فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت » (2)
     وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ما استفاد امرؤ فائدة بعد الاِسلام أفضل من زوجة مسلمة ، تسرّه إذا نظر اليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله » (3). وشجّع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الزوجة على اتباع ا الحسن في إدامة المودة والرحمة ، بالتأثير على قلب الزوج وإثارة عواطفه (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إنّ لي زوجة إذا دخلت تلقتني ، وإذا خرجت شيّعتني ، وإذا رأتني مهموماً قالت : ما يهمّك ، ان كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك ، وان كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله همّاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « بشّرها بالجنة وقل لها : إنّك عاملة من عمّال الله ولك في كلِّ يوم أجر سبعين شهيداً ، ـ وفي رواية ـ ان لله عز وجل عمّالاً وهذه من عمّاله ، لها نصف أجر الشهيد ») (4)


1 ـ من لا يحضره الفقيه ، للصدوق 3 : 278 / 1 باب حق المرأة على الزوج.
2 ـ مكارم الاخلاق ، للطبرسي : 201 ـ منشورات الشريف الرضي ـ قم 1410 هـ ط 2.
3 ـ مكارم الاخلاق ، للطبرسي : 200 ـ منشورات الشريف الرضي ـ قم 1410 هـ ط 2.
4 ـ مكارم الاخلاق : 200.


(14)

    وقال الاِمام محمد بن علي الباقر عليه السلام : « جهاد المرأة حسن التبعّل » (1)
     ومن العوامل المساعدة على ادامة المودّة والحب وكسب ودّ الزوج ، هي الانفتاح على الزوج واجابته إلى ما يريد ، قال الاِمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : « خير نسائكم التي اذا خلت مع زوجها خلعت له درع الحياء وإذا لبست لبست معه درع الحياء » (2)
     فهي منفتحة مع زوجها مع تقدير مكانته ، وبعبارة أخرى التوازن بين الاحترام وعدم التكلّف.
     وحدّد الاِمام علي بن الحسين عليه السلام العوامل التي تعمّق المودة والرحمة والحب داخل الاسرة فقال : « لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها ، وحسن خلقه معها ، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها ، وتوسعته عليها.
     ولا غنى بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال ، وهي : صيانة نفسها عن كلِّ دنس حتى يطمئن قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب والمكروه وحياطته ليكون ذلك عاطفاً عليها عند زلة تكون منها ، واظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه » (3)
     وعلاقات المودة والرحمة والحب ضرورية في جميع مراحل الحياة ، وخصوصاً في مرحلة الحمل والرضاعة ، لان الزوجة بحاجة الى الاطمئنان والاستقرار العاطفي ؛ وان ذلك له تأثير على الجنين وعلى


1 ـ من لا يحضره الفقيه 3 : 278 / 6 باب حق الزوج على المرأة.
2 ـ الكافي ، للكليني 5 : 324 / 2 باب خير النساء ، كتاب النكاح ـ دار التعارف بيروت 1401 هـ ط3.
3 ـ تحف العقول : 239.


(15)

الطفل في مرحلة الرضاع كما سيأتي.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net