متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
مقدّمة
الكتاب : دراسات في الفكر الإقتصادي الإسلامي    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

البحث الأوّل

 التنمية الاقتصاديّة في المذهب

الاقتصاديّ الإسلاميّ

 

( هذا البحث مِن إعداد ، المؤلّف أ. د. عبد الأمير زاهد و أ. د. فاضل

عبّاس الحسب ، أُستاذ في كليّة الإدارة والاقتصاد ـ جامعة بغداد ) 



الصفحة 8



الصفحة 9

مُقدّمة

ثمّة مسلّمات ، أو منطلقات أساسيّة في العلوم الاقتصاديّة ، يتسالم عليها الفكر الاقتصاديّ ، بمصدرَيه : الإلهيّ والبشريّ ، تفيد أنّ التنمية الاقتصاديّة تشكّل الحصيلة النهائيّة التي يمكن بفحصها اختبار الفاعليّة لأيّ نظام اقتصاديّ ، ذلك أنّ مجموعة النُظم الجزئيّة داخل التصوّر الشامل للمشكلة الاقتصاديّة ، وطُرق علاجها في أيّ نظام ، هي المحدّد لأسلوبه في تحقيق النشاط الاقتصاديّ الأمثل . وعلى هذا الأساس ترتكز مقولة التنمية وأُسلوب النُظم في حلّ مضاعفاتها مؤسّسيّاً واجتماعيّاً ، وبالتالي تشكّل البرهنة على قدرة أيّ نظام على الديمومة ومواكبة الحياة .

أهمّية البحث والحاجة إليه

لمّا كانت التنمية غاية الجهد المؤسّسي لأيّ نظام ، فهي بذاتها ، وفي الوقت عينه ، وسيلة فحص القدرة الدائميّة لصلاحية النُظم الاقتصاديّة ؛ لذا فإنّ أهمّية البحث تكمن في فحص قدرة النظام الاقتصاديّ الإسلاميّ على تحقيقها . وضمن هذا السياق الفكريّ كانت الحاجة ماسّة إلى تلمّس قدرة هذا النُظم على تحقيق هذه الموضوعة ، ليتمّ اختيار النظام المؤهّل لبناء المجتمعات المعاصرة ؛ وبخاصّة مجتمعات العالم الثالث ، وتشكيل حياتها الاقتصاديّة .

لقد ركّزت الأبحاث الاقتصاديّة على إجرائيّة تحقيق التنمية ، فافترضت تصوّراتها أنّ التخلّف : ( سلسلة مِن عوامل النكوص التي تتجلّى في تخلّف قوى الإنتاج السائدة ، سواء في المعدّات ( درجة تطويرها الفنّي ) ،



الصفحة 10

أمْ في القوى البشريّة مِن حيث المهارات والفنون والمعرفة التراكميّة ) (1) .

لتنطلق منه إلى إيجاد البديل الشموليّ لوضع المجتمع وحركته ونشاطه الاقتصاديّ على الدرب الصحيح ، للانطلاق بعوامل الاندفاع نحو رقيّ قوى الإنتاج باتّجاه الغاية التي يراها الفكر الاقتصاديّ ذاك غاية النشاط الاقتصاديّ برمّته .

ومن تشخيص صور التخلّف ومظاهره ركّزت الأبحاث أيضاً على أسبابه وماهيّته وتفسير نشوئه وعوامل استمراريّة الظاهرة ، وقد انقسم البحث في هذه التصوّرات إلى مذاهب شتّى وآراء متعدّدة ، سنرى بالمقارنة مع التصوّر الإسلاميّ للتخلّف الفارق في أساس التصوّر ونوعيّة المنطلق وطبيعة المعالجة ، وباستخدام المقارنة نُحاول الوصول إلى الترجيح بين الآراء والمواقف .

وعلى ضوء تصوّر الفكر الإسلاميّ للتخلّف وما يُحيط به ، سيعدّ البحث محاور تصوّر الإسلام للعمليّات التنمويّة التي يتبنّاها أطروحةً لحلّ المُشكلة الاقتصاديّة من بين الأُطروحات السائدة في عصرنا الحالي ، وبالتحديد المدرستان الرئيسيّتان : الرأسماليّة والاشتراكيّة .

أهداف البحث ومنهجيّته

يهدف البحث إلى مناقشة الاتّهامات الفكريّة الموجّهة إلى الفكر الاقتصاديّ الإسلاميّ وتحليلها ، وهي تستهدف الوصول إلى تقرير استحالة التطوّر في ظلّ المجتمع الخاضع لأحكام الكتاب والسنّة ، مع ما يعرض من تطوّر المجتمعات في ظلّ الأُطروحات الاقتصاديّة الوضعيّة ، وخصوصاً تلك التي ترى الإسلام مجموعة نُظم جزئيّة أخلاقيّة .. ، أو في الحدّ الأعلى قوانين عامّة يتجلّى أثرها في مضمار التوزيع فقط ، من دون أن يكون لها أثر في الإنتاج (2) مِن حيث كون التنمية في الفكر الاقتصاديّ الوضعيّ مقولة إنتاجيّة أوّلاً على أبسط التقديرات ، ويعتمد البحث في مناقشة هذه ( التحدّيات الفكريّة ) ، الرّامية إلى دراسة نظريّة الإسلام في التنمية ، تحليل

ـــــــــــــــ

( 1 ) اُنظر : حمزة ( سعد ماهر ) ، مقدّمة في اقتصاديّات التبعيّة والتنمية ، دار المعارف ـ مصر ، 1967م ، ص : 3 .

ـ القاضي ( عبد الحميد ) ، تحويل التنمية الاقتصاديّة ، دار المعارف ـ الإسكندريّة ، ص : 58 .

( 2 ) تُلاحظ هذه المحاولات في اتّهام الإسلام لدى : رودنسون ( مكسيم ) ، الإسلام والرأسمالية .

واردنبورغ ، جـ ، د ، ح ، مذكّرات في الإسلام والتنمية ، مجلة اكشينج ـ هولندا ، 1973م .

مجلّة أندونيسيا ، الدين ومشكلة التنمية في أندونيسيا .

روبرت ن ، الدين والتقدّم في آسيا الحديثة .

فضل الرحمان ، أثر الحداثة على الإسلام .

محمّد ( أركون ) ، الإسلام أمام التنمية ، ورقة عمل وزّعت على مؤتمر أوروبي عام 1974م ، ت2 .


الصفحة 11

العلاقات الداخليّة بين موضوعات مؤلّفة مِن العقيدة والفقه ، بغية الكشف عن ظاهرة التناسق والاتّساق في آليّة التطبيق الاقتصاديّ لمعرفة مدى التحسين الشامل لمصير المسلمين الاقتصاديّ وعُمقه وأهمّيته ، وبالتالي وضع اليد على إمكانيّة التطوّر داخل فلسفة المسلمين الاقتصاديّة بالمقارنة مع الإمكانيّات الفكريّة في الفلسفات الوضعيّة المعاصرة .

على أنّ البحث يُنبّه هنا على أنّ المقولات الإسلاميّة وقوانين النموّ المركزيّة فيه سابقة زمنيّاً على نشوء علم الاقتصاد وتطوّره ، ونضج الفكر الاقتصاديّ الحديث . ومع ذلك ، فقد اختار الباحثان منهجاً يفترض عرض مفاهيم النموّ في المذاهب المعاصرة على المعايير الإسلاميّة ، ومقارنتها بتلك القوانين الناتجة عن مصادر التشريع ؛ لاستنباط وجهة نظر الإسلام في كيفيّة التحديث الاقتصاديّ ، وخلْق عوامل الدفع والتطوّر في قوى الإنتاج للتخلّص مِن أسر التخلّف ، والوصول إلى الأُسلوب الشمولي في خطّ الحركة الاقتصاديّة لتلك القوى في ظلّ منهجيّة القرآن والسنّة ؛ ولذلك كان عليه أن يبدأ بتحديد ماهيّة التخلّف ، وماهيّة النموّ ، والتنمية ، والباعث عليها ، والمقياس الذي توزن به قوانينها ، والغاية من النموّ ؛ للخروج بالخصائص المميّزة لنموذج التنمية الإسلاميّ .

تحديد مُصطلحات البحث

ولأجل تحقيق هذا الهدف لا بدّ من تحديد مُراد الباحِثَين من الاصطلاحات المُستخدمة في بحثهما ، وعلى الوجه الآتي :

يعني الباحثان بالاتّجاه الفردي : الفكر والنظام القائمَين على الملكيّة الخاصّة ، وأظهر مصاديق هذا الاتّجاه المدرسة الليبراليّة باتّجاهاتها ومدارسها كافّة .

ويعني بالاتّجاه الجماعي : ما قام على الملكيّة الاجتماعيّة ، وأظهر مصاديقه : الفكر الاشتراكيّ واجتهاداته وتيّاراته الفكريّة .



الصفحة 12

أمّا المذهبيّة الإسلاميّة : فهي مُجمل الفلسفة الشاملة للكون والحياة والعلاقات بين الناس ، ويمثّل القرآن والسنّة الأساس النظريّ لهذه المذهبيّة ، على أنّ البحث يفترض أن لا يقاس في التصوّر الإسلاميّ نظام جزئيٌ واحدٌ بمعزل عن مُجمل النُظم الإسلاميّة .

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net