متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
ثالثاً : المقتضي الاقتصادي لشروط صحّة الإحياء
الكتاب : دراسات في الفكر الإقتصادي الإسلامي    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

 

ثالثاً : المقتضي الاقتصادي لشروط صحّة الإحياء

ولهذا الشرط مجموعة مُقتضيات :

1 ـ إنّ مباشرة الشخص بنفسه للعمل تجعل الموارد المُحياة وحدات مُثلى في التشغيل ، بحيث لا فرصة لمَن لا يستطيع أن يستفيد من الإحياء أن يكوّن إقطاعيّات كبيرة .

نقَل ، في الأموال ، عن الحارث المزني ، عن أبيه ( أنّ رسول الله أقطعه العقيق أجمع ، قال : فلمّا كان زمان عمَر قال لبلال : إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لم يقطعك لتحجّره عن الناس ، إنّما أقطعَك لتعمل ، فخذ منها ما قدرت على عمارته وردّ الباقي ) ( 45 ) .

وروى يحيى بن آدم الحديث عن عبد الله بن أبي بكر ، قال : قال الخليفة عُمَر لبلال : ( أنت لا تُطيق ما في يديك ، فانظر ما قويت عليه فأمسكه ، وما لم تقوَ عليه فادفعه إلينا نُقسّمه بين المسلمين ... ، فأخذ عُمَر منه ما عجَز عن عمارته فقسّمه بين المسلمين ) ( 46 ) .

2 ـ إنّ المقصد الشرعي وراء موضوعة الإحياء هو تحقّق فرَص العمل ، لا الاتّكاء على الوكلاء والمؤجِّرين .

والدليل على ذلك أنّ الشرع يوفّر للأفراد عناصر الإنتاج الرئيسة ( الأرض ، رأس المال ) ، ويقابله عنصر العمل لدى المُحيي ، بما يؤدّي ذلك إلى خلْق فرصة إنتاجيّة جديدة أو توسيع القائمة منها ، وأنّ ما يقرّر سِعة وحدة


الصفحة 93

التشغيل في التصوّر الإسلامي هو القدرة الذاتيّة عليه ، بشرط عدم المضارّة بحقوق الآخرين في توفير فُرص العمل واستمرارها ( 47 ) .

وبصدد توفير رأس المال فإنّ في مصارف الزكاة سعة للفقير والغارم ، وفي مصارف الفَيء والخُمس سعة في إقرار إسعاف العامل ، إذا احتاج لشراء أدوات عمله ( * ) ، بل إنّ ما حصل في عهد عُمَر في قوله : ( إذا أعطيتم فاغنوا ، ولو كان مئة مِن الإبل ) دليل ؛ لأنّ الإبل في عصره ( رضي الله عنه ) وحدات إنتاجيّة ، مِن ذلك نجد أنّ إسقاط الوكالة والإجارة الرئيسة في الإحياء أمرٌ منطقيّ ومنسجم مع مقاصد الشريعة .


الصفحة 94

 

ــــــــــــــــــــــــ

( * ) يرى صاحب ( الجواهر ) : ( حتى إن كان الرجُل بزّازاً أو جوهريّاً يحتاج إلى بضاعة قدرها ألف دينار ، فنقص عن ذلك ، حلّ له أخذ الصدقة ، هذا عند الشافعي ، والذي رواه أصحابنا أنّها تحلّ لصاحب السبعمئة ، وتحرم على صاحب الخمسين ، وذلك على قدَر حاجته لِما يتعيّش به ) . اُنظر ( جواهر الكلام ) : 15/307 ـ 308 .

( 45 ) أبو عبيد ، ( م . س ) ، ص : 302 .

( 46 ) المصدر نفسه ، هامش الجميلي ، ص : 302 .

( 47 ) كاظم ( عبد الأمير ) ، التنمية في الاقتصاد الإسلامي ( رسالة ماجستير ) ، رونيو، ص : 120 .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net