متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
4 - القرض
الكتاب : النظام المالي وتداول الثروة في الإسلام    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

4 - القرض

وكثيراً ما تقوم الدول بإنشاء مشاريع زراعية وثقافية وصحية وعسكرية كبيرة. كإنشاء السدود والجسور والبنايات، وإحداث الطرق والشوارع المبلطة، والمدن والقرى النموذجية.

وإنشاء هذه المشاريع يتطلب رصيداً مالياً كبيراً يخرج عن عهدة الحكومة، ولا تفي الضرائب والموارد التي ترد الحكومة عن طريق العقارات وغيرها بتمويلها.

في مثل هذه الأحوال، لا تفقد الدولة الإسلامية مبررات شرعية لتمويل هذه المشاريع عن طريق عقد قروض طويلة الأجل، تدفعها الحكومة بشكل أقساط يمتد اداؤها إلى الأجيال اللاحقة.

وقد ترجع الدولة في عقد قروض طويلة الأجل إلى أفراد الأُمة مباشرة، وقد ترجع إلى البنوك الأجنبية، كما قد ترجع إلى الدول الأُخرى.

ولا يجوز للدولة - من جهة شرعية - أن تدفع إزاء هذه القروض أرباحاً نقدية وغير نقدية، إلاّ إذا كانت تضطر إلى ذلك لحاجة ضرورية. فتصطنع في ذلك بعض المبررات الشرعية التي يذكرها الفقهاء في باب «الربا» من الفقه.

وهنا يبدو للباحث الفقيه اعتراضان على هذا النحو من


{49}

القروض، نحاول أن نجيب عليهما بصورة سريعة.

فقد يثار التساؤل عن جواز تحميل خزانة الدولة تبعات أداء هذه القروض، ولا سيما إذا كانت خزانة الدولة قاصرة على أداء نفقات هذه المشاريع.

وقد يتساءل ثانياً عن مشروعية تحميل الأجيال التالية تبعات أداء هذه القروض التي عقدتها الأجيال السابقة ولم تشترك هي في شأن من شؤونها.

ويظهر الجواب عن التساؤل الأول إذا علمنا أن النظام المالي للمجتمع الإسلامي قرر سهماً خاصاً من سهام الزكاة لأداء ديون الغارمين، إذا كانت هذه الديون لأغراض مشروعة.

والدولة الإسلامية - كشخصية حقوقية يمثلها الحاكم الأعلى - تتمتع بكافة الحقوق الشرعية التي يتمتع بها سائر الأشخاص في الدولة؛ ولذلك فمن حقها أن تستغل هذا الحق الشرعي لأداء ديونها بشكل أقساط، وحسب إمكانيات الخزينة.

وفيما يخص التساؤل الثاني: ينبغي أن نشير إلى أن الاستفادة من هذه المشاريع لا تخص الجيل الحاضر؛ بل يتاح للأجيال القابلة أن تستفيد من هذه المشاريع بصورة أوسع.

وأكثر من ذلك، نجد أن هذه القروض قد تستخدم لتوسيع مشاريع الانتاج الصناعي والزراعي وإنتاج المكائن والأدوات الثقيلة.


{50}

والجيل الحاضر لا يستطيع أن يستفيد من هذه المشاريع في توسعة نشاطها الانتاجي وواردها المالي كما تستفيد منها الأجيال اللاحقة.

فمن وجهة شرعية، نجد أن هذه القروض تقع لصالح الأحيال اللاحقة أكثر من أن تقع لصالح الجيل الحاضر.

والدولة - كشخصية معنوية - لا تفنى بموت شخص الإمام أو الرئيس. ولذلك، فليس هناك ما يمنع من تحمل الدولة لأعباء هذه القروض في الأجيال اللاحقة، بعد صحة وقوع العقد. نظراً لاستمرارية شخصية الدولة، ووجود المصلحة المبررة؛ ونظراً لاستغلال الأجيال المقبلة لهذه المشاريع.

وبهذه الصورة، نجد أن الدولة الإسلامية تستطيع أن توفر لنفسها مورداً مالياً للقيام بأعمال عمرانية وفلاحية وتصنيعية عن طريق عقد القروض الطويلة الأجل.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net