متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
استحباب الدعاء للنكاح ، اختيار الزوجة ، اختيار الزوج
الكتاب : آداب الاُسرة في الإسلام    |    القسم : مكتبة الثقافة العامة

استحباب الدعاء للنكاح :
     الدعاء بنفسه من العبادات المستحبة ، لذا حثّ الإسلام عليه في سائر شؤون الإنسان ، ومن بينها النكاح ، لتكون جميع أعمال الانسان متجهة إلى الله تعالى في سيرها ، طلباً لمرضاته.


(17)

     وقد أكدت الروايات على استحباب الدعاء لمن أراد النكاح ، قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « فإذا همّ بذلك فليصلِّ ركعتين ويحمد الله ، ويقول : اللهمّ إني أُريد أن أتزوج ، اللهمّ فاقدر لي من النساء أعفهنَّ فرجاً ، وأحفظهنَّ لي في نفسها وفي مالي ، وأوسعهنَّ رزقاً ، وأعظمهنَّ بركة ، وأقدر لي منها ولداً طيباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي » (1).
     والله تعالى يجيب الإنسان إذا دعاه بقلب مخلص ونيّة صالحة ، كما تظافرت على ذلك الآيات والروايات ، وهو نعم العون في اختيار صالح الأعمال لعبده المؤمن المخلص ، وخصوصاً في مثل هذه القضية المهمة التي تكون مقدمة لسعادته في الدنيا والآخرة.

اختيار الزوجة :
     العلاقة الزوجية ليست علاقة طارئة أو صداقة مرحلية ، وإنّما هي علاقة دائمة وشركة متواصلة للقيام بأعباء الحياة المادية والروحية ، وهي أساس تكوين الاُسرة التي ترفد المجتمع بجيل المستقبل ، وهي مفترق الطرق لتحقيق السعادة أو التعاسة للزوج وللزوجة وللأبناء وللمجتمع ، لذا فينبغي على الرجل أن يختار من يضمن له سعادته في الدنيا والآخرة.
     عن إبراهيم الكرخي قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : إنّ صاحبتي هلكت رحمها الله ، وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ، فقال لي : « اُنظر أين تضع نفسك ، ومن تشركه في مالك ، وتطلعه على دينك وسرّك ، فإن كنت فاعلاً فبكراً تنسب إلى الخير وحسن الخلق ، واعلم :


1 ـ تهذيب الاحكام 7 : 407.


(18)

ألا إنّ النســـاء خلقن شتى ومنهنَّ الهـــلال إذا تجلّى فمن يظفر بصــالحهنَّ يسعد

فمنهنَّ الغنيمة والغـــــرام لصاحبه ومنهنَّ الظــــلام ومن يعثر فليس له انتقام » (1)

     وراعى الإسلام في تعاليمه لاختيار الزوجة ، الجانب الوراثي ، والجانب الاجتماعي الذي عاشته ومدى انعكاسه على سلوكها وسيرتها.
     قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « اختاروا لنطفكم ، فإنّ الخال أحد الضجيعين » (2) .
     وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « تخيروا لنطفكم ، فإنّ العرق دسّاس » (3).
     وروي أنّه جاء إليه رجل يستأمره في النكاح ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « نعم انكح ، وعليك بذوات الدين تربت يداك » (4).
     وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « من سعادة المرء الزوجة الصالحة » (5).
     فيستحب اختيار المرأة المتدينة ، ذات الأصل الكريم ، والجو الاُسري السليم (6).
     وبالاضافة إلى هذه الاُسس فقد دعا الإسلام إلى اختيار المرأة التي


1 ـ من لا يحضره الفقيه 3 : 386 ، وتهذيب الاحكام 7 : 401.
2 ـ تهذيب الاحكام 7 : 402.
3 ـ المحجة البيضاء ، الفيض الكاشاني 3 : 93 ، ط3 ، دار التعارف ، 1401 هـ.
4 ـ تهذيب الاحكام 7 : 401.
5 ـ الكافي 5 : 327.
6 ـ اُنظر : الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 290. والسرائر 2 : 559. وجامع المقاصد 12 : 11.


(19)

تتحلى بصفات ذاتية من كونها ودوداً ولوداً ، طيبة الرائحة ، وطيبة الكلام ، موافقة ، عاملة بالمعروف إنفاذاً وإمساكاً (1).
     وفضّل تقديم الولود على سائر الصفات الجمالية ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : « تزوجوا بكراً ولوداً ، ولا تزوجوا حسناء جميلة عاقراً ، فاني أُباهي بكم الاُمم يوم القيامة » (2).
     ولم يلغِ ملاحظة بعض صفات الجمال لاشباع حاجة الرجل في حبه للجمال ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : « إذا أراد أحدكم أن يتزوج ، فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها ، فان الشعر أحد الجمالين » (3).
     وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « تزوجوا الأبكار ، فانهنَّ أطيب شيء أفواهاً » (4).
     وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أفضل نساء أمتي أصبحهنَّ وجهاً ، وأقلهنَّ مهراً » (5).
     ويستحب أن تكون النية في الاختيار منصبّة على ذات الدين ، فيكون اختيارها لدينها مقدّماً على اختيارها لمالها أو جمالها ، لأنَّ الدين هو العون الحقيقي للانسان في حياته المادية والروحية ، قال الامام جعفر الصادق عليه السلام : « إذا تزوج الرجل المرأة لمالها أو جمالها لم يرزق ذلك ، فإنّ


1 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 290. ونحوه في : جواهر الكلام 29 : 36 وما بعدها.
2 ـ الكافي 5 : 333.
3 ـ من لايحضره الفقيه 3 : 388.
4 ـ الكافي 5 : 334.
5 ـ تهذيب الاحكام 7 : 404.


(20)

تزوجها لدينها رزقه الله عزَّ وجلَّ جمالها ومالها (1) ».
     ويكره اختيار المرأة الحسناء المترعرعة في محيط أُسري سيء ، والسيئة الخلق ، والعقيم ، وغير السديدة الرأي ، وغير العفيفة ، وغير العاقلة ، والمجنونة (2) ، لأنّها تجعل الرجل في عناء مستمر تسلبه الهناء والراحة ، وتخلق الأجواء الممهّدة لانحراف الاطفال عن طريق انتقال الصفات السيئة إليهم ، ولقصورها عن التربية الصالحة.
     عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال : « قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطيباً ، فقال : أيُّها الناس إياكم وخضراء الدمن. قيل : يا رسول الله ، وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء » (3).
     وحذّر الإسلام من تزوج المرأة المشهورة بالزنا ، قال الإمام الصادق عليه السلام : « لاتتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا » (4) ، وذلك لأنّها تخلق في أبنائها الاستعداد لهذا العمل الطالح ، إضافة إلى فقدان الثقة في العلاقات بينها وبين زوجها المتدين ، إضافة إلى إنعكاسات انظار المجتمع السلبية اتجاه مثل هذه الاُسرة.
     وكما نصح بتجنّب الزواج من الحمقاء لامكانية انتقال هذه الصفة إلى الاطفال ، ولعدم قدرتها على التربية ، وعلى الانسجام مع الزوج وبناء الاُسرة الهادئة والسعيدة ، قال الامام علي عليه السلام : « إيّاكم وتزويج الحمقاء ،


1 ـ من لا يحضره الفقيه 3 : 393.
2 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 290.
3 ـ تهذيب الأحكام 7 : 403. وجواهر الكلام 29 : 37.
4 ـ مكارم الأخلاق ، الطبرسي : 305 ، منشورات الشريف الرضي ، قم 1410 هـ.


(21)

فإنّ صحبتها بلاء ، وولدها ضياع » (1).
     وكذا الحال في الزواج من المجنونة ، فحينما سُئل الإمام الباقر عليه السلام عن ذلك أجاب : « لا ، ولكن إن كانت عنده أمة مجنونة فلا بأس أن يطأها ، ولايطلب ولدها » (2).

اختيار الزوج :
     الزوج هو شريك عمر الزوجة ، وهو المسؤول عنها وعن تنشئة الأطفال وإعدادهم نفسياً وروحياً ، وهو المسؤول عن توفير ما تحتاجه الاُسرة من حاجات مادية ومعنوية ، لذا يستحبّ اختياره طبقاً للموازين الإسلامية ، من أجل سلامة الزوجة والاُسرة من الناحية الخلقية والنفسية ، لانعكاس صفاته وأخلاقه على جميع أفراد الاُسرة من خلال المعايشة ، فله الدور الكبير في سعادة الاُسرة أو شقائها.
     وعليه فقد أكدت الشريعة المقدسة على أن يكون الزوج مرضياً في خلقه ودينه ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : « إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه » ، وأردف صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بالنهي عن ردّ صاحب الخلق والدين فقال : « إنّكم إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير » (3) .
     وأضاف الإمام محمد الجواد عليه السلام صفة الأمانة إلى التدين فقال : « من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته فزوّجوه ، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض


1 ـ الكافي 5 : 354.
2 ـ وسائل الشيعة 20 : 85.
3 ـ تهذيب الأحكام 7 : 394.


(22)

وفساد كبير » (1).

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net