متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
رواية ابن الأثير في «أسد الغابة»
الكتاب : سلمان الفارسي ، عـرض وتحليـل    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة

رواية ابن الأثير في « أسد الغابة » (1)

 روى بأسانيده المتعددة عن ابن عباس ، قال : حدثني سلمان ، قال :
 كنت رجلاً من أهل فارس ، من أصبهان من جي ، ابن رجل من دهاقينها , وكان أبي دهقان أرضه ، وكنت أحب الخلق إليه ( أو عباد الله إليه ) فأجلسني في البيت كالجواري ، فاجتهدت في المجوسية ، فكنت في النار التي توقد فلا تخبو ، وكان أبي صاحب ضيعةٍ ، وكان له بناء يعالجه في داره ، فقال لي يوماً :
 يا بني ، قد شغلني ما ترى ، فانطلق إلى الضيعة ، ولا تحتبس فتشغلني عن كل ضيعةٍ بهمي بك .
 فخرجت لذلك ، فمررت بكنيسة النصارى وهم يصلون ، فملت إليهم ، وأعجبني أمرهم ، وقلت والله هذا خير من ديننا ، فأقمت عندهم حتى غابت الشمس ، لا أنا أتيت الضيعة ، ولا رجعت إليه . فاستبطأني ، وبعث رسلاً في طلبي ، وقد قلت للنصارى حين أعجبني أمرهم : أين أصل هذا الدين . ؟
 قالوا : بالشام .
 فرجعت إلى والدي ، فقال : يا بني ؛ قد بعثت إليك رسلاً ، !
____________
1 ـ أسد الغابة ج 2 ص 328 .
وفي الطبقات الكبرى / مجلد 4 / ص 75 ـ 80 قريباً منه ، لكن فيها زيادات حول كيفية مكاتبته لصاحبه وعتقه .


(64)

 فقلت : قد مررت بقوم يصلون في كنيسة ، فأعجبني ما رأيت من أمرهم ، وعلمت أن دينهم خير من ديننا .
 فقال : يا بني ، دينك ودين أبائك خير من دينهم .
 فقلت : كلا ، والله . فخافني وقيدني .
 فبعثت إلى النصارى ، وأعلمتهم ما وافقني من أمرهم ، وسألتهم إعلامي من يريد الشام ، ففعلوا . وألقيت الحديد من رجلي ، وخرجت معهم ، حتى أتيت الشام فسألتهم عن عالمهم ؟ فقالوا : الأسقف .
 فأتيته ، فأخبرته ، وقلت : أكون معك أخدمك ، وأصلي معك .
 قال : أقم . ، فمكثت مع رجل سوء في دينه ، كان يأمرهم بالصدقة ، فاذا أعطوه شيئاً ، أمسكه لنفسه حتى جمع سبع قلال مملوءة ذهباً وورقاً ، فتوفي ، فأخبرتهم بخبره ، فزبروني ، فدللتهم على ماله . ، فصلبوه ولم يغيبوه ، ورجموه ، وأجلسوا مكانه رجلاً فاضلاً في دينه ، زهداً ورغبةً في الآخرة وصلاحاً ، فألقى الله حبه في قلبي حتى حضرته الوفاة . ، فقلت : أوصني . فذكر رجلاً بالموصل . ، وكنا على أمر واحد حتى هلك .
 فأتيت الموصل ، فلقيت الرجل ، فأخبرته بخبري ، وان فلاناً أمرني باتيانك .
 فقال : أقم . ، فوجدته على سبيله وأمره حتى حضرته الوفاة .
 فقلت له : أوصني .
 فقال : ما أعلم رجلاً بقي على الطريقة المستقيمة ، إلا رجلاً بنصيبين . فلحقت بصاحب نصيبين . قالوا : وتلك الصومعة التي تعبد فيها سلمان قبل الأسلام باقية إلى اليوم .
 ثم احتضر صاحب نصيبين ، فقلت له : أوصني .
 فقال : ما أعرف أحداً على ما نحن عليه . إلا رجلاً بعمورية من أرض الروم . ، فأتيته بعمورية فأخبرته بخبري ، فأمرني بالمقام ، وثاب لي شيء ،


(65)

واتخذت غنيمة وبقرات ، وحضرته الوفاة . فقلت :
 إلى من توصي بي . ؟
 فقال : قد ترك الناس دينهم ، ولا أعلم أحداً اليوم على مثل ما كنا عليه ، ولكن قد أظلك نبي يبعث بدين إبراهيم الحنيفية ، مهاجره بأرض بين حرتين ، ذات نخل . وبه آيات وعلامات لا تخفى .
 قلت : فما علامته . ؟
 قال : بين منكبيه خاتم النبوة ، يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، فان استطعت فتخلص إليه .
 فتوفي ، فمر بي ركب من العرب من كلب . فقلت : أصحبكم وأعطيكم بقراتي وغنمي هذه ، وتحملوني إلى بلادكم . فحملوني إلى وادي القرى ، فلما بلغناها ، ظلموني فباعوني من رجل من اليهود . ، فكنت أعمل له في نخله وزرعه ، ورأيت النخل فعلمت أنه البلد الذي وصف لي . فأقمت عند الذي إشتراني .
 وقدم عليه رجل من بني قريظة ، فاشتراني منه ، وقدم بي المدينة ، فعرفتها بصفتها ، فأقمت معه أعمل في نخله ، وبعث الله نبيه بمكة ، ولا أعلم بشيء من أمره صلى الله عليه وآله وسلم وغفلت عن ذلك حتى قدم المدينة ، فنزل في بني عمرو بن عوف . ، فإني لفي رأس نخلة إذ أقبل ابن عم لصاحبي ، فقال : أي فلان ، قاتل الله بني قيلة ، مررت بهم آنفاً وهم مجتمعون على رجل بقبا قدم عليهم من مكة يزعم أنه نبي !
 فوالله ما هو إلا أن سمعتها ، فأخذني القر والانتفاض ، ورجفت بي النخلة حتى كدت أن أسقط ، ونزلت سريعاً فقلت : ما هذا الخبر ؟ . فلكمني صاحبي لكمة ، وقال : وما أنت وذاك ، أقبل على شأنك . فأقبلت على عملي حتى أمسيت ، فجمعت شيئاً كان عندي من التمر . . الخ . . الرواية (1) .
____________
1 ـ بقية الرواية تتناول العلامات الثلاثة ، وهي تلتقي مع الروايات الأخرى في المضمون ، لكنها لم تتعرض لعتقه .


(66)


(67)


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net