متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
خلفيات الشورى
الكتاب : المقداد بن الأسود الكندي ، أول فارس في الإسلام    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة

 

خلفيات الشورى

 ذكروا : أن معاوية بعث إلى ابن الحصين * ليلاً فخلا به وقال له : يا بن الحصين ؛ بلغني أن عندك ذهناً وعقلاً ، فأخبرني عن شيءٍ أسألك عنه .
 قال : سلني عما بدا لك .
 قال : اخبرني مالذي شتت أمر المسلمين وفرّق أهوائهم ؟
 قال : قتل الناس عثمان ! قال : ما صنعت شيئاً ! قال : فمسير علي إليك وقتاله إياك ! قال : ما صنعت شيئاً ! قال : فمسير طلحة والزبير وعائشة ، وقتال عليّ إياهم ! قال : ما صنعت شيئاً .
 قال : ما عندي غير هذا يا أمير المؤمنين .
 قال : فأنا أخبرك ، إنه لم يشتت بين المسلمين ، ولا فرق أهوائهم ، ولا خالف بينهم إلا الشورى التي جعلها عمر إلى ستة نفر . . فلم يكن رجل منهم إلا رجاها لنفسه ، ورجاها له قومه ، وتطلعت إلى ذلك نفسه ، ولو أن عمر استخلف عليهم كما استخلف ابو بكر ، ما كان في ذلك إختلاف . (1)
____________
* ـ ابن الحصين : هو عمران بن حصين الخزاعي ، أسلم عام خيبر وغزا عدة غزوات وكان صاحب راية خزاعة يوم الفتح ـ كذا في الإصابة . واعتزل حرب الجمل ، وكان قد نزل البصرة ، وفي سنة 45 للهجرة ولاه زياد قضاء البصرة ، وتوفي في سنة 52 . كما في الكامل .
1 ـ العقد الفريد : 4 ـ 281 .


(160)

 تحليل رائع من سياسي بارع خاض تجارب كثيرة في مضماري الملك والزعامة ، فمعاوية وان كان قد باع شرفه وآخرته بدنياه في خوضه حرباً ظالمةً ضد ثاني رجل في الدولة الإسلامية ، إلا أن ذلك لا يمنع من أن تكون له نظرة صائبة وعميقة حول بعض المفاهيم السياسية ! إنه هنا يكشف ـ في الحقيقة ـ سراً من الأسرار التي أودت إلى تمزق الأمة وتفككها ، فالشورى كانت واحدة من الأسباب التي ساهمت في ذلك ، وليست هي السبب الرئيسي .
 هو هنا يطرح لمحدثه سبباً واحداً كان يراه علة الكل ، وعلة العلل في تفرق شمل الأمة ، يرى الشورى ـ بما زرعت في قلوب أعضائها من طموح للخلافة دفعهم للتهيؤ لها ـ هي السبب الوحيد في ذلك !
 وربما كان معاوية يلمز من حديثه هذا إلى علي ، وكأنه يريد أن يجعله في عداد هؤلاء الطامحين ، كما تكشف عن ذلك مواقفه من علي .
 لكن الشيء الواضح من أخطاء هذه الشورى ، أنها بالإضافة إلى كونها حفزت أعضائها على التهيوء للخلافة وأوجدت تكتلات حزبية مختلفة ومتناحرة ، فقد جعلت في نفس الوقت أناساً آخرين ليسوا من أعضائها ينحون هذا المنحى . « فقد طمح إلى الخلافة رجال غير رجال الشورى من قريش ، لأنهم رأوا أن بعض من رشحهم عمر لا يفضلونهم في شيء ، بل ربما امتازوا عليهم في أشياء كثيرة . » (1) ولعل معاوية واحد منهم .
____________
1 ـ ثورة الحسين / 33 .


(161)

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net