متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الشجاعة الأدبية
الكتاب : الأخلاق عند الإمام الصادق (ع)    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

الشجاعة الأدبية

قد يصوب الإنسان رأياً من الآراء أو يعتنق مبدءاً من المبادئ، فيعتقد أنه الحق، ثم يجهر بهذه العقيدة وان كلفة الجهر بها غالياً، وأدى ثمنها مضاعفاً فيسمى جهره هذا شجاعة أدبية عند الأدباء المعاصرين.

والشجاعة الأدبية خطة كبيرة يقوم عليها أساس نشر الحق وإعلان المبادئ السامية، وهي خطة المصلحين العظماء الذين اضطهدوا في إسعاد البشر وما توا لإحيائهم، والذين تنكرت لهم البشرية أحياءًٍٍ ثم خلدت لهم الذكر أمواتاً، ومن هؤلاء جنود مجهولون خدموا الناس فأنكرهم الناس وجهلهم التاريخ، ولكن أعمالهم مدونة في سجل هو أرفع من التأريخ، وإذا شكر الحق أعمالهم، ورفع لهم منازلهم فماذا يصنعون بتقدير الناس.

والشريعة الإسلامية تجعل هذا المبدأ من أهم فروضها، وأكبر واجباتها وتسميه (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)،ويقول الإمام الصادق(ع) في بيان وجوبه: (ويل لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)[15] ويقول في الحث عليه: (مروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقربا أجلاً ولم يباعداً رزقاً)[16] .

مرت على الإمام الصادق (ع) أيام مختلفة تبدلت فيها سياسات وتقبلت فيها أمور، وقد شاهد الإمام (ع) فيها أنواعاً من الحكم، وكانت الأيام تبتسم له مرة وتعبس مرة أخرى، وكان الحكم يقسو تارة، ويلين تارة، والإمام بين هذه الأحوال ينتهز الفرصة لنفسه ولأصحابه في نشر الدعوة إلى المذهب، فيأمرهم بالإعلان حين تبسم لهم الأيام، ويحذر هم عنه حين تعبس، وهذا الحذر والتكلم أثران من آثار التقية التي عرفت في المذهب الجعفري، والتي شرعها الله في كتابه.

وأسرف بعض المذاهب التي تنتسب إلى الشيعة في التكتم بعقائده وأحكامه حتى بعد ارتفاع الشدة وانتهاء أيام الجور، وتمسك المذهب الإسماعيلي بذلك مشهور في التاريخ، ولإيضاح معنى التقية وبيان أسرارها وأحكامها كتب أخرى وباحثون آخرون، والذي نقوله هنا: ان الأمر بالمعروف في رأي الإمام الصادق يكون واجباً ومن أهم الواجبات حين يكون موجباً لتأييد الحق وتعزيز دعوته، وهو حرام إذا عرض بالدماء الزكية، وخاطر بالنفوس المحترمة، وهو من أشد المحرمات حين يكون سبباً لإهانة الحق وإذلاله، ولذلك فهو يقول: (المذيع علينا كالشاهر سيفه علينا، رحم الله عبداً سمع بمكنون علمنا فدفنه تحت قدمه)[17] ويقول أيضاً: (من روى علينا حديثاً فهو ممن قتلنا عمداً ولم يقتلنا خطأ )[18] هكذا يأمر أصحابه بالكتمان في أيام الشدة:


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net