متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
ادعاء ابن حجر كون أبي بكر شجاعا يحسن الشرع و السياسة - في ان أبا بكر لم يعهد منه ما يدل على شجاعته
الكتاب : الصوارم المهرقة في الجواب الصواعق المحرقة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

تكملة لصفحة 118

 44 - قال : الفصل الخامس في ذكر شبه الشيعة والرافضة ونحوهما وبيان بطلانها باوضح الادلة واظهرها . الاولى - زعموا انه صلى الله عليه وسلم لم يول أبا بكر عملا يقيم فيه قوانين الشرع والسياسة فدل ذلك على انه لا يحسنهما وإذا لم

يحسنهما لم تصح امامته لأن من شرط الامام ان يكون شجاعا والجواب عن ذلك بطلان ما زعموه من انه صلى الله عليه
وسلم لم يوله عملا ففى البخاري عن سلمة بن الاكوع " غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات وخرجت

فيما يبعث من البعوث تسع غزوات ، مرة علينا أبو بكر ومرة علينا اسامة وولاه صلى الله عليه وسلم الحج بالناس سنة تسع . وما زعموه من انه لا يحسن ذلك
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 119 : -

باطل ايضا كيف وعلي كرم الله وجهه معترف بانه اشجع الصحابة فقد اخرج البزار في مسنده عن علي عليه السلام انه قال " اخبروني من اشجع الناس ؟ قالوا : أنت . قال : أما انى ما بارزت احدا إلا انتصفت منه ، ولكن اخبروني باشجع الناس ؟

قالوا لا نعلم ، فمن ؟ قال : أبو بكر انه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا فقلنا من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ لئلا يهوى إليه احد من المشركين . فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على راس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوى إليه أحد الا اهوى إليه فهذا اشجع الناس انتهى .


اقول : الحجة التى سماها الشيخ المحجوج المبهوت شبهة قطعية وجوابه عنه ضعيف لما يلوح على ما تشبث به من حديث البخاري وصحيحه من آثار الوضع أما اولا فلما مر من القدح في البخاري وصحيحه .

واما ثانيا فلانه لا وجه لما ذكر فيه من عد سلمة تسع غزوات مع غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويكتفى بذكر من كان عليها في مرتين منها وبالجملة مرة اسامة مشهورة فليبين اوليائه ان مرة أبي بكر في أي بعث كانت ؟

واظن ان بيانه اصعب من خرط القتاد لو لم يرتكبوا وضعا آخر .

وأما ما ذكره من دعوى ولاية أبي بكر للحج فسياتى ما فيه في الشبهة الثانية فانتظر .
 

وأما ما ذكره من اعتراف علي عليه السلام بان أبا بكر اشجع منه فهو من اغرب المحال ، واكذب المقال ، الذى تكاد تنشق منه الجبال ، وفي الفاظه من المجمجة التى لا تصدر عن الفصيح ما لا يخفى على من جاوز قليلا عن حد الاطفال ، .

واغرب من الكل انه جعل اختياره لكونه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العريش شجاعة مع ظهور ان ذلك كان تسترا عن المبارزة خوفا وجبنا كما صرح به ابن أبي الحديد المعتزلي . في بعض قصائده المشهورة وبالجملة الوجه في احتباس أبي بكر في العريش معروف لانه صلى الله عليه وآله وسلم كان يعهد منه الجبن والهلع لما ظهر في مقام
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 120 : -

بعد مقام كما اشار إليه ابن أبي الحديد ايضا في قوله : شعر

وليس بنكر في حنين فراره * ففى أحد قد فر خوفا وخيبرا

فلو تركه يختلط بالمحاربين لم يامن ان يظهر من جبنه وخوره ما يكون سببا للهزيمة ، وطريقا الى استظهار المشركين فاجلسه معه ليكفى هذه المؤنة ويكفى في هذا الوجه ان يكون ما ذكرناه جائزا فتدبر .

 

 45 - قال : وقال بعضهم : ومن الدليل على انه اشجع من علي ( عليه السلام ) ان عليا ( عليه السلام ) اخبره النبي صلى الله عليه وسلم بقتله على يد ابن ملجم فكان إذا لقى ابن ملجم يقول له متى تخضب هذه من هذه ؟

وكان يقول : انه قاتلي كما ياتي في اواخر ترجمته فحينئذ كان إذا دخل في الحرب ولاقى الخصم يعلم انه لا قدرة له على قتله فهو معه كانه نائم على فراش وأما أبو بكر فلم يخبر بقاتله وكان إذا دخل الحرب لا يدرى هل يقتل أو لا فمن يدخل

الى الحرب وهو لا يدرى ذلك يقاسى من الكر والفر ، والجزع والفزع بما يقاسى بخلاف من يدخلها كانه نائم على فراشه انتهى .

اقول : من اين علم هذا القائل الذي صوبه الشيخ المخطئ ان عليا عليه السلام علم ذلك باخبار النبي صلى الله عليه وآله في اول امره لا بالهام أو نور فراسة أو قرائن تظهر على صفحات وجه ابن ملجم عليه اللعنة وفلتات لسانه عند وجوده عليه

اللعنة في ايام خلافته عليه السلام في الكوفة مع ان هذا الشيخ الكذوب الناسي لم ينسب ذلك عندما سيذكر في ترجمته عليه السلام الى اخبار النبي صلى الله عليه وآله ولو سلم انه صلى الله عليه وآله اخبره عليه السلام بقتله على يد ابن ملجم عليه اللعنة لكن لم يدله عليه بعينه حتى يعرض عنه في الحروب ويتعرض لغيره ولو سلم انه دله عليه بعينه فالغالب

 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 121 : -

ان يكون المحارب ملثما دارعا مستورا في الحديد والبيضة بحيث لا يعرفه اصحابه حينئذ إلا ان يتكلم معهم فكيف امكن الاحتراز عنه ولو سلم انه دله عليه بعينه ولم يمكن ستره في السلاح عند الحرب فابتلاء المحارب ليس بمجرد ان يصير

مقتولا بل اصابة السهام والنصال اعضاءه ربما كان اصعب من الموت حتى ربما يتمنى المصاب به الموت بدلا عن اصابة الجرح بل قد يقطع يده أو يداه ، بل رجله أو رجلاه أو يمثل به ويترك على ذلك الحال السوء فكيف يكون دخول أمير

المؤمنين عليه السلام في الحرب بمجرد علمه بعدم قتله بيد غير ابن ملجم عليه اللعنة مثل من نام على فراشه وإنما النائم
على فراش الجبن من كان يتستر دائما في العريش ، ولم يصبه في حروب النبي صلى الله عليه وآله وسلم شوك من

الحشيش ، وهو خليفة أهل السنة وشجاعهم على ان ما ذكره معارض بان النبي صلى الله عليه وآله كما اخبر عليا عليه السلام بذلك اخبر أبا بكر وعمر بما هو اتم من ذلك في ضمن ما ذكره هذا الشيخ الجاهل في كتابه هذا وبزعمه من

النصوص الواردة المصرحة بخلافة أبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وآله ففى بعضها " انه أي أبا بكر الخليفة بعدى " وفي بعضها " اقتدوا بالذين من بعدى أبو بكر وعمر " وفي بعضها " اقتدوا بالذين من بعدى أبا بكر وعمر " الى غير ذلك مما في معناها .

 

 46 - قال : ومن باهر شجاعته ما وقع له من قتال أهل الردة فقد اخرج الاسماعيلي عن عمر انه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد من ارتد من العرب وقالوا لا نصلى ولا نزكي ، فاتيت ابا بكر فقلت : يا خليفة رسول الله صلى الله عليه

وآله تالف الناس فارفق بهم فانهم بمنزلة الوحش فقال رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك جبارا في الجاهلية خوارا في الاسلام بماذا شئت اتالفهم ؟ بشعر مفتعل أو بسحر مفترى هيهات ، هيهات ، مضى النبي صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحى والله لاجاهدنهم ما استمسك
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 122 : -

السيف في يدى وان منعوني عقالا : قال عمر فوجدته في ذلك امضى منى واصرم وادب الناس على امور هانت على كثير من مؤنتهم حين وليتهم " فعلم بما تقرر عظم شجاعته ولقد كان عنده صلى الله عليه وسلم وكذلك الصحابة من العلم بشجاعته

وثباته في الامر ما اوجب لهم تقديمه للامامة العظمى إذ هذان الوصفان هما الاهمان في أمر الامامة لا سيما في ذلك الوقت المحتاج فيه الى قتال أهل الردة وغيرهم .


اقول : يتوجه عليه اولا انه لا دلالة لما ذكره على شجاعة أبي بكر لأن الشجاعة إنما تعرف في الشخص بمبارزته بنفسه الى الابطال ومصادفة الرماح ومصافحة السفاح والا يتستر بالعريش ولا يهرب براية رسول الله صلى الله عليه وآله كالاماء ولا

يذهب فيها عريضته كما قاله سيد الانبياء وإنما ثبت في فتوحه صلى الله عليه وآله وسلم وقتال من اتهمهم أبو بكر بالردة الشجاعة لمباشرتها بانفسهم لا بغيرهم وتوضيح ذلك ان الشجاعة لا تعرف بالحس لصاحبها فقط ولا بادعائها وإنما هي شئ

في الطبع يمده الاكتساب والطريق إليها أحد امرين أما الخبر منها من جهة علام الغيوب فيعلم خلقه حال الشجاع وأما ان يظهر منه افعال يعلم بها حاله كمبارزة الاقران ومقاومة الشجعان ، ومنازلة الابطال ، والصبر عند اللقاء وترك الفرار عند

تحقق القتال ، ولا يعلم ذلك ايضا باول وهلة ولا بفعل واحد حتى يتكرر ذلك على حد يتميز به صاحبه ممن حصل له ذلك على وجه الاتفاق أو على سبيل الهوج والجهل بالتدبير وإذا كان الخبر عن الله تعالى بشجاعة أبي بكر معدوما وكان النقل

الدال على الشجاعة غير موجود فكيف يجوز لعاقل ان يدعى له الشجاعة بقول قاله ليس له دلالة على شئ من ذلك عند اهل النظر لاسيما ودلائل جبنه وخوفه وضعفه اظهر من ان يحتاج فيها الى التأمل وذلك انه لم يبارز قط قرنا ولا قادم قط بطلا ولا سفك
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 123 : -

بيده دما وقد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاهده وكان لكل واحد من الصحابة اثر في الجهاد إلا له وفر في المشاهد الثلاثة كما ذكرنا سابقا واسلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها مع ما كتب الله عليه من الجهاد فكيف يجتمع

دلائل الجبن ودلائل الشجاعة لرجل واحد في وقت واحد لولا ان العصبية تميل بالعبد الى الهوى على ان الانسان قد يغضب فيقول لو شاء منى هذا السلطان هذا الامر ما قبلته وان في جوارنا لشيخا ضعيف الجسم ظاهر الجبن يصلى بنا في مسجدنا

فما يحدث امر يضجره وينكره إلا قال والله لاصيرن الى هذا ولاجاهدن فيه ولو اجتمعت على فيه عساكر وجه الارض بل اقول الظاهر ان أبا بكر قال هذا القول عند غضبه بمخالفة القوم خلاف بين ذوى العقول ان الغضبان ربما يعتريه عند غضبه

من هيجان الطباع ما يفسد عليه رأيه حتى يقدم من القول ما لا يفى به عند سكون نفسه ويعمل من الاعمال ما يندم عليه عند زوال الغضب عنه فلا يكون في وقوع ذلك منه دليل على شجاعته وقد صرح بذلك في خطبته المشهورة عند اصحابه

المذكورة سابقا في كتاب هذا الشيخ الجاهل ويجعلونها من مفاخره حيث يقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الدنيا وليس احد من الامة يطالبه بضربة سوط فما فوقها وكان صلى الله عليه وسلم معصوما من الخطاء تأتيه ملائكة بالوحى

فلا تكلفوني ما كنتم تكلفونه فإن لي شيطانا يعترينى عند غضبى ، فإذا رأيتموني مغضبا فاجتنبوني على ان مغلوبية من سماهم باهل الردة عن عساكر أهل المدينة من المهاجرين والانصار ومن يحق بهما كان امرا ظاهرا لا يحتاج الى زيادة تكلف من

رئيسهم ومع هذا لم يقسم أبو بكر بالله تعالى ان يقاتل اهل الردة بنفسه وإنما اقسم بان يقاتلهم بانفاذ جيش من المهاجرين والانصار ولهذا انفذ إليهم خالدا مع جماعة من الفريقين وليس في يمينه بالله سبحانه
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 124 : -

خالدا واصحابه الى حربهم دليل على شجاعته في نفسه لا يخفى بل هو في ذلك الابراق والارعاد الشديد ، وبعث خالد بن الوليد نظير من لا يقدر على شئ بنفسه ويحكم به على غيره فيستهزء عليه ، فليضحك اولياؤه عليه قليلا وليبكوا كثيرا ولقد

انطق الله تعالى الشيخ الجاهل بالحق فاعترف بان وصفى الشجاعة والثبات هما الاهمان في أمر الامامة فافهم . وبما قررناه يتضح للناظر دفع سائر سرده في اثبات شجاعة أبي بكر فلا حاجة لنا الى التعرض لها وتضييع الوقت به فتأمل .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net