متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
امامة أبي بكر في الصلاة في مرض النبي (ص) كانت من دون اذنه - ادعاء ابن حجر أن أبا بكر كان أعلم الصحابة
الكتاب : الصوارم المهرقة في الجواب الصواعق المحرقة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

 48 - قال : الثالثة زعموا ان النبي صلى الله عليه وسلم لما ولاه الصلوة ايام مرضه عزله عنها وجوابها ان ذلك من قبائح كذبهم وافترائهم فقبحهم الله وخذلهم كيف وقد قدمنا في سابع الاحاديث الدالة على خلافته من الاحاديث الصحيحة المتواترة ما هو صريح في بقائه اماما يصلى بالناس الى ان توفى رسول الله صلى الله عليه
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 128 : -

وسلم وفي البخاري عن انس قال ان المسلمين بينما هم في صلوة الفجر من يوم الاثنين وأبو بكر يصلى لهم لم يفجاهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم في صفوف الصلوة ثم تبسم يضحك فنكص أبو

بكر على عقبه ليصل الصف وظن ان رسول الله صلى عليه وسلم يريد ان يخرج الى الصلوة قال انس وهم المسلمون ان يفتنوا في صلوتهم فرحا بالنبي صلى الله عليه وسلم فاشار إليهم بيده ان اتموا صلوتكم ثم دخل الحجرة وارخى الستر ثم

قبض الضحى من ذلك اليوم فتأمل عظيم افترائهم وحمقهم على ان صلوته بالناس خلافة عنه صلى الله عليه وسلم متفق عليها مجمع منا ومنهم على وقوعها فمن ادعى انعزاله عنها فعليه البيان . ( انتهى )


اقول : ما ذكره من ان الشيعة قالوا ان النبي صلى الله عليه واله ولاه الصلوة ايام مرضه كذب قبيح وافتراء صريح عليهم فانهم لم ليقولوا بذلك بل قالوا ان عائشة بنته اشارت إليه بذلك فلما احس النبي صلى الله عليه وآله ذلك خرج الى المسجد

مسارعا معتمدا على أمير المؤمنين عليه السلام وفضل بن عباس رضى الله عنه حتى نحى أبا بكر عن المحراب وصلى
بنفسه مع الناس وبهذا يظهر فساد ما ذكره في العلاوة ايضا من اتفاق الشيعة معهم في صلوته خلافة عن النبي صلى الله

عليه وآله فليس عليهم اثبات عزله لانه فرع اثبات توليته ودون اثباته خرط القتاد وأما ما نقله من الاحاديث فقد نبهنا سابقا على ما نعتقده في شان امثالها مع معارضة حديث البخاري المنقول في شرح المواقف لها وان اتيان هذا الشيخ الجاهل بمثلها في مرتبة المصادرة وتكرار ذلك منه دليل على وقاحته وحماقته كمالا يخفى .


 43 - قال : الرابعة زعموا انه احرق من قال انا مسلم وقطع يد السارق
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 129 : -

اليسرى وتوقف في ميراث الجدة حتى روى له ان لها السدس وان ذلك قادح في خلافته وجوابها بطلان زعمهم قدح ذلك في خلافته وبيانه ان ذلك لا يقدح إلا إذا ثبت انه ليس فيه اهلية للاجتهاد وليس كذلك بل هو من اكابر المجتهدين بل هو اعلم

الصحابة على الاطلاق للادلة الواضحة على ذلك منها ما اخرجه البخاري وغيره ان عمر في صلح الحديبية سال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك الصلح وقال علام نعطى الدنية في ديننا ؟ فاجابه النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذهب الى أبي

بكر فسأله عما سال عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ان يعلم بجواب النبي صلى الله عليه وسلم فاجابه بمثل ذلك سواء بسواء


ومنها ما اخرجه أبو القاسم البغوي وأبو بكر الشافعي في فوائده وابن عساكر عن عائشة قالت : لما توفى رسول الله صلى
الله عليه وسلم اشراب النفاق أي رفع راسه وارتدت العرب وانحازت الانصار فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي

لهاضها أي فتتها فما اختلفوا في لفظة الاطار أبي بعبائها وفصلها قالوا اين ندفن رسول الله ص فما وجدنا عند أحد في ذلك علما فقال : أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من نبى يقبض الا دفن تحت مضجعه الذي مات فيه

واختلفوا في ميراثه فما وجدنا عند أحد في ذلك علما فقال : أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : انا معاشر الانبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة .


قال بعضهم وهذا اول اختلاف وقع بين الصحابة فقال بعضهم ندفنه بمكة مولده ومنشأه وبعضهم بمسجده وبعضهم بالبقيع وبعضهم ببيت المقدس مدفن الانبياء حتى اخبرهم أبو بكر بما عنده من العلم .

قال ابن زنجويه : وهذه سنة تفرد بها الصديق من بين المهاجرين والانصار ورجعوا إليه فيها . ومر آنفا خبر " اتانى جبرئيل فقال : ان الله يامرك ان تستشير ابا بكر " وخبر " ان الله يكره يخطأ أبو بكر " سنده صحيح وخبر
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 130 : -

" لا ينبغى لقوم فيهم أبو بكر ان يؤمهم غيره " ومر اول الفصل الثالث خبر " انه وعمر كانا يفتيان الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم "

وعن تهذيب النووي ان اصحابنا استدلوا على عظيم علمه بقوله : لاقاتلن من فرق من بين الصلوة والزكوة الى آخره وان الشيخ ابا اسحق استدل به على انه اعلم الصحابة لانهم كلهم وقفوا عن فهم الحكم في المسألة إلا هو ثم ظهر لهم بمباحثته لهم ان قوله هو الصواب .


اقول : عدم القدح في ابى بكر على تقدير ثبوت اهليته للاجتهاد مقدوح من وجوه :

أما اولا فلانه لا يجوز الاجتهاد على الامام إذ بالاجتهاد لم يحصل الجزم بان ما يقوله من عند الله تعالى .

وأما ثانيا فلان المجتهد قد يخطى فحيئنذ يجوز على الامام الخطاء وذلك ينافى الامامة لاشتراط العصمة فيها كما برهنا عليه سابقا .

وأما ثالثا فلانا قد اشرنا فيما مضى الى ان من شرائط الامامة العلم بجميع احكام الدين ، وان ذلك شرط واجب وإلا لانتفى فائدة نصبه بعين ما ذكرناه في اشتراط العصمة بل العصمة تستلزم هذا العلم فمن ظهر منه نقصان في هذا العلم لا يجوز ان

يكون اماما وقد ظهر عن أبي بكر في مسائل كثيرة الاعتراف على نفسه بانه لا يعرف الحكم وقد بين صحابنا رضوان الله عليهم الفرق بين الامير والحاكم وبين الامام من حيث كانت ولاية الامام عامة وولاية من عداه خاصة وبينوا ان الحاكم

والامير يجب ان يكونا عالمين بالحكم في جميع ما اسند اليهما وان لا يذهب عليهما شئ من ذلك إلا انه لما كانت ولايتهما خاصة لم يجب ان يكونا عالمين بجميع احكام الدين والامام بخلاف ذلك لان ولايته عامة كنبوة النبي صلى الله عليه وآله ومن كمال النقص واللؤم ان يقوم أحد مقام النبي صلى الله عليه وآله ولا يعلم المسائل الضرورية التى يحتاج إليها الناس .
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 131 : -

وأما رابعا فلانه يتوجه عليه معارضة بالمثل من انه لا يثبت اجتهاد أبي بكر إلا إذا ثبت ان ما صدر عنه من امثال الاحكام المذكورة القادحة ضرورة في كل انسان عاقل له نصيب من معرفة الاحكام الشرعية يمكن ان يصدر ممن له اهلية الاجتهاد

واذ كان اثبات ذلك محالا أو ملحقا بالتشكيك في الضروريات كان ذلك قادحا في خلافته وأما اول ما ذكره من الادلة التي زعم وضوح دلالتها على اهلية أبي بكر للاجتهاد فمدخول بان جواب ابى بكر عن ذلك من غير ان يعلم جواب النبي صلى

الله عليه وآله قبله غير مسلم وان كان ذلك الجواب مما يظهر للعاقل المشاهد بخصوصيات تلك الواقعة بادنى تأمل فغاية ما يلزم من ذلك قصور فهم عمر لاكمال عقل أبي بكر وأما الثاني منها فمردود بان الاختلاف في موضع الدفن غير واقع كيف

وقد صح اتفاقا انه مع اصحابه قد اشتغلوا بالخلافة عن دفن النبي صلى الله عليه وآله بل النبي صلى الله عليه وآله اوصى بذلك الى أهل بيته في ايام حياته كما نقله غير هذا الراوى الغاوى ولو سلم فلا اجتهاد في نقل خبر وصية النبي صلى الله

عليه وآله بشئ كدفنه فيما نحن فيه كمالا يسمى ايصال بعض خدمة السلطان وصيته الى بعض العساكر أو امره الى بعض الرعية اجتهادا إذ ليس في مثله استنباط الفرع من الاصل الذي هو حاصل معنى الاجتهاد شرعا بل ليس فيه اجتهاد لغوى

ايضا كمالا يخفى مع ان قول ابى بكر " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ما من نبى ، . الى آخره " دعوى لا
برهان له بها سوى دعوى سماعه لذلك وهو كما ترى وأما ما ذكره من وقوع الاختلاف في ميراثه فغير واقع ايضا غاية

الامر انه لما اخذ فدك عن فاطمة عليها السلام وادعت النحلة فيها ثم الميراث تنزلا افترى بكر لدفع دعواها عليها السلام ذلك فقالت لها : اترث اباك ولا ارث أبي ؟ لقد جئت شيئا فريا . . اللهم الا ان يقال : اراد بالاجتهاد الاجتهاد اللغوى في دفعها عليها السلام عن حقها بتكلف الكذب والحيل فإن
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 132 : -

هذا مسلم عند الشيعة ثم لا يخفى ما في عبارته من البعد عن كلام المحصلين فانه ذكر اولا الخلاف في موضع دفن النبي صلى الله عليه وآله ثم الخلاف في ميراثه صلوات الله وسلامه عليه وآله ثم قال متصلا بهذا : قال بعضهم وهذا اول اختلاف

وقع بين الصحابة فقال بعضهم ندفنه بمكة الى آخره وأما ما ذكره من خبر نزول جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله بامر الله تعالى له ان يستشير أبا بكر ففيه انه على فرض صحته فانما كان لتاليف قلبه وإلا فالنبى صلى الله عليه

وآله إنما كان يعمل بالوحى الالهى كما نطق به القرآن الكريم وكان غنيا عن مشاورتهم وتعليمهم كما لا يخفى على من عرف علو شان النبي صلى الله عليه وآله كما هو حقه لكن أهل السنة حيث جعلوا النبي صلى الله عليه وآله مع أبي بكر الجاهل

كفرسي رهان فقد حرموا عن حق معرفته وقد يقال إنما كان يستشير اصحابه ليستخرج بذلك دخائلهم وضمائرهم ويطلع على حسن نياتهم وفسادها فلا فضل في هذه المشاورة وعلى هذا فقس سائر موضوعاته .

 

 50 - قال : لا يقال بل ( علي عليه السلام ) اعلم منه للخبر الاتى في فضائله " انا مدينة العلم وعلى بابها " لانا نقول
سيأتي ان ذلك الحديث مطعون فيه وعلى تسليم صحته أو حسنه فابو بكر محرابها ورواية " من اراد العلم فليأت الباب " لا

تقتضي الاعلمية فقد يكون غير الاعلم يقصد لما عنده من زيادة الايضاح والتفرغ للناس بخلاف الاعلم على ان تلك الرواية معارضة بخبر الفردوس " انا مدينة العلم ، وأبو بكر اساسها ، وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلى بابها " فهذه صريحة في

ان أبا بكر اعلمهم وحينئذ فالامر بقصد الباب انما هو لنحو ما قلناه لا لزيادة شرفه على ما قبله لما هو معلوم ضرورة ان كلا من الاساس والحيطان والسقف اعلى من الباب وشذ بعضهم فأجاب بان معنى " وعلي
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 133 : -

بابها " أي من علو على حد قراءة هذا صراط على مستقيم برفع على وتنوينه كما قرا به يعقوب انتهى .

اقول : يتوجه عليه ان طعنه على الحديث مطعون بانه يكفى في كونه حجة عليه وعلى اصحابه رواية الترمذي من محدثي اصحابه ذلك في صحيحه ورواية البغوي ما في معناه من قوله صلى الله عليه وآله " انا دار الحكمة وعلى بابها " لكن قد

سبق ان مدار أهل السنة على انه إذا احتجت الشيعة عليهم من احاديث صحاحهم بما يقدح في اصل من اصولهم يطعنون فيه على قدر حيلتهم ولا يستحيون عن الناس ولا عن سلفهم وهذا كما ترى على انا قد اسبقنا ان الانصاف اعتماد الطرفين على

ما اتفق بينهما من الاحاديث وهذا الحديث كذلك فضلا عن صحته فلا يجدى القدح فيه عنادا وهربا عن قبول الالزام وأما ما قاله من قوله " فابو بكر محرابها " فمع ظهور عدم اتجاهه دليل على جراته على الوضع لأن هذا ليس بمذكور فيما سيذكره

من حديث الفردوس ولا في غيره وأما ما ذكره من ان رواية " من اراد العلم فليات الباب " لا تقتضي الاعلمية الى آخره ففساده ظاهر لظهور ان المراد بالباب في هذا الخبر وما في معناه الكناية عن الحافظ للشئ الذي لا يشذ عنه شئ ولا يخرج إلا منه ولا يدخل إلا به وإذا ثبت انه عليه السلام الحافظ لعلوم النبي صلى الله عليه وآله .

وحكمه ثبت احاطته لما عند غير الاعلم ايضا من زيادة الايضاح والبيان وثبت الامر بالتوصل به الى العلم والحكمة فوجب اتباعه والاخذ عنه وهذا حقيقة معنى الامام كما لا يخفى على ذوى الافهام وأما ما زعمه من كون ذلك الحديث معارضا بخبر

رواه الجهنمي صاحب كتاب الفردوس من باب تسمية الشئ باسم ضده فأثار الوضع عليه لائحة أما اولا فلان المدينة لا يكون لها سقف وإنما السقف للبيوت والدور وحاشا كلام الفصيح فضلا عن الافصح من الاشتمال على مثل

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 134 : -

هذا السخف الصريح

وأما ثانيا فلان راويه عن النبي صلى الله عليه وآله هو أبو هريرة المرمى بالكذب ، المتهم بالوضع

وأما ثالثا فلان الكلام ليس في العلو والانخفاض والثبات وعدمه بل في الاتيان لاخذ العلم من صاحب المدينة ولا مدخل لاساس المدينة وحيطانها وسقفها في ذلك بل لو كان اساسها من الرمل والتراب وحيطانها وسقفها من السعف والاشواك

لامكن ذلك وايضا الحديث إنما روى على كون لفظ علي فيه اسما علما لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام لا على كونه فعيلا بمعنى الفاعل باقيا عليه فلو جاز التأويل العليل تمحله شاذ منهم لجاز ان يكون المراد بعلي في قوله تعالى " صراط علي

مستقيم " اسم مولانا امير المؤمنين (ع) بان يكون مضافا إليه الصراط ولعل هذا اصعب على الناصبة من اصل الحديث ولعمري ان جراتهم على وضع امثال هذه الكلمات المشتملة على التمحلات الظاهرة لا توجب الا زياده شناعتهم واشاعة عداوتهم لاهل البيت عليهم السلام .

 

 51 - قال : فثبت بجميع ما قررناه انه من اكابر المجتهدين بل اكبرهم على الاطلاق وإذا ثبت انه مجتهد فلا عتب عليه في التحريق لأن ذلك الرجل كان زنديقا وفي قبول توبته خلاف وأما النهى عن التحريق فيحتمل انه لم يبلغه ، ويحتمل انه بلغه

وتاوله على غير نحو الزنديق ، وكم من ادلة تبلغ المجتهدين ويؤولونها لما قام عندهم ، لا ينكره ذلك إلا جاهل بالشريعة وحامليها وأما قطعه يسار السارق فيحتمل انه خطا من الجلاد ، ويحتمل انه لسرقة ثانية ومن اين علم انها للسرقة الاولى ،

وانه قال للجلاد اقطع يساره ، وعلى التنزل فالاية شاملة لما فعله ، فيحتمل انه كان يرى بقاءها على اطلاقها وان قطعه صلى الله عليه وسلم اليمنى في الاولى ليس على التحتم بل الامام مخير في ذلك وعلى فرض اجماع في المسألة فيحتمل انهم اجمعوا على ذلك بعده
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 135 : -

وأما توقفه في مسألة الجدة الى ان بلغه الخبر فينبغي سياق حديثه فإن فيه ابلغ ارد على المعترضين اخرج اصحاب السنن الاربعة ومالك عن قبيصة قال : جاءت الجدة الى ابى بكر الصديق تسأله ميراثها فقال مالك في كتاب الله وما علمت لك في

سنة نبى الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا فارجعي حتى اسال الناس فسال الناس فقال المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطاها السدس فقال أبو بكر هل معك غيرك فقام محمد بن مسلم فقال مثل ما قال المغيرة فانفذه لها أبو

بكر فتأمل هذا السياق تجده قاضيا بالكمال الاسنى لابي بكر فانه نظر اولا في القرآن وفي محفوظاته من السنة فلم يجد لها شيئا ثم استشار المسلمين ليستخرج ما عندهم من شئ حفظوه فاخرج له المغيرة وابن مسلم ما حفظاه فقضى به وطلبه انضمام

آخر الى المغيرة احتياط فقط إذ الرواية لا يشترط فيها تعدد على انه غير بدع من المجتهدان يبحث عن مدارك الاحكام .


اقول : قد عرفت بما قررناه من بطلان جميع ما قرره نفى ذلك الثبوت ، وانه اوهن من نسج العنكبوت ، وأما ما ذكره من ان " النهى عن التحريق فيحتمل انه لم يبلغه " فهو مخالف لما ادعاه سابقا من كمال علم أبي بكر وأما احتماله على نحو غير

الزنديق من غير قرينة ظاهرة مقتضية لذلك التأويل الممقوت ، فهو من قبيل تأويلات ملاحدة الموت ، ولو جاز امثال هذا التأويل العليل لارتفع الامان عن دلالة القرآن المبين ، وسنن سيد المرسلين ، وخرجا عن كونهما دليلا للمحقين ، حجة على

المبطلين وأما قوله " ان قطعه يسار السارق فيحتمل انه خطاء من الجلاد " فوجه الخطاء فيه ظاهر فإن قطع يد ذلك السارق لم يكن في خلاء بحيث يكون الجلاد منفردا بل كان في ملاء مشاهد القوم من الصحابة وغيرهم فإذا كان من غلط الجلاد فلم
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 136 : -

لم يفهمه أحد من الحاضرين والعقل يحكم باستحالة تواطؤ الجميع على الغلط فمغلط الجلاد غالط وأما قوله " فمن اين علم انها
للسرقة الاولى ، وانه قال للجلاد اقطع يساره " ففيه ان من قدح في أبي بكر بتلك الرواية إنما قدح لوجدانه اياها في كتب

الحديث والسير مشتملة على تلك الخصوصيات فعلم ان قوله " من اين علم " نفخ من غير ضرام ، على ان هذه التخطئة قد توجهت من الصحابة المعاصرين الشاهدين لحكمه الفاسد فلو كانت للسرقة الاولى لما نسبوه الى الخطاء لا يقال : يحتمل ان

يكون ذلك لعدم علمهم انه في المرتبة الثانية لانا نقول لو كان كذلك لاعلمهم بذلك وسلم عن التخطئة وأما قوله " وعلى التنزل
فالاية شاملة لما فعله ، الى آخره "
فنازل جدا لأن الشمول قد خص بفعل النبي صلى الله عليه وآله على رؤس الاشهاد

فالغفلة عن ذلك لا تليق بحال من قام مقامه ص وكذا الكلام في قوله " ان قطع النبي صلى الله عليه وسلم اليمنى في الاولى ليس على التحتم " لما تقرر في الاصول ان فعل النبي صلى الله عليه وآله ما لم يعلم وجهه محمول على الوجوب

وأما قوله " وعلى فرض اجماع في المسألة " فمدخول بظهور قطعية هذا الاجماع ظهورا لا ينكره إلا هذا الشيخ الفارض الذي فرض على نفسه اصلاح معايب أبي بكر بكل حيلة ووسيلة على انه لو جاز انعقاد هذا الاجماع بعد فعل أبي بكر لجاز

ان يقال في الاجماع الذي ادعاه هذا الشيخ مرارا في خلافة أبي بكر إنما انعقد بعد غصبه الخلافة كما وقع نظيره لمعاوية ولعله لا يرضى بذلك فتأمل .


واما ما اعترف به من توقف أبي بكر في مسألة الجدة والسؤال فيها عن الناس فهو كاف في ظهور نقصه وقصوره واين دنو من لم يقف على المسألة حتى سال من علو من قال مستويا على عرش التحقيق " سلونى عما دون العرش ، وسلوني قبل ان تفقدوني " وأما قوله " فانه نظر اولا في القرآن ومحفوظاته ، . الى آخره " ففيه نظر ظاهر لانه لو كان دأبه في الاحكام
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 137 : -

الشرعية رعاية الاحتياط بالتأمل والتوقف والمشاورة فلم لم يتامل في أمر الخلافة الى فراغ أهل البيت عليهم السلام وسائر بني هاشم من دفن النبي صلى الله عليه وآله حتى يشاورهم ؟ بل سارع في ذلك واخذ البيعة الفاسدة عن الناس فلتة كما افصح عنه عمر بقوله " كانت بيعة بكر فلتة وقى الله شرها عن المسلمين " وقد مر .


واما ما ذكره آخرا من ان " طلبه انضمام آخر الى المغيرة احتياط فقط " فهو مع انه لا يقدح في مقصودنا ليس بمتعين ان يكون منظورا لابي بكر لجواز ان يكون منظوره في اعتقاده لفسق المغيرة فقد روى الجمهور مستفيضا انه شهد عليه بالزنا

عند عمر بن الخطاب ولقن الرابع وهو زياد بن أبيه حتى تلجلج في الشهادة فدفع عنه الحد هذا ومع ذلك فهو راوي شطر من احاديث القوم فلا تغفل عنه .

 

 52 - قال : الخامسة زعموا ان عمر ذمه والمذموم من مثل عمر لا يصلح للخلافة وجوابها ان هذا من كذبهم وافتراءهم
ايضا ولم يقع من عمر ذم له قط وانما الواقع منه في حقه غاية الثناء عليه واعتقاد انه اكمل الصحابة علما ورايا وشجاعة

كما يعلم مما قدمناه عنه في قصة المبايعة وغيرها ، . على ان امامة عمر إنما هي بعهد أبي بكر إليه فلو قدح فيه لكان قادحا في نفسه وامامته .


وأما انكاره على ابى بكر كونه لم يقتل خالد بن الوليد لقتله مالك بن نويرة وهو مسلم ولتزوجه امراته من ليلته ودخل بها فلا يستلزم ذما له ولا الحاق نقص به لأن ذلك هو من انكار بعض المجتهدين على بعض في الفروع الاجتهادية وهذا كان شأن

السلف وكانوا لا يرون فيه نقصا وانما يرونه غاية الكمال ، . على ان الحق عدم قتل خالد لان مالكا ارتد ورد على قومه صدقاتهم لما بلغه وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل أهل الردة وقد اعترف اخو مالك لعمر بذلك وتزوجه امراته لعله لانقضاء عدتها بالوضع عقب موته ، أو يحتمل انها
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 138 : -

كانت محبوسة عنده بعد انقضاء عدتها عن الازواج على عادة الجاهلية وعلى كل حال فخالد اتقى لله من ان يظن به مثل هذه الرذالة التي لا تصدر من ادنى المؤمنين فكيف بسيف الله المسلول على اعدائه ، . فالحق ما فعله أبو بكر لا ما اعترض به

عليه عمر رضى الله عنهما ويؤيد ذلك ان عمر لما افضت الخلافة إليه لم يتعرض لخالد ولم يعاتبه في هذا الامر قط فعلم انه ظهر له حقية ما فعله أبو بكر انتهى .


اقول : ما اتى به من التكذيب والانكار مكابرة على الشائع الذائع الذى ضاقت الدنيا من امتلائه رو مالا صلاح ما افسده الدهر من حال خلفائه " وهل يصلح العطار ما افسد الدهر " .

واما ما ذكره في العلاوة من المقدمة القائلة بان " امامة عمر إنما هي بعهد أبي بكر إليه ، . الى آخره " ففيه انا نعلم ان المقدمة المذكورة تقتضي كف عمر عن القدح فيه لكن الله تعالى قد انساه تلك المقدمة في بعض الاحيان واجري الحق على لسانه بذكر بعض القوادح التي نقلها الثقات من ارباب السير والتواريخ ليكون حجة لاهل الحق على أهل الباطل .


وأما ما ذكره من ان " انكاره على ابى بكر في عدم قتله خالد بن الوليد لقتله مالك بن نويرة لا يستلزم ذما له ، . الى آخره " فمدخول بان الذم كل الذم إنما هو في اهماله اجراء حكم الشرع في شان خالد لكن لما كان صدور الذم عليه من مثل عمر اشد عند اوليائه من المتسمين باهل السنة خصه الشيعة بالذكر فقوله " لا يستلزم ذما له " كما ترى .


وأما ما ذكره من اجتهاده في ذلك فهو من قبيل اجتهاد أبي جهل وامثاله في مقاتلة النبي صلى الله عليه وآله ، واجتهاد معاوية في محاربة أمير المؤمنين عليه السلام ، . والقائل بمثل ذلك لا يليق بالجواب ، ولا يستحق الخطاب ،

وأما ما ذكره في العلاوة الثانية من " ان الحق ان مالكا ارتد ورد على قومه ، . الى آخره " فقد عرفت بطلانه بما نقلناه سابقا من كلام ابن حزم وغيره عند الكلام على
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 139 : -

ما عقده هذا الشيخ المكابر من الفصل الثالث في النصوص السمعية التي زعم دلالتها على خلافة أبي بكر فتذكر واعطفه الى هذا الموضع عسى ان يزيدك وضوحا في تحقيق المرام .

وأما ما احتمله من تزوج خالد لامرأة مالك بعد انقضاء عدتها بالوضع عقب موته فمردود بان عدة امراة المسلم لا تنقضي بما ذكره ، نعم استبراء الاماء المسبية من الكفار يتحقق بمثل ذلك وقد بينا ان مالكا لم يرتد قطعا وأما احتمال " انها كانت

محبوسة عنده ، . الى آخره " فمع ابتنائه ايضا على ارتداد مالك مردود كسابقه بانه كيف يليق بشان عمر مع ما رووا فيه " انه لو كان نبى بعد نبينا صلى الله عليه وآله لكان هو عمر " ان ينكر على أبي بكر ذلك الانكار المنقول ، ويحرضه على

قتل خالد سيف الله المسلول ، من غير علم بحال القاتل والمقتول ، ولعمري انه لو قيل لانسان : اسخف واجتهد . ما قدر على اكثر مما اتى به هذا الشيخ من الهذيان والهذر. ومن بلغ الى هذه المرتبة من المكابرة ، فقد كفى مؤنة خصمه في المناظرة .

وأما ما ذكره من ان " خالدا اتقى لله من ان يظن به مثل هذه الرذالة ، . الى آخره " فهو مجرد حسن ظن لا يغنى من الحق شيئا ولو سلم فاول من يرد عليه هذا الاعتراض هو عمر حيث ساء الظن بخالد وهم بقتله و واما تسمية خالد بسيف الله

فوقعت من أبي بكر لاعانته له في غصب الخلافة اولا وقتل مالك الذى اوقع الخلل في خلافته ثانيا فانكشف المعمى ، وظهر انه لا كرامة في ذلك الاسم والمسمى .


وأما قوله " فالحق ما فعله أبو بكر لا ما اعترض عليه " ففيه ان هذا اعتراف منه ببطلان عمر في ذلك الاعتراض وهو يكفى للقدح فيهما لانهما كالحلقة المفرغة في غصب الخلافة والبدع التى احدثاها في الدين عن فرط الجلافة .

وأما ما ذكره من التأييد فوهنه ظاهر مما قدمناه في الكلام المتعلق بالفصل الثالث ايضا من انه لما افضت الخلافة الى عمر هرب خالد الى الشام واسترجع عمر بقية ما كان في ايدى
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 140 : -

الناس من اسارى بني حنيف من النساء والذراري وسلمهم الى ازواجهم وآبائهم من بقية سيف ابى بكر تدبر .


 53 - قال : السادسة زعموا ان قول عمر " ان بيعة أبي بكر كانت فلتة لكن وقى الله شرها فمن عاد الى مثلها فاقتلوه " قادح في حقيتها وجوابها ان هذه من غباواتهم وجهالاتهم ، إذ لا دلالة في ذلك لما زعموه لأن معناه ان الاقدام على مثل ذلك من

غير مشورة الغير وحصول الاتفاق منه مظنة الفتنة فلا يقدمن أحد على ذلك على انى اقدمت عليه فسلمت على خلاف العادة ببركة صحة النية وخوف الفتنة لو حصل توان في هذا الامر كما مر مبسوطا في فصل المبايعة انتهى .


اقول : حاصل احتجاج الشيعة بذلك ان ضمير " شرها " في قول عمر راجع الى البيعة فيلزم توصيف بيعة أبي بكر بالشر وهذا ازراء بجلالة قدره عندهم وكذا في لفظ الفلتة استحقار لها ففى ما ذكره عمر غاية المذمة إذ لا مذمة فوق الوصف

بالشر ولقد انطقه الله بالحق حيث اعترف في بيان المعنى بعدم حصول الاتفاق على خلافة أبي بكر وبهذا ظهر ان الغبي الجاهل هل هو هذا الشيخ المتحجر أو الشيعة ؟ وقد مر منا ايضا مفصلا في الفصل الذي ذكره ما هو الفيصل فتذكر .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net