متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
في بيان المراد من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس و بيان أن نساء النبي لسن من أهل البيت
الكتاب : الصوارم المهرقة في الجواب الصواعق المحرقة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

تكملة لصفحة 144

وأما ثانيا فلانه يتوجه على ما ذكره في الجواب عن الثاني " ان من أهل البيت ازواجه على ما ياتي في فضائل أهل البيت الى آخره " انا قد راجعنا الى ما ذكره هناك فلم نجد فيه إلا ما يجديه من ذكره احاديث موضوعة " واقاويل من أهل السنة

مصنوعة زعم معارضتها لما ذكره ايضا من الاحاديث الصحيحة اتفاقا الدالة على خروج الازواج فلنضرب عن نقلها ههنا صفحا ، ولنذكر من الاحتجاج الدافع للعناد واللجاج ما يدمر ايضا على ما اتى به ثمة عن غاية الاعوجاج

فنقول : قد اتفق المفسرون من الشيعة والسنة على ذلك وهذا الاتفاق حجة متحققة بموافقة بعض المفسرين من أهل السنة مع الشيعة فضلا عن اكثرهم كما اعترف به هذا الشيخ الجامد في اوائل الفصل العاشر من كتابه هذا لظهور ان ما ذهب إليه

بعض من طائفة حجة على الكل سيما إذا وافقهم فيه غيرهم وايضا قد انعقد الاجماع على ذلك قبل ظهور المخالف من اتباع بني امية المعادين لاهل البيت عليهم السلام والمخالف الحادث لا يقدح خلافه في انعقاد الاجماع السابق وايضا والذي يدل

على ذلك ان من روى خلاف ذلك من المفسرين كانوا متاخرين عن قدماء المفسرين والمحدثين كالثعلبي ، وأحمد بن حنبل ، والظاهر منشا وهم المتأخرين ذكر آية التطهير متصلا بما قبله من الاية التي وقع فيها النداء على نساء النبي صلى الله عليه وآله والخطاب معهن . وفيه ان رعاية هذه المقارنة والمناسبة إنما تجب إذا
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 145 : -

لم يمنع عنها مانع ومن البين ان تذكير ضمير " عنكم " ويطهركم " وبعض الدلائل والقرائن الاخر الخارجة مانع عن ذلك منها ما روى هذا الشيخ في كتابه هذا من " انه عليه السلام لما نزلت آية المباهلة جمع عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وجللهم بكساء فدكى فقال : هؤلاء أهل بيتى فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "


ومنها ما رواه ايضا في الباب الحادى عشر حيث قال " في مسلم عن زيد بن ارقم انه ص قال : اذكركم الله في أهل بيتى قلنا لزيد : من أهل بيته نسائه ؟ قال : لا ايم الله ، ان المراة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الى ابيها وقومها ، . أهل بيته اهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده " ( انتهى )


وهو مذكور في جامع الاصول ايضا ولا يخفى انه يفهم من قول زيد ان اطلاق أهل البيت ليس على الحقيقة اللغوية بل على الحقيقة الشرعية ويمكن ان يكون مراده ان الذي يليق ان يراد في امثال الحديث المذكور من اهل البيت اهله وعصبته الذين لا

يزول نسبتهم عنه اصلا دون الازواج وعلى التقديرين فهو مؤيد لمطلوبنا وذكر سيد المحدثين جمال الملة والدين عطاء الله الحسينى في كتاب تحفة الاحباء خمسة احاديث اثنان منها وهما المسند ان الى ام سلمة رضى الله عنها نص صريح في الباب

لأن احدهما وهو الذي نقله في جامع الترمذي وذكر ان الحاكم حكم بصحته قد اشتمل على انه لما قال النبي صلى الله عليه وآله عند ادخال على وفاطمة وسبطيه في العباء ما قال ، قالت ام سلمة رضى الله عنها : يا رسول الله الست من أهل بيتك ؟ . قال انك على خير أو الى خير .


والاخر وهو الحديث الذى نقله عن كتاب المصابيح في بيان شان النزول لابي العباس احمد بن الحسن المفسر الضرير الاسفراينى قد تضمن انه عليه السلام لما ادخل عليا وفاطمة وسبطيه في العباء قال : اللهم هؤلاء أهل بيتى واطهار عترتي واطايب ارومتى من لحمى ودمى ، اليك لا الى النار اذهب عنهم الرجس وطهرهم
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 146 : -

تطهيرا ، وكرر هذا الدعاء ثلاثا قالت ام سلمة رضى الله عنها قلت : يا رسول الله ( ص ) وانا معهم . قال : انك الى خير وأنت من خير ازواجى .

ثم قال السيد قدس سره فقد تحقق من هذه الاحاديث ان الاية انما نزلت في شان الخمسة المذكورين عليهم السلام ولهذا لهم يقال آل العباء ولله در من قال من أهل الكمال :

على الله في كل الامور توكلي * وبالخمس اصحاب العباء توسلي
محمد المبعوث حقا وبنته * وسبطيه ثم المقتدى المرتضى علي

ان قيل : ما ذكر من الاحاديث معارضة بما روى ان ام سلمة قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله : الست من أهل البيت ؟ فقال بلى ان شاء الله قلنا لا نسلم صحة سندها ولو سلم نقول : انها في هذه الرواية في معرض التهمة بجر نفع لنفسها فلا

يسمع قولها وحدها ولو سلم نقول : ان كونها من أهل البيت قد علق فيها بمشية الله تعالى فلا تكون من أهل البيت جزما مع انها لو كانت منهن لما سألته لانها من اهل اللسان والترجيح معنا بعد التعارض وهو ظاهر .


وايضا اهل بيت الرجل في العرف هم قرابته من عترته لا ازواجه بدليل سبق الفهم الى ذلك وهو السابق الى فهم اهل كل عصر والمتداول في اشعارهم واخبارهم فما احد يذكر أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله في شعر أو غيره إلا وهو يريد

من ذكرناه لا ازواجه ولعل مناقشة الجمهور في هذا المقام إنما نشات من حملهم البيت في الاية والحديث على البيت المبنى من الطين والخشب المشتمل على الحجرات التي كان يسكنها النبي صلى الله عليه وآله مع اهل بيته وازواجه إذ لو اريد

بالبيت ذلك لاحتمل فهمه من الاية والرواية لكن الظاهر ان المراد باهل البيت على طبق قولهم أهل الله وأهل القرآن أهل بيت النبوة ولا ريب ان هذا منوط بحصول كمال الاهلية والاستعداد المستعقب للتنصيص والتعيين من الله ورسوله على المتصف به ولهذا احتاجت ام سلمة رضى الله عنها الى السؤال عن
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 145 : -

اهليتها للدخول فيهم كما مر .

وفوق ما ذكرناه كلام وهو انه لا يبعد ان يكون اختلاف اسلوب آية التطهير لما قبلها على طريق الالتفات من الازواج الى النبي واهل بيته عليهم السلام على معنى ان تأديب الازواج وترغيبهن الى الصلاح والسداد من توابع اذهاب الرجس والدنس

عن أهل البيت عليهم السلام فحاصل نظم الاية على هذا ان الله تعالى رغب ازواج النبي صلى الله عليه وآله الى العفة والصلاح بانه إنما اراد في الازل ان يجعلكم معصومين يا اهل البيت واللائق ان يكون المنسوب الى المعصوم عفيفا صالحا

كما قال " والطيبات للطيبين " على انه قد وقع اختلاف كثير في ترتيب المصاحف حتى اصطلح الناس على مصحف واحد والاختلاف إنما هو في الترتيب البته لأن القرآن متواتر كما لا يخفى .


ثم اقول : يمكن ان يستدل على خروج الازواج بان الارادة المدلول عليها في الاية بقوله تعالى " يريد الله " أما ان تكون
ارادة محضة لم يتبعها الفعل أو ارادة وقع الفعل عندها والاول باطل لان ذلك لا تخصيص فيه باهل البيت بل هو عام في

جميع المكلفين ولا مدح في الارادة المجردة واجتمعت الامة على ان الاية فيها تفضيل لاهل البيت وابانة لهم عن سواهم فثبت الوجه الثاني وفي ثبوته ما يقتضى عصمة من عنى بالاية وان شيئا من القبائح لا يجوز ان يقع منهم ولا شك في عدم القطع

بعصمة الازواج والاية موجبة للعصمة فثبت انها فيمن عداهن من آل العباء لبطلان تعلقها بغيرهم وأما ما ذكره ههنا من ان " بضعة منى " مجاز فهب ان يكون كذلك لكنه يجب حمل المجاز على المعنى الاقرب الى المعنى الحقيقي كما تقرر في الاصول وهو ههنا ترتب الاحكام التى تترتب على النبي صلى الله عليه وآله ومنها العصمة والطهارة .


ولو اغمضنا عن ذلك نقول : ان الاستدلال على عصمتها عليها السلام إنما وقع من الشيعة بمجموع الحديث وتقريره ان النبي صلى الله

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 148 : -

عليه وآله قال في حقها عليها السلام : " فاطمة بضعة منى ، من آذاها فقد آذانى ، ومن آذانى فقد آذى الله " وفي رواية " من اغضبها فقد اغضبني " وفي رواية " يريبنى ما رابها " وامثالها كثيرة فلو فرض عدم عصمتها لجاز عليها صدور معصية

موجبة للحد أو التعزير عليها ولا ريب في ايذاءها حينئذ بذلك وهو منهى عنه لما عرفت من ان ايذاءها ايذاء الله تعالى ورسوله فلو لم تكن معصومة لزم جواز ايذاءها بالحد والتعزير فلزم ان يكون ايذاءها عليها السلام منهيا عنه وجائزا هذا

خلف فسقط جميع ما نسجه في نفى دلالة الحديث على عصمتها عليها السلام وبعبارة اخرى نقول : لا شك ان هذه الاحاديث جاءت في باب مناقبها وفضلها عليها السلام ومن وما من الفاظ العموم كما تقرر في الاصول فلو كانت تغضب وتتأذى

بالباطل كما احتمله الناصبة في مقام التأويل لما جاز من النبي صلى الله عليه وآله ان يغضب لها ولو امكن صدور الباطل
منها لما ساغ من النبي ص اطلاق لفظ الغضب بل كان يجب ان يقيده وعلى هذا لم يبق لها مزية على غيرها إذ يجب عليه

ان يغضب لكل مسلم بل ولكل كتابي إذا اغضب بغير حق فلم يبق إلا ان غضبها مطلقا يغضبه ص وذلك دليل على عصمتها عليها السلام وانها لا يصدر عنها غضب إلا وهو حق وكذلك القول في حق بعلها عليه السلام لأن النبي صلى الله عليه وآله

دعا له على القطع في قوله : " اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله " ومثله اخبار النبي صلى الله عليه وآله على القطع وهو قوله " يدور الحق معه حيثما دار " وقوله " علي مع الحق ، . والحق مع علي "

وقوله " من اقتدى بعلي ، فقد اهتدى " كما ذكره فخر الدين الرازي في تفسير الفاتحة وكذلك آية التطهير تدل على عصمة أهل البيت جميعهم كما اوضحناها سابقا .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net