متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
نقل ابن حجر تفضيل أبي بكر على سائرهذه الامة ثم عمر ثم عثمان ثم علي
الكتاب : الصوارم المهرقة في الجواب الصواعق المحرقة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

 91 - قال : الباب الثالث في بيان افضلية أبي بكر على سائر هذه الامة ، ثم عمر ثم عثمان ، ثم على ، وفي ذكر فضائل أبي بكر الواردة فيه وحده أو مع عمر أو مع الثلاثة أو مع غيرهم وفيه فصول ، الفصل الاول : في افضليتهم على هذا الترتيب

وفي تصريح علي رضى الله عنه بافضلية الشيخين على سائر الامة وفي بطلان ما زعمه الرافضة والشيعة من ان ذلك قهر وتقية .

اعلم ان الذي اطبق عليه عظماء الملة وعلماء الامة ان افضل هذه الامة أبو بكر الصديق ثم عمر ثم اختلفوا فالاكثرون ومنهم الشافعي وأحمد وهو المشهور عن مالك ان الافضل بعدهما عثمان ثم على وجزم الكوفيون ومنهم سفيان الثوري بتفضيل علي

على عثمان وقيل بالوقف عن التفاضل بينهما وهو رواية عن مالك فقد حكى أبو عبد الله المارزى عن المدونة ان مالكا سئل أي الناس افضل بعد نبيهم ؟ فقال أبو بكر ثم عمر ثم قال أو في ذلك شك ؟ فقيل له وعلي وعثمان فقال ما ادركت احدا ام من اقتدى به يفضل احدهما على الاخر
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 256 : -

انتهى وقوله رضى الله عنه " أو في ذلك شك ؟ " يؤيد ما ياتي عن الاشعري ان تفضيل أبي بكر ثم عمر على بقية الامة قطعي وتوقفه هذا رجع عنه وقد حكى القاضى عياض عنه انه رجع عن التوقف الى تفضيل عثمان

قال القرطبى " وهو الاصح ان شاء الله تعالى " ومال الى التوقف امام الحرمين فقال " و تعارض الظنون في عثمان وعلي " ونقله ابن عبد الله عن جماعة من السلف من أهل السنة منهم مالك ويحيى القطان ويحيى بن معين قال ابن معين

ومن قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعرف لعلي سابقته وفضله فهو صاحب سنة ولا شك ان من اقتصر على عثمان ولم يعرف لعلي فضله فهو مذموم وزعم ابن عبد البر ان حديث الاقتصار على الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان مخالف لقول اهل

السنة ان عليا افضل الناس بعد الثلاثة مردود بانه ما يلزم من سكوتهم إذ ذاك عن فضله عدم تفضيله واما حكاية أبي منصور البغدادي الاجماع على افضلية عثمان على علي فمدخولة وان نقل ذلك عنه بعض الحفاظ وسكت عليه لما بيناه من الخلاف ثم

الذي مال إليه أبو الحسن الاشعري امام أهل السنة ان تفضيل ابى بكر على من بعده قطعي وخالفه القاضى أبو بكر الباقلانى فقال انه ظنى واختاره امام الحرمين في الارشاد وبه جزم صاحب المفهم في شرح مسلم ويؤيده قول ابن عبد البر في الاستيعاب .

ذكر عبد الرزاق عن معمر قال : لو ان رجلا قال عمر افضل من أبي بكر ما عنفته وكذلك لو قال : على عندي افضل من أبي بكر وعمر لم اعنفه إذا ذكر فضل الشيخين واحبهما واثنى عليهما بما هما اهله فذكرت ذلك لوكيع فاعجبه واشتهاه انتهى

وليس ملحظ عدم تعنيف قائل ذلك إلا ان التفضيل المذكور ظنى لا قطعي ويوئده ايضا ما حكاه الخطابى عن بعض مشايخه انه كان يقول أبو بكر خير وعلى افضل لكن قال بعضهم هذا تهافت من القول لانه لا معنى للخيرية الا الافضلية فإن اريد خيرية أبي بكر من بعض الوجوه وافضلية على من وجه آخر لم يكن ذلك من محل الخلاف ولم يكن الامر في ذلك خاصا بابى بكر
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 257 : -

وعلى بل أبو بكر وأبو عبيدة مثلا يقال فيهما ذلك لأن الامانة التى في أبي عبيدة وخصه بها صلعم لم يخص أبا بكر بمثلها فكان خيرا من أبي بكر من هذا الوجه والحاصل ان المفضول قد توجد فيه مزية بل مزايا لا توجد في الفاضل فإن اراد شيخ

الخطابى ذلك وان ابا بكر افضل مطلقا إلا ان عليا وجدت فيه مزايا لم توجد في أبي بكر فكلامه صحيح وإلا فكلامه في غاية التهافت خلافا لمن انتصر له ووجهه بما لا يجدى بل لا يفهم فان قلت ينافى ما قدمته من الاجماع على افضلية أبي بكر قول ابن عبد البر ان السلف اختلفوا في تفضيل أبي بكر وعلي


وقوله ايضا قبل ذلك روى عن سلمان وأبي ذر والمقداد وخباب وجابر وأبي سعيد الخدرى وزيد بن ارقم ان عليا اول من اسلم وفضله هؤلاء على غيره

قلت : اما ما حكاه اولا من ان السلف اختلفوا في تفضيلهما فهو شئ غريب انفرد به عن غيره ممن هو اجل منه حفظا واطلاعا فلا يعول عليه فكيف والحاكى لاجماع الصحابة والتابعين على تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على سائر الصحابة

جماعة من اكابر الائمة منهم الشافعي رضى الله عنه كما حكاه عنه البيهقى وغيره وان من اختلف منهم إنما اختلف في على وعثمان وعلي التنزل في انه حفظ ما لم يحفظ غيره فيجاب عنه بان الائمة انما اعرضوا عن هذه المقالة لشذوذها ذهابا الى ان

شذوذ المخالف لا يقدح فيه أو راوا انها حادثة بعد انعقاد الاجماع فكانت في حيز الطرح والرد ، على ان المفهوم من كلام ابن عبد البر ان الاجماع استقر على تفضيل الشيخين على الحسنين .


واما ما وقع في طبقات ابن السبكى الكبرى عن بعض المتأخرين تفضيل الحسنين من انهما بضعة فلا ينافى ذلك لما قدمناه ان المفضول قد توجد فيه مزية لا توجد في الفاضل على ان هذا تفضيل لا يرجع الى كثرة الثواب بل لمزيد شرف ففى ذات

اولاده (ص) من الشرف ما ليس في ذات الشيخين ولكنهما اكثر ثوابا واعظم نفعا للاسلام والمسلمين واخشى لله تعالى واتقى ممن عداهما من اولاده (ص) فضلا

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 258 : -

عن غيرهم .

وأما ما حكاه اعني عبد البر ثانيا عن اولئك الجماعة فلا يقتضى انهم قائلون بافضلية على على أبي بكر مطلقا بل أما من حيث تقدمه عليه اسلاما بناء على القول بذلك أو مرادهم بتفضيل على على غيره ما عدا الشيخين وعثمان لقيام الادلة الصريحة على افضلية هؤلاء عليه فإن

قلت : ما مستند اجماعهم على ذلك ؟ قلت : الاجماع حجة على كل أحد وان لم يعرف مستنده لأن الله عصم هذه الامة من ان تجتمع على ضلالة ويدل لذلك بل يصرح به قوله تعالى " ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ، ونصله جهنم وساءت مصيرا " وقد اجمعوا ايضا على استحقاقهم الخلافة على هذا الترتيب لكن هذا قطعي كما مر بادلته مبسوطا .


فإن قلت : أما بين عثمان وعلي فواضح للخلاف فيه كما تقدم واما بين أبي بكر ثم عمر ثم غيرهما فهو وان اجمعوا عليه إلا ان في كون الاجماع حجة قطعية خلافا فالذي عليه الاكثرون انه حجة قطعية مطلقا فيقدم على الادلة كلها ولا يعارضه دليل اصلا ويكفر أو يبدع ويضلل مخالفه

وقال الامام الرازي والامدي انه ظنى مطلقا والحق في ذلك التفصيل فما اتفق عليه المعتبرون حجة قطعية وما اختلفوا فيه كالاجماع السكوتي والاجماع الذي يرد مخالفه فهو ظنى وقد علمت مما قررته لك ان هذا الاجماع له مخالف نادر فهو وان

لم يعتد به في الاجماع على ما فيه من الخلاف في محله لكنه يورث انحطاطه عن الاجماع الذي لا مخالف له فالاول ظنى وهذا قطعي وبهذا يترجح ما قاله الاشعري من ان الاجماع هنا ظنى لانه اللائق بما قررناه من ان الحق عند الاصوليين

التفصيل المذكور وكان الاشعري من الاكثرين القائلين بانه قطعي مطلقا ومما يؤكد انه ظنى ان المجمعين انفسهم لم يقطعوا بالافضلية المذكورة وإنما ظنوها فقط كما هو المفهوم من عبارات الائمة واشاراتهم وسبب ذلك ان المسألة اجتهادية ومن مستندها ان هؤلاء الاربعة اختارهم الله بخلافة نبيه صلعم واقامة دينه فكان

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 259 : -

الظاهر ان منزلتهم عنده بحسب ترتيبهم في الخلافة وايضا ورد في أبي بكر وغيره كعلى نصوص متعارضة ياتي بسطها في الفضائل وهي لا تفيد القطع لانها باسرها آحاد وظنية الدلالة مع كونها متعارضة ايضا وليس الاختصاص بكثرة اسباب الثواب

موجبا للزيادة المستلزمة للافضلية قطعا بل ظنا لانه تفضل من الله تعالى فله ان لا يثيب المطيع ويثيب غيره وثبوت الامامة وان كان قطعيا لا يفيد القطع بالافضلية بل غايته الظن كيف ولا قاطع على بطلان امامة المفضول مع وجود الفاضل لكننا

وجدنا السلف فضلوهم وحسن ظننا بهم قاض بانهم لو لم يطلعوا على دليل في ذلك لاطبقوا عليه فلزمنا اتباعهم فيه وتفويض ما هو الحق فيه الى الله تعالى قال الامدي وقد يراد بالتفضيل اختصاص أحد الشخصين عن الاخر أما باصل فضيلة لا وجود

لها في الاخر كالعالم والجاهل وأما بزيادة فيها ككونه اعلم مثلا وذلك ايضا غير مقطوع به فيما بين الصحابة إذ ما من فضيلة تبين اختصاصها بواحد منهم الا ويمكن بيان مشاركة غيره له فيها وبتقدير عدم المشاركة فقد يمكن اختصاص الاخر بفضيلة

اخرى ولا سبيل الى الترجيح بكثرة الفضائل لاحتمال ان يكون الفضيلة الواحدة ارجح من فضائل كثيرة اما لزيادة شرفها في نفسها أو لزيادة كميتها فلا جزم بالافضلية لهذا المعنى ايضا وايضا فحقيقة الفضل ما هو فضل عند الله وذلك لا يطلع عليه إلا

بالوحى وقد ورد الثناء عليهم ولا يتحقق ادراك حقيقة ذلك الفضل عند عدم دليل قطعي متنا وسندا إلا للمشاهدين لزمن الوحى واحواله صلعم معهم لظهور القرائن الدالة على التفضيل حينئذ بخلاف من لم يشهد ذلك نعم وصل الينا سمعيات اكدت عندنا

الظن بذلك التفضيل على ذلك الترتيب لافادتها له صريحا أو استنباطا وسيأتى مبسوطا في الفضائل ويؤيد ما مر انه لا يلزم من الاجماع على الاحقية بالخلافة الاجماع على الافضلية ان أهل السنة اجمعوا على ان عثمان احق بالخلافة

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 260 : -

من علي مع اختلافهم في ان ايهما افضل وقد التبس هذا المقام على البعض من لا فطنة عنده فظن ان من قال من الاصوليين ان افضلية أبي بكر ثبتت بالظن لا بالقطع يدل على ان خلافته كذلك وليس كما زعم على انهم كما صرحوا بذلك صرحوا معه

بان خلافته قطعية فكيف حينئذ يتأتى ما ظنه ذلك البعض هذا ولك ان تقول ان افضلية أبي بكر ثبتت بالقطع حتى عند غير الاشعري ايضا على معتقد الشيعة والرافضة وذلك لانه ورد عن علي وهو معصوم عندهم والمعصوم لا يجوز عليه الكذب

ان أبا بكر وعمر افضلا الامة قال الذهبي وقد تواتر ذلك عنه في خلافته وكرسي مملكته وبين الجم الغفير من شيعته ثم بسط الاسانيد الصحيحة في ذلك قال : ويقال " رواه عن على نيف وثمانون نفسا وعد منهم جماعة ثم قال فقبح الله الرافضة ما اجهلهم " انتهى

ومما يعضد ذلك ما في البخاري عنه انه قال خير الناس بعد النبي ( ص ) أبو بكر ثم عمر ثم رجل آخر فقال ابنه محمد بن الحنفية ثم أنت ؟ فقال إنما انا رجل من المسلمين وصحح الذهبي وغيره طرقا اخرى عن على بذلك وفي بعضها الا وانه بلغني ان رجالا يفضلونى عليهما فمن وجدته فضلني عليهما فهو مفتر ، عليه ما على المفترى . انتهى .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net