متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
في ان قوله تعالى " ثاني اثنين .. ألخ " لا يدل على فضيلة لأبي بكر
الكتاب : الصوارم المهرقة في الجواب الصواعق المحرقة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

 99 - قال : الاية الثالثة قوله تعالى " ثانى اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها " اجمع المسلمون على ان المراد بالصاحب ههنا أبو بكر ومن ثم من انكر صحبته كفر اجماعا .

واخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ان الضمير في " فانزل الله سكينته عليه " لابي بكر ولا ينافيه " وايده بجنود " ارجاعا للضمير في كل الى ما يليق به وجلالة ابن عباس قاضية بانه لولا علم في ذلك نصا لما حمل الاية عليه مع مخالفة ظاهرها له انتهى .


اقول : الاستدلال بهذة الاية على فضيلة أبي بكر وأما من حيث مجرد كونه مع النبي صلى الله عليه وآله في الغار ، وأما من حيث وصفه بكونه ثانى اثنين للنبى صلعم فيه كما ذكر فخر الدين الرازي في تفسيره ، أو من حيث تسميته صاحبا للنبى صلعم ولا دلالة لشئ منها على ذلك ، .

أما الاول فلانه شاهد عليه بالنقص والعار ، واستحقاقه لسخط الملك الجبار ، لا الفضيلة والاعتبار لأن النبي صلعم لم ياخذه معه للانس به كما توهموه لأن الله تعالى قد آنسه بالملائكة ووحيه وتصحيح اعتقاده انه تعالى ينجز له جميع ما وعده وإنما

اخذه لانه لقيه في طريقه فخاف ان يظهر امره من جهته فاخذه معه احتياطا في تمام سره ولما دخل معه صلعم في الغار في حرز حريز ومكان مصون بحيث يامن الله تعالى على نبيه
 

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 308 : -

(ص) مع ما ظهر له من تعشيش الطائر ونسج العنكبوت على بابه لم يثق مع هذه الامور بالسلامة ولا صدق بالاية واظهر الحزن والمخافة حتى غلبه بكاءه وتزايد قلقه واضطرابه وابتلى النبي صلى الله عليه وآله في تلك الحال بمماشاته واضطر الى

مداراته ونهاه عن الحزن وزجره ونهى النبي صلى الله عليه وآله وزجره لا يتوجه في الحقيقة إلا الى القبيح ولا سبيل الى صرفه الى المجاز بغير دليل وقد ظهر من جزعه وبكاءه ما يكون في مثله فساد الحال في الاختفاء فهو إنما نهى عن استلزامه

ما وقع منه ولو سكن نفسه الى ما وعد الله تعالى ونبيه صلعم وصدقه فيما اخبره به من نجاته لم يحزن حيث يجب ان يكون آمنه ولا انزعج قلبه في الموضع الذي يقتضى سكوته فتدبر .


وأما الثاني فلان قوله تعالى " ثانى اثنين " بيان حال للرسول (ص) باعتبار دخوله الغار ثانيا ودخول أبي بكر اولا كما نقل في السير لا عكس ذلك كما توهموه وعلى التقديرين لا فضيله فيه لابي بكر لانه اخبار عن عدد ونحن نعلم ضرورة ان مؤمنا

وكافرا اثنان كما نعلم ان مؤمنا ومؤمنا اثنان فليس في الاستدلال بذكر هذا العدد طائل يعتمد عليه وكذا الاستدلال بما يلزمه من اجتماع أبي بكر مع النبي (ص) في ذلك المكان لأن المكان يجتمع فيه المؤمنون والكفار وايضا فإن مسجد رسول الله صلى

الله عليه واله اشرف من الغار وقد جمع المؤمنين والمنافقين والكفار وفي ذلك قوله تعالى " فما للذين كفروا قبلك مهطعين ، عن اليمين وعن الشمال عزين "

وايضا فإن سفينة نوح قد جمعت النبي والشيطان والبهيمة فاستدلالهم بالاية على ان ابا بكر كان ثانى رسول الله ( ص ) في الغار ثم التخطي عنه الى كونه ثانيا له في الشرف والفضل كما فعله فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير كما ترى ، وبالجملة لفظ " ثانى اثنين " في الاية لا يستلزم كون ابى بكر ثانى اثنين للنبى في الشرف لما عرفت من انه كان متقدما في دخول الغار والحصول فيه والنبي

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 309 : -

صلى الله عليه وآله تأخر عنه في الدخول .

وأما التفاوت بحسب الشرف والرتبة فلم يستعمل الاية فيها ولا هو لازم منها والا لزم ان يكون المعنى على ما اوضحناه ان النبي صلعم مؤخر عن أبي بكر في الشرف والفضل وهذا كفر صريح كما لا يخفى فاتضح ان استعمالهم لتلك العبارة في شان

أبي بكر وتداولها في مدحه على رؤوس منابرهم انما هو حيلة منهم في ايهامهم للعوام ان صريح عبارة الاية نازلة في شان أبي بكر وانه ثانى اثنين النبي (ص) في جميع الامور وقد بينا بحمد الله تعالى ضعف حيلتهم ووهن وسيلتهم .


وأما الثالث فلان الصاحب المذكور في متن ما نقله من الاجماع على تقدير صحة النقل اعم من الصاحب اللغوى والاصطلاحي كالمذكور في اصل الاية وحينئذ لا فضيلة فيه لابي بكر إذ لا مانع من ان يكون صاحب النبي ( ص ) بالمعنى

كافرا أو فاسقا كيف وقد سمى الله تعالى في محكم كتابه ايضا الكافر صاحبا لهم كما في قوله تعالى عن لسان يوسف عليه السلام " يا صاحبي السجن أارباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار " وقد صرح القاضى البيضاوى في تفسيره وغيره بان

المراد يا صاحبي في السجن وحينئذ تسمية أبي بكر بالصاحب لا تدل على اسلامه وسلامته فضلا عن ان تدل على فضله وكرامته فاى فضيلة في آية الغار يفتخر فيها لابي بكر ؟ لولا المكابرة والعناد أو البعد عن فهم المراد ولقد ظهر بما قررناه

انه إنما يلزم من الاجماع المذكور بعد صحته تكفير من انكر صحبة ابى بكر مطلقا لا صحبته بالمعنى الاصطلاحي المتنازع فيه .


وأما ما اخرجه ابن ابى حاتك عن ابن عباس فالمنافاة فيه ظاهرة ولو وافق فيه لابن عباس جميع من في الدنيا وانما يندفع لو لم يكن نزول السكينة على النبي صلعم لا يعاقبه مع انه قد وقع حكاية نزولها عليه في مواضع من القرآن كما سيأتي ولا ريب في ان ارتكاب انفكاك الضمير بلا قرينة ظاهرة لا يليق بفصيح الكلام فضلا عن افصح الكلام .


وأما ما ذكره من " ان جلالة ابن عباس قاضية بانه لولا علم ، . الى آخره "

- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 310 : -

فمدفوع بانه لا كلام في جلالة ابن عباس رضى الله عنه لكن الكلام في رداءة الراوى عنه المتهم باباحته للوضع على افضل من ابن عباس لنصرة مذهبه كابن أبي حاتم أو غيره من الوسائط المذكورة في الاسناد هذا وقد افاد بعض اجلة مشايخنا قدس

سره ان الله سبحانه لم ينزل السكينة على نبيه ( ص ) في موطن كان معه فيه أحد من أهل الايمان الا عمهم بنزول السكينة وشملهم بذلك كما في قوله تعالى " ويوم حنين إذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم

وليتم مدبرين ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين " ولما لم يكن مع النبي صلى الله عليه وآله في الغار إلا أبو بكر افرد الله سبحانه نبيه (ص)بالسكينة وايده بجنود لم تروها فلو كان الرجل مؤمنا يجرى مجرى المؤمنين في عموم السكينة

لهم ولولا انه احدث بحزنه في الغار منكرا لاجله توجه النهى إليه عن استدامته لما حرمه الله تعالى من السكينة ما تفضل به على غيره من المؤمنين الذين كانوا مع رسول الله (ص) في المواطن على ما جاء في القرآن ، ونطق به محكم الذكر بالبيان

وهذا ما ابين لمن تأمله ان شاء الله وقد الفنا قبل ذلك في تحقيق هذه الاية الكريمة رسالة شريفة قد تعرضنا فيها لتشكيكات فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير لم نغادر فيها صغيرا ولا كبيرا ينفعك إليها المصير والله سبحانه نعم المولى ونعم النصير


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net